ريهام الحكيم تكتب: ليبيا… وحروب الوكالة ..
بعد عدة سنوات من الإطاحة بالديكتاتور الليبي العقيد معمر القذافي، لا تزال ليبيا تحت رحمة 1500 مليشيا وثلاث حكومات تتصارع في ما بينها. فشل المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي في وضع نهاية للفوضى التي تضرب ليبيا والمآسي التي تعيشها وآخرها الإتجار العلني بالمهاجرين الأفارقة وإقامة أسواق للعبيد من قبيل مليشيات قوية تتاجر بالبشر وتهّرب المهاجرين إلى القارة الاوروبية.
وتعاقب عدداً من ممثلين للأمم المتحدة في تولي قيادة الجهود الدولية لوضع حد للفوضى في ليبيا وجمع الأطراف المتنافسة لتشكيل حكومة موحدة أو سلطة مركزية واحدة، لكن هذه الجهود لم تحقق نجاحا يذكر بينما تركت البلد العربي مترامي الأطراف نهبا لحروب بالوكالة يقودها مرتزقة على جميع الاطراف ولأطماع قوى مختلفة، وصراع داخلي لا أحد يملك حسمه حتى النهاية، فيما يشكل ذلك وضعا شديد الخطورة على الحدود الغربية لمصر بعد ان صار جانب منها مصدرا لهجمات ارهابية استهدفت الاراضي المصرية.
آخر التطورات
بعد يوم من إعلانه صد هجوم مدعوم بالطائرات المُسيّرة التركية على أحد معاقله الرئيسة في “سرت”، اتهم الجيش الليبي، مساء الإثنين الفائت، قوات حكومة ” الوفاق الوطني” المدعومة من تركيا بالتصعيد بدخول بعض المدن في غرب البلاد، بعدما أعاد الجيش انتشاره استجابة للنداءات الدولية. وشدد بيان القيادة العامة على أن ” الغزو التركي السافر للأراضي الليبية والداعم لميليشيات و جماعات الإرهابية ترتكب العديد من الجرائم في انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني”.
خلال بضعة أسابيع تراجعت قوات ” الجيش الوطني الليبي ” التي يقودها الجنرال خليفة حفترمن أطراف العاصمة الليبية طرابلس إلى مدينة سرت شرق طرابلس, ليخسر ما كسبه خلال أشهر عديدة من المعارك.
الإنكسارات و الهزائم المتلاحقة لقوات حفتر, سلطت الأضواء مرة أخرى على دور القوى الخارجية على الأراضي الليبية, وأعادت قضية المقاتلين الأجانب والذين يقاتلون إلى جانب طرفي الصراع الليبي, حكومة الوفاق الوطني التي يقودها فايز السراج, وقوات المشير خليفة حفتر المدعومة من ” برلمان طبرق ” شرقي ليبيا.
تاريخ الصراع
الوضع في ليبيا التي تمتلك أكبر احتياطي نفطي في القارة الافريقية وشريطاً ساحلياً على البحر المتوسط بطول ألفي كيلومتر مربع, وعدد سكانها لا يتعدى السبعة ملايين نسمة، أكثر تعقيداً من مجرد اختلاف فصيلين ليبيين, بسبب دعم دول اقليمية ودولية لهذا الفصيل أو ذاك, سياسياً وعسكرياً.
عاشت ليبيا استقرارً نسبياً عقب الاطاحة بنظام العقيد معمر القذافي, خاضت ليبيا عدة تحركات سياسية لبناء دولة ما بعد القذافي, ولكن سرعان ما تحول الانقسام السياسي بين الفاعلين إلى صراع عسكري على السلطة.
اتخذت تلك الخطوات السياسية انتخابات كلا من المؤتمر الوطني في عام2012, وانتخابات اخرى برلمانية في عام 2014- حاليا يسمي برلمان “طبرق” برئاسة عقيلة صالح.
وقد ادى رفع الحظر الذي كان يفرضه القذافي على الاحزاب السياسية إلى تشكيل عدد كبير من الاحزاب في ليبيا بعد أربعة عقود عاشتها ليبيا – ابان حقبة القذافي – بغياب تام للاحزاب السياسية, وشابت الانتخابات في 2012 و 2014 التأثر بموروث المشكلات التي خلفتها هذه الحقبة.
