أحمد سعد يكتب: إلى الطبقات الفانية.. الخصم وحده لا يكفي
لا يراني المسؤولون ولا يرونك، لا ينظرون إلينا إلا باعتبارنا فرصة لتعظيم الموارد الضريبية، رقم قد يضاف إلى أرقام الموازنة فيزيد من احتمالات سد خانات العجز، بالنسبة لهم نحن جنيهات ملقاة على الأرض عليهم أن يلتقطوها.
( 1 )
في ظل الجائحة التي تتفشى في البلاد، لم يضع المسؤولون نِصب أعينهم إلا عودة العمل بشكل طبيعي رغم كل تحذيرات الخبراء، ضربوا عرض الحائط بكل التخوفات التي تنبه إلى إمكانية زيادة أعداد المصابين والوفيات بفيروس كورونا.. وهو أمر وارد بشدة.
يريد المسؤولون عودة الحياة بشكل طبيعي لدفع عجلة الاقتصاد كما يقولون.. لكن، ألن يتأثر الاقتصاد إذا ارتفعت الإصابات والوفيات وتوقف العمل إجباريًا؟ ألن يتأثر الاقتصاد إذا انهارت المنظومة الصحية بالكامل وأعيد بناءها؟ ألن يتأثر الاقتصاد بتراجع حركة التجارة الداخلية؟.
لم يدفع إيطاليا إلى قلب إعصار الجائحة سوى أنها خشيت على مصالح المستثمرين ورجال الأعمال فغضت الطرف عن الجائحة التي تتهددها.. والآن وبينما تتجه مصر إلى تخفيف تدابير الحظر بدلا من تشديده يبدو وكأنها تسير إلى مصير نخشى أن يكون مشابهًا.
حياتك وصحتك، يأتيان في المرتبة الثانية بعد الاقتصاد.. عليك أن تدرك تلك الحقيقة، حتى ولو كان الاقتصاد لا يقوم إلا على حياتك وصحتك!!.
( 2 )
ولم يكتفِ السادة المسئولين، فمضوا في طريقهم يقتطعون من رواتبنا الهزيلة.. 1% من كل موظف لمدة عام ستُخصم أجرك لمواجهة فيروس كورونا.
ورغم تخصيص 100 مليار جنيه لمواجهة تداعيات تفشي الفيروس، إلا أنه يبدو أن الحكومة ترى فيما يُخصم من أجرك مذاق أحلى وأجمل يضيف إلى الموازنة العامة نكهة الشقاء التي تمنحها طعمًا مميزا وفريدًا.
قد لا يشعر عدد كبير من العاملين بقيمة خصم الـ 1%، لكن قطاع آخر سيشعر، ذلك القطاع الذي يمضي عمره يوما بعد يوم وهو ينتظر نهاية الشهر ثم الذي يليه ثم الذي يليه.. يدعو الله ليلا ونهارًا أن تحل البركة على راتبه النحيل ليكفي سد رمق أطفاله سداد الفواتير والديون ومصاريف المدارس ونفقات الملابس والعلاج والمواصلات.. وأخيرًا المنظفات.
الخصم من أجرك أهم وأجدى من فرض ضريبة موحدة على رجال الأعمال لمواجهة الوباء، عليك أن تؤمن أن في أجرك الضعيف بركة لم يضعها الله في أموال الأثرياء!!.
( 3 )
“الخصم وحده لا يكفي”.. فالحكومة قررت مؤخرًا أن ترفع أسعار الكهرباء، وكلا يا عزيزي، ليست تلك الزيادة الأخيرة، سيتبعها زيادة أخرى، وربما “زيادات”.
ستدفع ما دمت حيًا، وربما بعد مماتك أيضًا.. حتى ولو كنت تعاني، حتى ولو على شفا الانهيار، حتى لو تراجع راتبك المتراجع أصلا، حتى لو تضاعفت ديونك وتراكمت.. ستدفع لأن الدفع في نظر البعض “فضيلة”.
لقد أصبحت في موقف لا تحسد عليه، تكابد العناء، وتجاهد الشقاء، وتقاتل من أجل البقاء.
باتت الطبقات الوسطى والدنيا على وشك الفناء، محاصرة بكرابيج الأسعار والبطالة والأجور الضعيفة والوباء، كرابيج تجلد ظهورها وتدفعها نحو هاوية العدم، تُطعن روحها كل صباح ومساء، ويستوي لديها الحياة والموت.. وعلى ذلك فإنني أنصح بتغيير مسمى “الطبقات الدنيا” إلى “الطبقات الفانية”.. فكل من عليها فان.