العنصرية باسم كورونا.. وقائع «التنمر» ضد الأسيويين من فيديو صيني على الدائري في مصر.. لاعتداءات وحملات مقاطعة في دول العالم
فيديو «ارميه بسرعة» والسخرية من مواطن صيني يثير موجة غضب في مصر .. وأحمد السقا يعلق «حقك علينا»
العنصرية ضد ذوي الملامح الاسيوية فيروس قبيح يجتاح العالم: اعتداءات ومطالب بتعقب الصينين وحملات مقاطعة
شتائم ومضايقات في بلاد عربية.. وعريضة في كندا تطالب بتعقب الصينيين.. واعتداءات وإهانات في بريطانيا وألمانيا واستراليا وفيتنام
كتبت- كريستين صفوان
مع دخول ظهور فيروس كورونا شهره الثالث، وانتشاره في أكثر من 50 دولة على صعيد العالم، تفشى في الكثير من دول العالم «فيروس نفسي قبيح»، وهو التنمر على الآسيويين بوجه عام، والصينيين بوجه خاص.
«الكورونوفوبيا» هو المصطلح الجديد، الذي أطلقه البعض على ظاهرة الخوف من ذوي الملامح الآسيوية، والتي تتزايد مع انتشار وتوسع وباء الكورونا المستجد، في أنحاء مختلفة من العالم.
فيديو التنمر ضد أسيوي على الدائري في مصر «حقك علينا»
في مصر، تداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لواقعة تنمر تعرض لها شخص آسيوي داخل إحدى سيارات الأجرة التي يتم حجزها إلكترونيا، حيث كان السائق يضع منديلا على أنفه، فيما يصورهما بعض المارة، ويطالبه أحدهم بإجبار الراكب الآسيوي على النزول قائلا «ارميه بسرعة»، ثم يضيف بعد وصلة من الضحك: «أول حالة كورونا في مصر».
وبالفعل أنزل سائق السيارة الراكب الآسيوي، الذي حاول إيقاف سيارة أخرى واستقلالها، ولكن دون جدوى، حيث رفضت جميع السيارات الوقوف له، وسط ضحكات وسخرية من بعض المارة.
وتضامن الكثير من المستخدمين المصريين على مواقع التواصل مع الراكب الآسيوي، وكتب الفنان أحمد السقا، عبر حسابه على موقع تويتر: «حقك علينا».
شتائم ومضايقات في بلاد عربية
وشهدت بلاد عربية، وقائع مماثلة، ففي لبنان نشر طالب صيني يدرس في الجامعة للبنانية، مقطعا مصورا حقق انتشارا كبيرا، يتحدث فيه بعربية فصحى، عن معاناته من الممارسات العنصرية في الشارع اللبناني، بعد انتشار فيروس كورونا المستجد.
وحكي الطالب الذي اختار اسما عربيا هو أمير وانج، كيف أن الأمر وصل إلى حد شتمه، وكيف أنه يشعر بالألم، من الذين يلاحقونه من اللبنانيين في بيروت، أو صيدا، واصافا من يقومون بهذه الممارسات، بأنهم «معدومو الضمير والإنسانية».
وأبدي «وانج» أسفا للتغير الذي طرأ على تعامل اللبنانيين معه، فبعد أن كان يشعر بأنهم أهله وعائلته، صار يشعر بالأسى لاجتنابهم له.
لكن عائلة الشاب اللبناني أدهم السيّد، الموجود في مدينة ووهان الصينية، بؤرة تفشّي فيروس “كورونا”، استضافت الشاب الصيني أمير وانج، حيث أقامت غداءً على شرفه في منزلها ببلدة برجا – إقليم الخروب، وقالت حنان السيّد، شقيقة الشاب أدهم، إن هذه الخطوة جاءت تأكيداً على نبذ التنمر الذي تعرض له وانج.
وتعرضت فتاتان يابانيتان تعملان لدى إحدى منظمات الإغاثة في مدينة رام الله الفلسطينية، لمضايقات شديدة من عدة مواطنين فلسطينيين كانوا يسيرون بجوارهم ويصيحون: «كورونا.. كورونا».
وكما أشرنا في البداية، الظاهرة التي عرفت باسم «الكورونوفوبيا» ليست عربية فقط، إذ أن التقارير تتوالى عن حوادث مشابهة في عدة بلاد غربية «رغم ما ترفعه تلك البلاد من شعارات مناوئة للعنصرية»، فوفق موقع «CNN»، قال صحفي في صحيفة جارديان البريطانية، ينحدر من جذور صينية، إن أحد الأشخاص غير مقعده حين جاء ليجلس بجانبه أثناء تنقله بحافلة نقل عام.
اعتداءات وإهانات في بريطانيا
وروى ناشط اجتماعي صيني-فيتنامي معاناته من العنصرية، إذ قال إن مجموعة من الأشخاص سألوه خلال جلوسه في إحدى الحافلات التابعة للمدرسة التي يعمل بها في العاصمة البريطانية لندن: «لماذا يتناول الصينيون طعاما غريبا بينما يعلمون أنه يسبب انتقال الفيروسات؟».
