ثنائية “الانتخابات/الغرامة”| 500 جنيه على المتخلفين عن التصويت.. تهديد كل دورة انتخابية لرفع نسب المشاركة
زياد بهاء الدين: أكثر ما يعبر عن عدم اقتناع السلطات نفسها بجدية انتخابات مجلس الشيوخ هو التهديد المستمر بالغرامة
مدحت الزاهد: تهديد المواطنين بالغرامة لجذبهم لانتخابات مجلس بلا صلاحيات تم تعيينه بالامر المباشر عمل غير دستوري
كتب – أحمد سلامة
مع كل دورة انتخابية، يستوي في ذلك أن تكون رئاسية أو برلمانية، تنطلق التصريحات من هنا ومن هناك تحمل تهديدًا ضمنيًا -حسب رأي بعض المتابعين- بفرض غرامة مالية على المتخلفين عن التصويت.
حدث ذلك اعتبارا من الانتخابات الرئاسية في 2014، ثم في الانتخابات البرلمانية، تلى ذلك في الانتخابات الرئاسية مرة أخرى في 2018، ويحدث الآن في انتخابات مجلس الشيوخ العائد في 2020.
المستشار بهاء الدين أبوشقة، رئيس حزب الوفد، رئيس اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، قال في تصريحات أدلى بها إن من يتخلف عن الإدلاء بصوته الانتخابي في انتخابات مجلس الشيوخ التي ستجري يومى الثلاثاء والأربعاء ١١و١٢ أغسطس الجاري دون عذر، يعرض نفسه للغرامة، وفقًا لما نص عليه قانون مباشرة الحقوق السياسية.
وأضاف أبوشقة، في بيان له “ندعو جموع المواطنين إلى المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ استعمالًا لحقهم والواجب الملقى على عاتقهم في المشاركة بالحياة السياسية”، مؤكدًا أن المادة “٥٧” من قانون مباشرة الحقوق السياسية الصادر بالقانون رقم ٤٥ لسنة ٢٠١٤، نص على أنه: “يُعاقب بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه من كان اسمه مقيدًا بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في الانتخاب أو الاستفتاء”.
وطالب رئيس حزب الوفد الجميع بالنزول وبكثافة للمشاركة في هذا العُرس الديمقراطي، وحتى لا يتعرض الناخب لدفع غرامة مالية طبقا لما نص عليه القانون، مؤكدًا أن إدلاء المواطن برأيه الانتخابي يأتى تفعيلا للديمقراطية.
وأوضح أن الهيئة الوطنية للانتخابات هي التي ستشرف على العملية الانتخابية منذ بدايتها حتى إعلان النتيجة، وذلك طبقًا لما نص عليه قانون الهيئة الوطنية رقم ١٩٨ لسنة ٢٠١٧، حيث ستتم العملية الانتخابية تحت الإشراف الكامل للقضاء في شفافية ونزاهة وضمانات غير مسبوقة، بمعنى أن ما يُدلي به المواطن في رأيه في صندوق الانتخابات هو ما ستفرزه النتيجة النهائية.
المستشار لاشين إبراهيم، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات ذهب إلى الاتجاه ذاته حينما أكد أنه سيتم فرض غرامة مالية على من يتخلف عن المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ.
ودعا رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات في مداخلة هاتفية مع قناة “إكسترا نيوز” جموع الشعب المصري للمشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ، مشددًا على تطبيق الغرامة على المتخلفين.
لكن الأمر يطرح التساؤل حول مدى إمكانية تطبيق هذه الغرامة، وهو التساؤل المعتاد والمكرر، خلال عدة دورات انتخابية شهدتها البلاد مؤخرا.
في أكتوبر عام 2018، وبعد نحو مرور 6 أشهر على الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي بنسبة 97.08% من الأصوات الصحيحة، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات برئاسة المستشار لاشين إبراهيم عن اقترابها من إنهاء حصر أسماء المتخلفين عن الإدلاء بصوتهم، تمهيدًا لإرسالها إلى النيابة العامة من أجل تطبيق القانون وتغريمهم 500 جنيه.
وقال محمود الشريف المتحدث باسم الهيئة، خلال مؤتمر صحفي حينها، إن كل مواطن توجه للتصويت يضع علامة أمام اسمه، وعقب انتهاء الانتخابات ترد لهم الكشوف، ويتضح خلالها من حضر أو تخلف، وبدورهم يرسلونها للجهات المختصة المتمثلة في النيابة العامة للتحقيق فيها.
وفي عام 2014، أسقطت النيابة عقوبة عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية للناخبين وهي الانتخابات التي فاز فيها عبدالفتاح السيسي، بمنصب رئيس الجمهورية، وبنسبة بلغت 96.91%، من إجمالي الأصوات الصحيحة.
في نظر بعض الخبراء، تطبيق العقوبة أمر صعب تنفيذه، لأنه من المستحيل استدعاء الملايين أمام النيابات لسماع أقوالهم.. ففي عام 2018 كتب المحامي طارق العوضي عبر صفحته على “فيس بوك” مُعلقا على ذلك بالقول “يلا اعملوا محاضر لمن لم يحضر الانتخابات ..ويبقي عندنا 35 مليون محضر .. 35 مليون متهم – 35 مليون حكم .. 35 مليون طعن بعدم الدستورية”.
