أحمد سعد يكتب: إِذَا جَاء رَفعُ الحَظرِ وَالْفَتْحُ
ها قد فعلناها وتم تخفيف إجراءات الحظر، فعلناها في وقت تعج فيه المستشفيات بالمرضى الباحثين عن أسرّة، عن علاج، عن أمل.. فعلناها في وقت تعج فيه المستشفيات بالباحثين عن الحياة.
ولأن “كل نفس بما كسبت رهينة” فقد أوكلت الحكومة إلى المواطنين الدفاع عن أنفسهم في مواجهة الوباء المتفشي.. أنت لم تعد صغيرا وتقدر حجم مصلحتك وتعرف “الصح من الغلط” وتعرف كيف تحافظ على نفسك.
صحيح أنك ستُلقى من على ظهر السفينة ليلتقمك حوت الفيروس، إلا أن عليك أن تكون مؤمنا بأن ما كُتب على الجبين لابد أن تراه العين، وعليك أن تؤمن كذلك -مثلما يؤمن المسؤلون- بأن الوباء الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم.
يا أيها المواطن، ليس عليك أن تحتار في أمر الاتهامات السابقة التي انهالت من قبل عليك وعلى وعيك الفقير وعلى أفقك الضيق وعلى الكارثة التي تقودنا إليها حين كنت تخرج إلى عملك مضطرا، لقد كانت تلك الاتهامات لمصلحتك.. والآن رفع الحظر لمصلحتك أيضا.. تحقيق مصلحتك في كلا الاتجاهين هو من الغيبيات التي عليك أن تصدقها دون أن تراها.
يرى البعض أن كورونا سيدرككم ولو كنتم في بروج مشيدة، تلك هي المعادلة، وبالتالي فإنه ما من داعٍ لنبني بروجا مشيدة نعتصم بها، فلا فائدة.. سنخرج إلى الشوارع والأندية والمقاهي ودور السينما، سنواجه الوباء بشجاعة منقطعة النظير، لأننا لا نخشى في رفع الحظر لومة لائم.
وإذا كانت حجة اتهام المواطنين بقلة الوعي قد بطلت أو أوشكت على البطلان، فنحن جاهزون بحجج أخرى، سوف نتهم الأطباء بالتقصير (حتى ولو كانوا من الأعلى وفيات في العالم)، أو نتهم الرياح بالمشاركة في مؤامرة نقل الفيروس أو نتهم درجات الحرارة بعدم أداء دورها في القضاء عليه كما يجب.. كل ما عليك أن تضبط “الريسيفر” لاستقبال التردد.
ليس عليكم جُناح أن تنتشروا، انتشروا هو أفضل لكم، حتى وإن ارتفعت فرص انتشار الوباء معكم.. حتى لو ارتفعت أعداد الموتى وتساقط المصابون .. أليس ذلك أفضل من أن تبقى ببيتك وحيدا، على الأقل ستموت وأنت تستأنس بوجود الناس من حولك.
غريب جدا أنت أيها المواطن، تطلب المستحيل دوما، أنت عبء في كل أحوالك.. ثقيل، لزج، لا موتك في بيتك يعجبك ولا موتك في الشارع يرضيك!
ألا تفهم أننا في وضع لا نحسد عليه؟! ألا تفهم أن اقتصادنا بين الحياة والموت؟!.. أرجوك، أرجوك لا تدع أحدا يعبث بعقلك ويخبرك أنك أهمّ، أرجوك لا تدع أحدا يلهو بك ويقنعك أن الاقتصاد سيتراجع إذا ارتفع عدد الضحايا.. أرجوك يا سيدي المواطن لا تستمع مطلقا لما يقوله الخبراء فنحن نراهن على وعيك.
من كان منكم بلا كورونا فليرمي المسئولين بحجر، ولا تعايرني ولا أعايرك.. فزيادة فرص تفشي الفيروس بتوسيع مساحة الحركة قد تصيبك كما قد تصيب غيرك.. الكل سيخضع للفرص المتساوية في الإصابة.. تلك هي العدالة.
من فضلك لا تجادل كثيرا ولا تسأل إذا كان الرهان على وعيك بأهمية البقاء في المنزل، أم الرهان على انعدام وعيك بإمكانية الخروج إلى النادي.. الأمر سواء، ففي الحالتين لا توجد أماكن بالمستشفيات.
إذا جاء فك الحظر والفتح، ورأيت الناس يزحفون إلى المقاهي أفواجًا، فازحف معهم.. لكن لا تنسى أن عليك أن تبقى فيه حتى العاشرة مساء فقط.. إياك، إياك أن تبقى حتى العاشرة والنصف فإن ذلك من سوء الأمور فلا تكن كمن ألقى بنفسه إلى التهلكة، ولا تكن من الجاهلين.