عبد الرحمن بدر يكتب عن إبراهيم بائع الفريسكا وآية بائعة الأحذية: لهذا خلق الله الأمل
كل عام ومع ظهور نتيجة الثانوية العامة تسلط الأضواء على نماذج مشرفة ممن لم يستسلموا لظروفهم المعيشية البسيطة واستطاعوا أن يحققوا النجاح والتفوق.
إبراهيم عبد الناصر وآية طه نموذجان رائعان لأبناء الكادحين الذين يكسبون عيشهم بشرف، الأول يبيع الفريسكا على الشاطئ، والأخرى تبيع الأحذية لمساعدة أسرتها، وكلاهما التحق بكلية الطب بجامعة الإسكندرية هذا العام بعد حصولهما على أكثر من 99%.
رواد التواصل الاجتماعي احتفوا بهما بشدة، ربما لأن كثيرين من البسطاء المنتشرين في ربوع المحروسة يحلمون لأبنائهم أن يكونوا من الأوائل والمميزين، وأن يضمنوا لهم مستقبلاً أفضل رغم قلة الإمكانيات المادية.
يريد البسطاء أن يشعروا بأي نوع من الانتصار وسط ظروف معيشية ضاغطة، لذلك كان إبراهيم وآية سفيران لهما، حتى أن سائق التاكسي بالأمس كان يحدثني عن قصة آية وإبراهيم، ثم انتقل بالحديث عن ابنة الذي التحق العام الماضي بكلية العلوم قسم كيمياء، وأنه يحلم أن يسافر للخارج بعد انتهاء دراسته، وأن يكون مثل أحمد زويل حتى لو باع في سبيل ذلك عفش بيته.
البسطاء للبسطاء يشد بعضهم بعضًا، يحلمون بيوم تنتهي فيه الفوارق ويسود العدل، وأن تتاح الفرص بشكل عادل في جميع الوظائف والمناصب، وألا يقتصر بعضها على أبناء الأغنياء ويترك أبناء الكادحين لمهن بعينها.
اللافت هنا أن المسؤولين لا يتحركون إلا كرد فعل لما تنقله وسائل التواصل الاجتماعي، وكأنهم يريدون أن يأخذوا نصيبهم من التريند، وكان الأولى أن تبحث عن كل المتفوقين الذين عانوا في سبيل النجاح، لا أن يكتفوا بالتقاط الصور مع الأبطال الذين نصبتهم وسائل التواصل وأهدتهم كأس الفخر ووسام المحبة الخالصة.
هل يستوي من جاهد في سبيل العلم وحرمت أسرته نفسها ضرورات الحياة كي يوفروا ثمن كتاب أو مرجع، ومن يشرح له المدرسون في بيته وتتوفر كل سبل الراحة؟
خرج المصريون في ثورة عظيمة في 2011 لم تفرق بين غني وفقير، وقف فيها المصريون صفًا كأسنان المشط يهتفون للعدل والحرية والكرامة الإنسانية، واليوم لم يبق من الثورة إلا شعاراتها، لكننا سنظل نحلم بيوم تنتهي فيه الفوارق ويسود العدل.. فتشوا جيدًا ستجدون المئات ممن يهزمون ظروفهم الصعبة ويصلون للقمة فبمثل هؤلاء يكون للحياة قيمة وللتضحية طعم وللنجاح فرحة، وللمستقبل قبلة، لعل أيامه تكون رحيمة بمن أثقلت الحياة كواهلهم.