ندوة “التحالف” حول “مواجهة كورونا بين اللقاح والأدوية”: 2020 كان كاشفا لعوار البحوث الدوائية.. والنظام الصحي بحاجة لتغيير جذري
علاء عوض: عام 2020 كان كاشفا للعوار الموجود بالبحوث الدوائية والنشر العلمي الخاص بها.. والخيار المتاح أمامنا هو تصنيع الأدوية واللقاحات
أبوالغار: اللقاح الصيني هو الأنسب لمصر.. ولكن بعد التأكد من مدى أمانه من الجهات المختصة كمنظمة الصحة العالمية
محمد رؤوف حامد: مصر كانت تنتج لقاحات عبر هيئة المصل واللقاح لكنها توقفت.. والعائق في صناعة اللقاح محليًا هو تحجيم القطاع العام الدوائي المصري
سامح مرقص: النظام الصحي في مصر يحتاج إلى تغيير جذري.. ويجب توحيد كل المؤسسات الصحة تحت إدارة واحدة
عبدالهادي محمد عبدالهادي: هناك توجه لتحميل القوى العاملة تكلفة الخروج من أزمة كورونا.. والخصم من الرواتب والمعاشات أكبر دليل
كتبت – آية أنور
أكد المشاركون في الندوة الأسبوعية لحزب “التحالف الشعبي الاشتراكي”، أن النظام الصحي في مصر يحتاج إلى تغيير جذري، وأن ما يحدث الآن هو مجرد إصلاحات سطحية نتيجة لتفتت إدارة الصحة في مصر، مشددين على أن عام 2020 كان كاشفًا للعوار الموجود في البحوث الدوائية والنشر العلمي الخاص بها.. مشددين على أنه ليس لدى مصر والدول المشابهة خيار سوى التصنيع على المستوى الإقليمي.
وعُقدت الندوة الأسبوعية للحزب تحت عنوان “مواجهة كورونا بين اللقاح والأدوية”، بمشاركة الدكتور محمد أبو الغار أستاذ طب النساء والتوليد بجامعة القاهرة، والدكتور محمد رؤوف حامد أستاذ علم الأدوية بالهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية، والدكتور علاء عوض أستاذ الكبد والجهاز الهضمي بمعهد تيودور بلهارس، والدكتور سامح مرقص أستاذ الأشعة في مستشفيات شيفلد التعليمية، والدكتور عبدالهادي محمد عبدالهادي عضو المكتب السياسي للحزب، وأدار الندوة إلهامي الميرغني أمين عام مجلس أمناء الحزب، وتم بث الندوة عبر الصفحات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونبه المشاركون في الندوة إلى أن مصر تمتلك بالفعل الإمكانات اللازمة لتصنيع لقاح محلي ضد فيروس كورونا، لكنهم لفتوا إلى أن تلك الإمكانات دون منظومة لديها سياسات وإدارات رشيدة لن تؤدي إلى نتيجة مثمرة.
وأشار المشاركون إلى أنه وفقا لمنظمة العمل الدولية فإن 1.6 مليار عامل فقدوا وظائفهم أو أوشكوا، وأن هناك توجه لدى السلطات الحاكمة لتحميل القوى العاملة تكلفة الخروج من الأزمة وهذا ما حدث في مصر بخصم 1% من الرواتب و 0.5% من المعاشات مع زيادة ساعات العمل.
وقال الدكتور علاء عوض إن عام 2020 كان كاشفا للعوار الموجود بالبحوث الدوائية والنشر العلمي الخاص بها، وذكر أن التوجه الأول في التعامل مع الوباء كان هو إعادة التموضع وهو استخدام أدوية معروفة مسبقاً ومعروف آثارها الجانبية ودرجة أمانها، وكانت تستخدم لعلاج أمراض أخرى، مشيرًا إلى أنه كان هناك حالة ارتباك كبيرة في التعامل مع هذه السياسة وبدء ظهور نشر علمي متناقض، بالإضافة إلى ظهور مصالح لاحتكارات دولية طرحت لقاحات كانت مصممة لعلاج الايبولا ولكنها لم تثبت فعاليتها.
وأضاف د.علاء عوض أن أدوية المناعة هي أحد الأساطير التي يتم تداولها كعلاج للفيروس، وأن الإنسان الطبيعي لا يحتاج إلى أي أدوية تنشط مناعته ولكن الغذاء الصحي هو وسيلة كافية جدًا لمساعدة الجهاز المناعي على القيام بدوره، موضحًا أن الأدوية التي تحدد لمريض كورونا يتم تحديدها وفقًا للأعراض والمضاعفات التي تظهر عليه.
وأكد أن ليس هناك بروتوكولاً موحداً يصلح لكل المرضى، وأن البروتوكولات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي هي شيء في منتهى الخطورة لانها من الممكن أن تؤدي إلى مضاعفات نابعة من الآثار الجانبية لتلك الأدوية.
