افتكروهم واكتبوا عنهم.. أحمد كامل البحيري يكتب: حسام مؤنس الذي جمع بين الحلم والواقع
28 سبتمبر 2000 بدء الانتفاضة الفلسطينية الثانية وهي نفس لحظة ميلاد جيل جيد في المجال العام المصري كان ومازال حسام مؤنس جزء من هذا الجيل والذي كان حاضرا في مجمل التفاعلات السياسية اللاحقة من تأسيس اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة إلي مظاهرات دعم العراق في مواجهة الغزو الأمريكي للعراق مارس 2003 مرورا بتشكيل شباب من اجل التغيير “كفاية” 2005 والجمعية الوطنية للتغير 2008، هذه التفاعلات شكلت وعي وأدوات حسام مؤنس في المجال العام فأصبح، والتي عبر عنها بان بناء مستقبل جديد لمصر يقع علي عاتق كافة المدارس السياسية والفكرية المصرية وهو ما يدفعنا للعمل المشترك لبناء غد أفضل هذه العقلية انعكست علي انفتاح حسام مؤنس علي كافة المدارس السياسية والفكرية فأصبح نموذج لسياسي يعمل علي التركيز علي القواسم المشتركة بين أبناء جلية من الأيديولوجيات المختلفة لإيجاد مساحة مشتركة للعمل، مع إيمانه المستمر بمنهج النقد الذاتي لتصحيح المسار وهو ما يدفعني للعودة لأحدي مقالات حسام مؤنس والتي تعبير بشكل واضح عن التكوين العقلي لمؤنس وهي المقالة التي جاءت تحت عنوان (بين خطايا السلطة وأخطاء القوى السياسية) في محاولة لفهم التفاعلات السياسية التي عاشها منذ عام 2000 وحتى كتابة المقالة 2016، سواء علي مستوي السلطة الحاكمة او علي مستوي القوي السياسية الفاعلة وبشكل خاص أسباب إضعاف ثورة يناير وما بعدها فيقول مؤنس لم يختلف نمط تحالفات السلطة الانتقالية بعد يناير عن نمط تحالفاتها بعد يونيو، فتحالف الإخوان المسلمين مع السلطة الانتقالية الحاكمة بعيدا عن أهداف ثورة يناير بل والاتفاق فيما بينهم علي إضعاف القوي السياسية المدنية وضرب وتشويه شباب الثورة تحت مسمي (الاستقرار) واستكمال خارطة الطريق من إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وكان الاتفاق أن يكون الإخوان وما يسمى بتيار الإسلام السياسي صاحب النصيب الأكبر منها وهو ما تحقق، وما لا يختلف كثيرا عن تحالف أطراف عدة من شبكات مصالح لنظام مبارك مع السلطة الحاكمة لمواجهة مطالب القوي المدنية الديمقراطية والانتقام من شباب الثورة تحت مسمي (مواجهة الإرهاب) واستكمال خارطة الطريق من إجراء انتخابات مجلس النواب والانتخابات الرئاسية وكان نصيب شبكات المصالح هو الأكبر منها.
واستكمالا لمنهج النقد الذاتي يؤكد مؤنس علي أخطاء القوي المدنية الديمقراطية وهو جزء منها والتي في وجهة نظري مازالت مستمرة حتى الآن فيقول مؤنس نعم أخطأت القوي المدنية الديمقراطية خلال السنوات التي أعقبت ثورة يناير 2011 وهو ما جعل المتحكم في المسار السياسي طرفين ( الإخوان- شبكات المصالح)، وكانت الخطيئة الكبرى هي عدم وجود إطار موحد يجمع أطراف القوي المدنية الثورية، والمقصود بالوحدة التنظيمية ليست حزبا سياسيا رغم ضرورته، بل إطار للعمل المشترك وهو ما عجزت عنه القوي المدنية الثورية بعد 25 يناير 2011 2013 ومازالت تعجز عنه حتى الآن، ورغم وجود أشكال متعددة تشكلت في أعقاب ثورة يناير 2011 إلا أنها كانت تعبيرا عن خلط ما بين أطراف تتفق على ما تفضه لكنها لا تتفق على حد أدنى مما تريده فى المستقبل ، وهو ما كان سببا أساسيا فى كثير من الإنتقادات لها بالذات من القطاعات المسيسة الشابة ، ومن هنا كان غياب هذا الإطار الجماعى المنظم هو ما سمح للهيمنة السياسية من قبل ( الإخوان وشبكات المصالح)، أن يتحكموا في المسار السياسي ويقضي علي أهداف الشعب المصري في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني، نعم مطلوب أن نصارح أنفسنا بأخطائنا والاهم ألا نعيد نفس الخطأ للمرة الثالثة ولكن ليس المطلوب أن نجعل من ذكري ثورة يناير كذكري استشهاد الحسين ولا أن نصف الشعب المصري الذي خرج في يناير ويونيو بأنهم أنصار معاوية.
ونأتي لسبب القبض علي حسام مؤنس الحقيقي في يونيو 2019 وهو الأمل في غدا أفضل قائم علي فهم الأخطاء وتصحيحها وهي ركيزة أساسية وحاكمة لنمط تفكير مؤنس والتي عبر عنها بقولة أن مقولة المراجعة إذن واجبة دون شك ، لما جرى منذ ثورة يناير أو ما بعدها وحتى ما قبلها ، لكنها بالتأكيد لا تشمل صحة الموقف من نظام مبارك والإخوان وسلطتهم ، ولا الخروج ضدهم ، كما أنها لا بد أن تنطلق من التفرقة بين الموقف من الفعل الجماهيرى الثورى نفسه وبين ما بعده من نتائج فمسئوليتها الرئيسية تقع على خطايا السلطة التي حكمت ما بعد ثورة يناير دون إنكار أخطاء القوى السياسية .. بدون شك أخطأت قوى يناير لكن خطأها لم يكن في إيمانها الحقيقي بدول العدل والعدالة والديمقراطية والمساواة، وإنما في تحالفاتها وهو نفس الخطأ الذي مازال ترتكبه القوي السياسية حتى الآن. هذه العقلية لحسام مؤنس جعلت منه صحفي وسياسي متفرد بين أبناء جيله وسيظل… الحرية ل حسام مؤنس وباقي الشباب