أهم الملاحظات علي مشروع موازنة 2023/2024: قفزات في الأقساط والفوائد وتخفيضات في الحوافز المالية وارتفاع الإنفاق على سداد القروض
جملة الأقساط والفوائد تقفز من 480.1 مليار جنيه في موازنة 2014/2015 بنسبة 48.8% من إجمالي الاستخدامات إلى 2,436 مليار جنيه في 2023/2024 تمثل 56% من استخدمات الموازنة
تخفيضات الحوافز المالية وإن تبدو طفيفة فهي تغفل أن معدل التضخم وصل إلى 40% وتثبيت هذه البنود أو تخفيضها هو إضرار بالأجور الحقيقية وتآكل قيمة أجورهم الحقيقية
الفوائد كانت تمثل 26.3% من المصروفات في 2014/2015 وارتفعت إلى 37.4% في موازنة 2023/2024.. بينما يمثل سداد القروض أكبر الأعباء على الموازنة ويتصاعد العبء منذ سنوات
ارتفع الإنفاق على سداد القروض من 236.4 مليار في 2014/2015 ثم بدأ في التضخم المتصاعد من 543.7 في 2020/2021 ليصل لـ 1315.9 مليار جنيه في الموازنة الحالية
بقلم الباحث الاقتصادي – إلهامي الميرغني
أسئلة عديدة يطرحها مشروع الموازنة الحالي، لعل من أهمها مبدأ “وحدة الموازنة”، في وقت قفزت فيه جملة الأقساط والفوائد من 480.1 مليار جنيه في موازنة 2014/2015 والتي كانت تشكل 48.8% من إجمالي استخدامات الموازنة إلي 2,436 مليار جنيه في 2023/2024 تمثل 56% من استخدمات الموازنة.
وفي الوقت نفسه فإن التخفيضات التي طالت بعض الأجور والرواتب -وإن كانت تبدو طفيفة- ضمن مشروع الموازنة الحالي، فإن تلك التخفيضات تغفل أن معدل التضخم وصل إلى 40% ومن ثم فإن تثبيت هذه البنود أو تخفيضها هو إضرار بالأجور الحقيقية للأطباء والمعلمين وتآكل قيمة أجورهم الحقيقية في ظل التضخم.
هذا إلى جانب الفوائد التي كانت تمثل 26.3% من المصروفات في 2014/2015 وارتفعت إلى 37.4% في موازنة 2023/2024، بينما يظل الباب الثامن (سداد القروض) أكبر الأعباء على الموازنة ويتصاعد العبء منذ سنوات. وارتفع الانفاق على البند من 236.4 مليار في 2014/2015 إلى 242.6 في 2018/2019 ثم بدأ في التضخم المتصاعد من 543.7 في 2020/2021 ليصل إلى 1315.9 مليار جنيه في مشروع الموازنة الحالي.
توجد ملاحظات جوهرية أساسية علي مشروع الموازنة المقدم من الحكومة وهي:
أولاً – الإخلال بمبدأ وحدة الموازنة
مشروع الموازنة المقدم من الحكومة بعجز كلي يبلغ 824.4 بارتفاع بلغ 48% عن قيمة العجز الكلي في موازنة 2022/2023. لكن يبقي السؤال: هل هذه الموازنة تعكس السياسة المالية لمصر للعام القادم.
في الواقع هذه الموازنة لا تعبر عن المالية العامة وتخل بأحد أهم مبادئ إعداد الموازنة العامة وهو مبدأ “وحدة الموازنة” بحيث تحصر كل ايرادات الدولة وكل مصروفاتها ولكن نحن امام موازنة تعبر عن جزء فقط بينما يمثل ذلك الجزء الطافي من جبل الجليد أما المخفي فهو الحسابات والصناديق الموجودة خارج الموازنة ولا نعرف عنها شئ، هيئات تبيع أراضي الدولة والحصيلة لا تدخل الموازنة وجهات تحصل رسوم وضرائب ولا تورد للموازنة ولكن يحتفظ بها في حسابات وصناديق خارج الموازنة وتجبرنا الحكومة علي القبول بديون جديدة قدرتها بنحو 2,140 مليار جنيه إضافة إلى تريليونات الديون الحالية المحلية والخارجية.
إيرادات القوات المسلحة خارج الموازنة وإيرادات العاصمة الإدارية خارج الموازنة وإيرادات هيئة المشروعات العمرانية خارج الموازنة. وإذا كان صندوق واحد هو صندوق التأمين الصحي الاجتماعي الشامل لديه فائض يقدر بأكثر من 58 مليار جنيه، فإن السؤال يبقى “لو ظهر هذا المبلغ في الموازنة هل كان العجز سيستمر بنفس قيمته وهل نضطر لاقتراض نفس القيمة المقدرة في المشروع؟!”، في الواقع إن هذه ليست موازنة الدولة المصرية ولكنها موازنة جزء ضئيل من المالية العامة المصرية والجزء الأكبر يتم تداوله خارج الوازنة وفي غياب رقابة المجلس عليه من حيث الايرادات والمصروفات.
ثانياً – سواء إدارة موارد وأملاك الدولة
تدعي الحكومة إنها تلجأ للاقتراض لتغطية العجز وضعف الإيرادات العامة. لكن البيانات المقدمة لنا لم تحدثنا عن حجم وقيمة الأراضى والعقارات والمباني المملوكة للدولة والعائد السنوي منها، إضافة إلى حقوق الملكية الفكرية على الآلاف من المصنفات الفنية والكتب وغيرهما. بل والأكثر من ذلك:
1. الاستمرار في بيع الشركات والأصول المملوكة للدولة بل وطرحت الدولة في وثيقة ملكية الدولة أنها بصدد برنامج طويل للتخارج من عدة قطاعات اقتصادية. وربما تكون تجربة بيع شركات الأسمدة خير دليل على أهمية التوقف ومراجعة هذه السياسات لأن لدينا بدائل أخرى للتطوير والتحديث والتنمية بخلاف الحل السهل وهو البيع الذي يفقدنا ملكية الأصل ويحوله لآخر سواء مستثمر محلي أو أجنبي. وقد أكد البيان المالي على الالتزام بكل ما جاء في وثيقة ملكية الدولة.
