مصانع الحرب تربح بينما العالم يحترق: كيف حققت شركات السلاح أرقماً قياسية؟
كتب – أحمد سلامة
في عام شهد تصاعد الصراعات في أوكرانيا وغزة، وتزايد الإنفاق العسكري للدول، استطاعت أكبر شركات إنتاج السلاح في العالم تسجيل أعلى إيرادات لها على الإطلاق، لتصل إلى 679 مليار دولار في 2024، وفق تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI). هذا الرقم يعكس حجم الطلب الهائل على الأسلحة والخدمات العسكرية، ويكشف كيف أن الحروب لا تقتصر آثارها على البشر فقط، بل تمتد لتغذية أرباح الشركات الضخمة.
وحسب معهد ستوكهولم الدولي للأبحاث فقد شهدت 30 شركة أمريكية من أصل 39 ضمن قائمة أكبر 100 شركة للسلاح ارتفاعاً في إيراداتها، بما فيها لوكهيد مارتن ونورثروب غرومان وجنرال ديناميكس، لتصل الإيرادات المجمعة إلى 334 مليار دولار. ومع ذلك، أشار المعهد إلى أن “التأخيرات الواسعة وتجاوزات الميزانية” ما زالت تعيق بعض البرامج الرئيسة مثل طائرة F-35 المقاتلة، مما يبرز الفجوة بين الطلب الضخم على الأسلحة والقدرة على إنتاجها بكفاءة.
وفي أوروبا، سجلت 23 شركة من أصل 26 زيادة في إيراداتها، باستثناء روسيا، ليصل مجموع دخلها إلى 151 مليار دولار، بارتفاع بنسبة 13%. الطلب المتزايد مرتبط بشكل مباشر بالصراع في أوكرانيا والتهديد المتصور من روسيا.
وأشارت دراسة المعهد إلى أن شركة تشيكوسلوفاكيا في التشيك سجلت قفزة مذهلة في الإيرادات بنسبة 193% بفضل مشروع حكومي لتزويد أوكرانيا بالقذائف، بينما حققت الشركة الأوكرانية JSC زيادة بنسبة 41%.
ومع زيادة الإنتاج، تحذر الباحثة جادي جوبرتيو ريكارد من معهد ستوكهولم من أن “توريد المواد قد يشكل تحديًا متزايدًا”، خصوصًا مع إعادة هيكلة سلاسل التوريد للمعادن الحيوية وقيود التصدير الصينية.
وأشارت الدراسة إلى أن الشركتين الروسيتين المدرجتين في القائمة، روستك وبناء السفن المتحدة، سجلتا زيادة بنسبة 23% لتصل إيراداتهما إلى 31.2 مليار دولار، رغم نقص المكونات الناتج عن العقوبات. الطلب المحلي كان كافياً لتعويض تراجع الصادرات، لكن نقص العمالة الماهرة يمثل تحديًا مستمرًا.
في غضون ذلك، شهدت الشركات الإسرائيلية الثلاث المدرجة زيادة بنسبة 16% لتصل الإيرادات إلى 16.2 مليار دولار. وفي عام 2024، لم يؤثر الرد العنيف على غزة على الاهتمام الدولي بالأسلحة الإسرائيلية، وفق الباحثة زبيدة كريم، حيث واصلت العديد من الدول تقديم طلبات جديدة.
في المقابل، كانت آسيا وأوقيانوسيا الاستثناء الوحيد، بانخفاض إجمالي الإيرادات بنسبة 1.2% إلى 130 مليار دولار، بسبب تراجع الشركات الصينية المدرجة في المؤشر بنسبة 10%. التقرير أشار إلى أن مزاعم الفساد في صفقات شراء الأسلحة الصينية أدت إلى تأجيل أو إلغاء عقود رئيسية.
وبينما يزداد العالم اشتعالًا بالصراعات، تزداد خزائن مصانع السلاح امتلاءً.. الحروب قد تغيّر الخرائط وقد لا تفعل، لكنها بالتأكيد ترفع أرباح من يصنع أدواتها. التقرير الأخير يؤكد أن صناعة السلاح أصبحت من أكثر القطاعات مقاومة للتقلبات العالمية، حيث الطلب يكاد يكون مضموناً مهما كانت الظروف السياسية أو الاقتصادية..

