الطريق للبيت الأبيض.. أوباما والانسحابات”وأزمة السوفييت” يدعمون بايدن ضد ساندرز.. وترامب ينتظر منافسه
قارب الصراع على مقعد مرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الأمريكية على نهايته، بين الاشتراكي الديمقراطي بيرني ساندرز 78 عاما، ونائب الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، 77 عاما، الذي كانت حملته الانتخابية تصارع حتى الأسابيع القليلة الماضية من أجل البقاء في السباق وإقناع مموليها بأنه مازال جديرا بالرهان، ليتنافس الطرفان على فوز أحدهما بثقة الديمقراطيين، في مواجهة الرئيس الأمريكي ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، عقب انسحاب السيناتورة إليزابيث وارن، والملياردير الأمريكي مايكل بلومبيرج.
لكن صعود بايدن وتغييره قواعد اللعبة لم يضمن له حتى الآن ضمان الفوز بترشيح الحزب، حيث ما يزال ساندرز تحديا لا يستهان به، لما يحظى به من دعم مستميت من جيل الشباب والجناح التقدمي في الحزب، كما كشف فوزه الكاسح بولايتي نيفادا وكاليفورنيا.
انسحابات متتالية تقلص الطريق نحو المقعد الديمقراطي
وانسحبت مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية السناتورة إليزابيث وارن من السباق إلى البيت الأبيض لتنحصر المنافسة بين المرشحين بيرني ساندرز ونائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.
وقالت لوسائل الإعلام أمام منزلها في ولاية ماستشوستس، محاطة بزوجها وكلبها بايلي، “لن أترشح إلى الانتخابات الرئاسية في 2020″، موضحة أنّها غير جاهزة “اليوم” للإعلان عما إذا كانت ستدعم حملة ساندرز، وأشاد الأخير بـ”حملة الأفكار الاستثنائية” التي قادتها وارن.
كما أنهى الملياردير الأمريكي مايكل بلومبيرج حملته من أجل الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة المقبلة، بعد إخفاقه خلال تصويت “الثلاثاء الكبير”.
وقال بلومبيرج في بيان “دخلت سباق (الترشح) للانتخابات الرئاسية قبل ثلاثة أشهر لإلحاق الهزيمة بدونالد ترامب. واليوم أترك السباق لنفس السبب”.
وكان بلومبيرج، العمدة السابق لمدينة نيويورك، قد أنفق ما يزيد على 500 مليون دولار من أمواله الخاصة من أجل الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، وقال إنه سيدعم حاليا جو بايدن، الذي كان شغل منصب نائب الرئيس في إدارة باراك أوباما.
وقال بلومبيرج في البيان: “اعتقدت دائما أن هزيمة دونالد ترامب تبدأ بالوحدة خلف المرشح الأفضل. وبعد تصويت أمس، أصبح من الواضح أن المرشح هو صديقي والأميركي العظيم، جو بايدن”.
ولم يستطع الملياردير الفوز إلا في ولاية ساموا الأمريكية، من بين الولايات التي صوتت يوم الثلاثاء، وفاز جو بايدن في تسع ولايات، وهو نجاح ملحوظ لحملته.
واستطاع بايدن قلب موازين التوقعات، بعد أن فاز بالأصوات في ولاية تكساس بفارق ضئيل على منافسه الرئيسي، بيرني ساندرز.
تجرى الانتخابات التمهيدية المقبلة في 10 مارس/أذار في ولايات ميتشغان، وواشنطن، وإيداهو، ومسيسيبي، وميزوري، ونورث داكوتا، وتشمل 352 مندوبا.
ويأمل المتسابقون في الحصول على ترشيح الحزب قبل المؤتمر الديمقراطي في يوليو، ويقف الحزب على مفترق طرق، إذ يختار الناخبون المرشح الأفضل لحرمان ترامب من ولاية رئاسية ثانية.
وبينما يحرص الجناح المعتدل الذي يدعم بايدن على التركيز على استعادة البيت الأبيض يرى الجناح اليساري الذي يتزعمه ساندرز أن ذلك لا يمنع من إعلان “ثورة” متشبعة بأفكار الاشتراكية الديمقراطية على النموذج الاسكندنافي، كما يفضل ساندرز وصفها، كإلغاء الأقساط الجامعية والرعاية الصحية المجانية الشاملة، بحسب موقع “الحرة” الأمريكي.