2. سوء الإدارة الاقتصادية للأصول المملوكة للدولة وهي ضخمة وكبيرة ولو أحسنت الحكومة استثمارها وإدارتها وتحديثها وتطويرها لتمكنا من الاستغناء عن الديون ولتوفرت لدينا فرص عمل وقيمة مضافة حقيقية وصادرات بالعملة الصعبة تحقق دعم حقيقي للاقتصاد بدون استدانة وأعباء يتحملها الجيل الحالي والأجيال القادمة.
لدينا 59 هيئة عامة اقتصادية و 29 شركة قابضة يتبعها 293 شركة إضافة إلى 12 شركة تابعة لهيئة البترول و 7 شركات تابعة لهيئة قناة السويس وذلك بخلاف 704 شركة تملك فيها الدولة حصص كشركات ذات ملكية مشتركة. جاء بمشروع الموازنة في بند الإيرادات غير الضريبة أن جملة المحصل من هذه الجهات 19.5 مليار جنيه منها 14.5 مليار من الهيئات العامة الاقتصادية و 5 مليار من شركات القطاع العام. هل تحسن الحكومة تشغيلها وتُعظّم إيراداتها؟ أرقام الحكومة تقول “لأ”. لذلك فإن إصلاح وتطوير هذه الثروة الوطنية ستظهر في الموازنة ضمن عدة بنود. وتوفر موارد حقيقية.
إجمالي الفوائد والأقساط
قفزت جملة الأقساط والفوائد من 480.1 مليار جنيه في موازنة 2014/2015 تشكل 48.8% من إجمالي استخدامات الموازنة إلي 2,436 مليار جنيه في 2023/2024 تمثل 56% من استخدمات الموازنة بينما لا يتبقي لباقي بنود الاستخدام سوى 44% فقط.
الفوائد + الأقساط = 81.4% من إجمالي المصروفات، 20.6% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، 113.7% من إجمالي ايرادات الموازنة (الضرائب + المنح+الإيرادات الأخري ). أي ان السياسة المالية تعتمد علي التمويل بالديون التي يتحمل اعبائها الجيل الحالي من خلال شروط القروض والأجيال القادمة التي سيطلب منها سداد الأقساط.
لذلك تضاعف العجز الكلي في الموازنة عدة مرات بفعل هذه الديون من 279.4 مليار في 2014 إلي 824.4 مليار جنيه في الموازنة الجديدة. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل نستمر في الحصول علي قروض جديدة لتغطية فجوة الموارد قدرت في مشروع الموازنة الجديدة بحوالي 2,140 مليار جنيه ديون جديدة متوقعة في العام الجديد.
الأجور
جاء في البيان المالي صفحة 9 ” إقرار بعض الحوافز والمزايا المالية الإضافية للأطباء والمعلمين” . وعند تأمل بيانات الأجور في البيان التحليلي وجدنا :
العدد البند مشروع 2023/2024 مشروع 2022/2023
بنود انخفض المخصص لها
1 بدل طبيعة عمل الأطباء 83.5 مليون 83.7 مليون
2 بدل العدوى ووقاية من الاشعة 199.3 مليون 200.7 مليون
3 بدل تفرغ للاطباء البيطريين 4.4 مليون 4.6 مليون
4 حافز الإثابة 4.7 مليار جنيه 4.8 مليار جنيه
5 مكافأة الامتحانات 14.5 مليار 14.6 مليار
6 حافز الإدارة المدرسية 177 مليون 198 مليون
7 بدل معلم (تدريس) 5,205 5,220 مليون
8 بدل اعتماد (معلمين) 10.6 مليار 10.8 مليار
9 علاوة مقابل الأعباء الوظيفية للمعلمين 5.2 مليار 5.3 مليار
بنود أرتفع المخصص لها
1 بدل حرمان للصيادلة و الحكيمات
والمولدات والممرضات والزائرات
الصحيات والمفتشات 77.4 مليون 74.6 مليون
2 بدل مخاطر المهن الطبية 7.5 مليار
5.5 مليار
3 حوافز أداء المعلمين 7.6 مليار 4.4 مليار
4 حافز تطوير التعليم قبل الجامعى 3.4 مليار 2.9 مليار
هذه التخفيضات وإن تبدو طفيفة فهي تغفل أن معدل التضخم وصل إلى 40% ومن ثم فإن تثبيت هذه البنود أو تخفيضها هو إضرار بالأجور الحقيقية للأطباء والمعلمين وتآكل قيمة أجورهم الحقيقية في ظل التضخم على عكس ما تحدث عنه الوزير في البيان المالي.
شراء السلع والخدمات
من الغريب أنه وفي ظل ارتفاع معدلات التضخم وسعر صرف الدولار نجد تخفيض في بند المواد الخام للأدوية وزيادة في بند المستلزمات الطبية هل يعكس ذلك توجه لتخفيض الصناعة الدوائية؟! وتم تخفيض المخصص لبند صيانة وترميم مباني إنشاءات وأعمال صغيرة المباني رغم الارتفاع المتزايد في أسعار مواد البناء بجميع أصنافها وبما يعكس إهمال يؤثر على كفاءة المباني الحكومية وعمرها الافتراضي، وكذلك بند صيانة الطرق والجسور.
