«صالون التحالف» يناقش محنة الثانوية واستراتيجية التطوير: لا يوجد مشروع حقيقي للتطوير.. والتابلت لم يحل مشكلة الدروس الخصوصية
إيمان رسلان: مصر لا تملك مشروع لتطوير التعليم في المرحلة الثانوية.. ومحتوى الدراسة ما زال كما هو ويتكون من «مناهج رجعية»
كمال مغيث: شراء مليون تابلت بمبلغ تجاوز 4.5 مليار جنيه كان يكفى لبناء 3 مصانع تابلت بدلاً من الاستيراد.. ولا يوجد خطة للتحول من التعليم الورقي للتعليم بالتابلت
أنور فتح الباب: نظام الثانوية العامة أصبح أداة للفرز الطبقي فالطلبة محدودي الدخل يلتحقوا بالتعليم الفني وأبناء الطبقة الوسطى هم من يلتحقوا بالثانوية
محمد رؤوف حامد: هناك إدعاءات للتطوير بينما عملياً لا يوجد تطوير.. ولا بد من إرثاء منظومة وسياسات تجعل الأمور تسير وتتطور بشكل عادي وطبيعي
كتبت- آية أنور:
أكد عدد من خبراء التعليم أن مصر تفتقد وجود مشروع حقيقي لتطوير التعليم في المرحلة الثانوية، لافتين إلى هناك أزمة «بنيوية عميقة» بسبب غياب استراتيجية دائمة للتعليم في البلاد، لافتين إلى أن نظام الثانوية العامة أصبح أداة للفرز الطبقي، وأن نظام التابلت لم يسهم في حل مشكلة الدروس الخصوصية، لكنه زاد الأمر تعقيدا.
جاء ذلك خلال ندوة أون لاين نظمها حزب التحالف الشعبي الاشتراكي مساء الاثنين بعنوان “محنة الثانوية العامة واستراتيجية التطوير؟!!” ناقشت أراء الخبراء والمتخصصين حول استراتيجية التعليم ومحنة الثانوية العامة. وقد أدار الندوة الاستاذ إلهامي الميرغني أمين عام مجلس الأمناء وعضو المكتب السياسي لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي.
قالت إيمان رسلان، الكاتبة الصحفية المختصة بشئون التعليم، إن مصر لا تملك مشروع لتطوير التعليم في المرحلة الثانوية، ولكن لدينا جهاز تكنولوجي مساعد بديل للكتاب وهو التابلت، مشددة على أنه محتوى الدراسة ما زال كما هو بدون تطوير ويتكون من «مناهج رجعية».
وأضافت رسلان أن التعليم في المرحلة الثانوية تحول إلى تعليم منزلي يعتمد على الفيديوهات التعليمية التي ينقصها الاعتماد على مناهج متكاملة لها بداية ونهاية وتسلسل واضح.
ورأت رسلان أن انخفاض مجاميع الثانوية العامة وبالتالي التنسيق لم يحدث طفرة أو اختلافاً هذا العام لأن مازالت الأعداد المقبولة في الكليات كما هي ولكن الاختلاف الوحيد هو انخفاض المجاميع في ظل نظام البابل شيت الذي يعتمد على الحفظ والسرعة في الإجابة.
من جانبه، قال الدكتور كمال مغيث الخبير في تطوير التعليم، إن هناك درجة من «الوقاحة» غير مسبوقة من الوزارة في حديثها عن المعلمين وأولياء الأمور، فعندما يتحدث الوزير عن المعلمين يصفهم بالحرامية وعندما يتحدث عن وليات أمر الطلاب اللاتي شكلن مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي يناقشن من خلالها الأزمة فيصفهن بالمطلقات اللواتي لا يجدن أي شيء لفعله سوى الثرثرة على مواقع التواصل، كما وصف المعلمين كبار السن بأنهم هم السبب في فساد العملية التعليمية.
وأضاف مغيث أن تلك المنظومة بها ما يكفي من الفساد حيث أعلن الوزير من قبل أن هناك 320 ألف مكان شاغر للمعلمين، في نفس الوقت الذي يفرض فيه البنك الدولي قيوضه على الحكومة بعدم تعيين معلمين جدد في الحكومة.
