“المفوضية المصرية” تدين استمرار الانتهاكات الممنهجة ضد سجناء “بدر 1” وتغريب المحتجين بعد إضرابهم جماعيا  

أدانت المفوضية المصرية للحقوق والحريات استمرار وزارة الداخلية ممثلة في قطاع الحماية المجتمعية -مصلحة السجون- في الانتهاكات الممنهجة والمتصاعدة داخل مركز إصلاح وتأهيل بدر 1.  

وحسب بيان لها، أمس الثلاثاء 11 يونيو 2024، علمت المفوضية المصرية بتغريب حوالي 50 سجينا من سجن بدر1 إلى سجني المنيا والوادي الجديد، على خلفية دخول السجناء في إضراب جماعي منذ ما يزيد عن أسبوع اعتراضَا على المعاملة المهينة وسوء أوضاع الاحتجاز، فضلَا عن الحبس الاحتياطي المطول الذي تخطى حاجز السنتين الوارد بقانون الإجراءات الجنائية، مع عدم وجود مؤشرات لإحالتهم إلى المحاكمة. وقد اتبعت إدارة السجون نفس السياسة القديمة بالعقاب الجماعي لكسر إرادة السجناء عن طريق نقلهم إلى سجون بعيدة. 

وفي بداية شهر يونيو، جدد المئات من السجناء داخل سجن بدر1 إضرابهم عن الطعام احتجاجا على الظروف المتدنية، فبحسب أهالي السجناء تم تقليص مدد الخروج إلى التريض، بالإضافة إلى تعرضهم إلى حملات مهينة من التفتيش الذاتي.  

وبحسب أهالي السجناء أيضا استجابت إدارة السجن بطريقة انتقامية من خلال تغريب حوالي 50 سجينا إلى سجني المنيا والوادي الجديد، بالإضافة إلى إخضاع ما تبقى من السجناء المضربين داخل سجن بدر 1 لظروف قاسية تمثلت في قطع الكهرباء والمياه والتعيين عن زنازينهم. 

تجدر الإشارة إلى أن هذا الإضراب هو جزء من سلسلة متصلة من الإضرابات التي بدأها السجناء داخل سجن بدر 1 سواء بصورة فردية أو بصورة جماعية في سياق الظروف المعيشية اللاإنسانية التي تواجههم. 

وكانت وزارة الداخلية في أكتوبر 2021 افتتحت مجمع مراكز وادي النطرون -الذي يضم 6 مراكز- وفي ديسمبر من العام نفسه افتتحت مجمع مراكز إصلاح وتأهيل بدر، ولاحقًا افتتحت غيرهم من مراكز الإصلاح والتأهيل، ومراكز الإصلاح الجغرافية -السجون المركزية سابقا- في مختلف محافظات الجمهورية. 

وفي الوقت نفسه روجت السلطات للسجون الجديدة بكونها تساهم في تحسين الأوضاع المعيشية للسجناء وتطوير الفلسفة العقابية نحو إصلاح السجناء وتأهيلهم. ولكن على أرض الواقع وبشهادات السجناء وذويهم لا تختلف تلك المراكز عن السجون القديمة سوى في الاستخدام التعسفي للتكنولوجيا، إذ استبدل العنف القائم على الأفراد/ مسؤولي السجن، باستخدام الآلات والتكنولوجيا الحديثة. خاصة مع عدم وجود أي تحسن حقيقي في السياسات المطبقة والظروف المعيشية للسجناء، فالإهمال الطبي المتعمد مازال قائما إذ أنه وعلى الرغم من وجود مراكز طبية مجهزة وحديثة داخل تلك السجون الجديدة إلا أن ذلك لم يساهم بأي صورة في تحسين الرعاية الطبية المقدمة للسجناء، بل إن أعداد الوفيات في تزايد مستمر، والتي تقدر منذ نقل السجناء إلي السجون الجديدة إلي حوالي 18 حالة وفاة. 