تعرض شاب صيني (23 عاما) يدرس في مدينة لندن لاعتداء “شديد العنصرية”، في وقت تتزايد فيه الكراهية ضد ظهور أشخاص من شرق آسيا في المملكة المتحدة وحول العالم، بسبب الخوف من انتشار فيروس كورونا، بحسب شبكة «CNN» الأمريكية.
وحكى شاب يدعى جوناثان موك، عبر صفحته الشخصية على موقع فيسبوك، بالتفصيل كيف تعرض لهجوم من قبل مجموعة من الناس في 24 فبراير الماضي بشارع أوكسفورد، وهو منطقة تسوق مزدحمة في وسط العاصمة البريطانية.
وكتب موك: “الرجل الذي حاول أن يركلني كان يقول في وجهي لا أريد فيروسك –كورونا- في بلدي، قبل أن يبرحني ضربا؛ ما أدى إلى انفجار وجهي بالدم خاصة من أنفي”
عريضة في كندا تطالب بتعقب الصينين
وفي كندا، وقع حوالي 10 آلاف شخص من مدينة تورنتو على عريضة تطالب المنطقة التعليمية المحلية بتعقب الصينيين وعزلهم.
وبرزت أنباء من كندا، حول تعرض عدد من الأطفال الصينيين للتنمر والعنصرية في المدرسة، في حين ذكرت سيدة سنغافورية في نيوزيلندا، أنها تعرضت لمضايقة عنصرية في أحد الأسواق التجارية.
اعتداءات ومنشورات في أمريكا تطالب بمقاطعة مطاعم اسيوية
وانتشرت في ولاية كاليفورنيا الأمريكية منشورات التي تحذر من تناول الطعام في المطاعم الآسيوية الأمريكية، بسبب فيروس كورونا، جزءا من سلسلة الحوادث العنصرية الأخيرة المرتبطة بتفشي المرض.
وقالت مسؤولون في سلطات لوس أنجليس في مؤتمر صحفي، إن «القلق والتضليل المرتبط بالفيروس قد أديا إلى التحيز ضد كل ما هو أسيوي».
وشهدت مدينة لوس أنجليس واقعة تنمر بحق طالب أسيوي، بعد أن اتهمه بعض الأشخاص بأنه يحمل المرض وضربوه بشدة.
وقال روبن توما، المدير التنفيذي للجنة العلاقات الإنسانية بمقاطعة لوس أنجليس، «قد يتسرع الكثيرون في افتراض أن أي شخص أسيوي أو من الصين، قد يكون بدرجة ما حاملا للفيروس».
وعن الطالب الأسيوي الذي تعرض للتنمر والضرب، قال توما «تم نقله إلى المستشفى وذهب إلى غرفة الطوارئ، وأجرى له الأطباء تصويرا بالرنين المغناطيسي لضمان التأكد من عدم إصابته بارتجاج في الدماغ أو أضرار أخرى».
وألقت شبكة الإذاعة الوطنية الأميركية «NPR»، الضوء على هذا الواقع المستجد، واعتبرت في تقرير أن الخوف من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، ساعد في انتشار «فيروس نفسي قبيح»، وهو التنمر على الآسيويين والصينيين.
وأكد التقرير أن تأثير هذا الفيروس النفسي لم يقتصر على انخفاض مبيعات المطاعم الصينية أو الأماكن المجاورة لها وحسب، بل وصل إلى التعدي على أي شخص يُعتقد أنه صيني.
ورصد الموقع عدداً من الحالات التي تعرض فيها الصينيون للتنمر والاعتداء في الولايات المتحدة والعالم، مؤكداً أن أغلب هذه الحالات كانت في وسائل المواصلات العامة.
فقد أكدت سيدة تدعى أليسون بارك، وهي أميركية من أصل صيني، أنه أثناء زيارتها للعاصمة واشنطن، صاح أحد الرجال في وجهها في القطار، قائلاً: «عودي إلى الصين، لا أريد أيا من هذه الأمراض التي لديك».
وأشارت إلى أنه بعدها بأسبوع قال لها رجل آخر نفس الكلام في قطار فرانسيسكو، وهددها بإطلاق النار عليها.
ولم يتوقف التنمر على الكبار فقط، بل استهدف الأطفال أيضاً، فقالت الطفلة سارة ألجارد، البالغة من العمر 13 عاماً، أن بعض زملائها ابتعدوا عنها منذ تفشي المرض وبدأوا يتنمرون عليها.
كما أخبرت ريبيكا من مدينة نيوجيرسي الأميركية، أن ابنها البلغ من العمر تسعة أعوام، تعرض للتنمر، فقد قال له زميله: «أنت صيني، لذلك يجب أن يكون لديك فيروس كورونا».
