“يقيدوننا بالسلاسل ويضربوننا بعصا كالحمير”.. تحقيق لـ”بي بي سي”: تعذيب وإساءات ممنهجة بمدارس “الخلوات” بالسودان
تعرض آلاف الصبية للتقييد بالسلاسل والضرب وسوء المعاملة في مدارس إسلامية في السودان، حسبما كشف تحقيق أجرته بي بي سي عربي بالتعاون مع شبكة “إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية” (أريج).
وهناك نحو 30 ألف من هذه المدارس التي تعرف بـ”الخلوات” في عموم السودان حيث يتم تعليم الأطفال القراءة والكتابة وحفظ القرآن، وتضمن التحقيق التصوير سرا داخل 23 خلوة على مدى 18 شهراً في السودان.
ووجدت بي بي سي إساءات ممنهجة في العديد من تلك المدارس حيث يتعرض أطفال، لا تتجاوز أعمار بعضهم خمس سنوات، إلى التقييد بالسلاسل والضرب على يد الشيوخ، وهم رجال دين مسؤولون عن المدارس. وقال أحد الطلاب لمراسلنا المتخفي “أحياناً يقيدون ستة أو سبعة منا مع بعضنا البعض بالسلاسل ويجعلوننا نركض. وعندما نسقط يضربوننا بالسوط فننهض”.
وكشف التحقيق عن معاناة العديد من الأطفال من سوء التغذية إذ يعيشون في ظروف مزرية، فمنهم من أُجبر على النوم على الأرض في الحر الشديد، بينما ترك المرضى منهم دون علاج.
وقال وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني نصرالدين مفرح لبي بي سي إن الحكومة تقيم أوضاع الخلوات في عموم البلاد، مشيرا إلى أنه من المستحيل “حل مشكلة سببها 30 عاماً من النظام السابق بين عشية وضحاها”.
كما حصلت بي بي سي على أدلة على تعرض بالغين في إحدى مدارس وسط السودان إلى الاعتداء البدني، وتم تقييد طالبين بالغين في أسرتهم، زعماً بأنهم يعالجون من الإدمان وأمراض عقلية، وقال أحدهم لبي بي سي “هم يقيدونك بالسلاسل ويضربونك بعصا كالحمار.. نحن عبيدهم”، ولم ترد الخلوة على طلب لبي بي سي بالتعليق.
محمد نادر وإسماعيل صبيان في الرابعة عشرة من عمرهما، تعرضا لضرب مبرح في خلوتهما بالقرب من العاصمة السودانية الخرطوم، وسجنا وتعرضا للتعذيب والحرمان من الطعام والماء لخمسة أيام، ودُهنت جراحهما بالقار حتى أوشكا على الموت متأثرين بجراحهما.
ووجهت تهم بالاعتداء وعرقلة سير العدالة إلى الشيخ المسؤول عن المدرسة في ذلك الوقت وثلاثة معلمين آخرين، لكن أطلق سراحهم فيما بعد بكفالة.
كما علمت بي بي سي بوجود ادعاءات تفيد بوقوع اعتداءات جنسية في الخلوات. ويدعي محمد نادر بأنه شهد تعرض صبية للاغتصاب داخل المدرسة من قبل طلاب أكبر سناً.
وفي مقابلة مع بي بي سي، أقر الشيخ حسين، الذي كان مسؤولاً عن خلوة الأولاد في ذلك الوقت، بأنه من الخطأ حبس الأطفال، ولكنه ذكر بأن الضرب والتقييد بالسلاسل كان “مليئاً بالمنافع”، وأكد قائلا إن “معظم الخلوات تستخدم السلاسل، وليس أنا فقط”، وعند سؤاله عن المزاعم المتعلقة بالانتهاكات الجنسية، أنكر ذلك بشكل تام واتهم مراسلنا بمهاجمة القرآن.
وقد توفي الشيخ في حادث سيارة في وقت سابق من هذا العام. وأبلغ الشيخ الجديد المسؤول عن الخلوة بي بي سي بأن تحت إدارته لن يتم التسامح تجاه ضرب الأطفال وأنكر تماماً وقوع حوادث اغتصاب في المدرسة، وأُجلت محاكمة الرجال المتهمين بالاعتداء على محمد نادر عدة مرات.
وأكدت والدته لبي بي سي على عزمها على متابعة القضية قائلة: “إذا بقينا صامتين فقد يكون هناك آلاف يتعرضون للتعذيب مثل محمد” وأضافت: “هل يجب أن نضحي بأبنائنا احتراماً لرجال الدين؟”.