انقسم المشهد السياسي في ليبيا الي ثلاث حكومات, تبحث كل واحدة منهم عن الشرعية الدولية ( حكومة الوفاق الوطني 2016 – حكومة الإنقاذ 2014 – حكومة برلمان ” طبرق ” 2014). واستطاعت حكومة الوفاق إنتزاع اعتراف دولي من مجلس الأمن بشرعيتها, وأُختير فايز السراج لقيادة الحكومة بموجب اتفاق ” الصخيرات” في المغرب 2016.
عملية بناء نظام سياسي في ليبيا عقب ثورة 17 فبراير 2011 مرت بمراحل عدة وافرزت كيانات سياسية منتخبة اهمها :
المؤتمرالوطني العام 2012: وهو مؤسسة تشريعية حلت محل “المجلس الوطني الانتقالي الليبي” – تأسس بعد ايام من بدء الانتفاضةالشعبية – بـ 200 عضو ومقره طرابلس, وقد نص الاعلان الدستوري على أن يُحل ” المؤتمر الوطني العام” في أول جلسة لانتخاب البرلمان الجديد.
وكانت انتخابات ” المؤتمر العام” هى أول انتخابات تجرى في ليبيا منذ عقود, وسيطرت الاحزاب الاسلامية علي العديد من المقاعد.
برلمان ” طبرق” يونيو 2014: وهو البرلمان الذي بانتخابه يتم حل البرلمان السابق “المؤتمر الوطني العام”, ترأس برلمان “طبرق” عقيلة صالح, وشهد البرلمان صعودا ملحوظاً للتيار الليبرالي.
وقد قضت المحكمة العليا في ليبيا في نوفمبر 2014 بعدم شرعية البرلمان – اثر الطعن في القانون المنظم للانتخابات البرلمانية – و هو ما أعتبرعودة لشرعية البرلمان السابق , وقال اعضاء البرلمان الجديد ان هذا الحكم القضائي غير معترف بيه.
صاحب الصراع السياسي في ليبيا صراعاً مسلحا بين فصائل عدة, سلسلة من الاغتيالات والتفجيرات استهدفت وزارة الداخلية والقنصلية الأمريكية في “بني غازي” مما أدى إلى مقتل السفير الأمريكي2012, و فشلت أجهزة الدولة الجديدة في احتواء فوضي انتشار السلاح.
منظمة العفو الدولية تحدثت عن تقاعس حكومي وعدم وجود تحقيق جاد و شفاف في تلك عمليات العنف التي شهدتها البلاد.
حروب الوكالة:
أسفرت الصراعات السياسية في دولة ما بعد القذافي الغنية بالنفط, وانتشارالميليشات المسلحة التي تعمل خارج اطار القانون, اكثر من 1000 ميليشيا, وعدم وجود اتفاق سياسي ( اتخذ شكل ثلاث حكومات تتصارع على السلطة ) إلي بروز قوتين وادارتين متنافستين تمثلهما
حكومة ” الوفاق الوطني ” ومقرها طرابلس
حكومة أخرى في مدينة ” طبرق” مدعومة من الجنرال خليفة حفتر زعيم قوات ” الجيش الوطني الحر”.
كلا من الطرفين استعان باطراف دولية واقليمية سعيا لحسم الصراع لصالحه, ولم تعد الاطراف الدولية والإقليمية تخفي وجودها في ليبيا, حتى وهى تتخذ من ارض ليبيا ساحة للحرب بالوكالة في دعم أي من طرفي الصراع “حفتر” و”السراج” , فهناك تواجد روسي وأمريكي وتركي في ليبيا, فضلاً عن وجود إيطاليا وفرنسا ومصر والإمارات وغيرها من الدول في المنطقة.
يقف في جبهة فايزالسراج كلا من تركيا وقطر وإيطاليا, بينما في جبهة حفتركلا من مصر والإمارات وروسيا وفرنسا و السعودية, واطراف اخرى وقفت فى موقفا متذبذبا كـ “الاتحاد الأوربي” والولايات المتحدة, أما تونس والجزائر فاتخذوا موقفاً محايداً من طرفي الصراع.
التواجد التركي في ليبيا :
خلال السنوات الأخيرة شهدت المنطقة عودة لنظام التحالفات وبحثت كل من تركيا وإيران عن مواطئ أقدام لهما في تقسيم خريطة المنطقة، عسكريا وسياسيا واقتصاديا، وجيوسياسيا، ظهر ذلك من خلال الصراع في سوريا والعراق وهو الصراع الذي جاء دائما على حساب مصالح شعوب المنطقة.