استراليا : آباء يرفضون الاطباء الاسيويين
ولم تقتصر المضايقات على الآسيويين في أميركا، بل في مختلف أنحاء العالم، ففي أستراليا رفض الآباء في مدينة ملبورن السماح للأطباء الآسيويين بمعالجة أطفالهم، بحسب التقرير.
صرخة شاب في فرنسا (لست فيروسا)
وفي فرنسا، أسس شاب آسيوي بصحبة مجموعة من رفاقه من الشباب الآسيويين، وسما بعنوان «#JeNeSuisPasUnVirus»، ويعني «لست فيروسا»، وذلك على موقع تويتر للإعراب عن غضبهم، تجاه ما يلاقونه من ممارسات، بفعل ربط جاهل بين سحنتهم، وبؤرة انتشار فيروس كورونا.
ولخصت تغريدة لهذا الشاب مدى الإحساس بالألم، إذ قال: «الخوف من انتشار فيروس كورونا تحول إلى رهاب، فبمجرد ذكر هذا الفيروس يتبادر إلى الذهن أن جميع الآسيويين مصابون به. كمواطن فرنسي من أصول آسيوية، لم أزر الصين في حياتي، أنا أيضا عرضة للإصابة به كغيري من البشر. أنا لست فيروسا، كفوا عن العنصرية».
ودشن مغردون مقابل الهاشتاج الفرنسي وسم إنجليزي يحمل نفس المعنى وهو #IamNotAVirus، كما دشن مستخدمون وسما باللغة الألمانية ضد التنمر على الآسيويين #IchBinKeinVirus.
وأظهر مقطع فيديو تداوله مستخدمون على موقع تويتر تعرض شخص آسيوي إلى الاعتداء في فرنسا من قبل شخص من أصحاب البشراء السمراء.
تزايد العداء ضد الصينيين في ألمانيا
من جانبها رصدت السفارة الصينية في برلين، تزايدا في وقائع العداء ضد مواطنين صينيين في ألمانيا، بسبب تفشي فيروس «كورونا»، وأوضحت السفارة أنه تم التواصل على الفور مع الشرطة، عقب تعرض صينية لاعتداء في برلين، مضيفة أنها “تدخلت لدى وزارة الخارجية الألمانية، للمطالبة بإجراءات ضرورية، لضمان أمن المواطنين الصينيين وحقوقهم المشروعة وكرامتهم”.
وتلخص هذه الحالات تاريخا طويلا من العنصرية في الغرب ضد الأشخاص الذين ينحدرون من أصول شرق آسيوية، بحسب موقع «CNN»، الذي أشار إلى أن الصينيين عانوا من الحقبة التي تُعرف بـ«الخطر الأصفر» في الغرب، والتي شهدت إعدام عدد من الصينيين خارج القانون، إلى جانب العنف والعنصرية الممنهجة ضد المهاجرين القادمين من الصين، وقد فرضت أمريكا حظرا على الصينيين لمدة 61 عاما تحت قانون الاستبعاد في الدولة.
مطاعم في فيتنام : ممنوع دخول الصينيين
ورغم أن العنصرية ضد الصينيين كانت بغالبيتها في الغرب سابقا، إلا أن تلك الناجمة عن انتشار كورونا امتدت إلى مناطق أخرى، إذ علق بعض المطاعم في فيتنام لافتات كُتب عليها: «يمنع دخول الصينيين». كما امتدت السخرية العنصرية من الصينيين إلى بعض الدول العربية.
ويعتقد البعض أن أسباب تفشي الفيروسات في الصين يعود إلى أن الصينيين يأكلون العديد من الحيوانات التي لا تأكلها الشعوب الأخرى، ويعتقد العلماء أن فيروس كورونا الجديد موجود في بعض أنواع الثعابين والخفافيش.
عززت بعض وسائل الإعلام حول العالم هذه النظرية عبر نشر مقاطع فيديو وصور مضللة لصينيين يأكلون حيوانات لا تأكلها الشعوب الأخرى، وقد تم تداول فيديو لصيني يأكل حساء الخفاش، ليتبين أن المقطع صُور قبل 3 سنوات في جزيرة بالاو، ولا علاقة له بمدينة ووهان الصينية (معقل كورونا) أو بانتشار الفيروس الجديد.
هذا لا يعني أن الصين لا تواجه مشكلة حقيقية بتجارة الحيوانات البرية، إذ كان قد تسبب قط الزباد بتفشي مرض سارس في الصين عام 2003 واتخذت الحكومة إجراءات للحد من تجارة هذه الحيوانات لكنها لم تستطع فرض قوانين أكثر صرامة على المجتمع الصيني.
ومن الصعب أن تغير الحكومة الصينية النظرة تجاه أكل هذه الحيوانات التي تمثل جزءا من ثقافة بعض الصينيين، كما أن قسما من الشعب الصيني يعتقد أن لهذه الحيوانات فوائد طبية مهمة ومؤثرة على صحة الإنسان.