د. إسماعيل مقلد أستاذ العلوم السياسية يُحذر من تدخل تركيا بالأزمة التونسية: سيزيد الأزمة اشتعالا وتعقيدًا.. وعلى الجميع البقاء في قمة اليقظة
مقلد: الموقف يحمل من الأخطار والتهديدات ما قد لا يكون واردا لنا حاليا على بال.. ونيران الحرائق المشتعلة في تونس ستمتد منها لتطال الجميع
كتب- عبد الرحمن بدر
حذر الدكتور إسماعيل مقلد، أستاذ العلوم السياسية، من تدخل تركيا في الأزمة التونسية، مؤكدا أن ذلك من شأنه أن يزيد الأزمة اشتعالا وتعقيدًا.
وقال مقلد، اليوم الاثنين: “الخوف الكبير الآن، وله ما يبرره، هو من احتمال تدخل تركيا في الأزمة التونسية بشكل مباشر أو غير مباشر إعمالا لميثاق التحالف غير المكتوب بين الرئيس التركي أردوغان وزعيم حركة النهضة التونسية الغنوشي، وتدخل تركيا بأي شكل سوف يزيد الأزمة اشتعالا وتعقيدا قياسا علي ما سبق لها أن فعلته في ليبيا”.
وتابع أستاذ العلوم السياسية في تدوينة له: “دخول تركيا إلى تونس بالقوات والأسلحة والجماعات الإرهابية التي تحتضنها وتاويها وتخضع لسيطرة أجهزتها الأمنية سوف يفضي لا محالة لتداعيات كارثية كبيرة قد لا تكون ابعادها الكاملة حاضرة أمامنا الآن”.
وأضاف مقلد: “تشابك البعدين الداخلي والخارجي في الأزمة التونسية وبهذه الدرجة الكبيرة من التداخل والتعقيد يجعل الموقف هناك يحمل من الأخطار والتهديدات ما قد لا يكون واردا لنا حاليا على بال، وعلى الجميع أن يبقوا في قمة اليقظة والحذر لأن نيران الحرائق المشتعلة في تونس لن تظل داخل الحدود التونسية وحدها وإنما ستمتد منها لتطال الجميع… ووقتها سوف يكون الأمن القومي العربي كله في خطر”.
يشار إلى أنه اندلعت اشتباكات أمام مجلس النواب بين مؤيدي ومعارضي قرارات الرئيس قيس سعيّد التي شملت تجميد البرلمان وتجريد النواب من الحصانة وإقالة رئيس الوزراء.
وبدأ رئيس المجلس، راشد الغنوشي، اعتصاما أمام المبنى، وتجمع أنصار حزب النهضة، الذي يتزعمه، والمؤيدون للرئيس، ورشقوا بعضهم بعضا بالحجارة.
وحاصرت قوات الجيش مقر الحكومة التونسية ومنعت الموظفين من دخوله.
ويقول منتقدو الرئيس سعيد إن ما حدث انقلاب، لكنه يقول إنه تصرف “ضمن حقوقه لإنقاذ” تونس، وأثارت قرارات الرئيس احتجاجات في الداخل، حيث شجبها حزب النهضة، أكبر حزب في البرلمان، ووصفها بـ”الانقلاب”.
وحاول راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، ورئيس مجلس النواب، الوصول إلى البرلمان وبعد ساعات من تجميد الرئيس البرلمان وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي، في خطوة شجبها حزب النهضة ووصفها بأنها “انقلاب عسكري”. بيد أن الجيش التونسي منعه من دخول المبنى هو ونائبته وعدد آخر من النواب.
وقال الغنوشي إنه سيدعو إلى جلسة تحد لسعيّد، لكن الجيش المتمركز خارج المبنى حال دون دخوله.
كان الرئيس أعلن مساء الأحد أنه أقال رئيس الوزراء هشام المشيشي، وأنه جمد البرلمان لمدة 30 يوما لأن الدستور لا يسمح بحله. وبعد إعلان الرئيس قراراته عقب اجتماع طارئ في قصر الرئاسة، نزل المئات إلى شوارع العاصمة احتفالا مستخدمين أبواق السيارات والألعاب النارية.
وكان آلاف التونسيين خرجوا في مسيرات في عدة مدن، قبل إعلان سعيّد، احتجاجا على حزب النهضة الإسلامي، منتقدين أكبر حزب في الحكومة التونسية المنقسمة لما وصف بالفشل في معالجة الوباء.
استند الرئيس سعيد في قرارات إلى المادة الثمانين التي تتحدث الإجراءات التي يجب اتخاذها في حالة وجود “خطر داهم” يهدد البلاد.
وتنص هذه المادة على التالي: لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذٌر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب.
ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلٌ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.
وبعد مضيٌ ثلاثين يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتٌ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه.
وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما. وينهي العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها.
ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب”.
وجاءت خطوة الرئيس سعيّد المثيرة للجدل بعد فترة طويلة من الجمود بينه وبين رئيس الوزراء والبرلمان، مما أعاق إدارة أزمة فيروس كورونا، التي أدت إلى ارتفاع معدل الوفيات إلى معدل من بين الأعلى في العالم. وتأتي قرارات سعيّد أيضا على الرغم من اقتصار السلطات الرئاسية إلى حد كبير على الأمن والدبلوماسية بموجب دستور يكرس الديمقراطية البرلمانية.