مدحت الزاهد يكتب عن شهيدة الورد شيماء الصباغ: ذهبت تكرم الشهداء ففاضت بسالتها فى الأرض والسماء
استشهدت في الخط الفاصل بين الحرية والاستبداد.. عند نقطة التماس بين الثورة والثورة المضادة
المشهد الخاطف الذى تصدرت فيه شيماء الصباغ مسيرة سلمية محملة بالورود لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى تكريما لشهداء الثورة وما جرى فى ميدان طلعت حرب، سجلته الكاميرات، وجرت وقائعه على الهواء، يشى بالقصة كلها، فلا كان هناك تهديدا أمنيا، ولا مناوشات أو اشتباكات أو شعارات، ولا كان هناك انذار بالميكروفونات، ولا خراطيم مياه، ولا طلقات تحذيرية، ففي دقائق تجابه الورد والرصاص، راسما الخط الأحمر لرقم 1 فى قائمة المحظورات : ممنوع الاقتراب والتصوير من الميادين، حتى لو كان الهدف تكريم شهداء “كارثة” يناير، وحتى لو كانت المسيرة سلمية تحمل الورود، وحتى لو كان العدد بضع عشرات.
وهناك فى ميدان طلعت حرب استشهدت شيماء عند الخط الفاصل بين الحرية والاستبداد، عند نقطة التماس بين الثورة والثورة المضادة.
وشيماء ككل الشهداء، لكن استشهادها ليس ككل استشهاد، فلم تستهدفها الرصاصات أثناء اشتباك أو التحام أو مظاهرة إحتجاج، أو فى قلب عنفوان الأحداث، أو فى معارك المؤخرة لشباب يحاولون الحفاظ على جذوة ثورة تتراجع .
شيماء لم تصبها الرصاصات من الخلف، ولم يطلقها طرف ثالث، بل تم أستهدافها من الأمام ،بأوامر من قائد قوة الميدان لكتيبة الإعدام، بخرطوش قاتل، فى فترة حصار وانحسار، وشباب الثورة فى السجون وشعاراتها تتعرض للمطاردة، و18 يوما مجيدة يهال عليها التراب..
من هنا جاء وقع استشهاد شيماء كطائرة اخترقت حاجز الصوت، رجت المكان، وأعادت إلى السمع والبصر نفس الشعارات والوجوه التى غيبت غيلة وراء القضبان أو طواها الرصاص. واستيقظ الضمير المصرى على حقيقة الصراع، فالصراع على الحرية لا يدور، بين المولوتوف والرصاص، بل بين الورد والخرطوش، والدولة الأمنية لا تزال على حالها تخلط بين الرأى والمولوتوف، والورد والرصاص، وحملة الأقلام وميلشيات الإرهاب، ومن يرفع البيان، ومن يرفع السلاح.