الفوائد
لو تأملنا رقم الفوائد وأهميته مقارنة بباقي البنود نجدها بلغت في موازنة 2010/2011 ما يقرب من 85.1 مليار جنيه وارتفعت إلى 193 مليار في 2014/2015 وإلى 568.4 مليار جنيه في 2019/2020 ولكن مع استمرار نفس السياسات وتسمى نتائج الإصلاح الاقتصادي وتنفيذ روشتة صندوق النقد الدولي قفزت الفوائد في موازنة 2023/2024 للتجاوز التريليون جنيه وبقيمة تصل إلى 1,120 مليار جنيه. وارتفعت أهمية الفوائد إلى مصروفات الموازنة التي تشمل الأجور والمشتريات والدعم والاستثمارات من 26.3% في موازنة 2014/2015 إلى 37.4 % من المصروفات في مشروع موازنة 2023/2024 وبسبب إنفلات الديون وعدم عرض غالبيتها على مجلس النواب وغياب الشفافية في أغلبها.
كانت الفوائد تمثل 26.3% من المصروفات في 2014/2015 وارتفعت إلى 37.4% في موازنة 2023/2024، كما ارتفعت من 8% من الناتج المحلي إلى 9.5%. ورغم حديث وزير المالية عن التوجه لتخفيض الديون نجد قفزات كبرى من 2014 وحتى مشروع الموازنة الحالي، بل أنه بين العام الماضي والعام الحالي حدثت طفرات في بنود الفوائد.
البند مشروع 2023/2024
مليار جنيه مشروع 2022/2023
مليار جنيه
الفوائد 1,120 775.1
الفوائد الخارجية 152.6 89.4
فوائد محلية ( المقيمين) 976.4 685.6
للخزانة العامة ) تشمل فوائد القروض الخارجية والمعاد اقراضها من الخزانة (
6.2 2.1
الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية
ارتفع المخصص لبند الدعم بقيمة 103.7 مليار عن المخصص في العام الماضي.ورغم ارتفاع المخصص النقدي للدعم من 198.5 في موازنة 2013/2014 ليصل الي 529.6 مليار جنيه. ولكن لو تأملنا وتتبعنا المخصص لللدعم لمختلف البنود نجد الآتي :
– انخفضت اهمية الدعم لإجمالي مصروفات الموازنة من 27.1% الي 17.7% وبالنسبة الي الناتج المحلي الإجمالي من 8.3% إلي 4.5%. وبذلك فعلياً يوجد انخفاض وتخفيض مستمر في مخصصات الدعم سواء من حيث نسبتها للمصروفات او نسبتها للناتج المحلي الإجمالي. وإذا ربطنا الرقم المخصص للدعم بالزيادة في عدد السكان وسعر صرف الجنيه امام الدولار نجد أن الحقيقة هي تخفيض كبير في مخصصات الدعم ومتوسط نصيب الفرد منه.
– توجد مغالطات محاسبية في المشروع تقدر بحوالي 48% من المخصص للدعم وهم رقم دعم المواد البترولية 119.4 مليار جنيه وهو تقدير محاسبي بين الفرق بين سعر بيع المواد البترولية في السوق المحلي واسعارها في السوق العالمي لو تم تصديرها . هل نتصدق علي المصريين باستهلاكهم للمواد البترولية المستخرجة من الأراضي المصرية؟! والرقم الثاني هو رقم مساهمات في صناديق المعاشات 134.7 مليار جنيه وهو جزء من القسط السنوي الذي تعهدت وزارة المالية بسداده علي خمسين سنة بعد استيلائها علي كل أموال المعاشات. فهل سداد الديون نسميه دعم ؟! هل سداد جزء من حقوق اصحاب المعاشات المهدرة نسميه دعم وهناك رفض لرفع الحد الأدني للمعاشات ليعادل الحد الأدني للأجور وكأن الأسعار والتضخم للعاملين فقط بينما اصحاب المعاشات لا يعانون نفس التضخم. واذا سألت المالية كيف تدبر موارد لزيادة المعاشات فإن الأموال التي استولت عليها وعوائدها كانت كافية لتمويل الزيادة لكن المالية استولت علي الأموال وتعهدت بسدادها علي خمسين سنة وتغضب حين نتحدث عن زيادة المعاشات. وكأن اصحاب المعاشات يحصلون علي طعام وادوية باسعار مخفضة مقابل ما قدموه للوطن علي مدي سنوات خدمتهم.
– شهد مشروع الموازنة زيادات حقيقية في بعض البنود منها مضاعفة الدعم في بندين الأول هو دعم التأمين الصحي والأدوية من 3.8 مليار في العام الماضي الي 6 مليار في الموازنة الجديدة و دعم إسكان محدودي الدخل من 5 مليار الي 10.2 مليار ، معاش الضمان الاجتماعي من 22 مليار جنيه إلي 31 مليار جنيه. إضافة الي استحداث بند جديد لأول مرة وهو دعم الانتاج الصناعي بحوالي 19.5 مليار جنيه وهو خطوة مهمة وضرورية ونتمني ان يتبعها برنامج كامل لتعويم المصانع المتوقفة والمتعثرة وتشغيل الطاقات العاطلة في المصانع المنتجة. فدعم الإنتاج الزراعي والانتاج الصناعي هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق نمو حقيقي ومستدام.
– أعلن وزير المالية في البيان المالي ” أنه من المتوقع ان ترتفع قيمة مخصصات دعم السلع التموينية ورغيف الخبز خلال عام 2022/2023 لتصل إلي ١٤٠٫٥ مليار جنيه” صفحة 45 من البيان المالي . بينما الجدول المنشور في البيان التحليلي صفحة 43 يوضح ان المخصص لدعم السلع التموينية انخفض من 130 مليار جنيه في العام الماضي الي 127.7 مليار جنيه في المشروع الحالي رغم زيادات السكان ونسب التضخم ورغم تقليص الحصص التموينية للمواطن . كيف يناقض وزير المالية نفسه؟!
– يتحدث البيان المالي عن ” الاستمرار في سياسة التسعير السليم للسلع والخدمات لضمان كفاءة تخصيص الموارد والاستخدامات” صفحة 56 . ولم نعرف كيف يتم التسعير السليم وكيلو الزيت اصبح 700 جرام ونصف كيلو المكرونة اصبح 350 جرام مع الزيادات المستمرة في الأسعار فهل هذا هو التسعير السليم؟!
– تتضح الانحيازات من خلال زيادة الدعم المخصص لدعم الصادرات والذي قفز من 6 مليار في العام الماضي الي 28 مليار في المشروع الجديد اي بنسبة 466 % في سنة واحدة فهل شهدنا قفزة كبري في الصادرات ام ان الزيادة في الصادرات ترجع الي تغير سعر الدولار وليس الي زيادة الكميات المصدرة . فهذه علامة واضحة علي انحيازات السياسة المالية ومشروع الموازنة لصالح اي طبقات وفئات اجتماعية.
– أما المضحكات المبكيات فهي دعم المزارعين الذي تم تثبيته علي رقم العام الماضي 544.5 مليون جنيه في الوقت الذي ندعم المصدرين ب 28 مليار جنيه وكذلك دعم تنمية الصعيد والذي تم تثبيته ايضا علي رقم العام الماضي وهو 400 مليون جنيه فقط. وكأنه لا يوجد تضخم ولا يوجد غلاء والرقمين أقل من مليار جنيه فبقائها لمجرد الوجود وفقط. ولكنها لا تعالج مشاكل المزارعين ولا تعالج مشاكل الصعيد المتفاقمة منذ عقود.
شراء الأصول غير المالية ( الاستثمارات)
للباب السادس في مصروفات الموازنة أهمية كبيرة لأنه يعكس توجهات ورؤية التنمية لدي صناع السياسة المالية . وقد شهد المخصص للباب السادس زيادة كبيرة من 376.4 مليار جنيه في العام الماضي إلي 586.6 مليار جنيه في المشروع الحالي.
– أرتفعت أهمية الاستثمارات إلي إجمالي مصروفات الموازنة من 8.4% في 2014/2015 إلي 19.6% في موازنة 2023/2024، وبالنسبة للناتج المحلي الإجمالي ارتفعت من 2.6% الي 5% اي تضاعف الانفاق والأهمية فكيف كان التوزيع الداخلي لبنود الاستثمارات العامة.
– أرتفع الانفاق علي شراء الأصول الثابته من 73% من الاستثمارات الي 93% من الاستثمارات خلال الفترة. وانخفضت نسبة الإنفاق علي المباني السكنية من 11.8% إلي 6.3% بينما انخفض الانفاق علي المباني غير السكنية من 18.9% من الأصول الثابته الي 11.2% بينما قفز الاستثمار في بند التشييدات بالأصول الثابتة والذي يشمل الطرق والكباري من 20.2 مليار جنيه تمثل 45% من الأصول في 2014/2015 إلي387.1 مليار جنيه تمثل 71% من الإنفاق علي الأصول الثابته للدولة.
– أي أن التركيز الرئيسي للاسثتمارات في الأصول الثابته تركز علي التشييدات التي زاد الانفاق عليها بنسبة 1909% خلال هذه الفترة وكأن الطرق والكباري وحدها تصنع التنمية بدون زراعة وبدون صناعة وبدون سكان . إن لدينا خلل حقيقي في توجيه الجزء الأكبر من الاستثمارات الي التشييدات ولدينا العديد من المشاريع المعطلة لا نجد تمويل لها في مشروع الموازنة لأن جُل الاستثمارات الحكومية موجهة الي هذا البند.
– انخفض الانفاق علي الآلات والمعدات من 42.1 مليار جنيه في العام الماضي الي 34.3 مليار جنيه في المشروع الحالي، والتجهيزات من 20 مليار في العام الماضي الي 18 مليار في الموازنة الجديدة.
هل يمكن رفع معدلات التنمية فقط بالإنفاق علي التشييدات ؟! بدون زراعة وبدون صناعة؟!
حيازة الاصول المالية المحلية والاجنبية
ارتفع الانفاق علي الباب السابع من 29.9 مليار في العام الماضي الي 42.3 مليار في المشروع الحالي وبنسبة زيادة تبلغ 41.5% عن العام الماضي.
يمثل الانفاق علي المساهمات وحقوق الملكية في الهيئات العامة الاقتصادية وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام قلب الباب السابع وقد ارتفع الانفاق علي هذا البند من 11.4 مليار جنيه تمثل 83.1% في موازنة 2014/2015 إلي 24.3 مليار جنيه تمثل 57.7% من مخصصات الباب السابع . وقد كان المخصص للبند في العام الماضي 19.3 مليار وارتفع الي 24.3 مليار في مشروع الموازنة الجديدة .
سداد القروض المحلية والاجنبية
يشكل الباب الثامن أكبر الأعباء على الموازنة ويتصاعد العبء منذ سنوات. وارتفع الإنفاق على البند من 236.4 مليار في 2014/2015 إلى 242.6 في 2018/2019 ثم بدأ في التضخم المتصاعد من 543.7 في 2020/2021 ليصل الي 1315.9 مليار جنيه في مشروع الموازنة الحالي بعد ان كانت قيمته 965.4 في العام الماضي.
كان سداد أقساط القروض يمثل 22% من الاستخدامات في 2010/2011 وارتفع الي 24% في 2014/2015 ثم واصل الارتفاع ليصل الي 30% في مشروع الموازنة الحالي بعد ان كان 31% من الاستخدمات في العام الماضي. وهو يشكل عبئ رئيسي علي مصادر الدخل الأجنبي بالإضافة للفوائد علي القروض الاجنبية.
إذا المديونية والديون هي أخطر وسيلة لتمويل الإنفاق الحكومي لأن الديون بشروطها واعبائها وفوائدها تحد من قدرات السياسة المالية علي تمويل كل بنود الانفاق الضروري خاصة علي الأجور والدعم والحماية الاجتماعية والتعليم والصحة. وللاسف الشديد حدث تغير في هيكل المديونية خلال السنوات الأخيرة . فسداد الديون المحلية كان يمثل 86.1% عام 2014/2015 وانخفض الي 77.3% في المشروع الحالي . كما ارتفعت اهمية أقساط الديون الخارجية من 13.8% الي 22.7% وهو ما يعني مزيد من الشروط ومزيد من القيود والضغوط والمزيد من الاحتياج للنقد الأجنبي الذي لن يوفره الاستثمار في الطرق والكباري والمونوريل والقطار السريع واكبر مسجد واعلي برج.
واصبح الاقتصاد المصري بكل قطاعاته يعمل لصالح الدائنين من أجل سداد أعباء الديون وخدمة الديون من فوائد واقساط وشروط وضغوط . لذلك لا بد من وضع خطة لتوفير التمويل المحلي وتخفيض الاعتماد علي الاقتراض كمصدر للتمويل ودعم حقيقي واستهداف تنموي للزراعة والصناعة لبلورة تنمية حقيقية وفرص عمل جديدة وقيمة مضافة حقيقية وصادرات بما يخفف الكثير من الاعباء الحالية. ولكن للاسف يوجد استسهال في الاقتراض بينما الحل الآخر يحتاج جهد اكثر ومجهود اكبر ولكنه لا سبيل غيره لتحقيق التنمية المستدامة.
الموارد
تشمل موارد الموازنة خمس بنود منها ثلاث بنود للايرادات وتشمل الضرائب والمنح والإيرادات الأخري يضاف اليها بابين هما المتحصلات من الحيازة (المتحصلات من الإقراض ومبيعات الأصول المالية) ومصادر التمويل ( الإقتراض وإصدار الأوراق المالية من أذون وسندات وغيرها) لتشكل البنود الخمسة أبواب الموارد بالموازنة.
ارتفع مخصص الموارد المتوقع من 984 مليار جنيه في 2014/2015 إلي 1,911.3 مليار جنيه في موازنة 2019/2020 ثم بلغت 4,349.2 مليار جنيه في موازنة 2023/2024.
في 2014 بلغت الإيرادات 465 مليار جنيه تمثل 47.2% من الموارد وبلغ الإقتراض وإصدار الأوراق المالية من أذون وسندات وغيرها 516 مليار جنيه ويمثل 52.4% من الموارد في تلك السنة. أما مشروع الموازنة الجديد فتبلغ الايرادات 2,142.1 مليار جنيه تمثل 49.3% من المورد بينما بلغ المتوقع من الاقتراض واصدار الأوراق المالية 49.2% بما يعني زيادة في الاعتماد علي الإيرادات ولكنها للاسف زيادة لا تتناسب وزيادة المصروفات فنجد العجز الكلي يرتفع من 279.4 مليار جنيه في 2014 الي 824.4 مليار جنيه في 2023/2024 وبما يعكس ان اسلوب وطريقة العلاج الحالية لا تصلح لتخفيض حقيقي في اعباء المديونية ولا الي تخفيض حقيقي في قيمة العجز الكلي وفقاً لبيانات وزارة المالية المنشورة.
الضرائب يفترض أن تكون الضرائب هي المصدر الرئيسي لتمويل المالية الحكومية وتمويل التنمية ولكن يوجد ف مصر مشكلتين الأولي هى أن مصر ترفض تطبيق نظام الضرائب التصاعدية. معروف أن الضرائب التصاعدية أكثر عدالة من الأنظمة المغلقة، وأن النظام الضريبي المصري يضع حدًا أعلى للضرائب على دخول الأفراد 25% وحدًا أعلى لضرائب الشركات 22.5%. لذلك نجد في ضرائب الدخل أن كل من يزيد دخله السنوي عن 400 ألف جنيه حوالي 33 ألف شهرياً يخضع لنفس سعر الضريبة فيتساوي من يبلغ دخله 400 ألف ومن يبلغ دخله 4 مليون أو 40 مليون أو 400 مليون كلهم يدفعون نفس سعر الضريبة. وفي أعقاب ثورة يناير كانت قضية الضرائب التصاعدية على رأس قضايا العدالة الاجتماعية التي طرحت ولكن مقاومة الرأسمالية المصرية وأدت هذه الفكرة في مهدها.
توجد دراسة منشورة على مدونة صندوق النقد الدولي في يوليو 2022 بعنوان “الشرق الأوسط في حاجة إلى ضرائب أكثر عدالة للمساعدة على تحقيق النمو والحد من عدم المساواة”، تقول الدراسة “زيادة تصاعدية الضرائب وتقليل الإعفاءات سيساعدان الحكومات على تلبية أولويات الإنفاق العاجلة وجعل المجتمعات أكثر عدالة، إن لبلدان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تاريخا طويلا من استخدام الضرائب لتنمية اقتصاداتها وتعزيز الإدماج الاجتماعي”.
وتتحدث دراسة صندوق النقد الدولي حول النظام الضريبي المصري فهو أقدم نظام ضريبي في العالم وأنه توجد أهمية للضرائب التصاعدية وهو نفس الهدف الذي يدعو له صندوق النقد منذ عام 2015 في دراسته عن العدالة الضريبية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، مجلة “آفاق اقتصادية معاصرة” الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء في عدد مايو 2021 المخصص للسياسات الضريبية نشر دراسة للدكتورة إسراء عادل الحسيني الاستاذ المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جاء فيها:”ومما لا شك فيه، أن الضرائب التصاعدية هي الأكثر ملاءمة لأغراض تحقيق العدالة في توزيع العبء الضريبي بين الأفراد في المجتمع؛ نظراً لأنها تضمن أن الأفراد الأعلى دخلاً وبالتالي الأكثر قدرة على دفع الضريبة، يخضعون لمعدل أعلى للضريبة مقارنة بنظرائهم الأقل دخلاً. أما الضرائب ذات المعدل الثابت، فعلى الرغم من أنه يبدو في ظاهرها أنها تحقق مبدأ العدالة بإخضاع الجميع لذات المعدل، وبالتالي تضمن أن تكون قيمة الفاتورة الضريبية للفئات الأعلى دخلاً (أو الأكثر قدرة على دفع الضريبة) أعلى من تلك الخاصة بالفئات ذات الدخل الأقل، فإن تلك الضرائب في جوهرها تتعارض مع فكرة العدالة الرأسية في توزيع العبء الضريبي، والتي تقتضي تحقيق قدر من التفاوت في معدل الضريبة ذاته وفقًا للتفاوت في القدرة على الدفع”.
