مجلس أمناء جائزة ساويرس عن اعتذار شادي لويس عن جائزة أفضل عمل روائي: اخترنا العمل بنزاهة دون أي اعتبارات ونتمنى له التوفيق
كتب: عبد الرحمن بدر
قال مجلس أمناء جائزة ساويرس الثقافية، إنه يعرب عن أسفه الشديد لاعتذار الكاتب شادي لويس، وتنازله عن جائزة ساويرس الثقافية لأفضل عمل روائي – فرع كبار الأدباء، دون إبداء أسباب.
وتابع في بيان له، الثلاثاء: “حيث قال في منشور له على (الفيس بوك إنه ممتن لكل التهاني بفوز روايتي (تاريخ موجز للخليقة وشرق القاهرة) بجائزة ساويرس للرواية-كبار الكتاب، وسعيد بالتأكيد بالخبر وممتن للجنة الجائزة على اختيارها، وساحتفظ بالجايزة لليلة واحدة، وفي الصباح هاكتب لإدارة الجائزة أعلن عن تنازلي عنها ماديا ومعنويا”.
وأضاف: “يؤكد مجلس الأمناء أنه تم اختيار الرواية من لجنة التحكيم بمنتهى النزاهة والشفافية بناء على جدارة واستحقاق الكاتب وتميز الرواية دون أي اعتبارات أخرى، ونتمنى له كل النجاح والتوفيق”.
كلن الكاتب والروائي شادي لويس بطرس، فجر مفاجأة بإعلانه التنازل عن جائزة ساويرس الثقافية لأفضل رواية فرع كبار الكتاب بروايته “تاريخ موجز للخليقة وشرق القاهرة”، بعد دقائق من إعلان فوزه رسميا بها، وسط العديد من التساؤلات بشأن دوافعه من القرار، خاصة مع موافقته المسبقة على الترشح للحصول عليها.
مساء الأحد الماضي، 8 يناير 2023، أعلنت مؤسسة ساويرس الثقافية أسماء الفائزين بجوائزها في دورتها الثامنة عشرة، في حفل داخل قاعة إيوارت بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بحضور عدد من الوزراء والمسؤولين والكتاب والنقاد والشخصيات العامة، ومن بينهم عضو مجلس أمناء الجائزة الدكتور محمد أبو الغار، وجراح القلب العالمي الدكتور مجدي يعقوب.
وعقب إعلان فوز شادي لويس بجائزة ساويرس الثقافية لأفضل عمل روائي فرع كبار الأدباء عن روايته “تاريخ موجز للخليقة وشرق القاهرة”، كتب في صفحته على “فيسبوك”: “ممتن لكل التهاني بفوز روايتي تاريخ موجز للخليقة وشرق القاهرة بجائزة ساويرس للرواية – كبار الكتاب، وسعيد بالتأكيد بالخبر وممتن للجنة الجائزة على اختيارها، وسأحتفظ بالجائزة لليلة واحدة، وفي الصباح سأكتب لإدارة الجائزة أعلن عن تنازلي عنها ماديا ومعنويا”.
تلقف المتابعون إعلان لويس تنازله عن الجائزة بين مؤيد ومعارض، حيث استشهد رافضو موقفه بموافقته المسبقة على الترشيح للفوز بها، رابطين موقفه بموقف الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم، الذي رفض أيضا تسلم جائزة حكومية في “ملتقى القاهرة للإبداع الروائي العربي” في 2003، رغم علمه بفوزه بها قبل أيام من حفل توزيع الجوائز.
على الجانب الآخر، شدد المؤيدون على حق الكاتب في التنازل عن الجائزة دون النظر إلى توقيت، رافضين ما وصفوها بـ”المزايدة على موقفه”.
لم يوضح الكاتب المصري المقيم في بريطانيا أسباب تنازله عن الجائزة، إلا أنه كتب في منشور لاحق مساء أمس الأحد 8 يناير 2023: “قدمت دار العين للنشر على جائزة ساويرس بروايتي “تاريخ موجز للخليقة وشرق القاهرة”، بعلمي ولم أمانع، وبلغتني الأستاذة العزيزة وسام رجب مديرة الجائزة بكل لطف بفوزي بالجائزة مسبقاُ بحسب نظام الجائزة”.
وأضاف: “بالنسبة لي ليس هناك أي توضيحات أو تبريرات لدوافعي محتاج أعلنها، ببساطة سأتنازل عن الجائزة غداً، زي ما قلت، وده كل اللي عندي وآخر ما أقوله في الموضوع”.