وانتقد مغيث شراء مليون تابلت تكلفته تتجاوز الـ4.5 مليار جنيه، وهو نفس المبلغ الذي يكفى – بحسب ما يرى – لبناء 3 مصانع تابلت بدلاً من الاستيراد في ظل عدم وجود قوانين تحكم حركة الشراء، وعدم تحديد المؤسسات التي تراقب هذه الصفقة، وعدم وجود خطة للتحول من التعليم الورقي للتعليم من خلال التابلت سوى بنك معرفة ومنصات تعليمية ومواقع مدفوعة.
بدوره، قال أنور فتح الباب، الخبير التعليمي، إن أزمة التعليم في مصر هي أزمة «بنيوية عميقة» سببها غياب استراتيجية دائمة للتعليم في البلاد منذ مطلع التسعينات مع تولي فتحي سرور لوزارة التعليم وتلاه حسين كامل بهاء الدين والذي طرح فكرة الثانوية العامة الجديدة التي تعتمد على التحسين ومن ثم تحولت الثانوية العامة إلى سباق، وهو الأمر الذي عزز فكرة الدروس الخصوصية عما كانت عليه من قبل.
وأضاف فتح الباب، أن نظام الثانوية العامة أصبح أداة للفرز الطبقي فالطلبة محدودي الدخل يلتحقوا بالتعليم الفني وأبناء الطبقة الوسطى هم من يلتحقوا بالثانوية العامة.
وأشار إلى أن الكاتبة الصحفية الراحلة روز اليوسف، نشرت في نهاية التسعينات تحقيقا يوضح أن الدروس الخصوصية هي ثالث اقتصاد أسود في مصر بعد العملة والمخدرات، ويؤكد على ذلك الكلام تقرير للجهاز المركزي للتعبئه والإحصاء نُشر في يوليو 2020 يوضح أن نحو 26 مليون أسرة في مصر تنفق حوالي 47 مليار جنيه سنوياً على التعليم، كما أن الإنفاق على التعليم يحتل الباب الخامس من باب الإنفاق.
وشدد فتح الباب، على أن نظام التابلت لم يسهم في حل مشكلة الدروس الخصوصية، لكنه زاد الأمر تعقيداً، مشيرا إلى أنه ساهم في تغييب دور المدرسة وبالتالي زيادة اللجوء للدروس الخصوصية.
من جهته، قال الدكتور محمد رؤوف حامد، أستاذ علم الأدوية وخبير الدراسات المستقبلية، إن هناك إدعاءات للتطوير بينما عملياً لا يوجد تطوير.
وأشار حامد في مداخلته خلال الندوة، إلى أن بدون مأسسة للتعليم (إضفاء الطابع المؤسسي) لن يحدث تطوير حقيقي.
وأوضح حامد أن المقصود بـ«مأسسة التعليم» هو إرثاء منظومة وسياسات تجعل الأمور تسير وتتطور بشكل عادي وطبيعي والتي تكمن أهميتها في أن تكون هناك استمرارية وجماعية في التناولات وأن يكون هناك تصحيح ذاتي باستمرار وبشكل جماعي.
وأشار إلى أن المداخل لتطبيق المأسسة في مسألة الثانوية العامة تتمثل في إدراك تطورات أوضاع الثانوية العامة تاريخياً في مصر وخارجها، وأن يكون هناك تعرف على مجمل الأبحاث والدراسات ذات الصلة تأتي من كيانات متخصصة كمراكز البحوث التربوية وكليات التربية، بالإضافة إلى استحضار رؤية جماعية لخبراء في هذا المجال بشرط أن يكونوا متباينين ومتنوعين في التخصصات والايدلوجيات، وأن يكون الوزير مسئول سياسي وليس مهيمناً أو زعيماً يدعم وصول الخبراء للأفكار ويناقش رؤيته معهم، وأشار إلى أن المعلم شريك في عملية المأسسة.
وشدد حامد على أنه مع غياب المأسسة والذي يمثل الوضع الحالي تزداد اللايقينية وعندما تزداد اللايقينية الفوضى تكون هي السياق العام في عملية التعليم، كما يتسبب غياب المأسسة في ضياع الزمن والبشر وطاقتهم والموارد المالية والذي ينذر بضياع المجتمع بأكمله وذلك نتبجة لعدم وجود رجع صدى من الطلاب والمعلمين.