8 منظمات حقوقية تقترح معايير وضوابط للإفراج عن المحبوسين (حتى لا يبقى في مصر سجين سياسي واحد)
المنظمات تطالب بعدالة النظر في الحالات وشفافية الضوابط وشمول جميع من تنطبق عليهم المعايير والاستعجال في تنفيذ قرارت الإفراج
البيان: استمارة طلب “العفو” لم تشمل المحكومين.. ويجب عدم استثناء آلاف السجناء المحبوسين بتهم فضفاضة مثل “الانضمام لجماعة محظورة”
اقتراح بمنح أولوية عاجلة لحالات المرضى والقاصرين وكبار السن والمحبوسين في قضايا النشر.. ووقف التدوير والعفو عن المحكومين في “محاكمات استثنائية” وتفعيل حق الإفراج الشرطي
المنظمات تطالب بإتاحة الفرصة للسجناء السياسيين من داخل السجون لتقديم طلبات النظر في ملفاتهم والإفراج عنهم.. وتفعيل آلية رسمية للعفو بعيدا عن الجهات الأمنية
مطالبات بحصر حالات الحبس الاحتياطي في أضيق الحدود والتوسع في بدائله.. ولا معالجة حقيقية للملف حال استمرار قرارات القبض على مواطنين بتهم سياسية
كتب- محمود هاشم:
وضعت 8 منظمات حقوقية مقترحا بعدد من المعايير والضوابط للإفراج عن جميع السجناء السياسيين في مصر، مؤكدة أن فتح ملف السجناء السياسيين خطوة ضرورية وعاجلة تأخرت كثيراً، حتى أصبحت مصر من أوائل دول العالم من حيث ضخامة عدد المحبوسين بتهم سياسية.
وأوضحت المنظمات، في بيان مشترك، أمس الخميٍس، أن كان الإفراج عن السجناء السياسيين المحبوسين احتياطياً أو المحكوم عليهم من جميع التيارات السياسية بسبب نشاطهم السلمي هو الخطوة الأولى على رأس مبادرة “أول 7 خطوات” التي أطلقتها ووقعت عليها في 2021 أكثر من 50 من منظمات المجتمع المدني والأحزاب وتجمعات المصريين في الداخل والخارج وهيئات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية.
وأضافت أن المقترح يستهدف “تفادي أخطاء الماضي في التعامل مع هذا الملف، أو الاستمرار في نهج ثبت فشله في تصفية مواقف الآلاف من السجناء السياسيين منذ إنشاء لجنة العفو الرئاسي في 2016”.
وأشارت المنظمات إلى أن هذا النهج تمثل في إصدار قرارات موسمية بإخلاء سبيل أعداد محدودة من المعتقلين كل بضعة أشهر أو أعوام في غياب آلية أو معايير أو ضوابط معلومة لاختيار المفرج عنهم أو رفض الإفراج عن غيرهم، في الوقت نفسه استمرت إضافة أعداد جديدة من المحبوسين بتهم سياسية وبما يتجاوز بكثير أعداد المفرج عنهم؛ وهي الطريقة التي أسفرت عن استمرار وتفاقم أزمة السجناء السياسيين دون حل وعلى مدى سنوات.
بشأن الضوابط الحاكمة، دعت المنظمات إلى أن يكون الهدف النهائي لأي عملية تتصدى لهذا الملف هو الإفراج عن جميع المسجونين بتهم سياسية بحيث لا يبقى في مصر سجين سياسي واحد، مع التزام الآلية المنشأة للتعامل مع هذا الملف في عملها بـ4 ضوابط.
وشملت الضوابط: العدالة؛ بحيث يحظى كل مسجون سياسي بفرصة متساوية ومنصفة للنظر في حالته على أسس موضوعية، والشفافية؛ بحيث تتخذ قرارات الإفراج وفق معايير وضوابط معلنة ومعروفة مسبقا للمسجونين وذويهم والمجتمع ككل، والشمول؛ بحيث تتضمن قرارات الإفراج كل من تنطبق عليهم المعايير الموضوعية المعلنة دون استثناء، والاستعجال؛ بحيث لا تستغرق هذه العملية كسابقاتها سنوات تضاف إلى ما ضاع بالفعل من أعمار آلاف من المسجونين، وفي ضوء المعاناة الصحية والإنسانية لهم ولأسرهم والثمن الذي دفعه ويدفعه المجتمع ككل نتيجة تفاقم وتجاهل هذا الملف.