لم تكن مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين رئيس حكومة ” الوفاق الوطني” فايز السراج و”أنقرة” إلا جزء من هذا الصراع وحرب المصالح الدولية على الأراضي الليبية، أرادت تركيا من خلال المذكرة أن يكون لها قدما في إعادة ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط, حتى خارج حدودها الأقليمية من خلال الاتفاق مع السراج وهو الأمر الذي رفضته كل من مصرواليونان وقبرص و الاتحاد الأوربي .
وجاء توقيع الاتفاقية مع السراج كجزء من الرد التركي على الاتفاقية الثلاثية بين مصر وقبرص و اليونان لترسيم الحدود البحرية والتي حظيت مصر فيها بالنتقيب عن الثروات الطبيعية في البحر المتوسط وتم اكتشاف حقل” ظهر” للغاز الطبيعي.
رفضت تركيا المشاركة في ترسيم الحدود مع الثلاث دول لعدم اعترافها بقانون البحارالدولي 1982, والذي تم على اساسه ترسيم الحدود البحرية بين ” مصر واليونان وقبرص”, وايضا ترجع اسباب الرفض لتخوف تركيا من الحصول على حصة صغيرة في ثروات البحر المتوسط في حال القسمة بين الأربع دول، وهكذا فإنها اختارت أن تنقل الصراع على المصالح الاقتصادية في المتوسط لأرض عربية جديدة في محاولة لوضع قدم داخل المنطقة على الحدود مع مصر.
تحول الاتفاق مع السراج على الصعيد الداخلي الليبي, لدعم مباشر وصل لحد ارسال جنود للمشاركة في القتال.
ربما تكشف تجربة تركيا وإيران ومحاولتهما للتواجد ضمن التشكيلات الجديدة للقوى الاقليمية فى المنطقة, بجانب “اسرائيل” وكذلك التحالف السعودي المصري الاماراتي بعد خروج كل من “العراق” و”سوريا” من معادلة القوى الاقليمية, حيث مهد هذا الخروج من القوى الملاصقة لتركيا وإيران لهما الطريق للعبث بالمنطقة والعمل علي انشاء “جيوش موازية” غير نظامية لضرب استقرار الدول, كما حدث في:
العراق وفصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران
وسوريا والميليشيات المدعومة من الحرس لثوري الإيراني
ولبنان وميليشيا حزب الله الموالية لإيران”.
بالرغم من التدخلات الاقليمية والدولية العديدة في الشأن الليبي, الا ان الوجود التركي يعتبر مصدر قلق بالغ على الأمن القومي المصري, فتركيا تعمل علي انشاء قاعدة لتوسيع و تعزيز مصالحها الاقتصادية في القارة الافريقية وتجاوز معضلة المرور عبر قناة السويس.
حصول تركيا علي موطئ قدم في ليبيا الغنية بالنفط سيضمن لها مصدراً مستقراً ومضموناً من النفط والغاز.
المقاتلون السوريون في الحرب الليبية:
والذي بدء الحديث عنهم مع التدخل التركي المباشر في الصراع, يقدر عدد الجنود السوريين الذين تم ارسالهم من سوريا إلى ليبيا عبر تركيا حوالي 10 آلاف مقاتل. “تقرير بي بي سي”
تحدثت صحيفة ” الجارديان” البريطانية عن عقود وقعتها حكومة ” الوفاق الوطني” في طرابلس لمدة ستة أشهر لآلاف المرتزقة السوريين للعمل بجانب قواتها في الحرب ضد قوات حفتر والحصول على الجنسية التركية في نهاية المدة.
وعندما لاحت لتركيا فرصة إقامة موطئ قدم لها في ليبيا أواخر العام الماضي، استغلت هذه الظروف ونشطت عبر الفصائل العسكرية السورية الموالية لها وشخصيات من المعارضة السورية لتجنيد آلاف المقاتلين السوريين للقتال في ليبيا عبر تقديم اغراءات مالية كبيرة لهم. كما انضم إلى هؤلاء شبان سوريون يعيشون في تركيا بسبب الأوضاع المزرية التي يعيشونها هناك. ” تقرير البي بي سي “
وصلت طلائع هؤلاء المقاتلين أواخر العام الماضي بعد خضوع البعض منهم للتدريب لفترة قصيرة في معسكرات داخل تركيا. أما عناصر الفصائل المقاتلة الموالية لها فتم نقلهم من سوريا إلى المطارات التركية وبعدها إلى ليبيا فوراً بوساطة طائرات مدنية.
