مدحت الزاهد يكتب عن رحيل نبيل عتريس وأمل المصري: أخ وأخت
لظروف طارئة لم أتمكن طوال يومين من الاتصال بشبكة الانترنت وعرفت من الصديق طلعت فهمى بالخبر الحزين الصادم بالرحيل المفاجيء للصديق الغالى نبيل عتريس الذى جمعتنى به صداقة امتدت لعقود من زمن الانتفاضات الطلابية والشعبية ورفقة الميادين إلى زمن التراجع و الحصار حتى داهمنى الخبر الحزين فاتصلت بالصديق والاخ الغالى عماد عتريس، فوجدته لا يزال يبكى كطفل وتذكرت تنبيه امى لى واخوتى أن الإنسان عندما يتالم ينادى ويصرخ ، أخ ، وقد سمعتها منه وكان هذا حال عماد والصديقة كاميليا وكل الأصدقاء الذين داهمهم الخبر الحزين، ولى مع نبيل حكايات ساعود إليها، فخالص العزاء لعماد وكاميلبا وكل أسرة نبيل وأصدقاؤه ولرفاق جيله والزملاء فى حزب التجمع وقوى اليسار .
وعندما دخلت الأن صدمنى خبر حزين آخر برحيل أمل شقيقة الأصدقاء محمد المصري، وعبده المصري الذى رثاها بكلمات تدمى القلب ..
ثلاثه وخمسون عاما إلا أيام قليله هى كل عمرها الذى مر عليها على هذه الأرض، ثلاثة وخمسون عاما بدأت فى نهايات ديسمبر من العام السادس والستين، كانت أمي فاطمه تريد أن تنجب ابنه لتكون اختا لابنتها الكبري وبعد ان انجبت ثلاث اولاد ذكور اتت فتاه سمراء مبتسمه صبوحه الوجه اسمتها امل لتكون لعبتنا الصغيره انا واشقائي حتى اتى شهر مايو من العام السابع والستين حبه سخونه كما عبرت احدى الجارات فذهبنا بها الى الدكتور حنا الطرزى الذى اعطاها حقنه بنسلين ولكن حاله الطفله السمراء كانت تزداد سوء قيل انها الغده وقيل انها الحمى الشوكيه حتى كان صباح الخامس من يونيو وتلونت السماء بالسواد والارض بالدم وانا وامى نسير فى شوارع الاسماعيليه تحت وقع القصف واصوات القنابل نبحث عن طبيب لينقذ امل من مصير محتوم ولم يكن هناك ثمه طبيب كان الموت يحاصر المدينه ويغرز اشواكه القاسيه فى جسد الامل وكانت امى تحتضنها باكيه وكنت فى ذيلها اريد ان نعود الى البيت لاخوتى الذين تركناهم مع خالتى زهره ورعايه الجيران ودموع امى تسيل على الاسفلت وتختلط بالدم والخراب وركام مبانى الاسماعيليه المهدمه ودعاءها وتوسلاتها لله ان ينقذ امل يخترق السماء ويعلو على صوت الطائرات السوداء التى احتلت سماء المدينه التى كانت قبل يوم واحد هادئه وبدات رحله الهجره والتنقل بين المستشفيات والشيوخ رحلات كانت تتركنا فيها امى شهورا حامله امل بين مستشفيات المنصوره والنبوى المهندس ومعهد شلل الاطفال لانقاذ امل لكن المرض كان قد استوطن جسد الطفله ولم تفلح كل المحاولات لتخليصها من المرض الذى صاحبها ثلاثه وخمسون عاما حملتها للذهاب بها للمدرسه وحملتها امى وحملها ابي صعودا للفصول فى المدارس الابتدائيه والاعداديه والثانويه وحين وصلت للجامعه كانت كل الطاقه التى تمتلكها فاطمه قد استنزفت وكل القوه التى يملكها ابي قد وهنت وكنا نحن اخوتها نكبر ونتوزع فى البلاد فعاشت حبيسه المرض الذى شوه الجسد لكنه لم يطال الروح ابدا اليوم ماتت امل لتصعد روحها الى خالقها
وتنام نومتها الابديه بجوار امها التى تركتنا منذ،شهور وانا اتذكر امام باب القبر المفتوح وسط غيمه الدموع مشهد امى محتضنه امل وسط القصف ودخان القنابل والبيوت المهدمه والانوار المطفأه وصوت امى ينادى وسط ناس يبحثون عن خلاص او خندق او مدخل بيت يحميهم من هذا الموت النازل من السماء
مافيش دكتور فاتح ياولاد
ربنا يرحمك يا اما وربنا يرحم امل
والأصدقاء محمد وعبده خالص العزاء