شروط الحكومة الفرنسية لممارسة الشعائر الدينية الجماعية: بروتوكول صحي وثلث القدرة الاستيعابية.. والتطبيق من ديسمبر
قالت الحكومة الفرنسية إنها مستعدة للسماح، ابتداء من ديسمبر المقبل، بالعودة إلى ممارسة الشعائر الدينية الجماعية في أماكن العبادة، بشرط الالتزام بالشروط الوقائية من الوباء.
جاء ذلك بعد اللقاء عبر الفيديو الذي جمع أمس الاثنين رئيس الوزراء ووزير الداخلية الفرنسيين بممثلي الأديان الرئيسية في فرنسا، وهي الإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية، إثر احتجاجات متكررة نظمها مسيحيون كاثوليك أمام الكنائس، آخرها في نهاية الأسبوع الماضي، للمطالبة بتمكينهم من إقامة القداس الجماعي في الكنائس، مهددين بتحدي السلطات بتنظيمه على قارعة الطريق.
ووضعت الحكومة شرطين يتوقف عليهما السماح بعودة ممارسة الشعائر الجماعية في أماكن العبادة، وهما احترام البروتوكول الصحي الجديد، والتطور في انتشار الوباء.
ومن بين الشروط الصحية الجديدة الممكنة، تم اقتراح شرط عدم استقبال أكثر من 3/1 (ثلث) القدرة الاستيعابية للمؤمنين داخل المعبد الواحد، على ألا تتجاوز كثافتهم شخصا واحدا لكل 4 أمتار مربعة.
وأبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أسفه للدعم الدولي “الخجول نسبيا” وبعد الهجمات الأخيرة في بلاده، مجددا التأكيد أن فرنسا لن “تغير” من حقها في حرية التعبير فقط “لأنه يثير صدمة في الخارج”.
وقال ماكرون في حوار نشرته مجلة “لو جران كونتينان” على الإنترنت: “منذ 5 سنوات، عندما قتلوا من كانوا يرسمون الكاريكاتور (في صحيفة شارلي إيبدو)، سار العالم بأسره في باريس ودافع عن هذه الحقوق. الآن، لدينا مدرس مذبوح، العديد من الأشخاص المذبوحين. لكن الكثير من رسائل التعزية كانت خجولة”، في إشارة إلى مقتل المدرس الفرنسي صامويل باتي في 16 أكتوبر و3 أشخاص في مدينة نيس في التاسع والعشرين منه.
وأثار المقتل المروع للمدرس الفرنسي صامويل باتي، الذي عرض رسوماً كاريكاتورية للنبي محمد في فصل دراسي حول حرية التعبير، صدمة في جميع أنحاء فرنسا. كما فرض نقاشات صعبة حول حرية التعبير ومن يحق له ممارستها.
وردَّ الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته على جريمة القتل بإعلان دعمهم لحرية التعبير. ولكنهم ضاعفوا كذلك من حملتهم المستمرة لتشويه سمعة المسلمين الفرنسيين، وشنوا هجومهم الخاص على حرية التعبير.
ففي الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، أجرت الشرطة الفرنسية مقابلات تحقيقية مع 4 أطفال في العاشرة من العمر لساعات للاشتباه في “تبريرهم للإرهاب””، بعد أن شككوا، على ما يبدو، في اختيار المدرس باتي عرض الرسوم الكاريكاتورية، وفقا لمنظمة العفو الدولية.
وأوضحت المنظمة أن الحكومة الفرنسية ليست نصيرة حرية التعبير كما تزعم. ففي عام 2019، أدانت محكمة فرنسية رجلين بتهمة “الازدراء” بعد أن أحرقا دمية تمثل الرئيس ماكرون خلال مظاهرة سلمية. ويناقش البرلمان حالياً قانوناً جديداً يجرّم تداول صور المسؤولين عن إنفاذ القانون عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ومن الصعب التوفيق بين هذا التوجه وبين دفاع السلطات الفرنسية الشرس عن حق تصوير النبي محمد في رسوم كاريكاتورية.
ويشمل الحق في حرية التعبير الآراء التي قد تكون مزعجة أو مسيئة أو صادمة، ونشر الرسوم الكاريكاتورية التي تصور النبي محمد مكفول بموجب هذا الحق. ولا ينبغي لأحد أن يخشى العنف أو المضايقة بسبب إعادة إنتاج أو نشر مثل هذه الصور.
لكن أولئك الذين لا يوافقون على نشر الرسوم الكاريكاتورية لهم الحق أيضاً في التعبير عن مخاوفهم. كما يكفل الحق في حرية التعبير إمكانية انتقاد خيار تصوير الأديان بطرق قد يُنظر إليها على أنها نمطية أو مُسيئة. إنَّ مُعارضة الرسوم الكاريكاتورية لا تجعل المرء “انفصالياً”، أو متعصباً، أو “إسلامياً”.
وفي حين يتم الدفاع بقوة عن الحق في التعبير عن الرأي أو الآراء التي قد يُنظر إليها على أنها مُسيئة للمعتقدات الدينية، فإن حريات المسلمين في التعبير والمعتقد عادة ما تحظى باهتمام ضئيل في فرنسا تحت ستار “شمولية مبادئ الجمهورية”. وباسم العلمانية، لا يمكن للمسلمين في فرنسا ارتداء الرموز الدينية أو اللباس الديني في المدارس أو في وظائف القطاع العام.