ورأى أن الخيار المتاح أمام مصر والدول المشابهة لها هو خيار التصنيع على مستوى إقليمي يغطي القارة، كما أن اختيار اللقاح يعتمد على الظروف الاجتماعية والاقتصادية، بالإضاف إلى الخريطة الصحية للدولة، والقدرة التكنولوجية والبنية التحتية والخبرات البشرة التي تسمح بالتصنيع.
من جانبه، استعرض الدكتور محمد أبو الغار خلال مداخلته النظم الصحية الموجودة في العالم وتأثيرها على الإصابة بكورونا، وذكر أنه في ألمانيا على سبيل المثال يحصل كل مواطن دخله أقل من 62550 يورو سنويًا على تأمين صحي يتولى دفع نصف تكلفته وتتولى الشركة التي يعمل بها النصف الآخر من التكلفة، مما يعني أن حوالي 89% من المواطنين الألمان يحصلون على نفس نوع العلاج، بينما ال 11% المتبقية و التي يزيد دخلها عن 62550 يورو لها الأحقية في أن تحصل على تأمين صحي إضافي.
وأضاف أن المبلغ المخصوم من التأمين يزداد بتقدم العمر وارتفاع المرتب، ويشمل التأمين الصحي صرف ثمن الدواء بالكامل لأصحاب الأمراض المزمنة، كما يشمل العمليات والمستشفيات والحوادث والشيخوخة، و تمثل ميزانية الصحة في ألمانيا 12% من الناتج المحلي.
وأشار أبو الغار إلى أن فرنسا تخصص لميزانية الصحة حوالي 11.3% من إجمالي الناتج المحلي، و يدفع المواطن الفرنسي نسبة من دخله لصالح التأمين تخصم من مرتبه، كما تحدد الدولة أسعار التأمين الصحي و أتعاب الأطباء وثمن الدواء، ويسترد بعض المواطنين 70% من أتعاب الطبيب وثمن الدواء، كما تتحمل الدولة تكاليف المستشفيات والعمليات وعلاج الأمراض المزمنة، مما دفع منظمة الصحة العالمية لاختيار فرنسا كأفضل نظام صحي في العالم.
واستعرض النظام الصحي في المجر والتي تخصص لميزانية الصحة حوالي 7% من إجمالي الدخل القومي، كما يدفع المريض فيها 27% من ثمن العلاج، كما تناول النظام الصحي في اليونان والتي تخصص 7.7 من إجمالي الناتج القومي لها لميزانية الصحة، ويشمل التأمين الصحي صرف العلاج بالكامل للشعب مجانا، كما يوجد تأمين خاص إضافي.
وذكر أن أكبر ميزانية للصحة في العالم توجد في الولايات المتحدة الأمريكية، ومع ذلك هناك ارتفاع في ثمن الرعاية الطبية وذلك نتيجة لارتفاع أجور الأطباء وجميع العاملين في القطاع الصحي وارتفاع أجور المستشفيات، وارتفاع أسعار الدواء، بالإضافة إلى ملاحقة المرضى للأطباء والمستشفيات بالقضايا.
وحول توزيع ميزانية الصحة حسب دخل المواطن أشار أبو الغار إلى أن 50% من المواطنين الأفقر بها يصرفون حوالي 3% من ميزانية الصحة، مما دفع منظمة الكومنولث لاختيارالنظام الصحي الأمريكي كأسوأ نظام صحي في العالم، مضيفا أن أعلى معدل وفيات في العالم متأثرين بفيروس كورونا هو في الولايات المتحدة الأمريكية،مؤكدًا في الوقت ذاته عدم وجود أرقام دقيقة للوفيات في دول العالم الثالث.
وقال في مداخلته إن العوامل التي تتوقف على معدل الوفيات بسبب كورونا هي جودة النظام الصحي، ومدى انضباط الدولة وقدرتها على التخطيط، ومدى انضباط الشعب في تنفيذ أوامر الحكومة وهو ما يتوقف على مدى ثقة الشعب في الحكومة في حرصها على تنفيذ مصالحه.
ويرى د.أبو الغار أن اللقاح الصيني هو الأنسب لمصر، ولكن بعد التأكد من مدى أمانه من الجهات المختصة، كمنظمة الصحة العالمية.
وعن اللقاحات أيضًا، أكد الدكتور محمد رؤوف حامد، خلال مداخلته، أن اللقاحات المتوفرة بشكل عام خضعت لتجارب التقييم السريري السريعة، وهناك حاجة إلى التأمل في مدى أمان اللقاح بالنسبة لنا، كما هناك حاجة لمراجعة كافة البيانات الخاصة من شركات الأدوية من قبل المؤسسات الخاصة بالرقابة على الأدوية من كافة الدول، مشيرًا إلى ضرورة إعادة تقييم دوري للآثار الجانبية للقاحات.
وتناول الدكتور محمد رؤوف حامد التناقضات الخاصة بالجائحة ومجابهتها محليًا وعالميًا، وأشار إلى أن بريطانيا هي أول دولة وضعت استراتيجية أسمتها الاستراتيجية البريطانية لمجابهة الجوائح عام 2008 و على الرغم من ذلك تفوقت ألمانيا و فرنسا عليها في مواجهة الوباء، وفي عام 2006 أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية معهدًا متخصصًا في التدابير الطبية للوبائيات وللإرهاب البيولوجي ومع ذلك فإن الولايات المتحدة حصلت على أعلى معدلات الإصابات والوفيات بسبب كورونا.