ترافق وصول ( المرتزقة السوريين ) مع تعزيز تركيا لدعمها العسكري لحكومة السراج عن طريق إرسال مدرعات ومستشارين وضباط وطائرات مسيرة وأنظمة تشويش ودفاع جوي. وتحدثت تقارير عن مشاركة بوارج حربية تركية في المعارك ضد قوات حفتر, وهناك فئة اخرى من المقاتلين السوريين من أصول تركمانية وهم موضع ثقة تركيا أكثر من غيرهم، يقاتلون إلى جانبها أينما كان من منطلق قومي.
تجنيد السوريين كمرتزقة للقتال في ليبيا لا يقتصر على تركيا بل تسير روسيا على نفس المنوال منذ مدة. رويترز اشارت إلى نشاط محموم يقوم به ضابط روس في سوريا لتجنيد السوريين للقتال في ليبيا وبينهم عدد كبير من المقاتلين السابقين في صفوف المعارضة الذين أبرموا تسويات مع الحكومة السورية مقابل إلقاء السلاح.
تقارير صحفية ايضا تحدثت عن نقل مئات المقاتلين السوريين ( المرتزقة ) للعمل بعقود مع شركة ” فاغنر” الأمنية الروسية التي تعمل إلى جانب قوات “حفتر”.
صحيفة الشرق الأوسط السعودية تحدثت في تقرير لها عن وكلاء شركة أجنبية وضباطاً من النظام الروسي اجتمعوا مع عدد من أبرز قادة المعارضة سابقاً في “درعا” الشهر الماضي، في محاولات منهم لإقناعهم بتجنيد الشباب وإرسالهم إلى ليبيا بمهام مختلفة، منها قتالية، يكون راتب المتطوع فيها 1500 دولار أميركي، أو بمهمة حماية المنشآت النفطية براتب 1000 دولار”.
روسيا:
أعتبرت مجلة ” الإيكونيمست” الاقتصادية ان الدعم الروسي لـ “حفتر” يساعد على تعزيز قبضته على حقول النفط في الشرق والجنوب الليبي, وذكرت وسائل إعلام عن وجود مئات من المتعهدين العسكريين الروس على الأراضي الليبية.
التواجد الروسي في ليبيا والذي يعد تهديدًا لميزان القوى لحلف ” الناتو” في الحدود الجنوبية للحلف, ولكن بشكل عام التواجد الروسي ساهم في ترجيح كافة الحرب في صالح ” حفتر”, قبل التدخل التركي المباشر الشهر الماضي.
وتعتبر شركة ( فاغنر) الروسية هى يد روسيا في كلا من سوريا و ليبيا, وهى تلك الشركة التي استطاعت تجنيد آلاف المقاتلين السوريين (المرتزقة) للقتال في ليبيا.
مصر و الإمارات
ترى كلا من مصر والإمارات ان دعم قوات ” حفتر” يدخل في سباق الحرب ضد تنظيمات الاسلام السياسي في ليبيا والمنطقة.
والملف الليبي يعد ورقة هامة لاستقرار الاوضاع في مصر, حيث ان التدخل العسكري التركي في ليبيا ووجود عناصر من المرتزقة – ميليشيات تعمل باجندات اقليمية – علي حدود مصر الغربية, يعد تهديدا مباشرا للامن القومي المصري, وهو ما يفسر الدعم المصري لجبهة “حفتر”, فهو قائد عمليات ” الكرامة” التي تصدت للجماعات الأرهابية وتنظيم ” داعش” في ” بني غازي” شرق ليبيا.
كل من مصروالامارات دعما الحل السياسي في ليبيا عبر المسارات الديمقراطية, وتدعم الامارات قوات ” الجيش الليبي الحر” بالمال والسلاح, حيث ذكر تقرير مجلس الامن عن انظمة دفاع جوي روسية ومروحيات وطائرات مسيرة مسلحة امارتية الصنع , واخرى روسية مدعومة من الامارات لقوات حفتر.
وتعتبر قاعدة “الجفرة” الجوية التي استولت عليها قوات السراج منذ عدة ايام من القواعد الهامة التي كانت تعد مركزا لدعم العمليات العسكرية لقوات حفتر بمشاركة الإمارات.
المبادرة المصرية
جاءت المبادرة المصرية التي طرحها الرئيس السيسي الاسبوع الماضي بعد تطور الأوضاع على الأراضي الليبية، بمثابة رد سياسي سريع من النظام المصري على التوغل التركي في ليبيا, وبما ان المسألة الليبية شديدة الحساسية لمستقبل الأمن القومي لمصر, والتواجد التركي والجنود المرتزقة يمثل تهديدا مباشر لحدود مصر الغربية, ولم تكن مفاجاة رفض حكومة السراج للمبادرة وترجيح الحل العسكري على وقف اطلاق النار والتفاوض.