وقد يكون صعود بايدن طمأن صدور قيادات الديمقراطيين مرحليا لكنهم يدركون أيضا أن الوجه المألوف والشخصية السياسية المخضرمة التي قضت ما يقارب نصف قرن في عالم السياسية تمثل أيضا جيلا لا يتجاوب كثيرا مع تطلعات وأولويات ناشطي الحزب الجدد.
وبالرغم من أن فوز بايدن الكاسح في ولايات الجنوب الأمريكي يؤكد قدرته على تشكيل ائتلاف متنوع يضم الناخبين من الأقليات والبيض فإن دعم الشباب الراسخ لساندرز يظهر تحديات بايدن في الحصول على أصوات الناخبين الشباب الذين ضاقوا ذرعا بالمؤسسة التقليدية للحزب الديمقراطي.
وتحمل تجربة بايدن الطويلة في الكونجرس، وعمله إلى جانب الرئيس السابق باراك أوباما لثماني سنوات، سجلا ثقيلا لا يضم إنجازات فحسب، بل ملفات قد تمنح الجمهوريين أيضا ذخيرة لمهاجمته.
أوباما.. حليف في الخفاء
ويرى الكاتب إميل أمين في مقاله “بايدن ساندرز.. وطريق المتنورين الجدد”، في صحيفة الشرق الأوسط، أن حملة نائب الرئيس الأسبق جوزيف بادين تلقت زخماً كبيراً، فبعد أن كان بيرني ساندرز متقدماً، جاء بادين ليحقق نتائج جيدة في نحو ثماني ولايات.
والمثير هنا، بحسب أمين، أن الأمريكيين الديمقراطيين الذين صوّتوا لبايدن، بدا وكأنهم في طريقهم للاقتراع ضد ساندرز وفي إطار من العداء الآيديولوجي، وليس المفاضلة بين من الأفضل لصالح الحزب، ومن هو القادر على إزاحة الرئيس ترمب من البيت الأبيض، كي لا يطول به المقام لأربع سنوات أخرى.
ومن الواضح أن هناك أيادي خفية نسقت ودبّرت انتصارات بايدن وإخفاقات ساندرز، والعهدة هنا على الراوي مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية الرصينة، التي أشارت إلى أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يكاد يكون العقل المخطط للحزب من وراء الستار، وأنه بعد فوز بايدن في ساوث كارولينا السبت الماضي، أقنع كلاً من بيت بوتيدجيدج وكلو بوشار بالانسحاب، وتوجيه الدعم لبايدن.
ولعل الأكثر إثارة ظهور تعبير «المتنورين الجدد»، في سياق هذه الانتخابات؛ إذ اتهم ساندرز هذه المجموعة التي تعرف أيضاً باسم «سياسيو المؤسسات»، وقوامها الرئيسي نحو 60 مليارديراً يموّلون حملة بايدن بأنهم السبب في إظهار صورته على هذا النحو من السلبية في عيون الأمريكيين.
أوباما، رغم ظهوره المتكرر في الإعلانات الانتخابية لجميع المرشحين الديمقراطيين، لم يدل بدلوه في هذا الموسم الانتخابي، رغم كونه الشخصية الأكثر شعبية في الحزب، بينما تتسابق القيادات الديمقراطية لإعلان دعمها لبايدن لم يخرج الرئيس السابق بعد لمؤازرة نائبه، إلا أن ذلك لا يعني عدم لعبه دورا مهما “خلف الكواليس”، وأنه سيخرج في الوقت المناسب لاستخدام “قيادته الأخلاقية” من أجل توحيد الحزب.
ويرى خبراء أن عدم ظهور أوباما على ساحة المعركة الانتخابية حتى الآن قد يكون اختيارا استراتيجيا لأن دعمه لبايدن على حساب ساندرز في هذه المرحلة قد يعقد فرص نائبه السابق في الحصول على دعم مؤيدي ساندرز في حال فوزه بترشيح الحزب.
شائعات “ساندرز – موسكو”
وكشفت صحيفة نيويورك تايمز عن وثائق حصرية تتحدث عن علاقة خاصة بين ساندرز مع الاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الباردة، كما أنه أصر على توقيع اتفاقية المدن الشقيقة بين بيرلينجتون التي كان يترأسها وإحدى المدن السوفيتية، كما أظهرت الوثائق أن الاتحاد السوفيتي استغل ساندرز لنشر الدعاية السوفيتية التي كان معجبا بها وحريصا على نشرها.
