ريهام الحكيم تكتب عن تداعيات مقتل العالم النووي الإيراني محسن زادة: هل إيران على مرمى ضربة أمريكية؟
زاده لم يكن الأول لكن تداعيات مقتله ربما تكون الاعنف مع نهاية ولاية الرئيس الأمريكي ترامب.. فبين عامي 2010 و2012، اغتيل ما لا يقل عن أربعة علماء إيرانيين يشتبه بصلتهم ببرنامج طهران النووي، وهو ما وصفته السلطات الإيرانية بأنه برنامج اغتيال يستهدف تخريب برنامجها للطاقة النووية.
هذا العام 2020، شهدت إيران، عدداً من الانفجارات في كثير من المناطق الحيوية كالمنشآت الصناعية والنووية والعسكرية، منها انفجار كبير في مجمع بارشين العسكري في شرق طهران والذى ينتج صواريخ باليستية، ومنشأة ناتانز لتخصيب اليورانيوم، اندلاع حريق في حوض لبناء السفن في جنوب شرقي إيران. اتهم مسؤولون إيرانيون كلا من إسرائيل والولايات المتحدة، بالوقوف وراء تلك الحوادث. فيما خرجت تصريحات اخرى متضاربة للحكومة الإيرانية تراوحت ما بين إنكار وقوع بعض الحوادث أو إرجاعها لتسرب الغاز أو حوادث طبيعية. لكن الوضع كان مختلفا مع اغتيال العالم النووي الايراني محسن فخري زادة والذي اجج من مشاعر الغضب الايرانية.
إغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة
تتأجج مشاعر الغضب لدى المسؤولين الإيرانيين، الذين لم يتأخروا باتهام إسرائيل بالوقوف وراء العملية التي نُفذت بكمين مسلح في العاصمة طهران، متوعدين بالثأر لمقتله.
ففي مساء الجمعة 27 نوفمبر الماضي ، أمطر أحد المسلحين سيارة العالم النووي محسن فخري زادة بالرصاص بعد انفجار سيارة ملغومة بالقرب من سيارته، توفى فخري زادة متأثراً بجروحه.
واعتبر البعض أن عملية الاغتيال قد تؤدي لمواجهة بين إيران وأعدائها في الأسابيع الأخيرة الباقية من فترة حكم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي انتهج سياسة الضغط الأقصى ضد طهران، وقد يعقد أي جهود يبذلها الرئيس المنتخب جو بايدن لإحياء الانفراجة التي شهدتها العلاقات الغربية مع طهران خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وذلك عند توليه الرئاسة في يناير (كانون الثاني) المقبل.
وامتنع البيت الأبيض ووزارتا الدفاع والخارجية والاستخبارات المركزية الأميركية وفريق بايدن الانتقالي عن التعقيب على الحادثة.
توعد المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي بالثأر لمقتل فخري زادة، داعياً إلى “معاقبة المنفذين والمسؤولين عنها”، وأيضاً “مواصلة الجهود العلمية والفنية” للعالم النووي.
أما الرئيس الإيراني حسن روحاني، فاتهم إسرائيل باغتيال العالم الإيراني، قائلاً إن تل أبيب تسعى إلى التسبب بـ”فوضى” في المنطقة، و أن ” أعداء إيران يريدون الاستفادة لأقصى حد… من الأسابيع المتبقية في ادارة الرئيس ترامب”
ويشعر بعض المراقبين والمسؤولين الديمقراطيين بالقلق من الإجراءات المحتملة الأخرى مثل الهجمات الإلكترونية أو شن ضربة عسكرية، بعد أن ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن ترامب سأل مستشاريه عن خيارات لمهاجمة موقع نووي إيراني.
كما تدرس إدارة ترامب تصنيف جماعة “الحوثي” المتمردة في اليمن، المدعومة من إيران، كمنظمة إرهابية، وهى الخطوة التي ستعيق خطة بايدن في اتخاذ نهج جديد تجاه اليمن حيث يريد إنهاء الدعم الأمريكي للحرب ضد الحوثيين بقيادة السعوديةوالإمارات
وكان الرئيس المنتخب الجديد جو بايدن تعهد بإعادة الانضمام للاتفاق النووي الإيراني والذي يعد واحداً من انجازات الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وفيما لازلت إيران تنفي أن تكون سعت في أي وقت من الأوقات إلى تطوير أسلحة نووية، تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن رفع حالة التأهب القصوى في سفارات إسرائيل بجميع أنحاء العالم بعد التهديدات الإيرانية بالثأر لمقتل العالم النووي.
