يعرضهم لمخاطر صحية تصل للوفاة.. المركز المصري يطالب بتشديد إجراءات حماية العمال من تأثيرات الإجهاد الحراري
المركز يوصي بمنح العمال فترات الراحة المقررة في قرار القوى العاملة رقم 211 لسنة 2003.. وتحديث جداول حدود التعرض الحراري المسموح بها بعد تخطي درجات الحرارة 40 مئوية
كتب- محمود هاشم:
طالب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الجهات المعنية بتشديد إجراءات حماية العمال من تأثيرات الإجهاد الحراري، الذي قد يعرضهم لمخاطر صحية قد تصل إلى الوفاة، في ظل الارتفاع المستمر في درجات الحرارة.
وقال المركز في بيان، اليوم الثلاثاء 25 يوليو 2023، إن البلاد تواجه موجة شديدة الحرارة تضرب جميع أنحائها، خاصة خلال شهر يوليو الحالي الذي صنفته الهيئة العامة للأرصاد الجوية بأنه الأسخن نتيجة الاحترار العالمي، في الوقت الذي يفتقر العمال إلى الحماية الكافية من هذه التأثيرات، خاصة المتعاملين بشكل مباشر مع أشعة الشمس أو الأجواء الحارة في أماكن العمل، ما يجعلهم عرضة للإصابة بالوطأة الحرارية أو الإجهاد الحراري، الأمر الذي يمثل خطراً على الصحة المهنية، ويحد من الوظائف والقدرات الجسدية للعمال وحتى من قدرتهم على العمل.
والوطأة الحرارية يقصد بها ارتفاع درجة الحرارة المحيطة بالإنسان عن الحد الذي يتحمله، ما يعرّض حياته لمخاطر عديدة، ومن مظاهرها الطفح الجلدي، والجفاف، والتشنجات العضلية، والإعياء الحراري، والشعور بدوار ونعاس وفقدان للشهية، فضلا عن فقدان الوعي، وغيرها.
وفي الوقت الذي دعت منظمة العمل الدولية إلى بذل جهود أكبر لتصميم وتمويل وتنفيذ سياسات وطنية لمعالجة مخاطر الإجهاد الحراري وحماية العمال، بما يشمل البنية التحتية الملائمة، وتحسين أنظمة الإنذار المبكر بموجات الحر، وتحسين تنفيذ معايير العمل الدولية مثل معايير السلامة والصحة المهنية للمساعدة في تصميم سياسات تعالج المخاطر الناجمة عن ارتفاع الحرارة، أظهرت بيانات أولية نشرتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن شهر يوليو هو الأشد حرا على الإطلاق هذا العام، فيما حذرت هيئة الأرصاد المصرية من مخاطر التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال هذه الفترة، منعا للإصابة بالحروق، وغيرها.
وعلى الرغم من ذلك، ما يزال العاملون في كثير من القطاعات الحيوية في البلاد يفتقرون إلى معايير السلامة المهنية لحمايتهم من مخاطر الوطأة الحرارية، وعلى رأسهم؛ عمال (النظافة، والبناء، والنقل، والمحاجر، والمناجم، والحفر، والأفران، والموانيء، والشحن والتفريغ، والزراعة، والتوصيل).
ووفقا لدراسة أكاديمية، تُقدر درجة الحرارة “القصوى” لما يمكن أن يتحمله الشخص السليم لعدة ساعات بحوالي 30 درجة مئوية و31 درجة مئوية في البيئات الرطبة الدافئة.
وأكد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنه على الرغم من هذه الأدلة الواضحة على الأثر الصحي المُهلك للتعرض للحرارة الشديدة، فإن استمرار التقاعس عن توفير وسائل الحماية للعاملين من الوطأة الحرارية قد يعرضهم لمخاطر جسيمة، قد تصل إلى الوفاة.
وحدد القرار 211 لسنة 2003، في شأن حدود الأمان والاشتراطات والاحتياطات اللازمة لدرء المخاطر الفيزيائية والميكانيكية والبيولوجية والكيميائية والسلبية وتأمين بيئة العمل، الصادر عن وزارة القوى العاملة والهجرة حينها، حدود التعرض الحراري المسموح بها في أماكن العمل، وقدر مدة الراحة المفروضة من 25% إلى 75% من مدة العمل وفقا لعبء العمل، ووفقا لدرجات الحرارة المقدرة من 25 إلى 32 درجة مئوية.
كما صنف القرار عبء العمل إلى 3 درجات، خفيف: ويعني العمل على الماكينات واقفا أو جالسا أو القيام بأعمال يدوية خفيفة، ومتوسط: ويعني السير بأعمال خفيفة أو مع دفع أو سحب، وشاق: ويعني أعمال الحفر والتحميل أو الصعود بأحمال.
وحدد دليل المباديء الأساسية للسلامة والصحة المهنية في بيئة العمل الصادر عن منظمة العمل الدولية سبل الوقاية من الوطأة الحرارية، في عدد من الإجراءات تضمنت: (تقييم درجات الحرارة ببيئة العمل والقياسات الدورية، وتوفير أماكن ذات جو ملائم للعمال لقضاء فترات راحة، والتوعية الصحية للعمال وضرورة توفير مياه الشرب، واتباع طرق التحكم الهندسي في العمليات الصناعية، والتهوية والتبريد الموضعي، وتقليل تسرّب بخار الماء إلى جو العمل والتحكم في نسبة الرطوبة، وإجراء كشف طبي ابتدائي ودوري على العاملين المعرضين للحرارة العالية).
وبينما تتواصل التأثيرات السلبية الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة، خاصة في أماكن العمل، ما يزال العمال لا يتمتعون بالقدر الكافي من الحماية من هذه الآثار، نظرا لظروف العمل التي قد لا تسمح لهم بذلك، ما يتطلب ضرورة تطبيق المبادئ التوجيهية ذات الصلة التي تفرض إجراءات من شأنها وقايتهم من آثارها.
وإعمالا لنص المادة 208 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 وفقا لآخر تعديلاته، تلتزم المنشأة وفروعها بتوفير وسائل السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل في أماكن العمل بما يكفل الوقاية من المخاطر الفيزيائية الناجمة عن الوطأة الحرارية وغيرها.
ويدعو المركز المصري الجهات المسؤولة وعلى رأسها؛ المجلس الأعلى للسلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، والمركز القومي لدراسات الأمن الصناعي، إلى ضرورة وضع الخطط المركزية في مجال السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل في ضوء المتغيرات الأخيرة، ومتابعة تنفيذها بالتنسيق مع الأجهزة المعنية، كما يطالب جهاز تفتيش السلامة والصحة المهنية بتشديد إجراءات الرقابة والتفتيش على المنشآت غير الملتزمة بهذه المعايير، والتعامل مع المخالفات بكل حسم، حماية لحياة العاملين.
ويوصي المركز بضرورة الالتزام بمنح العاملين فترات الراحة المقررة في القرار 211 لسنة 2003، مع تحديث جداول حدود التعرض الحراري المسموح بها – والتي بلغ حدها الأقصى في القرار 32 درجة مئوية – بعد تخطي درجات الحرارة 40 في الوقت الحالي.