الموقف المصري – الذي انطلق منه المبادرة – يرتكز على أن أي توترفي المنطقة العربية يؤثر على الأمن القومي المصري, وتعد ليبيا دولة جوار جيوستراتيجي لمصر- حدود تمتد ل 1200 كيلومتر- و لذا يعد الاضطرابات والتنازع في الداخل الليبي مهددا بصورة واضحة على استقرار دول شمال أفريقيا ومن ضمنهم مصر.
فتركيا المتهمة من قبل أطراف عده بالتعاون مع تنظيم الدولة الاسلامية ” داعش” , تعمل على تهريب عناصرمتطرفة وأخرى جنود مرتزقة لزعزعة الاستقرار وتهديد الحدود الغربية لمصر.
تونس والجزائر
وُصف الموقف التونسي والجزائري تجاه الأزمة الليبية بـ” غير الواضح” من جبهتي الصراع الداخلي, وأعلنت كل من الجزائر و تونس رفضهما التعاون مع الجانب التركي بأي شكل عسكري أو استخدام أي رقعة جغرافية من الاراضي التونسية والجزائرية لشن هجمات عسكرية.
الاتحاد الأوربي فرض عقوبات على ثلاثة مسؤولين لبيين لعرقلتهم عمل حكومة ” الوفاق الوطني” , أستهدف رئيس البرلمان في ” طبرق” عقيلة صالح, ورئيس “المؤتمر الوطني الليبي العام ” نوري أبو سهمين, ورئيس حكومة “الإنقاذ” خليفة الغويل.
مازال الاتحاد الأوربي يعاني من أزمة صناعة القرار ” الجمعي” بشأن ملفات هامة منها الملف الليبي, ويرتبط الملف الليبي بأزمة الهجرة غير الشرعية والتي يعاني منها دول جنوب الاتحاد الاوربي, خاصة ايطاليا واليونان, وملفات اخرى لم تستطيع قوى الاتحاد الأوربي اتخاذ قرار جمعي بشئنها مثل التنظيمات الارهابية, و ملف التحول الديمقراطي في منطقة الصراع, والقدرة على التوصل لمرحلة من التسوية السياسية.
تضارب المصالح بين الدول الاعضاء في الاتحاد يتجلى بصورة واضحة, و يشتد بين فرنسا وايطاليا في الملف الليبي, حيث تعتبر إيطاليا تدخل فرنسا تهديدا لمصالحها, وتدعم روما حكومة “الوفاق الوطني”, بينما تدعم فرنسا حكومة ” طبرق” وقوات حفتر, وعلى صعيد الاقتصاد و الطاقة يتجسد الصراع من خلال المنافسة الشرسة بين شركتي الغاز والنفط ( شركة توتال الفرنسية و شركة إيني الإيطالية ) في ليبيا.
الولايات المتحدة وحلف الناتو
تمثل الولايات المتحدة علامة غير واضحة في القضية الليبية و يشوب حالة من التراجع المستمر منذ تولي إدارة ترامب مقاليد الأمور في البيت الأبيض, من الممكن ان تنظر الولايات المتحدة للملف الليبي فيما يتعلق بإعادة الإعمار, حيث انها مشروعات لها الكثير من العوائد المالية.
أما ” حلف الناتو” فهو مؤيد لحكومة السراج, ” الناتو” الذي يضم 30 دولة من بينهم تركيا, وتلك الدول تختلف فيما بينها ازاء الصراع في ليبيا, دعم الناتو للسراج يأتي من التخوف للوجود الروسي في ليبيا.
الخاتمة
ليبيا التي تحولت من ثورة تناشد الحرية والعدالة والكرامة, إلى نزاع داخلي مسلح, وصولا إلى أفق الصراع الدولي وحرب بالوكالة, ينشد فيها اطراف دولية استنزاف موارد النفط والغاز على حساب الشعب الليبيى الذي لم يحضر في معادلة الحرب والدمار.
تواجه ليبيا مصير سوريا في سيناريو مكرر من قبل قوى اقليمية – المحور التركي القطري و المحور الإيراني – تحمل النزعة التخريبة, تتمثل في إفشال الجيوش النظامية واحللها بميليشيات وفصائل مسلحة تعمل وفق اجندات اقليمية ودولية لنشر الفوضي من الداخل وزعزعة استقرار دول المنطقة , فوضي السلاح وضعف المؤسسات طريق لضعف الدول العربية ووضعها تحت نفوذ تلك الاجندات كما كان الحال في سوريا واليمن والعراق و لبنان.