هجمة ضد حرية الإعلام.. حكم بسجن الإعلامية والصحفية اللبنانية ديما صادق بسبب تغريدة
ديما: الأمور ذاهبة باتجاه تطبيق الحكم بسجني.. تغريدتي كانت ضد النعرات والممارسات العنصرية والآن يحاكمونني بالعنصرية إنه جنون
الحرة
أصدرت محكمة جزائية لبنانية، حكما يقضي بسجن الإعلامية اللبنانية، ديما صادق لمدة سنة، بجرم “إثارة النعرات الطائفية والقدح والذمّ”، وذلك في الدعوى المقدمة ضدها من التيار الوطني الحر، ممثلاً برئيسه جبران باسيل، على خلفية تغريدة تعود إلى العام 2020، وصفت عبرها صادق التيار الوطني الحر بـ”النازي”.
الحكم أثار صدمة في الوسط الإعلامي والحقوقي في لبنان، ووصف بكونه “استثنائيا” و”خطيرا”، لناحية الحكم بالسجن بحق صحفية بسبب تغريدة عبرت فيها عن رأيها، الأمر الذي من شأنه تهديد حرية التعبير والحريات الإعلامية والصحفية في البلاد، وفق ما يقول الحقوقيون، الأمر الذي ترجم إلى موجة استنكارات واسعة عمت مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت صادق أعلنت عن صدور الحكم بحقها عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك عبر فيديو تحدثت خلاله عن خلفية هذا الحكم.
وقالت الإعلامية اللبنانية في منشورها: “جبران باسيل انتزع قرار قضائي بسجني سنة دون إيقاف التنفيذ من محكمة الجزاء من خلال القاضية روزين حجيلي في سابقة استثنائية. نعم، في لبنان يسجن الصحفيون بدعاوى القدح والذم ».
وفي اتصال مع موقع “الحرة”، اعتبرت صادق أن الحكم يأتي في سياق تأديبي، وقالت: “أحزاب السلطة الحاكمة بدأت تستعيد أساسها، عقب ثورة 17 أكتوبر 2019، ومن الواضح أنها تريد تحصين نفسها بكل الطرق كي لا تشهد إعادة لما حصل حينها، لناحية تصاعد أصوات كثيرة في وجهها.”
ووضعت صادق ما حصل في سياق “التخويف”، بهدف “قمع أي محاولة للاعتراض والسخط والثورة، وإسكات أي صوت في هذا الإطار، يرون أنهم حين يخوّفون شخصاً بهذه الطريقة، يمنعون غيره أيضاً عن الكلام ».
وإذ تبدي صادق استغرابها من الحكم الصادر “من دون وقف تنفيذ”، ترى أن الأمور ذاهبة باتجاه تطبيق الحكم بسجنها، مضيفة “هناك شيء عجائبي يحصل في لبنان، دائما ما تحاكم الضحية، ففي قضية انفجار مرفأ بيروت مثلاً جرى استدعاء شقيق أحد الضحايا إلى التحقيق من ناحية المطلوبين للقضاء في القضية، جهاز أمن الدولة، الأمر نفسه اليوم يحصل، تغريدتي كانت ضد النعرات والممارسات العنصرية، والآن يحاكمونني أنا بالعنصرية، إنه جنون.”
يذكر أن التغريدة موضوع الدعوى المقدمة من ناحية التيار الوطني الحر بحق صادق، كانت قد كتبتها على خلفية اعتداء تعرض له شابان من مدينة طرابلس في مدينة جونية، من قبل مناصرين للتيار الوطني الحر بتاريخي 6 و7 فبراير 2020، وذلك بسبب مشاركتهما الاحتجاجات التي كانت قائمة في لبنان بذلك الوقت ضد السلطات الحاكمة في البلاد وعلى رأسها التيار الوطني الحر الذي كان مؤسسه، ميشال عون، لا يزال رئيساً للجمهورية حينها.
ووصفت صادق في تغريدتها وقتها التيار الوطني الحر بـ”النازي”، وقالت تعليقاً على الحادثة “اعتداء جديد من قبل التيار النازي بضربه على رأسه ورميه في المجارير.. وقالوا له عون تاج راسك وراس طرابلس”. وصف لا تزال صادق تؤكد عليه في تعبيرها عما جرى قبل 3 سنوات بكونه “عنصري ونازي”.
في المقابل، احتفى التيار الوطني الحر بالحكم الصادر، في بيان صادر عن لجنة الاعلام والتواصل، اعتبر فيه أن القضاء اللبناني “أنصفه” ودان الإعلامية “بجرائم القدح والذم وإثارة النعرات الطائفية”.
وأضاف أنه “جاء في الحكم الصادر عن القاضي المنفرد الجزائي في بيروت، روزين حجيلي، بتاريخ 10 /7/2023 في حق ديما صادق أنه قضى بسجنها لمدة سنة وتجريدها من حقوقها المدنية وتدفيعها غرامة بقيمة مئة وعشرة ملايين ليرة لبنانية، وذلك على خلفية الشكوى المقدمة في حقها من المحامي، ماجد البويز، بالوكالة عن التيار الوطني الحر لتلفيقها الأكاذيب واتهامها شباب التيار الوطني الحر زورا بأنهم عنصريون وبأن التيار حزب نازي”.
وختم أن “الحكمة من هذا الحكم أن الحق يظهر مهما طال الزمن”.
وفي السياق نفسه غرّد الوكيل القانوني لرئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، المحامي، ماجد بويز، عبر حسابه على تويتر: “ديما صادق كلامك غير صادق، إنما وعدنا صادق، افتريتي بحق شباب التيار، فوعدنا بملاحقتك، ها هو القضاء اليوم ينصفنا ويدينك بجرائم القدح والذم وإثارة النعرات الطائفية، ويحبسك سنة ويجردك من بعض حقوقك المدنية ويلزمك بمئة وعشرة ملايين كعطل وضرر لصالح التيار الوطني الحر، إنشالله تكوني تعلمتي”.
وأثار الحكم الصادر قلق بالغ في الوسط الإعلامي لناحية تعميم مثل هذه الأحكام في هكذا نوع من القضايا، الأمر الذي من شأنه تهديد واقع الحريات الإعلامية وحرية الرأي في لبنان، التي عانت خلال السنوات الماضية من انتهاكات متزايدة وثقتها المنظمات الحقوقية العاملة على هذا الصعيد.
ويرى شحرور أنه من غير الواضح الخلفية القانونية التي اعتمدها القضاء للوصول إلى حكم مشدد من هذا النوع، خاصة من ناحية عدم إرفاقه بوقف تنفيذ، معتبراً أن “الأمل الوحيد اليوم بالاستئناف”.
ويلفت إلى أهمية الضغط من ناحية الوسط الإعلامي وإطلاق الحملات التي تناصر مبدأ “الحريات أولا”، معبراً عن قناعته أنه من الواجب على كل ناشط وإعلامي اتخاذ الإجراءات اللازمة للتوعية والضغط، “فمعركة الحريات ليست معركة الصحفيين وحدهم في لبنان، وإنما معركة حرية الرأي وامتلاك المعلومة ويجب أن يكون الناس خط الدفاع الأول عنها، قبل أي صفة اجتماعية أو مهنية”.
يُذكر أنّ محكمة المطبوعات في لبنان تمنع سجن الصحفيين، لكنّ “التيار الوطني الحر” لجأ إلى القضاء الجزائي لملاحقة صادق بكون الفعل موضع الشكوى ليس منشوراً في وسيلة مطبوعة، وبكون المنشور الإلكتروني ليس من ضمن عملها الصحفي.