أمير متى يكتب: كورونا والعلاقات الامريكية السعودية
ظهرت كورونا في الصين لأول مرة بصفة رسمية في ديسمبر من العام الماضي، في ظل تقارير تفيد بانتشارها في أرجاء مختلفة بداية من اكتوبر في ظل تكتم صيني، وخلال ثلاثة أشهر انتشر الفيروس في العالم كله وبدأ الصراع الدامي ضد كورونا.
بحلول منتصف مارس كان المجتمع الدولي قد أيقن أن الاقتصاد العالمي سوف يكون سلبيا، وأن ركودًا عالميًا سوف يجتاح الاقتصاد في الشرق والغرب، وكانت النتيجة المتوقعه هي انخفاض الطلب علي البترول عالميا في ظل وقف للطيران، وحظر منزلي، وكساد اقتصادي، كانت نتيجة انخفاض الطلب هو انخفاض السعر، مما أثر علي الدول التي يعتمد اقتصادها أساسا علي المحروقات.
فالسعودية هي ثاني دولة انتاجا للبترول بـ ١٢ مليون طن سنويا يليها روسيا بـ 10.8 مليون طن سنويا. وكلا البلدين يعتمد بشكل أساسي علي انتاج وتصدير المحروقات.
في مفاجأة غير متوقعه، أدي انخفاض أسعار البترول إلى زيادة في الانتاج في كل السعودية وروسيا لتعويض انخفاض السعر والحفاظ علي الدخل ثابت، مما أدى إلى انخفاض أكبر في أسعار البترول. و دخل الصراع في حلقة مفرغة من زيادة الإنتاج يتبعها انخفاض الاسعار، إلى أن تدخلت الولايات المتحدة بقوة.
في ٢ ابريل، تلقي محمد بن سلمان اتصالًا تليفونيًا من دونالد ترامب، محتواها إذا لم تتوقف السعودية عن محاربة روسيا في زيادة انتاج البترول فسوف تضطر الولايات المتحدة لسحب قواتها من السعودية وكان هناك اختيار محدد للأسلحة التي سوف يتم سحبها.
من ٢ ابريل حتي مساء أمس، سحب الولايات المتحدة عدد من الطائرات المقاتلة، ومنظومة باتريوت للدفاع الجوي (المضادة للصواريخ متوسطة و بعيدة المدي) بالإضافة إلى سحب أعداد غير معلنه من الجنود والضباط. كانت نتيجة الانسحاب هو ترك السعودية في مواجهه ايران وجها لوجه، مع تعريض المنشآت النفطية السعودية لخطر القصف مرة أخرى كما حدث في ٢٠١٨.
في نظرة أوسع علي السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، سوف نجد أن هناك اتجاه للإنسحاب من المنطقة ككل، والاكتفاء بقوات تضمن استمرار الأوضاع ولكن دون التدخل، فالولايات المتحدة تخطط ايضا للانسحاب من قوات حفظ السلام بين مصر واسرائيل، مع رفض اسرائيل هذا الاقتراح، وأيضا تخفيض المعونة العسكرية لمصر بمقدار ٣٠٠ مليون دولار (تصبح بعض الخفض مليار دولار).
حتي الآن لم ترد السعودية بشكل رسمي علي التصريحات الامريكية، وانسحابها من المنطقة، فالبحث عن بدائل صعب جدا حاليا في ظل منطقة تموج بإنعدام الثقة بين الاصدقاء.