تطورات لبنان| استشارات لتسمية رئيس الحكومة الإثنين.. وضغط فرنسي لتنحية الأحزاب.. والجيش يتنشر لتهدئة اشتباكات طائفية
حددت الرئاسة اللبنانية الاثنين المقبل، موعدا لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة، من أجل تكليف شخصية جديدة لرئاسة الحكومة، خلفا لحسان دياب.
واستقال دياب هذا الشهر على وقع احتجاجات عنيفة أعقبت انفجار مرفأ بيروت، الذي أودى بحياة أكثر من 180 شخصا وآلاف الجرحى، وسط أزمة اقتصادية خانقة تعصف بالبلاد، بالإضافة إلى أزمة صحية ناجمة عن تفش واسع لفيروس كورونا.
ومن المنتظر أن تتوافد الكتل النيابية الاثنين إلى القصر الجمهوري في بعبدا، من أجل تسمية مرشحها لرئاسة الحكومة، حيث أن نتائج هذه الاستشارات تعتبر إلزامية لرئيس الجمهورية.
وبحسب ما أشارت “رويترز” فإن سعد الحريري، رئيس حكومة لبنان السابق، هو الاسم الجاد الوحيد الذي يتردد كمرشح للمنصب حتى الآن، لكنه قال في وقت سابق هذا الأسبوع إنه ليس مرشحا بعدما أعربت عدة أحزاب كبرى عن عدم تأييدها لعودته للمنصب، ويواصل حسان دياب، رئيس وزراء الحكومة المستقيلة، مهام تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة.
ومنصب رئيس الوزراء يجب أن يتولاه سني بموجب نظام المحاصصة الطائفية في لبنان. ولم يتضح بعد من قد يظهر على الساحة ويحظى بأكبر تأييد من النواب.
وقال مسؤول بالرئاسة الفرنسية الجمعة إن الرئيس إيمانويل ماكرون سيتوجه إلى بيروت الأسبوع المقبل للضغط على الساسة اللبنانيين للمضي قدما في تشكيل حكومة يمكنها أن تطبق إصلاحات عاجلة.
وقال المسؤول للصحفيين قبل زيارة ماكرون لبيروت يومي الاثنين والثلاثاء، “قال الرئيس إنه لن يستسلم، قطع على نفسه عهدا بفعل كل ما هو ضروري وممارسة الضغوط اللازمة لتطبيق هذا البرنامج”، وأضاف المسؤول أن الوقت حان لتنحي الأحزاب السياسية اللبنانية جانبا مؤقتا وضمان تشكيل حكومة تعمل على التغيير.
وحذر وزير الخارجية الفرنسي، أمس الخميس، من أن لبنان “يواجه خطر الزوال”، بسبب تقاعس النخبة السياسية عن تشكيل حكومة جديدة، تقوم بتنفيذ إصلاحات عاجلة وحاسمة للبلاد.
وأضاف جان إيف لودريان، لراديو أر تي إل، “المجتمع الدولى لن يوقع شيكا على بياض، إذا لم تطبق (السلطات اللبنانية) الإصلاحات. يجب أن يفعلوا ذلك بسرعة، لأن الخطر اليوم هو اختفاء لبنان”، وتابع: “الكل يعرف ما يجب القيام به لكن لم تعد هناك حكومة في لبنان في الوقت الراهن، ومع ذلك، كان التقدم بطيئا ويشعر بعض الدبلوماسيين بإحباط متزايد بسبب الوضع”.
وقال لودريان: “على السلطات اللبنانية أن تتحمل مسؤوليتها. إنهم مدربون وأكفاء، لكنهم أجمعوا فيما بينهم على التقاعس وهذا لم يعد ممكنا. لقد أخبرهم الرئيس (ماكرون) بذلك عندما ذهب إلى بيروت، في السادس من أغسطس، وسيكرر ذلك مجددا عندما يعود إلى هناك الثلاثاء المقبل”.
