(الضاحك).. قراءة أخرى في فيلم (الجوكر) (الهروب من الواقع): عن المجتمع الذي يصنع شخصا لا يملك شيئا ليخسره

شاهده لكم – حسين هلال

(الجوكر) من أكثر الشخصيات شهرة وجدلًا في تاريخ السينما والرويات القصصيه الأمريكيه , يتهمه النقاد بالعنف والتخريب ويدافع عنه البعض بحجة الظروف التي تجعله يرتكب الأفعال الفوضوية والتخريبية .

لكن السؤال هنا هل هو شخصية شريرة أم مسالمة !, هل يرتكب أفعاله الإجرامية بلا سبب أم أن هناك دافع كبير لارتكاب الجرائم !

طرح الشخصيه بداخل الفيلم :

لاول مره في تاريخ السينما الأمريكية يتم طرح شخصية الجوكر كشخصية لها تاريخ وحياة عادية مثل باقي البشر, في الأفلام السابقة تقدم الشخصية بشكل (صافي) أي ليس له حياة أخرى أو وجه آخر أو تصرفات مغايرة لشخصية الجوكر الإجرامية .

من أين يأتي الضحك !:

كنت أجلس بجوار شخص يتعدي الخمسين عاما داخل دور العرض وفي أحد المشاهد التي يرتكب فيها (آرثر فليك) قتل أحد أصدقائه, يضحك الجمهور بداخل دور العرض بشكل هستيري علي المشهد, إنه مشهد قتل بألة حادة من أين يأتي الضحك !

وقتها ارتعبت وأنا داخل دور العرض من الأشخاص المحيطين بي وأنا أتساءل ( من أين يأتي الضحك الهستيري علي مشهد قتل عنيف دموي بألة حادة !)

أدركت وقتها أن الشخصية المصرية بمختلف أعمارها ربما طالها تغير أضاف نزعه فوضوية, عنيفة, دموية, غير مبالية بما يحدث .

ارثر فيلك:

الشخصية التي يتحدث عنها الفيلم… رجل يتعدي الثلاثين عاما يعمل كمهرج في أحد شركات تشغيل المهرجين لا يوجد لديه حبيبة أو زوجة ليس لديه غير أمه العجوز المريضة التي يهتم بها دائما, يحضر لها الطعام لتأكل وينسي أن يأكل أو لأن الأموال غير كافية لإحضار الطعام … يحضر جلسات للعلاج النفسي بأحد المستشفيات العامة, فما الذي يجعل شخصا مثل هذا بحبه لأمه وعمله الذي يبعث البهجة أن يتحول لقاتل ومخرب !

1-التعرض للتنمر :

يتعرض (آرثر ) للضرب من عدة شبان بلا سبب أثناء تأدية عمله في الشارع, فتتحول نظرته للناس إلى نظرة كره , يري أن الناس جميعهم همج وحيوانات لا تستحق أن يؤدي إليها الفقرات الكوميديه ليضحكها .

2-فقدان الوظيفه التي يحبها :

بعد تعرضه للضرب في الشارع وسماع زملاء عمله بما حدث , يعرض عليه أحد زملائه أن يحمي نفسه بقطعة سلاح ناري صغيرة, وذلك غير مسموح داخل العمل, عاجلا أم اجلا يكتشف رب العمل هذا الأمر ويطرد (آرثر) من الوظيفة التي يحبها.

القتل لأول مرة :

يتعرض للضرب مرة أخرى داخل إحدى عربات المترو … لكن هذه المرة لن يقف ساكنا , يقتل الاشخاص الذين حاولوا ضربه في المترو بالمسدس الذي جعله يفقد وظيفته,  الغريب في الأمر أن (آرثر ) بعد هروبه من المترو يذهب لإحدى الحمامات العمومية في الشارع ويؤدي رقصات ليتسامح نفسيا مع نفسه وعما فعله بالشبان الذين ضربوه .

اختفاء الخيال ودخول الشخصية :

في هذه اللقطة العبقرية من المخرج ( تود فليبس ) يؤكد فيها أن انغماس الشخصيه بالتأثر بالواقع المحيط به وابتعاده عن فنه وتخيلاته الوردية, تؤدي إلى تحولها إلى الشر الذي كان يخفيه طوال الوقت عن الناس وعن نفسه .

التسامح النفسي :

هذا المشهد لم يكن مكتوبا في سيناريو الفيلم أصلا, كان من المفروض عند دخول الشخصية الحمام العمومي , أن ينظر للمرآة ليعاتب نفسه عما فعله بالشبان .. لكن الممثل ( واكين فينيكس ) كان له رؤية أخرى , أن الشخصية لاتعاتب نفسها بل تتسامح بشكل كامل مع نفسها وتحقق بعد ذلك ما تريده .

لا أملك شيئا لأخسره:

صدمه حياته عند اكتشافه أن تلك المرأة التي يعيش معها لسنوات عديدة ليست أمه بل هو ولد متبني يتيم, ليس لديه أم أو أب أو أقارب أو حتي أصدقاء … اذن فانت السبب لما يحدث لي طوال حياتي من مشاكل ومصائب , بل وتدعي ان ابي هو عمدة البلدة الغني , اذن ارثر لا يملك شيئا لكي يخسره, لا (  عمل , ام, اب , زوجة , طموح , طفولة ,…………الخ ) لا يملك شيئا لكي يخسره .

الإنتقام من كل شيء

دائما ما أجد أن الانتقام هو أكثر المشاعر الإنسانية منطقية علي مر التاريخ ..هكذا كان (أرثر) منطقيا في اتخاذ هذا القرار , فقرر ان ينتقم من كل شيء ,من ( أمه ) , ( عمدة البلدة ), حتي المرض النفسي الذي يعاني منه قرر ان يتقبله ويجعله جزءا من شخصيته تابعا له فهو مرض الضحك المستمر بدون سبب ….. وحتي الانتقام من مذيع البرامج الذي سخر منه بشأن أدائه الكوميدي الذي يقدمه للناس .

الآناركيه تعم جوثام

لا تعليق يمكن ان ازيده علي الصور التاليه…….

هل لـ ( آرثر ) ميول إجرامية من الأصل أم أن المجتمع الذي يعيش فيه قد جعله مجرما يذكرني ذلك بفيلم فريد شوقي ( جعلوني مجرما )

في الختام ما هو شكل المجتمع الذي يصنع شخصا لا يملك شيئا ليخسره ليتحول إلى أشد أعداء المجتمع ويتسامح مع نفسه تسامحا كاملا !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *