زهدي الشامي يكتب : حول انتخابات الرئاسة
دخل موعد الاستحقاق المتعلق بانتخابات الرئاسة فى مصر مراحله الأخيرة، بما نشط الجدال حول هذا الموضوع الذى لاشك انه بالغ الأهمية.
والحقيقة وبصراحة فإن مصر أمام احتمال من اثنين : أن تجرى فيها انتخابات رئاسة شكلية بلا منافسة حقيقية أعتقد إننا جميعا نعرف ماهى وكيف تجرى ، أو أن نشهد انتخابات جادة وتنافسية، ولكن لذلك ضماناته وشروطه .
ومن بين الشروط الجوهرية التى يثور حولها الجدل ترشح الرئيس الحالى من عدمه . فالرئيس الحالى هو للآن مرشح محتمل ، وعندما يكون الرئيس مرشحا تكون له ميزة كبيرة فى مواجهة كافة المرشحين الآخرين، هى انه يملك صلاحيات واسعة على كافة أجهزة الدولة ذات النفوذ الكبير، . هذا أمر واقع فى كل بلاد العالم ، ولذلك اتجهت غالبية الدول لتقييد فترات الرئاسة بفترتين فقط حتى لايتغول الرئيس الحالى ويتحول لرئيس دائم ، هذا فى بلاد ديموقراطية متقدمة ، فما بالك بالوضع فى مصر ذات الميراث السلطوى التى يتمتع فيها الرئيس تقليديا بسلطات فرعونية ؟
وهذه الضمانة المهمة اخذت بها مصر بعد ثورة يناير وتم التأكيد عليها فى دستور ٢٠١٤ . لعل حضراتكم جميعا تتذكرون تماما تأكيد الرئيس السيسى ” انا حاخد الدورتين بتوعى وأمشى “. تأكيد كرره أكثر من مرة وقد اقسم فعلا اليمين الدستورى عليه ، وهذا لصالح البلد وصالحه . والحقيقة أن فترتى الرئاسة كانت مدتهما ثمانية سنوات فقط ، ولكن الرئيس الحالى قضى فعلا فى السلطة عشرة سنوات بموجب تعديل دستورى فى عام ٢٠١٩ مشوب بالعوار لأسباب جوهرية منها ان النصوص المتعلقة باعادة انتخاب الرئيس لايجوز تعديلها بموجب المادة ٢٢٦ للدستور . واذا ترشح الرئيس الحالى من جديد سيحظى بستة سنوات اخرى ، فيكون له فى الحكم ستة عشر سنة بدلا من ثمانية ، وهذا عودة للرئيس غير المقيد بمدة حكم مقبولة مقررة ، هذا ان لم يعدلوا الدستور من جديد بعد ذلك لاستمراره لفترات اخرى .
ولذلك فعندما تحدثنا وتحدث العديدون وعلى رأسهم مؤخرا الصديق والزميل العزيز مدحت الزاهد Medhat El Zahed رئيس حزب التحالف الشعبى الإشتراكى، عن ذلك وعن الإلتزام بالأصول الدستورية فى فترات الرئاسة ، فإن لنا وجهة نظر محترمة تتوخى الصالح العام فى ضرورة التغيير فى الرئاسة وفق فترات زمنية مقبولة ومقدرة ، بدلا من الرئيس الأبدى .
وفى الواقع فإن الهجوم الذى تعرض له الزاهد من بعض أنصار الموالاة من مدمنى الهجوم على كل رأى حر ومخلص ، ومختصى القيام بحملات هجوم غوغائية لإسكات كل الأصوات المخلصة ، هو هجوم دوافعه معلومة ، ولكنه غير قادر على التغطية على القضية الأصلية التى هى عدم السماح بتكرار التجربة السيئة لبقاء الرئيس فى الحكم لفترة طويلة للغاية بما ترتب عليها من نتائج سلبية أدت لتحرك الرفض الشعبى الواسع فى النهاية .
أليس من الأفضل أن نستمع لصوت العقل ونقتدى برئيسى الأرجنتين والسنغال الذين قررا عدم إعادة الترشح، وتركا الفرصة لبلادهم لاختيار قيادة جديدة قد يكون لها رؤية افضل فى معالجة أزمات بلادهم المحتدمة ، خاصة أن ازمتنا الحالية فى مصر أكثر احتداما ، وتقتضى بالتأكيد ترك فرصة لرؤية جديدة لعلها تجد لنا مخرجا من المأزق غير المسبوق .
بالتأكيد لا انتخابات جادة بدون ضمانات حقيقية .
وفى القلب من ذلك مسألة فترات الرئاسة . والرأى فى النهاية لكل المصريين الشرفاء والمخلصين للبحث عن مخرج سلمى للتغيير وحل مشاكل بلادهم المتزايدة .
وفى القلب من ذلك الإجابة عن سؤال استمرار الرئيس للأبد ام الإلتزام بالاصول فى التغيير السلمى كل فترة محددة .
ونسأل الله لبلادنا السلامة ولشعبنا التوفيق والسداد