ما العمل في مشروع قانون العمل؟.. تعليق المبادرة المصرية على المشروع: تجاهل ربط الأجور بالأسعار.. وأدخل مواد تنتقص من الحق في الإضراب
مشروع القانون امتداد لسياسات تميل لأصحاب العمل والمستثمرين على حساب العمال والمشتغلين على مدى عقود
بعض التعديلات تُهدد بمفاقمة هذه الأوضاع وتفتح الباب لتقنين الانتهاكات القائمة لحقوق العمال فيما يخص عقود العمل المؤقتة
هناك حاجة لتعديل فلسفة القانون في اتجاه عكسي يعيد بعض التوازن لعلاقات العمل ويقترب من الالتزام من حقوق العمل الدستورية
يجب تعديل المادة الخاصة بالعلاوة الدورية إلى نسبة من الأجر الشامل مربوطة بمتوسط معدل التضخم المعلن بدلًا من 3% من الأجر التأميني
أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ورقة تتضمن تعليقها حول مشروع قانون العمل المنظور أمام البرلمان.
وقالت المبادرة في بيان لها، إن الورقة رصدت في مقدمتها أنه بعد عدة أشهر من المناقشات حوله في البرلمان، عاد مشروع قانون العمل الجديد مرة أخرى إلى مرحلة الصياغة، بهدف “تحقيق التوازن بين حقوق أصحاب العمل والموظفين، وكسب رضا جميع الأطراف وتحقيق المصلحة العامة قدر الإمكان”. وذلك حسب ما قاله وزير شؤون المجالس النيابية، علاء الدين فؤاد، بعد أن لاقى المشروع اعتراضات عديدة من جانب أصحاب الأعمال ممثلين في الغرف التجارية والصناعية، وكذلك من جانب النقابات العمالية الرسمية.
وأشار تعليق المبادرة إلى أن الحكومة تفترض أن مشروع القانون الجديد الذي قدمته للبرلمان يعالج السلبيات التي أسفر عنها تطبيق قانون العمل منذ عام 2003، بحسب ما جاء في الجزء الخاص بفلسفة القانون الجديد، سواء فيما يتعلق بعدم توافق بعض مواده مع دستور 2014، ومع ما تنص عليه مواثيق واتفاقيات العمل الدولية، أو عدم التوازن بين أطراف العملية الإنتاجية، وتعثر التسوية الودية لمنازعات العمل.
وتابع البيان: “بينت ورقة (ما العمل في قانون العمل؟) أن مشروع القانون الذي ينظم علاقات العمل لما يقرب من 25 مليون عامل وموظف، وتعمل الحكومة على تعديله منذ نحو 7 سنوات، يستهدف – كما جاء في نصه – ربط الأجر بالإنتاج لطمأنة المستثمر الوطني والأجنبي، وتحفيز العامل على بذل الجهد لتعظيم إنتاجيته، من بين أهداف أخرى، لكنه يتجاهل ربط الأجور بمعدل التضخم ومستوى الأسعار، بما يخل بتحقيق التوازن والعدالة بين طرفي علاقة العمل الذي يضعه القانون بين أهدافه”.
وقالت المبادرة إنه رغم تضمُّن مشروع القانون لعدد من التعديلات الإيجابية، التي تضمن حقوق العاملين بشكل أفضل من القانون الحالي، إلا أنه تجاهل الكثير من العيوب والتناقضات القائمة في قانون 2003، وتركها دون تعديل، كما أنه أدخل بعض المواد التي تنتقص فعليًا من حقوق العمال، وعلى رأسها الحق في الإضراب، حيث تضمنت تعديلات القانون إمكانية أن تحظر الدعوة للإضراب أو إعلانه في الظروف الاستثنائية، دون تحديد لماهية تلك الظروف.
وتابعت: “يتطرق تعليق المبادرة لمناقشة عدة جوانب من مشروع القانون بالتركيز على المواد المنظمة لكل من الأجور والعلاوة الدورية، الإضراب عن العمل، عقود العمل وإنهاء علاقة العمل، وأوضاع العمالة غير المنتظمة، وبعض حقوق النساء العاملات”.
واقترحت الورقة تعديلات على تلك المواد، المرتبطة بشكل كبير باستقرار علاقات العمل بأطرافها الثلاثة، أصحاب الأعمال، العمال، المجتمع، وضمان احتفاظ العمال بالحقوق المهنية والاقتصادية المنصوص عليها في الدستور المصري والمواثيق الدولية.