في التفاصيل، كتب رئيس بلدية بيرلينجتون إلى نظيره السوفيتي في إحدى المدن الإقليمية أنه يريد من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي أن “يعيشا معاً كأصدقاء”.
ومن دون علم بهذه المراسلات، فإن رغبته في الصداقة تتشابك مع جهود المسؤولين السوفيت في موسكو “لاتهام الإمبريالية الأميركية كمصدر رئيسي لخطر الحرب بين الجانبين”.
ولا يوجد في الوثائق ما يشير إلى أن ساندرز كان المسؤول الأمريكي المحلي الوحيد المستهدف بالدعاية السوفييتية، أو حتى أنه كان متقبلا لها بشكل خاص، على الرغم من أنهم يصفونه بأنه اشتراكي. ولكن الوثائق تظهر استعداد السوفيت المكثف لاستخدام اهتمام ساندرز ببلدهم لصالحهم في إشارة إلى تجنيده.
وفى بيان لها قالت حملة ساندرز إن المرشح “فخور” بجهوده الدبلوماسية الشعبية، وأشارت إلى أن فكرة الجمع بين المدن السوفيتية والأمريكية حظيت بأعلى مستوى من التأييد في ذلك الوقت.
كشف بحث جديد صادر عن مركز أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي أن السناتور بيرني ساندرز ، أحد المرشحين للفوز بترشيح الحزب الديمقراطى للمنافسة في الانتخابات الأمريكية 2020، حصل على التغطية الأكثر إيجابية بالمقارنة مع المرشحين الديمقراطيين في إطار تغطية الوكالات الروسية التى تدعمها الدولة.
وقالت مجلة “نيوزويك” إنه يُعتقد أن روسيا تحاول تعزيز حملة ساندرز الأساسية مع مساعدة الرئيس دونالد ترامب. كشف تحليل جديد من معهد أبحاث السياسة الخارجية أن ساندرز حصل على التغطية الأكثر إيجابية لأي مرشح من خدمات أخبار سبوتنيك و روسيا اليوم الروسية.
وقال كلينت واتس ، الزميل في المركز لإذاعة NPR الأمريكية أن التغطية الروسية المؤيدة لساندرز “حققت نجاحًا كبيرًا في آخر 30 إلى 45 يومًا” وتظهر “روايات مشابهة جدًا رأيناها في 2016 حول ساندرز”.
لكن 21% من ذكر ساندرز كانت إيجابية، مقارنة بـ3 % فقط بالنسبة لبايدن. كان 16% من ذكر ساندرز سلبيًا مقارنة بـ 40% لنائب الرئيس السابق.
ترامب.. على مقعد المتفرج
على الجانب الآخر، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فوزه بجميع السباقات التمهيدية للحزب الجمهوري، ضمن ما يعرف بـ”الثلاثاء الكبير”، في نتيجة غير مفاجئة، حيث أنه يخوض الانتخابات بدون منافسة تقريبا.
وشكر ترامب في تغريدات عبر حسابه على تويتر ولايات فيرومونت ونورث كارولينا وألاباما وأوكلاهوما وماساتشوستس وتينيسي ومين.
وفي بعض الولايات مثل فرجينيا، ألغى الحزب الانتخابات التمهيدية، وسط وضوح الرؤية بفوز ترامب، حيث لا يواجه منافسين جديين في الانتخابات التمهيدية.
وسخر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، من منافسيه الديمقراطيين الساعين لنيل ترشيح حزبهم لانتخابات الرئاسة المقبلة ضده فنشر سلسلة تغريدات وزع فيها تهكماته على منافسيه المحتملين، بالتزامن مع استمرار ظهور نتائج اقتراع “الثلاثاء الكبير”، والذي يجري في 14 ولاية، في إطار الانتخابات التمهيدية للمتنافسين على ترشيح الحزب الديمقراطي.
واستهدف ترامب على حسابه بموقع تويتر المرشح الديمقراطي والملياردير مايك بلومبيرج بعدة تغريدات، أطلق عليه فيها اسم “ميني مايك”، في إشارة إلى قصر قامته، الذي لم يحصل إلا على أصوات 8 نواب فقط.