وأكد أن شركات الأدوية العملاقة خلال الـ 20 عاما الماضية بدأت في التخلي التدريجي عن الباحثين في أقسام الأبحاث والتطوير بها، وتستخدم أموالها في جذب مساهمين جدد، مما يؤدي إلى تقليل البحث العلمي في مجال الأدوية.
وأعرب حامد عن اعتقاده بأن أحد أسباب انتشار المرض عدم إدراك للمعرفة، ومثال على ذلك ازدياد نسبة الوفيات في صفوف كبار السن الفترة الأخيرة والتي قد تكون نتيجة لانتقال العدوى من أطفال صغار حاملين للمرض وهنا يكون عدم الإدراك للمعرفة بأن مناعة الأطفال هي مناعة عالية تفوق مناعة كبار السن.
وأضاف أن مصر في الماضي كانت تنتج لقاحات بنفسها من خلال هيئة المصل واللقاح ومع تحولات التطوير توقفت عن ذلك، ويرى أن العائق في صناعة اللقاح محليًا ليس هو ضعف الإمكانيات البشرية، ولكن التحولات في إدارة الأمور دون دراسة هي التي تساهم في ذلك ومنها سياسات تحجيم القطاع العام الدوائي المصري وإنشاء قطاع خاص دوائي دون وضع سياسات ترشيدية لتنمية القطاع الدوائي في مصر، وقام بنفس الدور القطاع الأجنبي.
ونبه حامد إلى وجود الإمكانات لدى مصر من أجل صناعة اللقاح ولكن تلك الإمكانات دون منظومة لديها سياسات و إدارات رشيدة لا تؤدي إلى نتيجة مثمرة.
من جانبه، قال الدكتور سامح مرقص، إن النظام الصحي في مصر يحتاج إلى تغيير جذري، و أن ما يحدث الآن هو مجرد إصلاحات سطحية نتيجة لتفتت إدارة الصحة في مصر الناتجة عن وجود عدة مؤسسات صحية من التأمين الصحي، وزارة الصحة، والمستشفيات العسكرية والمستشفيات الجامعية، إلى جانب سوء التعليم الطبي في كليات الطب أثناء الدراسة بالإضافة إلى مشاكل تدريب الأطباء بعد التخرج، وضعف الإشراف الطبي.. مشددًا على ضرورة توحيد كل المؤسسات الصحية في مصر تحت إدارة واحدة.
واستعرض مرقص النظام الصحي البريطاني، و أوضح أن التأمين الصحي يعتمد في تمويله على نظام الضرائب التصاعدية، مشيرًا إلى أن ميزانية التأمين الصحي في العام الماضي وصلت إلى 130 مليار جنيه استرليني، كما أن المريض يتلقى العلاج بشكل مجاني.
وأكد أن حكومات حزب المحافظين في بريطانيا حاولت تقليل المصاريف على التأمين الصحي، مما أدى إلى تحمل المواطنين تكلفة رسوم على الأدوية، بينما ظل تلقي العلاج في المستشفيات وكشوف الطواريء مجانيًا، مضيفًا أن ما يميز النظام الصحي البريطاني هو أن الخدمات في جميع المستشفيات متماثلة.
وعن تجربة النظام الصحي البريطاني مع وباء كورونا يرى د.سامح أنها لا تعد تجربة ناجحة نتيجة للتأخر في اتخاذ قرارات الغلق، كما أكد على أن الوضع يزداد سوءًا نتيجة لظهور سلالات جديدة من الفيروس أكثر نشاطاً وانتشارًا.
من جهته، قال الدكتور عبدالهادي محمد عبدالهادي عضو المكتب السياسي لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي إن الرابحين من أزمة كورونا متنوعين بدءًا من المستفيدين الصغار وتجار الأزمة مثل ملاك الصيدليات الذين يبيعون الكمامات بأسعار مرتفعة، وصولاً إلى المستفيدين الكبار من شركات الدواء العملاقة، وشركات الحوسبة والكمبيوتر والترفيه والإنترنت والاتصال.
وعن الخاسرين من أزمة كورونا أشار إلى أن هناك 1.6 مليار عامل فقدوا وظائفهم أو على وشك فقدانها وفقًا لمنظمة العمل الدولية، كما تتوقع منظمة الأغذية والزراعة أن هناك ملايين معرضين لخطر المجاعة والجوع المزمن، بالإضافة إلى تراجع الأجور وارتفاع الديون، مضيفًا أن هناك قطاعات عديدة تخسر بسبب الأزمة كقطاعات المطاعم والسينما والمسرح والرياضة.
وقال د.عبدالهادي إن السلطات الحاكمة تحمل القوى العاملة تكلفة الخروج من الأزمة، مشيرًا إلى أن هذا بدأ بالفعل من خلال خصم 1% من الرواتب و 0.5% من المعاشات وزيادة ساعات العمل، وخصخصة الشركات.