ومع انتخابات مجلس الشيوخ العائد بعد غياب عقب ثورة يناير، يرى البعض أن التهديد بفرض العقوبة هو دلالة قوية على عدم جدية الانتخابات القائمة.
زياد بهاء الدين الخبير الاقتصادي، ونائب رئيس الوزراء السابق، كتب عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، “أكثر ما يعبر عن عدم اقتناع السلطات نفسها بجدية انتخابات مجلس الشيوخ هو التهديد المستمر بغرامة الخمسمائة جنيها لمن يتغيب عن الحضور”.
وأضاف “الغرامة طبعا غير دستورية لأن الامتناع عن التصويت نوع من التعبير عن الرأي وكل ما يقيده أو يعاقب على ممارسته مخالف للدستور، كذلك فإنها غرامة نظرية وتطبيقها غير وارد لأنه ليس من الممكن ملاحقة عشرات الملايين من المواطنين واحدًا واحدًا وإلزام كل منهم بسداد الغرامة”.
وأردف بهاء الدين “الأسوأ من التهديد بالغرامة أن يقال إن الغرض منها هو ظهور مصر بصورة جيدة أمام العالم،
ما الذي يسئ أكثر لمصر؟ بقاء الناس في منازلهم أم الأسلوب الذي تجري به الانتخابات؟”.
أما مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، فقد قال عبر مواقع التواصل الاجتماعي، “تهديد المواطنين بالغرامة لجذبهم لانتخابات مجلس بلا صلاحيات، تم تعيينه بالامر المباشر، مراضاة للمولاة، عمل غير دستورى ويزيدهم نفورا”.
وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، هو أحد 4 أحزاب، أعلنت عدم المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ، وحددوا في بيان مشترك 4 أسباب لتوضيح موقفهم ولماذا يرفضون المشاركة.
وضمت قائمة الموقعين على بيان الأحزاب (التحالف الشعبي، والدستور، والكرامة، والعيش والحرية – تحت التأسيس-)، كما وقع من الشخصيات العامة (حمدين صباحي، وجورج إسحق، و د. عبد الجليل مصطفي، و د. مصطفى كامل السيد).
وأوضح الموقعون على البيان، أن اقتراح إضافة غرفة ثانية للبرلمان تتمثل في مجلس الشيوخ كان واحدا من التعديلات الدستورية التي رفضتها الحركة لأنها كانت تمثل خروجا على ما اتفقت عليه لجنة الخمسين وأيدها الشعب في استفتاء حظي بموافقة واسعة توج بإقرار دستور ٢٠١٤ الذي يعكس تطلعات شعبنا لحياة ديمقراطية سليمة، لكن عصفت بها التعديلات الدستورية في سنة أبريل ٢٠١٩ بما تضمنته، بين أمور أخرى، من إسقاط الحظر على تولى رئاسة الجمهورية أكثر من مدتين، ومد فترة رئيس الجمهورية سنتين أخريين.
وأضاف البيان أن رفض الحركة اقتراح إنشاء مجلس الشيوخ كان مبنيا على أن تجربة مجلس الشورى في ظل دستور ١٩٧١ لم تضف جديدا إلى الحياة السياسية فى مصر، بسبب محدودية سلطاته فى التشريع والرقابة على السلطة التنفيذية، وجاء نص التعديل الدستورى فى ٢٠١٩ ليحد من هذه السلطات، ويسقط شرط حصول عضو هذا المجلس على شهادة جامعية ليجعله فقط ملما بالقراءة والكتابة، ما يلغى إمكانية أن يكون مجلس الشيوخ مجلس كفاءات يعين المجلس الأدنى وهو مجلس النواب فى أداء مهامه، بل إن تجربة مجلس النواب الحالى بتواضع أدائه لا توحى فى أفضل الأحوال أن يكون أداء مجلس الشيوخ أفضل منه كثيرا.
ولفت الموقعون أيضا إلى أن القانون الذي تجرى على أساسه انتخابات مجلس الشيوخ لا تأخذ بمثله أي دولة ديمقراطية، لأنه يقضي بأن يكون نصف المقاعد بنظام القوائم مع تعدد المقاعد فى دوائره، على أن تحظى القائمة التى تحصل على ٥١٪ من الأصوات بكل مقاعد الدائرة، وهو إلغاء لمبدأ عدالة الانتخابات، لأنه يحرم القائمة التى تحصل على ٤٩٪ من الأصوات فى الدائرة من أى مقاعد فى هذه الدائرة.
في غضون ذلك، أدلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، صباح الثلاثاء، بصوته في انتخابات مجلس الشيوخ، في لجنته بالمدرسة المصرية اليابانية، بالحي الحادى عشر، بمدينة الشيخ زايد.
ودعا رئيس الوزراء جُموع الشعب المصري إلى المشاركة الفاعلة في هذا الاستحقاق الدستوري الجديد، في ظل ما وصفه بـ«المناخ الديمقراطي» الذي تتمتع به مصر، والذي قال إنه «يضمن التعبير عن الآراء بمنتهى الحرية».