فخري زادة… السيرة الذاتية
يعد فخري زادة من أبرز العلماء الإيرانيين في مجاله، وكان يشغل منصب رئيس إدارة منظمة الأبحاث والإبداع في وزارة الدفاع.
ولد في العام 1958 في مدينة قم الإيرانية، وشغل منصب نائب وزير الدفاع، و وصل إلى رتبة عميد في الحرس الثوري، وحصل على درجة الدكتوراه في الهندسة النووية، وكان يلقي محاضرات ويمارس التدريس في جامعة الإمام الحسين في طهران.
أدرجت وزارة الخارجية الأميركية اسمه على لائحة العقوبات 2008، على خلفية “نشاطات وعمليات أسهمت في تطوير برنامج إيران النووي”، واتهمته إسرائيل سابقاً بالوقوف خلف البرنامج النووي “العسكري” الذي تنفي إيران وجوده.
وسبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن وصف فخري زادة بأنه “أب البرنامج النووي العسكري الإيراني“.
إسرائيل وإيرانيين معارضين في المنفى وصفوا فخري زادة بأنه قائد برنامج سري لتطوير قنبلة نووية توقف في 2003، وأدعوا أن فخري زادة لعب دوراً حيوياً في تطوير سبل تصنيع رؤوس نووية خلف ستار برنامج مدني معلن لتخصيب اليورانيوم.
تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، 2011، أشار إلى فخري زادة على أنه شخصية محورية في أنشطة إيرانية مشتبه في أنها تسعى لتطوير تكنولوجيا ومهارات مطلوبة لصنع قنابل نووية، وردت إيران بالإعتراف بوجود فخري زادة قبل سنوات عدة، لكنها ذكرت أنه ضابط في الجيش غير مشارك في البرنامج النووي.
شكل “الحرس الثوري الإيراني” الجيش الأيديولوجي للنظام الإيراني عقب الثورة الإسلامية، بعدما بدأ على شكل ميليشيا صغيرة لتساعد المرشد السابق الخميني في بسط سيطرة النظام الجديد على إيران. ومع الوقت تطور دوره عسكرياً ليراقب تنفيذ “المبادئ الثورية” للنظام، وحددت المادة (150) من الدستور الإيراني واجباته بـ “حراسة الثورة ومنجزاتها“
اتسم عام 2020 بعدد من التحولات في المشهد الإيراني سواء على المستوى السياسي او الإقليمي، فمؤشرات الانتخابات المقبلة في إيران لاحت في نتائج انتخابات مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)، بعد فوز الفصائل المحافظة والمتشددة، بما في ذلك المرشحون المتحالفون مع “الحرس الثوري” بحوالى 221 مقعداً من أصل 290، أي 76 في المئة تقريباً من المجلس، وهو ما يمهد لوصول رئيس إيراني ينتمي إلى التيار المتشدد في الانتخابات المقبلة.
أبرز الإغتيالات للعلماء الإيرانيين
يناير 2010، قُتل العالم النووي مسعود علي محمدي في تفجير قنبلة، وقد اشارت تقارير غربية عن عمل مسعود علي محمدي بشكل وثيق مع فخري زادة ومع فريدون عباسي دواني، الذان خضعوا لعقوبات من الأمم المتحدة بسبب عملهما في أنشطة يشتبه أنها تهدف لتطوير أسلحة نووية.
نوفمبر 2010، قٌتل مجيد شهرياري المحاضراً في جامعة بهشتي، والذي عمل في في أحد أكبر المشاريع النووية في إيران.
و أصيب العالم النووي عباسي دواني، نائب رئيس ومدير منظمة الطاقة الذرية الإيرانية السابق ، هو وزوجته في انفجار سيارة ملغومة في ذات اليوم الذي قتل فيه شهرياري.
وفرضت الأمم المتحدة عقوبات على عباسي دواني، الذي كان رئيساً لقسم الفيزياء في جامعة “الإمام الحسين” التابعة للحرس الثوري، بسبب مشاركته في أبحاث لتطوير أسلحة نووية.
العالم النووي عباسي دواني
واتهمت الحكومة الإيرانية كلا من المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) والموساد وإم آي 6 بالتخطيط وتنفيذ تلك الحوادث.
يوليو 2011، قُتل داريوش رضائي المحاضر في الجامعة وحاصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء.
يناير 2012 أُغتيل المهندس الكيميائي والعالم النووي الذي أشرف على قسم في منشأة ناتانز الإيرانية لتخصيب اليورانيوم مصطفى أحمدي روشن (32 عاماً) ، وذلك اثناء انفجار قنبلة لاصقة في سيارته وضعها راكب دراجة نارية في طهران.