توابع اغتيال “هونديسا”: الشرطة الإثيوبية تطلق النار وتمنع المعزين.. وأبي أحمد يتهم “أعداء بالداخل والخارج”.. و90 قتيلا حصيلة الاحتجاجات
محمود هاشم
شيع عدد محدود من المواطنين الإثيوبيين جنازة المغني الإثيوبي الشهير هاشالو هونديسا، أمس، الذي تعرض لحادثة اغتيال الإثنين الماضي في العاصمة أديس أبابا، وأطلقت الشرطة الإثيوبية النار في الهواء، لمنع المعزين من دخول استاد لحضور جنازته، بعد احتجاجات واسعة واضطرابات عمّت أرجاء البلاد عقب الحادث، أسفرت عن مقتل أزيد من 90 شخصا، كما أوردت تقارير إعلامية.
ونقلت وكالة رويترز عن شهود عيّان أن الشرطة تعيد الناس أدراجها، بينما أظهر بث مباشر أعداداً محدودة في الاستاد الذي نظمت فيه جنازة المغني الذي برز كصوت سياسي قوي لشعب الأورومو، ما خلق له الكثيرمن الأعداء أثناء مسيرته الفنية.
وألقت زوجة المغني سانتو ديميسيو ديرو كلمة قصيرة بعد أن وضع المعزّون أكاليل الزهور، وقالت “هاشالو لم يمت، سيبقى في قلبي وقلوب الملايين في الأورومو للأبد”، مطالبة بإقامة نصب تذكاري في أديس حيث أريق دمه”.
ونسب موقع صحيفة “أديس ستاندرد” لرئيس شرطة أوروميا آرارسا مرداسا، إعلانه مقتل عم هونديسا، أمس الأول، في منطقة أمبو، قائلا إن أشخاصا قصفوا منزله بقنبلة، ناقلة عن شهود عيان تأكيدهم مقتله على يد قوات الأمن لرفضه تسليم جثة ابن أخيه
وألقت السلطات القبض على شخصين مشتبه بهما بعد مقتل هونديسا، أثناء قيادته سيارته في العاصمة أديس أبابا مساء الإثنين الماضي، لكن الشرطة لم تذكر إلى الآن الدافع وراء عملية الاغتيال ولم توجه أي تهم إلى المشتبه بهما.
واتهم رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، ما أسماها “جهات معادية من الداخل والخارج”، بالوقوف وراء حادث اغتيال المغني المعارض، بدعوى “إفساد السلام” ومنع حكومة أديس أبابا من إنجاز الأعمال التي بدأتها، بحسب قوله.
وأصبح هاشالو هونديسا، السجين السياسي السابق الذي نشأ راعيا للمواشي، واحدا من ألمع النجوم في سماء الموسيقى الأثيوبية، وكانت أغانيه التي تتغنى بالحب والحرية السياسية والتي كان يصيغ كلماتها بيسر في موسيقاه تطرب وتلهم المعجبين به.
وولد هاشالو – وهو واحد من 8 أشقاء وشقيقات – في عام 1986 في مدينة أمبو التي تقع على مسافة 100 كيلومترا إلى الغرب من أديس أبابا، وكانت أمبو تقع آنذاك في مقدمة الحملة التي يخوضها شعب الأورومو من أجل الحكم الذاتي في بلد يشعرون فيه بالتهميش والاضطهاد من قبل حكومة كانت تحظر الحركات المعارضة وتسجن المنتقدين.
وتلقى هاشالو تعليمه في أمبو، وانضم إلى مجموعات طلابية كانت تنادي بالحرية، وعندما كان يبلغ الـ 17 من عمره في عام 2003، سجن لمدة 5 سنوات لنشاطاته السياسية، كما أصبح أكثر تسييسا وهو في السجن، إذ ازداد وعيه بتاريخ إثيوبيا بما في ذلك تاريخ حكامها من أباطرة ومتسلطين.
كما تمكن من تطوير قدراته الموسيقية عندما كان نزيل السجن في أمبو، وقال في المقابلة التي أجرتها معه بي بي سي في 2017، “لم أكن أعرف كيفية كتابة الكلمات وصياغة الألحان إلى أن أودعت خلف القضبان. تعلمت كل ذلك في السجن”.
وألّف هاشالو 9 أغان وأطلق أولى ألبوماته الذي كان يحمل عنوان (سباق الملك) في عام 2009، بعد عام واحد من إطلاق سراحه، وتحوّل بفضل ذلك الألبوم إلى نجم موسيقي ورمز سياسي لتطلعات شعب الأورومو، ولكنه قلّل من أهمية دوره السياسي، إذ قال “لست سياسيا. أنا فنان، والغناء حول معاناة شعبي لا يجعلني سياسيا”.
وكان الكثيرون من الفنانين والناشطين قد فروا إلى المنافي خوفا من الاضطهاد من قبل أنظمة الحكم المتعاقبة التي كان يقودها كل من رئيس الحكومة ميليس زيناوي وخلفه هايليماريام ديسالين، لكن هاشالو آثر البقاء في إثيوبيا وكان يشجع الشباب على الدفاع عن حقوقهم.
وأصدر هاشالو ثاني ألبوماته، (معاناتنا) في عام 2013 عندما كان يحيي سلسلة من الحفلات في الولايات المتحدة. وأصبح الألبوم الأكثر مبيعا في موقع أمازون في ذلك الحين.
وبعد عامين، أصدر أغنية (ما هو وجودي) المؤثرة التي كانت تتعلق بطرد أفراد شعب الأورومو من أديس أبابا والمناطق المحيطة بها وذلك بعد أن قررت الحكومة توسيع حدود العاصمة.
وكان المغني الإثيوبي يؤمن بما يقوله مؤرخو الأورومو من أن المدينة المعروفة الآن بأديس أبابا كانت يوما موطنا لعشائر تولاما العائدة لشعب أورومو، والذين طردوا منها من قبل الإمبراطور مينيليك الثاني.
وتحولت أغاني هاشالو إلى أناشيد تتغنى بها حركة الاحتجاج التي انطلقت في عام 2015 للمطالبة بوقف عمليات ترحيل الأورومو.
وأصدر هاشالو أغنية أخرى في عام 2017 في وقت كان يشهد تصعيدا في الاحتجاجات، وأنشد قائلا – وسط هتافات معجبيه – “لا تنتظروا العون من الخارج، فهذا حلم لن يتحقق. انهضوا، وجهزوا خيلكم للقتال، فأنتم الأقرب إلى القصر”.
وتم إطلاق النار على هونديسا أثناء القيادة مساء يوم 29 يونيو 2020 في أديس أبابا. تم نقله إلى مستشفى تيرونيش بكين العام، حيث توفي متأثرًا بجراحه. تجمع آلاف المشيعين في المستشفى، حيث استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود، كما أشعل الناس النار في الإطارات. وبينما أصر المتظاهرون على أنه يجب دفنه في أديس أبابا، تم نقل جثمانه جواً إلى أمبو. ألقت الشرطة القبض على العديد من المشتبه بهم فيما يتعلق بعملية القتل.