موقف شادي لويس لم يكن مستغربا لدى المقربين منه، الذين استشهدوا بمقال سابق له ينتقد في الجائزة قائلا: “بشكل عرضي، يأتي رجل الاعمال المصري، نجيب ساويرس على ذكر المنطقة، في كلمته بحفل توزيع جوائز ساويرس الثقافية. يستخدم الملياردير المنتمي إلى العائلة الأغنى في افريقيا، بأريحيته المعتادة، خطاباً ينتمي إلى تراث رأسمالية الصدقة في نسختها الفيكتورية، فيخبرنا أن والدته اعتادت أخذه هو واخوته إلى الزبالين، فمعاينة الفقر المدقع لها قيمتها البيداغوجية والورعية أيضاً. يربط ساويرس بين تلك الخبرة، وتأسيسه هو واخوته للجمعية التي تحمل لقبهم العائلي، وتمنح الجوائز الأدبية باسمهم بين أنشطة أخرى. ومن ثم يرسم تراتبية للكرم العائلي، ويضع نفسه في أدنى درجاتها من باب التواضع، في مقارنة مع أخوته الأكثر سخاء”.
ويواصل شادي في مقاله: “أثار التصريح حسن النية، بعض الاستياء، فالجمع بين الأدباء وجامعي القمامة استدعى رد فعل غاضب.. الا أن ما قد يكون مزعجاً للدوائر الثقافية في كلمة ساويرس هو على الأغلب شأن آخر. فتأطير الجائزة والمؤسسة التي تقف وراءها داخل علاقات الشفقة والإحسان وتاريخ الأخلاقيات الأسرية للعائلة الثرية يشوش على معيارية الجائزة الأدبية. فلجان الجائزة وقواعد عملها والمتنافسين عليها والفائزون بها بالإضافة إلى تغطيتها الصحافية والقراء الذين يسترشدون بقوائمها، كل هؤلاء يسعون بدرجات متفاوتة للتأكيد على الوظيفة المعيارية للجائزة، أي دورها في إصدار أحكام القيمة المحايدة على أعمال بعينها، وإرساء المعايير الجمالية بشكل معمم على مجال كامل عبر التراكم. لا تنفي كلمة ساويرس تلك الوظيفة الجمالية، لكنها تنفي أن تكون الجائزة معلقة في الفراغ. ففوارق السلطة، وتفاوتات الغنى والفقر، ومفاهيم الفضيلة مع تراتبيات الكرم وعمليات تدوير رأسمال المعنوي والمادي ومراكمته، هي ركن أساسي من صناعة الجائزة، بل وإنتاج القيمة المرتبطة بها”.
موقف شادي لويس من الجوائز الأدبية – حسبما يصفه في حوار له مع موقع “المدن” – أخلاقي في المقام الأول، موضحا: “الجوائز بلا شك لها فوائد عديدة، ولا أعترض عليها في المطلق، ولست معنياً إن كانت الجوائز تساهم في ازدهار الحقل الأدبي أو العكس، ليس هذا ما يعنيني هنا. لكن لدي موقفاً أخلاقياً منها، وما أعنيه بالأخلاقي هنا هو السياسي، فكل ما هو أخلاقي بالنسبة إلى هو سياسي”.
ويستدرك: “هذا الموقف ليس مؤسساً على كون الكتابة مهنة سامية أو نبيلة ولا أياً من هذا، بل هو مؤسس على حقيقة أنه على كل واحد منا، كفرد أولاً، وكمواطن ثانياً، وكعضو في جماعة اجتماعية أو مهنية، أن يكون مسؤولاً أخلاقياً، وفي منطقتنا تحديداً، لا نمتلك رفاهية أن نتجاهل السياسة أو نغمض عيوننا عنها، أو نفصل بين الجمالي والأخلاقي. وموقفي هذا ليس تطهرياً بأي شكل من الأشكال، في معظمه يستدعي الحد الأدنى من اللياقة، هناك أسئلة يجب طرحها، مَن يمنح الجائزة؟ وباسم مَن؟ ولماذا؟”.
وفي “تاريخ موجز للخليقة وشرق القاهرة”، روايته الأحدث التي فاز بها بجائزة ساويرس، تطرق لويس إلى حقبات منسية من التاريخ السياسي والاجتماعي للأقباط في مصر، رابطا إياها بقصة تاريخ اللغة وبدء الخليقة ذاتها.
وفي الرواية، نرى “ِشريف” الطفل بطل القصة، مطرودا وأمه من الجنة “منزل والده”، الذين كان يمارس العنف ضدهما – الذي يمارس عليه نفسه من المجتمع المحيط – فيمارس الطفل ذاته العنف ضد الحيوانات الصغيرة والحشرات، في دائرة عنف مفرغة، يخرج شريف ووالدته من منزلهما متروكين ليواجها رحلة مؤلمة ليوم واحد، يخوضان فيها تجارب قاسية، تتزامن مع لحظات مؤثرة أخرى يعيشها الوطن بالكامل، تزامنا مع “انتفاضة الأمن المركزي”، قبل أن تكتب لهما لحظة ميلاد جديد في الجنة ذاتها التي يعودان إليها بعدما خلت من الأب.
وتأتي الرواية ضمن كتابات شادي لويس عن الطبقات المهمشة داخل المجتمع المصري، والمعاناة التي يواجهونها في حياتهم اليومية، وصولا إلى المعاناة التي يواجهها الوطن بالكامل في ظل ظروف اجتماعية وسياسية معقدة.