7 حقائق غائبة عن رفع الدعم عن الخبز.. حزب العيش والحرية يحذر من إفقار 5 ملايين مواطن: الدعم ليس منحة
الحزب: تطبيق الضرائب على الثروة والأرباح الرأسمالية ستوفر ضعف إيرادات تقليص دعم الخبز
المطلقات والأرامل والعمالة غير المنتظمة وأسرهم أكثر المتضريين من رفع الدعم عن الخبز
كتب- فارس فكري
رفض حزب العيش والحرية زيادة أسعار رغيف الخبز المدعم، محذرا من أن رفع الأسعار سيؤدي إلى إفقار 5 ملايين مواطن بين عشية وضحاها.
وكشف الحزب عن 7 حقائق اعتبرها غائبة عن النقاش حول دعم الخبز أهمها أنه ليس محنة ولا هبة من الدولة للمواطنين، مطالبا بزيادة الشرائح العليا من ضرائب الدخل، وتطبيق الضرائب على الثروة، مثل ضريبة الأرباح الرأسمالية المعطلة، لافتا إلى انه في حال تطبيقها ستوفر ما يقارب ضعف الإيرادات التي سيوفرها تقليص دعم الخبز.
وقال الحزب في بيان أصدره اليوم الاثنين: مرة أخرى يعود الحديث الرسمي عن ضرورة تقليص الدعم الموجه للخبز كضرورة لسد عجز الموازنة وترشيد استخدام موارد الدولة، وهو حديث لم يتوقف منذ عشرات السنين ودأبت على تكراره الحكومات المتعاقبة قبل ثورة يناير وبعدها والتي لا يجمعها شيء إلا الإيمان الراسخ بأن تقليص الإنفاق الاجتماعي للدولة سيؤدي تلقائيا لزيادة الإيرادات العامة وتحسين مركز مصر المالي عالميا مما يترتب عليه تدفق الاستثمار.
ولم تشفع ثلاثة عقود من الفشل في جذب استثمارات أجنبية تسهم في تنمية متوازنة، أو في القضاء على العجز المزمن في الموازنة، أو في تقليص الحاجة للقروض، في إنهاء هذا الوهم أو حتى تلطيفه.
بل نعود اليوم بعد تحرير سعر صرف الجنيه، والتوسع غير المسبوق في ضرائب الاستهلاك كضريبة المبيعات والقيمة المضافة، وتقليص الدعم على المحروقات، وضغط الإنفاق على الصحة والتعليم، والتوسع غير المسبوق في الاقتراض الخارجي، نعود بعد ذلك كله لتحميل عبء الأزمة مرة أخرى لهذا “الدعم” دون الحديث عن الأسباب الواضحة الصريحة التي يدركها كل مواطن وهي عدم القدرة علي زيادة حصيلة الضرائب على الدخول والثروات وتوجيه كل الأموال المحصلة لمشاريع عملاقة لا نعرف متي سيجني المجتمع ثمارها بل من سيجني هذه الثمار، وعدم القدرة على اجتذاب استثمار منتج ومولد لفرص عمل.
وبعبارة أوضح، فمجرد إعادة فتح هذا الحديث يطرح سؤال مشروع حول ما يعرف بالإصلاحات الاقتصادية وعن حقيقة ما حققته، فبعد كل هذه الإجراءات وحديث طويل عن إجراءات حماية الفئات الأضعف من آثار هذه السياسات الاقتصادية، عاد الخيار الأقرب للتطبيق هو تحميل فقراء المصريين العبء، وإجبارهم على دعم المتربعين على قمة هرم الثروة.
إن إعادة المحاولة لرفع دعم رغيف العيش تعد مناسبة مثالية للتذكير ببعض الحقائق التي غابت خلال عقود ثلاثة من الدعاية المنحازة:
١- الدعم بكافة صوره، بما في ذلك دعم السلع الغذائية، ليس منحة أو هبة من الدولة، ولكنه حق طبيعي لمواطنين أفقرتهم سياسات هذه الدولة. كما أن دعم السلع الغذائية لا يعد من مخلفات الماضي الاشتراكي، كما توهمنا الدعاية الرسمية، لكنه تحول في العقود الأخيرة لالتزام أساسي على كل دول العالم كجزء من التزامها بالحق في الغذاء، وخصوصا الدول التي تقع غالبية سكانها تحت خط الفقر وتتدنى فيها الدخول، وترتفع فيها نسب البطالة، بحيث يبقي الدعم ضرورة لإنقاذ فئات واسعة من الجوع وسوء التغذية، وذلك بغض النظر عن التوجهات السياسية للحكومات.
٢- قرارات تخفيض الدعم في السياق المصري سينتج عنها إفقار مباشر لملايين المواطنين. فالتقديرات تخبرنا أن رفع سعر رغيف العيش سيدفع بـ ٥٪ من السكان تحت خط الفقر، أي أن تحريك السعر سيتسبب في إفقار خمسة ملايين مواطن بين عشية وضحاها.
٣- تدعي التصريحات الرسمية أن تقليص الدعم ضروري حتى يذهب هذا الدعم لمستحقيه. وحقيقة الأمر أن عدم وصول الدعم لمستحقيه يعد مشكلة سياسية في جوهرها تتعلق بغياب الديمقراطية وضعف الجهاز الإداري لا بتكلفة الدعم. إن رفع كفاءة الآليات التي تساعد على توجيه الدعم لمستحقيه يتطلب وجود مجالس محلية منتخبة قادرة على رصد حال الناس في مواقعها وممارسة رقابة فعالة على عمل منظومة الدعم، كما يتطلب وجود نقابات عمالية مستقلة قادرة على التفاوض باسم أعضاءها حول قيمة الدعم وأنسب السبل لإدارة منظومته، كما يتطلب انتظام عمل المدارس ودعم قدرتها على استقبال عدد أكبر من الطلاب والاهتمام بغذائهم، كما يتطلب وجود جهاز إداري يتسم عمله بالشفافية ومشاركة المجتمع المدني لجمع البيانات وتحليلها بما في ذلك آراء ومقترحات المواطنين. وبما أن هذه الشروط ليست متوفرة، يتحول الكلام المكرر عن توجيه الدعم لمستحقيه لمجرد مبرر لخفض ميزانية الدعم ولا شيء آخر.
٤ – يصنف قطاع معتبر من العمالة المصرية كعمالة غير منتظمة تعمل بدون عقود أو تأمينات اجتماعية وصحية أو دخول ثابتة، الأمر الذي يعني أن ملايين العاملين في مصر يقعون خارج آلية رصد الفئات المستحقة للدعم أصلا، وبالتالي فالأثر القاتل لتقليص دعم الخبز سيكون مضاعفا أخذا في الاعتبار عدم تمتعهم بأشكال الحماية الاجتماعية الأخرى التي تتوافر في القطاع الرسمي. ولا يغيب عن ذهننا درس جائحة كورونا البليغ حيث أنقذت منظومة دعم الغذاء – باعتراف الحكومة – الملايين من العمالة غير المنتظمة من شبح الجوع.
٥- تشمل قائمة المستفيدين من دعم الخبز نسبة معتبرة من الأرامل والمطلقات وعائلات الأسر من النساء. وهذه الفئات، وأسرهم، تعد من الأكثر عرضة للإفقار والجوع وسوء التغذية بشكل عام، وبالتالي ستتحمل بدورها عبئًا مضاعفًا لهذه القرارات.
٦- لا يبدو أن رفع سعر رغيف العيش من ٥ إلى ٢٠ قرش سيوفر لميزانية الدولة أكثر من ١٥ مليار جنيه، وهو رقم صغير بالمقارنة بحجم النفقات الأخرى في الموازنة ولا يتفق مع الدعاية التي تصور رفع الدعم كسبب مؤثر في خفض عجز الموازنة.
٧- أسباب عجز الموازنة المزمن الحقيقية لا تتعلق بالدعم، أو بأوجه الإنفاق الاجتماعي الأخرى، لكنها تتعلق بالفجوات التمويلية الناتجة عن تفاقم الدين العام بغير ضوابط وهو ما يلتهم نحو ٦٤% من استخدامات الموازنة العامة للدولة في صورة سداد الديون وخدمتها أو دفع العائد عليها.
وبناء على تلك الحقائق التي تغيب اليوم عن النقاش العام بفعل إغلاق كافة منافذ الإعلام الحر والمستقل، فإن حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) يرى أن مبادئ إعادة توزيع الثروة والديمقراطية التشاركية التي دافعنا عنها في كل المنعطفات السياسية الحاسمة ليست فقط ضرورة لإنجاز قدر ولو ضئيل من العدالة الاجتماعية، ولكنها البديل العملي الوحيد الذي يحقق إدارة عقلانية ورشيدة لمواردنا. وبالتالي، بدلا من السعي لخفض دعم رغيف العيش، والإلقاء بالملايين لهاوية الفقر والبؤس، آن الأوان للمطالبة بزيادة الشرائح العليا من ضرائب الدخل، وتطبيق الضرائب على الثروة، مثل ضريبة الأرباح الرأسمالية المعطلة، وإعادة النظر في قيمة الضرائب العقارية، وهي إجراءات ستوفر حال تطبيقها ما يقارب ضعف الإيرادات التي سيوفرها تقليص دعم الخبز. هكذا فقط ينعدل الميزان المقلوب ويتحمل أغنياء هذا البلد قدر ضئيل من مسئولياتهم عن أزماتها الاقتصادية المستحكمة.