إيران تتراجع عن التزاماتها النووية وتستأنف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%.. وتحذيرات أمريكية وأوروبية من تبعات القرار
استأنفت إيران إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، مؤكدة أن هذه العملية باتت “مستقرة” اعتبارا من الساعات الأولى لفجر الثلاثاء، في أبرز خطوة من تراجعها عن التزامات بموجب الاتفاق النووي.
وكان المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي أعلن الإثنين أن إيران بدأت إجراءات إنتاج يورانيوم مخصّب بنسبة 20% في منشأة فوردو المقامة تحت على الأرض، والواقعة الى الجنوب من طهران.
وأكد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي في تصريحات للتلفزيون الرسمي بثت ليل الإثنين الثلاثاء، أن الانتاج عند هذا المستوى من التخصيب تحقق مساء أمس، وقال “قرابة الساعة السابعة (الإثنين 15,30 ت غ)، بلغنا مستوى 20%”، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.
وأوضح انه اعتبارا من منتصف الليل بالتوقيت المحلي، من المفترض أن تصبح هذه العملية مستقرة تماما، ما يعني “ضخ (اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 4% في أجهزة الطرد المركزي) والحصول على (يورانيوم مخصب بنسبة) 20% من الجهة الأخرى”.
وبلغت إيران هذا المستوى من التخصيب قبل عام 2015، تاريخ إبرام الاتفاق حول برنامجها النووي مع القوى الست الكبرى. وسعت الأخيرة من خلال الاتفاق لضمان عدم حصول طهران على سلاح نووي، علما بأن الجمهورية الإسلامية تشدد دائما على الطابع السلمي لبرنامجها.
ويعد استئناف التخصيب عند 20%، الأبرز في سلسلة خطوات اتخذتها الجمهورية الإسلامية، وتراجعت من خلالها عن معظم التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق النووي المبرم في فيينا، وذلك في أعقاب قرار الولايات المتحدة الانسحاب بشكل أحادي منه في 2018.
وشدد كمالوندي على أن المنظمة تطبق ما أقره مجلس الشورى الإيراني الذي طلب رفع نسبة التخصيب وتخزين 120 كلغ من اليورانيوم عند هذا المستوى سنويا.
وجاء قرار مجلس الشورى الذي يهيمن عليه المحافظون، بعد أيام من اغتيال العالم النووي البارز محسن فخري زاده في عملية اتهمت الجمهورية الإسلامية إسرائيل بالوقوف خلفها.
وأبدت حكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني، عدم تأييدها للقانون الذي حمل عنوان “المبادرة الاستراتيجية لإلغاء العقوبات وحماية حقوق الشعب الإيراني”، لكنها أكدت التزامها به خصوصا بعدما صادق عليه مجلس صيانة الدستور.
ورأت الحكومة في حينه ان هذا القانون قد يؤثر سلبا على الجهود الدبلوماسية لتأمين رفع العقوبات، لا سيما “الفرصة” التي يشكلها تسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مهامه في 20 كانون الثاني/يناير، خلفا لدونالد ترامب.
وسبق لبايدن أن ألمح الى نيته “تغيير المسار” الذي اتبعه الرئيس المنتهية ولايته مع إيران، وامكانية عودة بلاده للاتفاق النووي في حال عادت طهران الى كامل التزاماتها.
وكرر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمس تأكيد موقف طهران بأن العودة الى التزاماتها ممكنة وسريعة، بشرط عودة الدول الأطراف في الاتفاق (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين، وألمانيا) لالتزاماتها.
وكتب ظريف عبر تويتر الإثنين “استأنفنا التخصيب بنسبة 20% بناء على قرار البرلمان. وتم إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية حسب ما يقتضي الأمر. اجراءاتنا التعويضية تتطابق تماما مع الفقرة 36 من الاتفاق النووي، وتم تنفيذها بعد سنوات من عدم التزام بعض الأعضاء الآخرين في الاتفاق النووي”، وأضاف “إجراءاتنا قابلة للعودة تماما في حال التزم الجميع بتعهداتهم”.
وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الإثنين أن إيران بدأت بالفعل بالتخصيب عند مستوى 20%، وهو أعلى بكثير من المستوى الذي أتاحه الاتفاق النووي (3,67%).
وكانت الوكالة أفادت في تقرير في نوفمبر، أن إيران تقوم بعمليات تخصيب تتخطى نسبتها المعدّل المنصوص عليه في الاتفاق النووي والمحدد بـ3,67% لكن لا تتعدى 4,5%، مع مواصلتها التقيّد بنظام التفتيش الصارم للوكالة، وأثارت الخطوة الإيرانية انتقادات بعض الأطراف الدوليين، لا سيما واشنطن التي اعتبرتها “ابتزازا نوويا”.
وقال متحدّث باسم الخارجية الأمريكية إن “قيام إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في منشأة فوردو هو محاولة واضحة لتعزيز حملتها للابتزاز النووي، وهي محاولة ستبوء بالفشل”، وحذر الاتحاد الأوروبي من “مخالفة كبيرة” لاتفاق فيينا لها “تبعات خطرة على حظر انتشار” الأسلحة النووية.
إلا أن المندوب الروسي الى الوكالة الدولية ميخائيل أوليانوف حاول التقليل من أهمية الأمر، قائلا “يبقى البرنامج النووي شفافا وقابلا للمعاينة، علينا أن نركز على وسائل العودة الى التطبيق الشامل للاتفاق”.
وأتت زيادة التخصيب في ظل توتر متزايد بين طهران وواشنطن وتحذيرات متبادلة من تطوره الى تصعيد أمني خلال الأسابيع المتبقية لترامب في السلطة.
كما عبرت الولايات المتحدة عن تنديدها بقرار إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، واصفة الخطوة بأنها “ابتزاز نووي”، في موقف اعتبره خبراء محاولة من إدارة الرئيس الجمهوري المنتهية ولايته دونالد ترامب للضغط على خلفه الديمقراطي جو بايدن.
وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية إن “قيام إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في منشأة فوردو هو محاولة واضحة لتعزيز حملتها للابتزاز النووي، وهي محاولة ستبوء بالفشل”، وتابع “نحن واثقون من أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستراقب وتبلغ عن أي أنشطة نووية إيرانية جديدة”.