وجاءت أهم توصيات الورقة كالتالي، بحسب البيان:
1- قانون العمل المُعَدَّل امتداد لسياسات تميل لأصحاب العمل والمستثمرين على حساب العمال والمشتغلين على مدى عقود، في وضع تتراجع فيه مستويات المعيشة عند العاملين بأجر وتزيد معدلات الفقر بينهم ويتراجع نصيبهم من الناتج المحلي الإجمالي. وتهدد بعض التعديلات بمفاقمة هذه الأوضاع، وتفتح الباب لتقنين الانتهاكات القائمة لحقوق العمال، فيما يخص عقود العمل المؤقتة، ولإخلال جسيم بأمان علاقات العمل، بينما يقلص فرص العمّال في الدفاع عن حقوقهم من خلال الأدوات القانونية والدستورية كالإضراب. هناك حاجة لتعديل فلسفة القانون في اتجاه عكسي يعيد بعض التوازن لعلاقات العمل ويقترب من الالتزام من حقوق العمل الدستورية ووفقا للاتفاقات الدولية التي تلتزم بها مصر.
2- تفعيل دور الحوار المجتمعي أثناء مناقشة القانون في مجلس النواب، من خلال جلسات استماع للمنظمات العمالية على تنوعها بأوسع درجة من التمثيل، واتحادات النقابات العمالية المختلفة، ومؤسسات المجتمع المدني.
3- تعديل المادة (12) الخاصة بالعلاوة الدورية إلى نسبة من الأجر الشامل مربوطة بمتوسط معدل التضخم المعلن من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بدلًا من 3% من الأجر التأميني.
4- تعديل المواد المنظمة للإضراب بما يضمن تمتع العمال بحقهم في الإضراب السلمي بكافة أنواعه، بمجرد الإخطار، والبدء فيه دون تحديد تاريخ الانتهاء. وإلغاء المادة التي تجيز حظر الإضراب في ظروف استثنائية غير محددة.
5- عدم استثناء قطاعات بعينها من ممارسة حقها الدستوري في الإضراب، طالما لم يترتب على ممارسة هذا الحق تهديد الأرواح أو الممتلكات العامة والخاصة. وإن وجدت ضرورة حقيقية لمثل هذا الاستثناء فيجب توضيحها في نص القانون، ولا تصدر بقرارات إدارية لا يراقبها البرلمان. كما يجب أن يتم تحديد منشآت ووظائف بعينها، وليس حرمان قطاعات كاملة من حقها الدستوري كما هو الوضع حاليا.
6- إعادة صياغة المادتين 70 و71 من التعديلات والمُنظِّمتين لانتهاء علاقة العمل الفردية من مشروع القانون لما تمثلانه من التباس وتناقض يسمح بفصل العمال تعسفياً، وإعادة إنتاج عيوب قانون العمل الحالي، على أن يتم وتفصيل حالات العقد محدد المدة في المادة (70) كالأعمال الموسمية، التي ينتهي عقدها بانتهاء مهمة العمل المتفق عليها. وكذلك تعديل المادة (71) البند الثالث، والنص على اعتبار العقد محدد المدة عقدًا دائمًا في حال تجديده لمدة سنتين، وذلك بالرجوع لتعريف العمل المؤقت في المشروع المقدم من وزارة القوى العاملة في 2016: “يُبرم عقد العمل الفردي لمدة غير محددة، ويجوز إبرامه لمدة محددة في حالة القيام بأعمال موسمية أو أنشطة أخرى لا يمكن بحكم طبيعتها أو بحكم العرف، اللجوء فيها ابتداءً إلى عقود غير محددة المدة”.
7- النص ضمن قانون العمل على كل تفاصيل اختصاصات صندوق حماية وتشغيل العمالة غير المنتظمة المزمع إنشاؤه بالقانون الجديد، وتفاصيل كيفية إدارة أمواله من ناحية، والنص الصريح أيضًا على حقوق العمالة غير المنتظمة والحدود الدنيا المقبولة كظروف عملها من ناحية أخرى، دون أي إحالة لقرارات إدارية خارج نطاق القانون.
8- شمول قانون العمل بمظلته العاملات المنزليات باعتبار أن نسبة كبيرة منهن تعتبر من فئة العمالة غير المنتظمة التي يغطيها القانون.
9- تعميم مزايا رعاية الأطفال في الأسر على الرجال والنساء على السواء باعتبارهم شركاء في المهام الأسرية، بحيث يكون الالتزام بتقديم تلك المزايا للمنشأة التي تشغِل عمالاً يعولون أطفالًا، وإلغاء تعديل وزير القوى العاملة بتقليل إجازة الأبوة عند الولادة ليوم واحد.