ونشر الرئيس الجمهوري مشهدا يظهر الملياردير الديمقراطي بلومبيرج وهو يلعق أصابعه بعد تناوله طعاما، وعلق قائلا: “ميني مايك، لا تلعق أصابعك الوسخة، فهذا غير صحي وخطر عليك وعلى الآخرين”، في إشارة إلى انتشار فيروس كورونا المتحور الجديد (كوفيد- 19)، الذي ينصح الأطباء بالوقاية منه عبر الاهتمام بنظافة اليدين بالدرجة الأولى.
وحث ترامب ناخبي ولايتي تكساس وأوكلاهوما على عدم التصويت لبلومبيرغ، لأنه “سيقتل أعمال الحفر” والتنقيب عن النفط، الذي يعتمد عليه اقتصاد الولايتين.
وأضاف في تغريدة أخرى: “ميني مايك لا يستطيع التعافي من أدائه الضعيف في المناظرات (الانتخابية). وعندما كان عمدة لنيويورك”.
ولدى ظهور النتائج الأولية للاقتراع، علق ترامب بالقول: “أكبر خاسر الليلة، حتى الآن، هو ميني مايك بلومبيرج”، متهكما على إنفاق الأخير نحو 700 مليون دولار على حملته الانتخابية، دون تحقيق شيء يذكر “سوى الحصول على لقب ميني مايك”.
ولم يوفر ترامب منافسيه الديمقراطيين الآخرين، إذ نشر تغريدة علق فيها على نتائج السيناتورة التقدمية “إليزابيث وارن”، التي يصفها بـ”البوكاهانتوس”، في إشارة إلى السكان الأصليين للولايات المتحدة، حيث كانت وارن قد زعمت سابقا أنها تنحدر منهم “جزئيا”.
وقال ترامب: “إليزابيث بوكاهانتوس وارن، عدا ميني مايك، كانت الخاسرة هذه الليلة. لم تقترب حتى من الفوز بولايتها ماساتشوستس. حسنا، الآن يمكنها الجلوس إلى جانب زوجها وشرب بيرة جيدة وباردة”.
وأعاد ترامب نشر مقطع من كلمة للمرشح الديمقراطي جو بايدن، نائب الرئيس السابق باراك أوباما، في احتفاله بتصدره نتائج الثلاثاء الكبير، يظهر فيها خلطه بين زوجته وأخته. وكان بايدن (77 عاما) قد تعرض للعديد من المواقف المشابهة، التي أظهرت معاناته من ضعف الذاكرة.
وفي معاركه الأخرى، أقامت حملة ترامب دعوى قضائية على محطة (سي.إن.إن) بتهمة التشهير يوم الجمعة بسبب مقال رأي قال إن الحملة تركت احتمال السعي للحصول على مساعدة روسيا في انتخابات 2020 مفتوحا.
وتمثل الدعوى القضائية التي تم رفعها في المحكمة الجزئية الأمريكية بأتلانتا ثالث دعوى تقيمها الإدارة الأمريكية خلال عشرة أيام وتتهم وسائل إعلام بارزة بالتشهير في أعقاب قضيتين ضد صحيفتي نيويورك تايمز وواشنطن بوست.
وركزت كل الدعاوى الثلاث على مقالات رأي نُشرت في 2019 أشارت إلى وجود علاقات غير ملائمة للحملة مع روسيا، حسبما قالت حملة ترامب.
وستكون الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020 المقرر اجراؤها يوم الثلاثاء 3 نوفمبر من عام 2020 هي الانتخابات الرئاسية الأمريكية الـ59 التي تجرى كل 4 سنوات.
وسيختار الناخبون ناخبين رئاسيين، سيقومون بدورهم بانتخاب رئيس جديد ونائب رئيس جديد من خلال الدائرة الانتخابية أو إعادة انتخاب المرشحين المنتهية ولايتهم.
ومن المرجح أن تعقد سلسلة الانتخابات التمهيدية الرئاسية والتجمعات الانتخابية الرئاسية خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2020، وعملية الترشيح هذه هي أيضا انتخابات غير مباشرة حيث يدلي الناخبون بأصواتهم باختيار مجموعة من المندوبين لمؤتمر ترشيح الحزب السياسي الذي سينتخب بعد ذلك بدوره مرشح حزبه للرئاسة.
ويسعى الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، الذي انتخب في عام 2016، لإعادة انتخابه لفترة ولاية ثانية. ومن المقرر أن ينصب الفائز بالانتخابات الرئاسية 2020 في 20 يناير 2021.