ونوه البيان إلى أنه بعد إعلان رئيس الجمهورية في 26 أبريل “إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تم تشكيلها كأحد توصيات المؤتمر الوطني للشباب 2016 على أن توسع قاعدة عملها”، صدرت تصريحات متواترة عن أعضاء اللجنة المعاد تشكيلها بأن “توسيع قاعدة العمل” يشير إلى أن نطاق عمل اللجنة سيستمر في التركيز فقط على “الشباب المحبوسين” مع إضافة ملف الغارمين والغارمات (أي المسجونين بسبب عدم التزامهم بأداء ديون مالية).
وأشار إلى أن استمارة طلب “العفو” التي نشرتها على الإنترنت لجنة العفو الرئاسي بعد إعادة تشكيلها وعقد اجتماعها الأول اقتصرت على طلب “الإفراج عن الشباب المحبوسين على ذمة قضايا ولم تصدر بحقهم أي أحكام قضائية”.
واستدرك: “لكن هذا المقترح يرى أن أي مقاربة لملف المسجونين السياسيين لن تتسم بالعدالة والإنصاف والفاعلية ما لم تشمل جميع المحبوسين احتياطياً وكذلك المحكوم عليهم بتهم سياسية كافة وسواءً كانوا من الشباب أم من الأطفال والقاصرين أو كبار السن أو ذوي الحالات الصحية والإنسانية، وكل من يخضع حاليًا لتقييد حريته لأسباب أو تهم سياسية “.
وأشار البيان إلى أن معيار عدم ارتكاب جرائم عنف يشكل أساسًا ملائمًا للانطلاق نحو تصفية أوضاع السجناء السياسيين، لكن يجب تحديده بدقة بالغة، بحيث لا يجري استثناء الآلاف من سجناء الرأي الذين وجهت لهم النيابة بشكل روتيني ومبهم ودون دليل تهمًا مثل “الانضمام لجماعة محظورة” أو “مساعدة جماعة محظورة في تحقيق أهدافها”، وغيرها من التهم الفضفاضة التي لا تقيم عليها النيابة العامة أية أدلة ولو حتى بتحديد اسم أو ماهية تلك الجماعة المزعومة.
وتابع: “هذه التهم استُعملت كذريعة لتقييد حرية أعداد هائلة من السجناء السياسيين بتوسع رهيب في الأعوام الماضية، بل صدرت على بعضهم أحكام بهذه التهم دون أن تقدم النيابة دليلاً واحدًا باستثناء تحريات أجهزة الأمن”.
كما دعت المنظمات إلى أن تعطي قرارات الإفراج عن المسجونين السياسيين أولوية عاجلة لحالات المرضى والقاصرين وكبار السن، بالإضافة إلى عدد من الأولويات الأخرى.
وتضمنت الأولويات: الإفراج عن جميع المحبوسين في قضايا النشر، بالمخالفة لنص الدستور الذي يحظر توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، و الإفراج عن جميع من تجاوزوا الحد الأقصى للحبس الاحتياطي، حتى لو تم حبسهم على ذمة قضايا جديدة بتهم مماثلة لضمان استمرار حبسهم، فيما بات يعرف بظاهرة “تدوير المعتقلين السياسيين”، وإصدار أمر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بحقهم.
وتشمل أيضا الإفراج عن جميع المحبوسين احتياطياً ممن مر على حبسهم 6 أشهر كحد أقصى دون أن يتوافر لدى النيابة ما يكفي من الأدلة لإحالتهم للمحاكمة، العفو عن باقي العقوبة لمن سبق الحكم عليهم بتهم سياسية وقضوا أكثر من نصف العقوبة وتم حرمانهم من حقهم في الإفراج الشرطي دون مبرر سوى طبيعة تهمهم.
كما طالبت المنظمات بالعفو عن باقي العقوبة لمن صدرت ضدهم أحكام من محاكم أمن الدولة طوارئ، لكونها أحكامًا استثنائية غير قابلة للطعن، حرمت المتهمين من درجات التقاضي الطبيعية، وفي ضوء انقضاء حالة الطوارئ في 2021. والامتناع عن التصديق على الأحكام الجديدة الصادرة عن هذه المحاكم، والعفو عن باقي العقوبة لجميع المدنيين ممن صدرت ضدهم أحكام من القضاء العسكري بتهم سياسية.
