افتكروهم واكتبوا عنهم.. حكاية سامح حنين وأحمد علام: رفيقا مهنة ومقهى وزنزانة.. الأول في انتظار إخلاء سبيله والثاني يتمسك بالأمل
محمود هاشم
تعرف قهوة غزال في منطقة وسط البلد زبائنها جيدا، ففيها التقى الصديقان الصحفيان سامح حنين وأحمد علام، لتمر الأيام وتصبح صورتهما معا شاهدة على وجع وقهر أسرتين حرمتا من أبنيهما بدخولهما السجن، ليتشاركا صداقة العمر والمهنة والزنزانة، وبينما أعلن إخلاء سبيل الأول أمس الأربعاء، يأمل الثاني في الحصول على حريته في أقرب وقت.
لا تختفي الابتسامة من على وجه الصحفي والمعد التليفزيوني أحمد علام، حتى يكاد أصدقاؤه يظنون أنها مطبوعة على وجهه الهاديء دوما، لا ينقطع حديثه في معظم جلساته على المقهى وفي أي تجمع عن ثورة 25 يناير وأحلامه بها وضيقه إلى ما وصل إليها حالها وحال أنصارها، تتكشف ميوله اليسارية بالفطرة من سخطه على السياسات الاقتصادية التي يعاني فقراء الوطن من آثارها، ليجد نفسه فجأة ضحية جديدة في قائمة الصحفيين المسجونين، بتهمة جاهزة “دعم جماعات إرهابية”، على الرغم من توجهه الواضح في انتقاد سياسات جماعات الإسلام السياسي.
لم يمر الجمعة الرابع والعشرين من أبريل الماضي كعادته من الأيام على أسرة علام، ففي الأيام الأولى من شهر رمضان الماضي، وبينما الذي اعتاد علام قضاءه مع أسرته في منزلهم بإحدى قرى مدينة العياط في محافظة الجيزة، إذ بعدد من قوات الأمن يحضرون في الحادية عشرة ونصف من مساء اليوم، للسؤال عنه، قبل أن يدخلوا به إلى إحدى غرف المنزل، ليأخذوا هاتفه وهاتف شقيقته لاحقا.
ذهول الأسرة وصدمتها مما حدث أعجز لسانها عن الحديث لوهلة، قبل أن يستفيقوا على قوات الأمن وهي تأخذ الصحفي الشاب إلى إحدى عربات الشرطة، بدعوى الحاجة لاستجوابه في أحد مقراتها على أن تفرج عنه لاحقا، ليفاجأوا بعد ذلك بظهوره في مقر نيابة أمن الدولة في التجمع الخامس.
شمل التحقيق مع علام في 27 من الشهر ذاته، سؤاله عن نشاطه وعمله الإعلامي والصحفي وعلاقته بإعداد برنامج يتم إذاعته في قناة الجزيرة الوثائقية، كما سألته النيابة عن مضمون ما جاء في تحريات الأمن الوطني حول انضمامه لجماعة إرهابية، قبل أن تأمر نيابة أمن الدولة العليا بحبسه 15 يوما على ذمة القضية رقم 558 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا.
المحامي نبيه الجنادي، الذي حضر جلسة التحقيق مع علام، قال إن التهم الموجهة للصحفي الشاب تشمل: نشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والانضمام إلى جماعة إرهابية.
لم يتم ضبط أي أحراز بحوزة الصحفي، وعلى الرغم من اتهامه بإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لم تكن هناك أي مطبوعات لمنشوراته على “فيسبوك”، كما أن وكيل النيابة لم يفحص حسابه من الأساس.
وجاء اتهام علام – المعروف بعدم ممارسة نشاط سياسي ضمن أي كيان – بالانضمام إلى جماعة الإخوان، ليثير موجة من السخط، والحديث عن تلفيق اتهامات جاهزة للقبض عليه، ومن بينها إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من عدم تفاعله عبر حسابه على “فيسبوك” منذ فترة طويلة سابقة لتاريخ القبض عليه.
وأحمد علام، 33 سنة، صحفي ومعد تلفزيوني، عمل في العديد من المؤسسات الصحفية والإعلامية من بينها المصري اليوم، CBC، والأخبار والسفير اللبنانيتين، وموقع الغد، وجريدة الكرامة، كما أسس موقع بوسطجي، المعني بنقل مشاهدات حية للتفاعلات الاجتماعية السائدة في مناطق عدّة حول العالم، ونشر قصص تعكس طبيعة التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية، وتضم القضية 588 بالإضافة إليه المحامي محسن البهنسي، ونهى كمال ابنة عضو مجلس النواب كمال أحمد.
وكانت المفارقة مع يوم 16 مايو، حيث قررت النيابة حبس صديقه، الصحفي سامح حنين، 15 يوما احتياطيا على ذمة القضية رقم 586 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، حيث كان آخر ما كتبه عبر حسابه على “فيسبوك” قبل القبض عليه: “تتسجن ليه أنت؟ يسجنوك ليه؟، معلش يا أحمد”.
وفيما مر حوالي 5 أشهر على حبس سامح حنين، أعلن ضياء رشوان نقيب الصحفيين إخلاء سبيل سامح حنين، مشيرا إلى وصوله إلى القسم التابع له تمهيدا لاستكمال الإجراءات، لكنه القرار الذي لم ينفذ حتى الآن.
وفي وقت سابق، ألقت قوات الأمن القبض على سامح حنين وعرضته على نيابة أمن الدولة، وحبس 15 يوما احتياطيا على ذمة القضية رقم 586 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، ووجهت لهم تهم مشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر أخبار وبيانات كاذبة.
ونشرت وزارة الداخلية في 22 مايو، مقطع فيديو لـ حنين يعترف فيه بأنه تلقى آلاف الدولارات لإنتاج مقاطع فيديو تنتقد مؤسسات الدولة المصرية في قناة الجزيرة القطرية، بناء على طلب أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة الأهرام، المملوكة للدولة. وقال محامو سامح حنين، للجنة حماية الصحفيين إنهما يعتقدان أن اعترافه كان قسريًا.
ويطلق موقع “درب”، حملة بعنوان “افتكروهم واكتبوا عنهم”، للتركيز على أوضاع الصحفيين المعتقلين بسبب ممارستهم مهام عملهم، ورسائل من أسرهم يشرحون فيها وحشة غيابهم وكيف تجاوزوا هذا الغياب.
وتتضمن الحملة نشر بروفايلات عن الصحفيين المعتقلين ورسائل من الأصدقاء والزملاء والأسرة ومناشدة للإفراج عنهم ضمانا لحرية تداول المعلومات دون قمع أو استهداف.
ولعل الستة أشهر الأخيرة كانت شاهدة على وقائع استهداف متعددة ضد الصحفيين، حيث رصد “درب” الصحفيين الذين تم اعتقالهم خلال الفترة من ابريل وحتى أكتوبر الجاري، بواقع 10 صحفيين.