كيف تزيد القاهرة صادراتها في ضوء التجربة التركية؟.. مشروع حلول للسياسات البديلة يناقش كيفية استغلال مصر لمزاياها التنافسية
كتب – أحمد سلامة
ناقش التقرير الجديد لمشروع حلول للسياسات البديلة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة (عدسة) كيفية زيادة الصادرات المصرية في ضوء دراسة التجربة التركية وصادراتها للاتحاد الأوروبي مع ضرورة استغلال المزايا التنافسية للعديد من الصناعات المصرية.
وقارن التقرير الجديد بين الصادرات المصرية والتركية موضحا أن شهر يناير شهد ارتفاع كل من الصادرات المصرية والتركية على أساس سنوي لتبلغ 3.1 مليار دولار و20 مليار دولار على التوالي وجاء ذلك بعد أن بلغت القيمة الاجمالية لصادرات مصر خلال الـ11 شهرًا الأولى من العام الماضي 38.4 مليار دولار مقابل 255.8 مليار دولار لتركيا خلال 2023 ككل.
وألقى التقرير الضوء على نجاح النموذج التركي في التصدير لافتا إلى أن تركيا تمتلك قاعدة صناعية ضخمة غذت معدلات النمو ودعمت الصادرات لتصبح من أكبر الشركاء التجاريين للاتحاد الأوروبي كما مكنها هذا من مواجهة تحديات اقتصادية أبطأت من نمو الاقتصاد المصري مثل معدلات التضخم المرتفعة (64.8% في تركيا مقابل 29.8% في مصر) وتضخم الدَّين الخارجي ( 482.6 مليار دولار لتركيا مقابل 164 مليار دولار لمصر).
وتتميز تركيا بتنوع هيكل الصادرات لتشمل صناعات عديدة مقارنة بمصر ووفقًا للبنك الدولي تبلغ الصادرات المصنعة 74% من إجمالي الصادرات التركية، في حين بلغت 42% عام 2022 في مصر، وهو أحد أسباب ضعف استفادتنا من ميزة انخفاض العملة بالمقارنة مع تركيا بينما تتركز الصادرات المصرية في الغاز والبترول والسلع كثيفة الاستخدام للطاقة، مثل: البلاستيك والأسمدة والحديد وتسعير معظم هذه المنتجات يتحدد تبعًا لأسعار الطاقة العالمية مما يحد من أثر انخفاض سعر الصرف على تنافسية صادراتها كما أن الصادرات غير البترولية في مصر تعتمد بشكل أساسي على استيراد السلع الوسيطة والآلات ما يرفع تكلفة الإنتاج وينعكس على زيادة السعر النهائي لينفي ميزة السعر التنافسي عن الصادرات المصرية وفق ذات التقرير.
كما توجه تركيا حسب التقرير الاستثمارات المحلية إلى قطاعات تمتلك فيها ميزات تنافسية كبيرة، مثل: صناعة السيارات، التي وصل حجم صادراتها منها إلى 27 مليار دولار في 2022 وقد طورت تلك الصناعة لتنتج أول سيارة كهربائية تركية بالكامل في 2023 وفي ذات الوقت يجتذب قطاعا الزراعة والتصنيع الواعدين للتصدير نسبة ضعيفة من الاستمارات العامة المصرية.
وحسب تقرير مشروع حلول للسياسات البديلة تقدم تركيا دعمًا واسعًا للصادرات، فيغطي بنك تنمية الصادرات التركي نسبة تصل إلى 25% من قيمة الصادرات كما تقدم البنوك خدمات ائتمانية تصل إلى ملايين الدولارات يوميًّا للمصدرين وفي المقابل نجد ضعف مساندة بنك تنمية الصادرات المصري وشركة ضمان الصادرات، فالبنك يرفض تمويل صفقات تصدير في بعض الأحيان وتبالغ الشركة في الرسوم التي تحصِّلها من المصدرين.
وذكر التقرير أن اعتماد تركيا على الشحن البري للتبادل التجاري مع دول الجواريمثل ميزة إضافية حيث إنّ ثلثي صادراتها إلى دول قريبة نسبيًّا، ما يحميها من الزيادات في تكاليف الشحن العالمية في حين تفتقر مصر إلى هذه الميزة حاليًّا لوجود أزمات وصراعات على حدودها مع ليبيا والسودان وفلسطين موضحا أنه في حين تضم قائمة الحوافز المصرية للاستثمار بعضًا من مثيلتها التركية فإنه عمليًّا تحول البيروقراطية من أن يحصل المستثمرون عليها.
ووضع التقرير عددا من الحلول لزيادة الصادرات المصرية في ضوء التجربة التركية حيث أوضح التقرير أن مصر يمكنها اتباع عدة سياسات لضمان فعالية سياساتها التصديرية والنفاذ لأسواق جديدة تشمل: تبني سياسة مختلفة لزيادة الصادرات قائمة على تنويع هيكلها وليس مجرد زيادة قيمتها الاجمالية مع ضرورة توعية المصدرين بشروط ومعايير الدخول في الأسواق التصديرية، حيث إن بعض القطاعات كالمواد الغذائية والصناعات الهندسية يجب أن تستوفي معايير جودة أو مواصفات فنية للدخول في الأسواق الخارجية فضلا عن ضرورة تعريف المصدرين بكيفية الاستفادة من الاتفاقات التجارية مثل اتفاقيات الكوميسا والشراكة مع الاتحاد الأوروبي وكذلك تعديل برنامج دعم الصادرات وبدلًا من توزيعه على العديد من الصناعات يتم تركيزه في الصناعات ذات الميزات التنافسية، مثل: المنسوجات أو الكيماويات.