وأكدت أن من شأن إعطاء الأولوية لهذه الحالات إخراج أعداد هائلة من السجون، يمكن بعدها استكمال إغلاق ملف السجناء السياسيين بالإفراج عن باقي المحبوسين أو المحكوم عليهم بتهم سياسية لا تنطوي على التورط في أعمال العنف.
وأوضح البيان أنهوفقًا لما أعلنته لجنة العفو الرئاسي بعد اجتماعها الأول منذ إعادة تشكيلها، فإن تلقي الالتماسات من ذوي الشأن هو السبيل الوحيد لبدء النظر في حالة سجين سياسي، سواء عبر موقع مؤتمر الشباب أو لجنتي حقوق الإنسان بمجلسي النواب والشيوخ، أو آلية شكاوى المجلس القومي لحقوق الإنسان، أو مباشرة لأعضاء اللجنة.
واستطرد: “غير أن تلقي الالتماسات يجب أن يكون مجرد طريقة واحدة من بين طرق النظر في ملفات السجناء السياسيين المحبوسين دون ارتكاب جرائم عنيفة، بل لابد من المبادرة بشكل فوري بفحص ملفات والإفراج عن جميع المتهمين في قضايا سياسية دون استثناء أو إبطاء وانطلاقا من قاعدة البيانات المتوافرة بالفعل لدى الجهات المعنية كالمكتب الفني للنائب العام أو المحامي العام لنيابات أمن الدولة العليا أو إدارة القضاء العسكري بوزارة الدفاع”.
وشددت المنظمات على ضرورة إتاحة الفرصة للسجناء السياسيين أنفسهم من داخل السجون لتقديم طلبات النظر في ملفاتهم والإفراج عنهم، خاصة ممن ليس لهم أقارب أو لا يملك أقاربهم إمكانية تقديم الالتماسات على الإنترنت أو السجناء المحرومين من الزيارات والمراسلات.
وأضافت أن اقتصار دور لجنة العفو حالياً على تلقي المعلومات ثم تقديمها لأجهزة الأمن (حسب ما ذكر عدد من أعضاء اللجنة في تصريحات إعلامية بشأن طريقة عملهم حاليًا) يعني وضع مصير السجناء السياسيين في أيدي نفس الأجهزة التي أمرت أو نفذت أوامر اعتقالهم وحبسهم حتى الآن، لذلك فإن أي عملية عادلة ومنصفة وشفافة تهدف حقًا للإفراج عن السجناء السياسيين يجب أن تديرها آلية رسمية تضمن تطبيق معايير موضوعية بقرارات معلنة على النحو السابق ذكره.
وواصلت: “على لجنة العفو أن تعلن بشكل دوري أسماء المخلى سبيلهم، وأن تتيح إمكانية الالتماس بإعادة النظر في الحالات المرفوضة متى انطبقت عليها المعايير الموضوعية المعلنة، كما يجب وضع جدول زمني لعمل اللجنة يشمل تاريخ انتهاء عملية فحص ملفات كافة المسجونين السياسيين وإعلان نتائج عملها إلى الرأي العام”.
وأكدت المنظمات أنه لا معنى لمعالجة حقيقية لملف السجناء السياسيين في مصر حال استمرار قرارات القبض على مواطنين بتهم سياسية كما هو الوضع الآن، بل من شأن ذلك أن يبقي على سياسية “الباب الدوار” التي تلقي بواسطتها أجهزة الأمن بسجناء جدد في السجون في نفس الوقت الذي تفرج فيه عن أعداد محدودة من غيرهم.
واستكملت: “إن التصدي الجاد لملف السجناء السياسيين في مصر يستلزم ابتداءً صدور تعليمات من النائب العام إلى جميع أعضاء النيابات، وعلى رأسها نيابة أمن الدولة العليا، بحصر حالات الحبس الاحتياطي في أضيق الحدود التي يُخشى معها العبث بالأدلة أو التأثير في الشهود أو احتمال هروب المتهم؛ مع التوسع في استخدام باقي بدائل الحبس الاحتياطي المنصوص عليها بالفعل في قانون الإجراءات الجنائية؛ فضلًا بالطبع عن عدم توجيه الاتهام من الأصل لسجناء الرأي الذي يكفل الدستور حرية اعتناقه وإبدائه”.
وضمت قائمة المنظمات الموقعة على البيان: “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، مبادرة الحرية، كوميتي فور جستس”.