المسمار الأخير في نعش نتنياهو.. الكنيست الإسرائيلي يصوت اليوم على منح الثقة لحكومة “بينيت – لابيد”
يعقد البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) دورة خاصة، اليوم الأحد، للتصويت على منح “ائتلاف التغيير” الذي يضم 8 أحزاب كل له أيديولوجيته الخاصة، الثقة وإنهاء نحو عامين من الجمود السياسي تخللتها أربع انتخابات غير حاسمة، في سبيل الإطاحة بحكم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بعد 12 عاما متواصلة في منصبه جنح خلالها بقوة نحو اليمين.
وشكّل مهندس الائتلاف رئيس حزب يش عتيد (هناك مستقبل) يائير لبيد في اللحظات الأخيرة الائتلاف الحكومي بالتحالف مع سبعة أحزاب، اثنان من اليسار واثنان من الوسط وثلاثة من اليمين بينها حزب يمينا القومي المتطرف وحزب عربي هو الحركة الإسلامية الجنوبية.
وفي حال منح الائتلاف الجديد الثقة، سيتولى نفتالي بينيت من حزب “يمينا” القومي الديني رئاسة الحكومة لمدة عامين، يليه الوسطي يائير لبيد في 2023، بموجب اتفاق التحالف بين هذه التشكيلات.
وأعلن حزبا “يمينا” و”يش عتيد”، الجمعة الماضية، توقيع اتفاق ائتلاف لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وقال زعيم يمينا نفتالي بينيت إن “توقيع هذه الاتفاقيات ينهي عامين ونصف من الأزمة السياسية”، مشيرا إلى “تحديات كبيرة”.
وقال السياسي اليميني إن الحكومة المقبلة “ستعمل لمصلحة جميع الإسرائيليين – المتدينين والعلمانيين والمتشددين والعرب – بدون استثناء كجماعة واحدة”، وأضاف: “أعتقد أننا سننجح”.
من جهته، قال مقدم البرامج التلفزيونية يائير لبيد إن “الإسرائيليين يستحقون حكومة فاعلة ومسؤولة تضع مصلحة الدولة على رأس أجندتها”، مؤكدا أن “جميع الشركاء في هذه الحكومة ملتزمون بذلك”.
وما لم يحدث تحول في اللحظة الأخيرة، يتوقع أن تحصل الحكومة على الثقة، وبعد تصويت الكنيست، يفترض أن يتم التسليم الرسمي للسلطة الإثنين في مكتب رئيس الوزراء.
وكان نتانياهو (71 عاما) هدفا مرة أخرى لاحتجاجات جديدة مساء السبت، فأمام مقر إقامته الرسمي في القدس، لم ينتظر المتظاهرون التصويت للاحتفال بـ “سقوط” “الملك بيبي” لقب نتانياهو الذي تولى رئاسة الحكومة للمرة الثانية في 2009، بعد 3 سنوات في المنصب من 1996 إلى 1999.
وقال أوفير روبنسكي أحد المتظاهرين إن “نتانياهو لم يسع سوى إلى تقسيمنا، جزء من المجتمع ضد آخر” وأضاف “لكن غدا (الأحد) سنكون موحدين، يمين ويسار، يهود وعرب”، ومن جهته، قال المتظاهر غالي يسرائيل تال (62 عاما) “هذا أمر جيد. انتهى وسيغادر”، في إشارة إلى نتانياهو.
وتثير تظاهرات غاضبة مؤيدة لنتانياهو بما فيها احتجاجات خارج منازل بعض نواب حزب يمينا الذين اتهموا بـ”الخيانة”، قلقا، ودفعت جهاز الأمن الداخلي (شاباك) إلى تعزيز الحماية الأمنية لبعض النواب.
وكان نتانياهو الذي يواجه تهما بالفساد قد تنتهي به في السجن وصف الحكومة المقبلة بأنها “يسارية خطيرة”، مثيرا مخاوف من إرباك سياسي.
ودعا بينيت معلمه السابق نتانياهو إلى التنحي من دون مشاكل ليتذكر الإسرائيليون إنجازاته للدولة العبرية، بحسب قوله، لكن تصريحات نتانياهو الأخيرة جعلته يبدو وكأنه يحاول تكرار سيناريو حليفه الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي جيّش أنصاره خارج مبنى الكونجرس (الكابيتول) الأمريكي في الأيام الأخيرة من عهده.
واعتبر نتانياهو التغيير المحتمل في إسرائيل بأنه “أعظم تزوير انتخابي في إسرائيل” متهما بينيت بقيامه بـ “بيع النار في البلاد”. كما رأى أن الائتلاف الناشئ “لا يعكس إرادة الناخبين” الإسرائيليين.
لكن حزبه الليكود وعد “بانتقال سلمي للسلطة” بعد أزمة سياسية استمرت أكثر من عامين وتخللها إما فشل في تشكيل حكومة أو ائتلاف حكومي استمر بضعة أشهر فقط. وأوضح أن اتهامات نتانياهو بالتزوير لا تتعلق بالانتخابات وإنما بقرار بينيت التحالف مع حزب لبيد الوسطي وحزب الحركة الإسلامية.
وكتب الصحافي المتخصص في الشؤون السياسية بن كاسبيت الجمعة عن هذا التحالف أن “احتمالات بقاء مثل هذا المزيج في حقل الألغام السياسي في إسرائيل معدومة تقريبا”، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه “في الواقع كل شيء وأي شيء يمكن أن يحدث”.
وأضاف أن مستقبل “حكومتهما (بينيت لابيد) الهشة يعتمد بشكل أساسي على علاقتهما الشخصية”، موضحا أنهما وإن كانا “مختلفين أيديولوجيا، يمتلكان المستوى نفسه من القيم”. وأشار إلى أن نجاحهما يعتمد على “الحفاظ على الثقة المتبادلة بينهما”.
ورأى أن “تهديد نتانياهو سيظل يلقي بظلاله على الساحة السياسية ويلزم كل من يعتقد أن البيبوية (نسبة إلى “بيبي” نتانياهو) تشكل تهديدا لإسرائيل”.
وستواجه الحكومة الجديدة فور توليها السلطة تحديات عدة من بينها التوتر في الأجواء العامة، مثل مسيرة مثيرة للجدل لليمين المتطرف الثلاثاء يفترض أن تصل إلى الأحياء العربية في القدس الشرقية المحتلة التي تشهد منذ نحو شهرين احتجاجات.
وبعد إلغاء المسيرة لأول مرة في العاشر من أيار/مايو ومجددا الخميس، حاول نتانياهو السماح بتنظيمها قبل التصويت الأحد وفق اتفاق محدد بين الشرطة والمنظمين. وتسبب إصرار نتانياهو تنظيم المسيرة باتهامه من قبل خصومه بتأجيج الوضع واتباع سياسة “الأرض المحروقة”.
واندلعت الاحتجاجات في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح في المدينة لصالح جمعيات استيطانية.
وأدى ذلك إلى تصعيد دام مع حركة حماس في قطاع غزة استمر 11 يوما وأدى إلى استشهاد 260 فلسطينيا بينهم 66 طفلا ومقاتلون وإلى دمار هائل في القطاع المحاصر، وأنهى وقف إطلاق النار بوساطة مصرية المواجهات لكن المحادثات من أجل هدنة دائمة لم تنجح وهذا ما سيشكل تحديًا آخر للحكومة الإسرائيلية.
أما رئيس الوزراء المنتهية ولايته، فقد يواجه حسب وسائل الإعلام المحلية، موجة استياء داخل الليكود مع رغبة بعض النواب في طي صفحة نتانياهو داخليا.