المشكلة الثانية هي أن مصر تعتمد علي نظام الضرائب غير المباشرة كمصدر رئيسي لتمويل الخزانة العامة من خلال ضريبة القيمة المضافة وضريبة الدمغة وضريبة التجارة الدولية والرسوم على تنمية الموارد و الضرائب على استخدام السلع والترخيص باستخدامها وتأدية الأنشطة والإتاوات وهي تعرف بالضرائب العمياء لأنها لا تفرق بين الأغنياء والفقراء وتطبق على الجميع بنفس النسب.
أما إذا تأملنا تفاصيل الإيرادات الضريبية في مشروع موازنة 2023/2024 نجد الآتي:
– الضرائب علي الدخول والأرباح الرأسمالية تبلغ .4 594 مليار جنيه تمثل 38.9 % من الإيرادات الضريبية ، الضرائب علي الممتلكات 173.6 مليار جنيه وتمثل 11.3% من إجمالي الإيرادات الضريبية. بينما الضرائب غير المباشرة والضرائب علي السلع والخدمات فتبلغ 664.6 مليار جنيه وتمثل 43.4% من الإيرادات لتشكل أعلي مصادر التمويل الضريبي.
– في مشروع الموازنة الحالي تقسم ضرائب الدخل الي ضرائب علي دخول الاشخاص الطبيعيين وتشمل الضرائب علي الدخول من التوظف 134.8 مليار جنيه تمثل 22.7% من ضرائب الدخل يدفعها العمال والموظفين بينما الضرائب علي النشاط الصناعي والتجاري كمنشآت فردية وشركات اشخاص 77 مليار ، والمهن غير التجارية ( الأطباء والمحاميين والمهندسين والمحاسبين والفنانين ولاعبي الكرة) يدفعون 9.5 مليار . اي ان ما يدفعه العمال والموظفين يزيد علي كل ما يدفعه النشاط التجاري والصناعي والمهن الحرة .
– الضرائب علي الأرباح الرأسمالية 2.6 مليار والضرائب علي الممتلكات 7.8 مليار بينما اجور العمال والموظفين يدفعوا 134.8 مليار جنيه. هل هذا عدل ؟!!
– الضرائب علي أرباح شركات الأموال ( الشركات المساهمة ) 370.2 مليار جنيه منها 168.2 مليار من هيئة البترول وحصة الشريك الأجنبي وهيئة قناة السويس وهي تمثل 45.4% من ضرائب شركات الأموال بينما يتوقع تحصيل 202 مليار من جميع الشركات المساهمة تمثل 54.6% من ضرائب الشركات المساهمة .
– بذلك تقول بيانات الموازنة ان العمال والموظفين يسددو 134.8 مليار وكل النشاط الصناعي والتجاري يسدد 77 مليار وكل الشركات المساهمة الخاصة تسدد 202 مليار . أين العدالة في هذا النظام الضريبي المريض . ولماذا نظل لسنوات نضع حد أعلي لضرائب الدخل 25% وضرائب الشركات 22.5% ونرفض فرض ضريبة علي الثروة لمن يزيد دخله علي 5 مليون جنيه أو فرض ضرائب تصاعدية علي الدخل .
– وبالرجوع للبيانات الدولية المنشورة نجد الحد الأعلي لضرائب الدخل يصل الي 57% في فنلندا و 56% في اليابان ، 50% في إسرائيل و 45% في كل من ألمانيا، الصين ، المملكة المتحدة، جنوب أفريقيا، فرنسا و 40% في تركيا و 38% في الاتحاد الأوروبي و34% في الولايات المتحدة الأمريكية فلماذا الإصرار علي ان يظل الحد الأقصي لضريبة الدخل 25%. ولما نساوي بين من يبلغ دخله 400 ألف او 4 مليون او 400 مليون او 4 مليار هل هذه عدالة ؟! ولماذا لم يهرب الاستثمار من كل دول العالم ويهرب من مصر اذا رفعت اسعار الضريبة.
– إن الإصرار علي استمرار هذا الوضع الشاذ والمريض هو ما يجعلنا مضطرين للاقتراض والمزيد من الاقتراض لسداد الديون بينما لدينا مصادر اخري يمكن بها زيادة مواردنا وايراداتنا ولا نفعل . هل هذا منطقي؟!!
– ارتفعت الضرائب علي السلع والخدمات ( الضرائب غير المباشرة) من 122.9 مليار في موازنة 2014/2015 إلي 664.6 مليار جنيه في موازنة 2023/2024 تمثل 43.4% من الإيرادات الضريبية . وتضم ضريبة قيمة مضافة علي السلع 311.2 مليار وضريبة قيمة مضافة علي الخدمات 99.4 مليار و الضرائب على سلع وخدمات جدول رقم ” 1″ محلية بقيمة 164.3 مليار منها 6.5 مليار ضرائب علي المياه الغازية و 88.1 مليار علي التبغ والدخان .
– ورغم ادعاء الحكومة بدعم المنتجات البترولية والذي اوضحنا انه رقم محاسبي نجد انه يوجد في مشروع الموازنة ضرائب علي منتجات النفط 53.3 مليار جنيه . كيف نتحدث عن دعم ونحن نشتري المنتجات ونسدد عليها ضريبة استهلاك .
– كما توجد ضريبة دمغة متوقعة في الموازنة تبلغ 35.9 مليار ، ورسوم تنمية الموارد 16.9 مليار ، ضرائب على استخدام السلع والترخيص باستخدامها وتأدية الانشطة 31.6 مليار و ضرائب علي التجارة الدولية (الصادرات والواردات ) 58.2 مليار.
إننا لا نحتاج الي إصلاح ضريبي لكن نحتاج لثورة ضريبية شاملة يمكن ان تكون ركيزة أساسية لإصلاح المالية العامة وتصويب وضع الموازنة العامة وتحتاج إلي اصدار وتعديل عدد من التشريعات لكي نصل الي نظام ضريبي اعلي ايراداً وأكثر عدالة. وبحيث يكون دافع للتنمية وممولاً لها من ناحية وراعياً للحماية الاجتماعية ومحققاً خطوة كبري علي طريق العدالة الاجتماعية.
الإيرادات الأخري
تتمثل الإيرادات المتضمنة في هذا الباب فيما تحققه الدولة من عائد على استثمار رؤوس أموالها في هيئتي البترول وقناة السويس والبنك المركزي والهيئات الاقتصادية المختلفة وحصتها في أرباح الشركات (قطاع الأعمال العام وغيرها). كما تتضمن هذه الإيرادات الأخرى مجموعة الفوائد المحصلة وموارد الصناديق والحسابات الخاصة ولها مقابل ضمن مصروفات الموازنة العامة للدولة، وغيرها من الإيرادات الأخرى.
ويعد هذا الباب أفضل وسيلة لقياس مدي نجاح الحكومة في ادارة الموارد العامة المملوكة للدولة والتي تظهر في الباب الثالث لتعبر عن مدي الكفائة او الإخفاق في إدارة هذه الموارد. موازنة عام 2014/2015 تضمنت ايرادات أخري قيمتها 133.8 مليار جنيه تمثل 28.7% من اجمالي الإيرادات و13.6% من إجمالي الموارد. وقد شهد الباب الثالث من الإيرادات قفزة كبيرة في قيمته المتوقعة من العام الماضي حيث بلغت حصيلته 348.1 مليار الي 610.1 مليار في موازنة 2023/2024 وهي تمثل 28.5% من الإيرادات و 14% من الموارد.
لو قمنا بالمقارنة بين وضع الإيرادات الأخري ورغم تضاعف المخصص المتوقع من 348.1 مليار في العام الماضي الي 610.1 مليار في المشروع الحالي الا ان أهميتها الي إجمالي الايرادات ظلت دون مستوي الأهمية في 2014/2015.
يعكس هذا الباب مدي كفاءة الحكومة في إدارة الأصول والموارد المملوكة لها وبالنظر لمشروع موازنة 2023/2024 نجد الآتي :
تعكس أرباح الأسهم مدي كفاءة ادارة الأصول التي تديرها الحكومة وهنا نجد المفاجأة :
– رغم ارتفاع العائد من الهيئات الاقتصادية من 11.6 مليار جنيه في العام الماضي الي 14.4 مليار في العام الحالي اي إنها ارتفعت 24.1% عن العام الماضي. لكن هل يتناسب هذا العائد مع 59 هيئة عامة اقتصادية الحقيقة انه رغم نموه عن العام الماضي الا اننا لازلنا بعيدين جداً عن الوصول لتحقيق عائد اقتصادي مناسب من الهيئات الاقتصادية المملوكة للدولة وهذا وان دل علي شئ فيدل علي سوء سياسات وسوء إدارة.
– الدليل الأكبر علي سوء الإدارة للموارد هو تراجع أرباح أسهم شركات القطاع العام من 10 مليار في العام الماضي الي 3.3 مليار في موازنة 2023/2024 ، أما أرباح أسهم شركات قطاع الأعمال العام من 6 مليار في العام الماضي الي 5 مليار في المشروع الحالي. الا يعكس ذلك فشل الحكومة في إدارة الاستثمارات العامة؟!
– حدث تحسن في ارباح هيئة قناة السويس من 40.6 مليار في العام الماضي إلي 50.7 في المشروع الحالي.
– هيئة البترول هي أحد مصادر الدخل للدولة رغم الحديث عن دعم المنتجات البترولية ولكن العجيب ان نشهد تراجع في ارباح اسهم هيئة البترول من 12.2 مليار في العام الماضي الي 912 مليون فقط. هل هذا طبيعي ؟! هل يوجد تبرير للإنخفاض؟!
– استحدثت المالية ضمن عائد الايجارات بند جديد لأول مرة في موازنة 2023/2024 هو 8.1 مليار جنيه بخلاف 12.4 مليار اي 20.5 مليار بخلاف الضرائب والرسوم . هل تدعم الدولة المنتجات البترولية حقاً؟!
– وإذا كنا نتحدث عن سوء إدارة الموارد فربما رقم ايرادات المناجم والمحاجر والذي لا يتجاوز 2.1 مليار واتاوات الذهب التي لا تتجاوز 660 مليون . هل تتناسب هذه الأرقام مع استهلاك واستنزاف الثروات الطبيعية ؟! الا يعكس ذلك سوء استثمار للموارد الطبيعية.
– ارتفعت الموارد الجارية من الصناديق والحسابات الخاصة من 52.7 مليار في العام الماضي الي 65.8 مليار في المشروع الجديد فهل يتناسب هذا الرقم وحجم الأموال الموجودة في الصناديق الخاصة ؟! بينما يوجد رقم آخر خاص بالصناديق هو حصيلة وزارة المالية من اجمالى ايرادات الصناديق و الحسابات الخاصة والذي ارتفع من 7 مليار العام الماضي الي 9.3 مليار في المشروع الجديد.
– بالنسبة للإيرادات المتنوعة الجارية الأخري أرتفعت من 34.2 مليار إلي 79.5 مليار ويخص هذا البند الموارد الذاتية لبعض الجهات.
– بالنسبة للإيرادات المتنوعة الرأسمالية حدث تطور ايجابي في بندين هما موارد ومصادر رأسمالية أخرى والذي ارتفع من 74.7 مليار في العام الماضي الي 124.4 مليار، وبند ايرادات رأسمالية أخرى والذي ارتفع من 45.2 مليار إلي 180.2 مليار .
لذلك نؤكد علي أهمية وضرورة تطوير إدارة موارد الدولة والتي تتضح من خلال باب الإيرادات الأخري.
الاقتراض واصدار الأوراق المالية بخلاف الأسهم
أوضحنا في أكثر من موضع خطورة القروض والتوسع المنفلت فيها وأعبائه علي الاقتصاد وعلي حرية القرار الاقتصادي ومراجعة ارقام الباب الخامس من الموارد يوضح كيف قفزت أرقام الديون بشكل كبير خلال السنوات الماضية .
– بلغ المخصص للاقتراض لتغطية فجوة الموارد في 2014/2015 مبلغ 515.8 مليار ارتفعت الي 714.8 مليار في 2018/2019 ولكن التساهل في التعامل مع قضية الديون أدخلنا في كوارث قفزت بفجوة الموارد ليتضاعف رقم الاقتراض ليتجاوز 1000 مليار منذ 2020/2021 حتي وصل الي 2,140.3 مليار في موازنة 2023/2024.
– الديون المحلية تمثل 95.2% من الديون وبقيمة 2,038.5 مليار . وبذلك تصبح الديون المحلية هي الجزء الأكبر والغالب من الديون وقد يعتبر البعض ان تقليص الديون الخارجية إيجابي. لكن الحقيقة أن التوسع في اصدار سندات وأذون الخزانة يدفع البنوك المحلية إلي شراء القدر الأكبر من هذه الأوراق المالية نظراً للفائدة المرتفعة والفرق بينها وبين العائد علي الودائع وبذلك تستخدم البنوك الودائع في شراء الديون المحلية والاستفادة من فرق سعر الفائدة وبذلك يحرم الاستثمار الوطني من هذه الأموال التي يمكن ان تدعم الانتاج وتوفر فرص عمل وقيمة مضافة حقيقية. لأن المستثمر سيجد أعباء الاقتراض مرتفعة بما يشكل عبئ علي استثمارات المشروع وكفائته المالية فيضطر لرفع الأسعار ليحقق إيرادات تكفل له سداد أقساط القرض. وبذلك نجد اننا أمام تحول في وظيفة البنوك من ممول للاستثمار الوطني الي ممول للديون الحكومية.
– تقلص حجم الديون الأجنبية من إجمالي الديون في مشروع الموازنة ليصبح 4.7% فقط من الديون الجديدة في 2023/2024.
– قد يعتبر البعض ان تخصيص 8.6 مليار من الديون الخارجية لتمويل استثمارات شئ ايجابي ، ولكن ما قيمة هذا المبلغ وسط استثمارات متوقعة تصل الي 586.6 مليار جنيه فنجد أن هذا المبلغ من الديون الخارجية يمثل 1.4% فقط من المخصص للاستثمارات في موازنة 2023/2024.
الإنفاق علي التعليم
– أرتفع المخصص للإنفاق علي التعليم من 94.3 مليار في 2014/2015 إلي 229.8 مليار في موازنة 2023/2024 ورغم ذلك انخفضت اهمية الانفاق علي التعليم الي إجمالي مصروفات الموازنة من 12% إلي 7.7% خلال نفس الفترة ، وانخفضت الأهمية الي الناتج المحلي الإجمالي من 3.9% إلي 1.9% بينما النسبة الدستورية هي 7% ولكن وزارة المالية تبحث عن بنود خارج موازنة التعليم وفقاً للتقسيم الوظيفي لتدعي انها تحقق النسبة الدستورية .
– أرتفعت أهمية الأجور الي إجمالي مصروفات التعليم من 66% في موازنة العام الماضي الي 71% ولذلك انخفضت أهمية المخصص للاستثمارات من 23% من الانفاق علي التعليم في العام الماضي الي 19% في المشروع الحالي.
– أرتفع نصيب الأجور في موازنة التعليم إلي إجمالي مخصص الأجور في الموازنة من 32% في العام الماضي إلي 34% في العام الحالي بينما تراجعت أهمية الاستثمار في التعليم الي إجمالي الاستثمارات العامة من 12% في العام الماضي الي 7% في العام الحالي.
الإنفاق علي الصحة
– أرتفع المخصص للإنفاق علي الصحة من 42.4 مليار في 2014/2015 إلي 147.8 مليار في موازنة 2023/2024 ورغم ذلك انخفضت اهمية الانفاق علي الصحة الي إجمالي مصروفات الموازنة من 5.4% إلي 4.9% خلال نفس الفترة ، وانخفضت الأهمية الي الناتج المحلي الإجمالي من 1.8% إلي 1.2% بينما النسبة الدستورية هي 3% ولكن وزارة المالية تبحث عن بنود خارج موازنة الصحة وفقاً للتقسيم الوظيفي لتدعي انها تحقق النسبة الدستورية .
– أرتفعت أهمية الأجور الي إجمالي مصروفات الصحة من 43.2% في موازنة العام الماضي الي 50% ولذلك انخفضت أهمية المخصص للاستثمارات من 26% من الانفاق علي الصحة في العام الماضي الي 20% في المشروع الحالي.
– أرتفع نصيب الأجور في موازنة الصحة إلي إجمالي مخصص الأجور في الموازنة من 14% في العام الماضي إلي 16% في العام الحالي كما ارتفعت أهمية شراء السلع والخدمات في الصحة إلي إجمالي الباب الثاني من 23% إلي 24% بينما تراجعت أهمية الاستثمار في الصحة الي إجمالي الاستثمارات العامة من 9% في العام الماضي الي 5% في العام الحالي.