رشا رفعت شاهين تكتب: عن الدين والعلم والقانون والدولة المدنية
أصبح القانون والعلم يحلان محل الدين والضمير، فلم يعد يهم ما هو دينك أو ما يحمله ضميرك في الغرب ودول العالم المتحضر، بعد أن كان الدين قديماً ولآلاف السنين يحل محل القانون والعلم والضمير، فكان مايحمله ضمير الإنسان يعتمد بشكل أساسي علي أوامر ونواهي الدين.
والملاحظ انه كلما كان القانون صارماً والعلم متقدماً كلما نما معهما الضمير، ولكنه ضمير حر هذه المرة لا يطمع في نعيم أخروي أو يخشي عذاباً ما ، وإنما بِهدف (الخير) والرغبة في عمله فقط ، وسواء كنت متديناً أو لا دين لك فمن المؤكد أن الضمير الإنساني الحر يتوحد في خطوطه العامة، وفي معرفة الحق والخير والجمال، وهناك في تلك الدول قلما تجد من يكذب أو يغش ولقد تعاملت شخصيا ًمع الكثيرين من مواطني العالم المتقدم شرقه وغربه وشماله وجنوبه ووجدتهم يندهشون من كم الكذب الهائل عندما يزورون مجتمعاتنا (المتدينة) ..
أعتقد بأن الدين في الأساس قد أُوجد لضبط العلاقات بين الناس في المجتمع وليحدث التوازن بين القوي والضعيف، فيزجر العنيف ويعزل المجرم أو يعاقبه، وهو يحل محل الضمير الانساني، فالضمير يتفاوت بين شخص وآخر، وما قد اعتبره أنا مباح قد يعتبره غيري غير ذلك فجاءت الاديان لضبط العلاقات وتوحيد الضمائر ظاهريا عن طريق السلوك المقبول إجتماعياً وباطنيًا، وعن طريق الترغيب والترهيب بالجنة والنار لحماية المجتمع وضمان استمرار البشرية.
ومع الوقت بعدت الشقة بين الأديان وبين البشرية وأصبحت اللغة التي خاطبت بها البشر لغة تاريخية والبشر الذين خاطبتهم تاريخيين واختلفت المعايير والأخلاقيات والصواب والخطأ وتوحش العلم بمنطقه الذي طغي ، وأصبح هناك ضرورة لقانون صارم يسيرعليه الجميع حسب كل بلد وطبيعتها وثقافتها، وإن كنت أجد تشابهاً في الخطوط العامة لقوانين ودساتير العالم المتحضر أهمها العلمانية والمساواة بين الجميع.
وكانت ضرورة وضع قانون إنساني كذلك لإختلاف معايير التدين ومفاهيمه وتعدد مذاهبه وطقوسه من طائفة لطائفة ومن شخص لشخص ومن بلد لآخر ، فتأتي القوانين وكأنها دين موحد أساسه العدل والمساواة بين الجميع وذلك هو العامل الأهم والمشترك بين الدول التي تقدمت فقد تركت الدين للاعتقاد الشخصي، وجاءت بالقوانين الزاماً عاماً علي الجميع لحماية المتدين وغير المتدين ، وتلك أول خطوة ينبغي علي أي بلد تريد نفض أتربة التخلف تحقيقها .
قوانين ودساتير علمانية موحدة تحمي الجميع وتؤدي لتماسك الدولة المدنية لتبدأ مسيرة المستقبل، وذلك هو الفارق بين تغليب القيم الانسانية التي تناسب البشر جميعا علي القيم الدينية التي تخص معتقديها فقط .. فهل نحن فاعلون ؟!!