ومنذ الأسبوع الأخير من شهر مايو وحتى الأسبوع الأول من الشهر الحالي عانى السجناء من الانقطاع التام للكهرباء، هذا بالإضافة إلي معاناتهم المستمرة منذ نقلهم إلى تلك المراكز من الكاميرات المثبتة داخل كل ركن من أركان السجن، وداخل الزنازين، وبالتبعية المراقبة الدائمة وتقليص التفاعل البشري بصورة شبه كاملة، ناهيك عن التحكم في الإضاءة من قبل إدارة السجن، وإبقائها قيد التشغيل 24 ساعة يوميًا، وهو ما يمنع السجناء من النوم، ويتسبب بالضرورة في مشكلات نفسية وبدنية على حد سواء، وصولًا إلى الفيديو كونفرانس المستخدم في جلسات المحاكمة، والذي يساهم في الإخلال بحق المتهم في الدفاع عن نفسه، أو حتى الحديث عن الظروف المعيشية والانتهاكات التي يتعرض لها داخل مكان احتجازه، خاصة مع حضور ضباط السجن في جلسات الفيديو. 

واستكمالا للأوضاع المعيشية المتدنية، يواجه الأهالي وذويهم ظروفا قاسية خلال عملية الزيارة، بداية من اضطرار الأهالي إلى الانتظار ساعات طويلة حتى يتمكنوا من الوصول إلى مكان الزيارة، مرورا برفض إدخال أغلب ما يجلبه الأهالي فتشمل قائمة الممنوعات الأوراق والأقلام. وبالنسبة للمأكولات يسمح بها في حدود ضيقة وباعتبارات تختلف من زيارة لأخرى. وتنتهك إدارة السجن حق السجناء في التحدث بخصوصية مع ذويهم، من خلال وضع أجهزة تسجيل علي طاولات الزيارات العائلية وتخصيص كل طاولة لأسرة سجين بعينه بما يضمن معرفة أن الحديث المسجل ينتمي لأي سجين. 

وطالبت المفوضية المصرية للحقوق والحريات بضرورة توقف إدارة مركز تأهيل بدر 1 عن الانتهاكات الممنهجة التي تمارسها ضد السجناء، وأوصت وزارة الداخلية ممثلة في قطاع الحماية المجتمعية -مصلحة السجون بالتوقف عن استخدام كاميرات المراقبة داخل الزنازين بصورة مستمرة، وبالمخالفة للقوانين الوطنية، والمعاهدات الدولية التي صدقت عليها مصر. 

كما طالبت بالامتناع عن استخدام الإضاءة المستمرة دون انقطاع كوسيلة من وسائل العقاب المضاعف الواقعة على السجناء، وذلك بالمخالفة للمادة 14 فقرة ب من القواعد النموذجية لمعاملة السجناء، والتوقف عن سياسة التغريب التي تمارس من قبل قطاع مصلحة السجون بصفة مستمرة، وفتح الزيارات العائلية بصورة منتظمة وبدون تقييد. 

كما شددت على ضرورة تفعيل المادة (71) من اللائحة الداخلية لتنظيم السجون التي تنص على مدة الزيارة “60 دقيقة كاملة”، وإلغاء المادة 42 من قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956 التي تقنن منع الزيارات داخل السجون المصرية لأسباب فضفاضة وغير واضحة. 

وطالبت المفوضية بتوقيع مصر على البروتوكول الاختياري الخاص باتفاقية مناهضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللا إنسانية، وما يستتبع ذلك من قيام منظمات دولية بزيارات ميدانية داخل السجون في مصر، بما يفتح المجال لمعرفة أكبر وواقعية لأوضاع أماكن الاحتجاز، فضلًا عن وجود رقابة مستقلة بعيدًا عن السلطة التنفيذية. 

كما أوصت بمعاملة جميع السجناء معاملة إنسانية، والالتزام بحماية الحقوق الواردة في الدستور المصري للسجناء وفقًا للمادة 55 و56 دستور، إذ أوجب لكل من يُقبض عليه أو يُحبس أو تُقيد حريته، معاملته بما يحفظ عليه كرامته، فلا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه ولا إيذاؤه بدنيا أو معنويا، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مُخصصة لذلك لائقة إنسانيا وصحيا. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *