أحمد سلامة يكتب: أوضاع الصحافة القومية (1)
مازالت الصحافة القومية في مصر تعاني، وبشدة، على كل المستويات، سواء على المستوى الاقتصادي أم على المستوى المهني، وإن كان المستويان مرتبطان بوثاق غليظ.
فالحريات المقيدة، والرقابة التي باتت ذاتية، وضعف الموارد، وقصور التطوير المهني.. كلها عوامل مازالت تضرب أركان صاحبة الجلالة وتحط من قدرها وتمنع انطلاقاتها، حتى تحولت الصحف القومية إلى “نشرات” يتشابه بعضها مع بعض.
يضاف إلى كل ذلك اقتصار دور الهيئة الوطنية للصحافة على متابعة تراجع المؤسسات القومية دون أن يكون لها أثر عميق على تعديل مسارها، حيث تكتفي في بعض الأحيان “بالمشاهدة” إن صح التعبير، دون أن تتدخل بما يُنقذ هذه المؤسسات أو العاملين فيها.
وليس أدل على ذلك من تعطل حركة التغيرات الصحفية التي طال انتظارها، فالمؤسسات القومية بركان مكتوم، لا ينقصه إلا الانفجار.. والسبب في ذلك مرجعه إلى سوء الإدارة التي يبدو أن بعض رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات يتعمدونها.
والحقيقة أنني لست على دارية كافية إن كان هناك مؤسسات تحقق داخلها نسبة رضاء كافية عن أداء رؤسائها أم لا، لكن السواد الأعظم من العاملين داخل الصحف القومية يعبرون دومًا عن عدم الرضا وعن تعرضهم وكثير من زملائهم لحالات من التضييق والتعسف، وتعامل بعض رؤساء المؤسسات كمن يُديرون إقطاعية ورثوها.
ولا شك عندي أن تلك الفترة التي تلت “جبهة تصحيح المسار” هي السبب، أو على الأقل جزءا من سبب ما تعانيه المؤسسات القومية، إذ أن مواقف تلك الجبهة جعلت من أعضائها هدفًا للتصعيد المهني بصرف النظر عن عامل الكفاءة، فبعد أن كان الاختيار بين “أهل الكفاءة” و”أهل الثقة”، تحول الأمر منذ ذلك الحين إلى خيار ثالث هو “أهل المكافأة”.
تصعيد أعضاء جبهة تصحيح المسار، كان بمثابة “مكافأة” على موقفهم ضد النقيب السابق يحيى قلاش، ومن يحصل على مكافأة لا يرجو عملا.. ذلك أنه قدم بالفعل (وفق نظره) ما يستحق عليه تلك الهِبة التي مُنحها، فليس بحاجة إلى إثبات كفاءة ولا قدرة على الإدارة ولا اجتهاد في العمل.. لذلك جاء السوء على كل المستويات الإدارية والمهنية.