أربع منظمات حقوقية تطالب مجلس حقوق الإنسان التدخل بصورة طارئة لمعالجة تدهور الحالة الحقوقية في تونس: يجب إنهاء القمع ضد المعارضة
كتب – أحمد سلامة
قالت أربع منظمات حقوقية إنه على مجلس حقوق الإنسان أن يعالج بصورة طارئة تدهور حالة حقوق الإنسان في تونس، وذلك في الوقت الذي تنعقد فيه الدورة الـ 53 للمجلس.
وفي رسالة بعثت بها المنظمات الموقعة أدناه إلى ممثلي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، حذرت من التدهور السريع للوضع في تونس، وحثت الدول على اغتنام فرصة الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان لمعالجتها. ودعت المجلس والدول الأعضاء إلى الضغط على السلطات التونسية للامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما تلك التي تضمن الحق في المحاكمة العادلة وحرية التعبير وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها وعدم التمييز.
وقالت الرسالة إنه على مجلس حقوق الإنسان أن يحث تونس على إنهاء حملة القمع المستمرة ضد المعارضة السلمية وحرية التعبير، وإسقاط التهم الموجهة إلى جميع الأفراد المحتجزين والملاحقين قضائيًا لمجرد أنشطتهم السياسية السلمية وممارستهم لحقوقهم الإنسانية، والإفراج عنهم. كما يجب على المجلس أن يدعو تونس إلى إجراء تحقيق سريع وشامل ومستقل ومحايد وشفاف في موجة عنف معادية للسود – تشمل اعتداءات وعمليات ترحيل بإجراءات موجزة – ضد الرعايا الأجانب من الأفارقة السود، بمن فيهم المهاجرون وطالبو اللجوء واللاجئون، وتقديم أي شخص يشتبه بشكل معقول في مسؤوليته عن هذه الممارسات إلى العدالة، وتوفير سبل الوصول إلى العدالة وسبل الانتصاف الفعالة للضحايا.
وعلى مدى العامين الماضيين، شهدت تونس تراجعًا كبيرًا في مجال حقوق الإنسان، حسب منظمة العفو الدولية، فقد فُكّكت ضمانات استقلال القضاء، وتعرض قضاة ووكلاء عامون للفصل التعسفي، ولمحاكمات جنائية مسيسة، ولزيادة في تدخل السلطة التنفيذية. بينما يلاحق محامون قضائيًا بسبب أدائهم واجباتهم المهنية وممارستهم حقهم في حرية التعبير.
وقال سعيد بنعربية، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في اللجنة الدولية للحقوقيين: “إنَّ تدخل السلطات التونسية في القضاء والاعتداءات على المحامين قد قوّضت إلى حد كبير الحق في المحاكمة العادلة وثقة الجمهور في نزاهة نظام العدالة. ويجب على السلطات ضمان عدم استخدام المحاكم كسلاح لسحق المعارضة والتعبير الحر”.
وتحت ستار مكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصالات التي يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات وغرامة كبيرة وفقًا للمرسوم عدد 54، خضع ما لا يقل عن 13 شخصًا، بمن فيهم صحفيون ومعارضون سياسيون ومحامون ومدافعون عن حقوق الإنسان وناشطون، لتحقيقات الشرطة أو القضاء، ويواجهون ملاحقات قضائية محتملة.
وقالت راوية راجح، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالنيابة في منظمة العفو الدولية: “مع مواجهة تونس حالة من عدم اليقين السياسي وأزمة اقتصادية، من المهم أكثر من أي وقت مضى أن يكون التونسيون أحرارًا في مناقشة مستقبل بلادهم دون خوف من الانتقام. وينبغي للسلطات أن تسعى إلى السماح للجميع بالتمتع الفعلي بالحق في حرية التعبير؛ وبدلًا من ذلك، فإنها تهاجمه”.
وفي الأسبوع الماضي، دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان السلطات التونسية إلى التوقف عن تقييد الحريات الإعلامية وتجريم الصحافة المستقلة. ففي بيان أعرب فولكر تورك عن قلقه البالغ حيال القيود المفروضة بشكل متزايد على الحق في حرية التعبير وحرية الصحافة في تونس، مشيرًا إلى أنّ التشريعات الفضفاضة والغامضة تُستَخدَم من أجل تجريم الصحافة المستقلة وخنق الأصوات المنتقدة. وقال: “إنه لأمر مقلق للغاية أن نرى تونس، تلك الدولة التي كانت تحمل في السابق الكثير من الأمل، تشهد انتكاسة وتراجعًا في مجال حقوق الإنسان وتفقد المكاسب التي تحقّقت بشق الأنفس خلال العقد الماضي“.
ومنذ فبراير 2023، استهدفت موجة من الاعتقالات المعارضين السياسيين والمنتقدين المتصورين للرئيس التونسي قيس سعيّد. ويحقق القضاة مع 48 شخصًا على الأقل، في غياب أدلة موثوقة على ارتكابهم أي جرائم، ومن بينهم معارضين وشخصيات عامة ومحامين، بزعم تآمرهم ضد الدولة أو تهديد أمنها، من بين تهم أخرى. ويجري التحقيق مع 17 منهم على الأقل بموجب قانون مكافحة الإرهاب التونسي لعام 2015.
وقالت سلسبيل شلالي، مديرة تونس في هيومن رايتس ووتش: “من خلال سجن السلطات لقادة سياسيين وحظرها اجتماعات للمعارضة، فإنها تدوس بشكل خطير على الحقوق الأساسية التي تقوم عليها الديمقراطية النابضة بالحياة. إن التراجع الديمقراطي وانتهاكات حقوق الإنسان، التي لم يسبق لها مثيل منذ ثورة 2011، تتطلب اهتمامًا عاجلًا من مجلس حقوق الإنسان والدول الأعضاء“.