وفي أعقاب انفجار مرفأ بيروت – الذي وقع في الرابع من أغسطس الجاري، ودمر أحياء كاملة وقتل أكثر من 180 شخصا، وشرد نحو 250 ألفا آخرين – هرع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، على أمل استغلال تأثير المساعدات الدولية لإعادة الإعمار، من أجل إقناع الفصائل اللبنانية باختيار حكومة جديدة، يقودها أفراد غير مرتبطين بالفساد، ويحظون بدعم المانحين الأجانب.
وعقب زيارة ماكرون إلى بيروت، بعد يومين من الانفجار، أكد وزير الخارجية الفرنسي أن هذه الإصلاحات لا يمكن أن تنفذها الطبقة السياسية الحالية.
وفي سياق آخر، استقبل السفير المصري في بيروت، د. ياسر علوي اليوم أولى سفن الجسر البحري المصري المخصص لإمداد لبنان بمواد البناء في إطار المساهمة في عملية إعادة الإعمار المترتبة على انفجار مرفأ بيروت، وقد حملت السفينة الأولى ١٢٥ طنا من الزجاج مقدمة من اتحاد الصناعات المصرية وبالتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة المصرية.
وأكد السفير ان الموجات القادمة من الجسر البحري المصري، الذي يأتي بالتوازي مع الجسر الجوي لنقل المساعدات الطبية والغذائية، ستشمل الى جانب الزجاج كميات من الرخام والالومنيوم لترميم الخسائر التي خلفها انفجار مرفأ بيروت وذلك في اطار الدعم المصري المستمر للبنان الشقيق في هذه الظروف الدقيقة.
في سياق آخر، نشر الجيش في لبنان قوات في بلدة خلدة، جنوب العاصمة بيروت، مساء أمس، بعد مقتل شخصين على الأقل في اشتباكات مسلحة ذات خلفية طائفية، واندلعت الاشتباكات بعد تعليق لافتات وأعلام سوداء في البلدة في إطار إحياء ذكرى عاشوراء، بحسب تقارير.
وعادة ما يُحيي المسلمون الشيعة الذكرى بمراسم في الشوارع بمشاركة أعداد كبيرة من الناس، لكنّ بسبب انتشار فيروس كورونا، حث الأمين العام لجماعة “حزب الله”، حسن نصر الله، مناصريه هذا العام على الامتناع عن إقامة المراسم المعتادة لإحياء الذكرى، وبدلاً من ذلك، طلب نصر الله من الناس رفع الأعلام السوداء خارج منازلهم ومتاجرهم، إلا أنّ رفع الأعلام في شوارع خلدة أغضب السكان المسلمين السنّة، على ما يبدو، وفق “بي بي سي”.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية في لبنان، قُتل شخصان وأُصيب ثلاثة آخرون في الاشتباكات. لكن وكالة فرانس برس للأنباء نقلت عن مصدر، لم تُسمّه، قوله إن عدد المصابين بلغ عشرة أشخاص.
وفي تغريدة بموقع “تويتر”، أعلن الجيش اللبنان نشر قوات وتسيير دوريات “لاحتواء الإشكال وإعادة الهدوء ومنع المظاهر المسلحة وفتح الطرقات التي تم قطعها”.
واعتقلت قوات الجيش أربعة أشخاص، حسبما أوردت فرانس برس نقلا عن وسائل إعلام لبنانية. لكنّ دوي إطلاق نار كان لا يزال يسمع على نحو متقطع في المنطقة، وعبّرت عدة قوى سياسية عن قلقها إزاء الحادث الذي استمرّ لساعات، وهو مّا يعكس مخاوف من احتمال تصاعده.
ومن حين لآخر، تندلع توترات طائفية في لبنان الذي تعاقبت عليه في الآونة الأخيرة سلسلة من الأزمات، ومنذ أكتوبر 2019، يأن لبنان تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، دفعت متظاهرين إلى الخروج في احتجاجات ضد النخبة الحاكمة والنظام السياسي الذي يرون أنهم السبب في ما يعانيه البلد من مشاكل.
وهدأت حدة المظاهرات مع تعيين حكومة رئيس الوزراء، حسان دياب، في فبراير الماضي، ثم جاء انتشار فيروس كورونا ليُفاقم الأوضاع، قبل وصولها إلى ذروتها بعد انفجار مرفأ بيروت.