يحيى قلاش يكتب: يحيى حسين عبد الهادي
التقيت المهندس يحيى حسين عبدالهادي بعد خروجه بفترة وجيزة من محبسه الذي استمر نحو ثلاثة سنوات في مناسبة عزاء اخي امين اسكندر، فقلت له مبتسما كان نقيبنا كامل زهيري يكرر علينا نصيحة في شبابنا عندما يكتب احدنا مقالا ساخنا “بلاش تكتب وكأنك تكتب مقالك الاخير وطول نفسك فمعركة الديمقراطية والحرية في بلدان مثل بلادنا تكسب بالنقاط وليس بالضربة القاضية”.. ابتسم المهندس يحيي حسين بود وحنو وقد فهم مقصدي إنني اشفق عليه من عواقب الكتابة الباترة بعد خروجه من السجن وقد دفع ثمنا غاليا من حريته وفي ظروفه الصحية التي نعلمها وقال حاسما هادئا ” لم يتبق لي ما يجعلني أحسبها ولن اقبل في هذا العمر أن يفرض علي الصمت”. نعم هذا هو باختصار يحيي حسين الذي من حقه وغيره ابداء آرائهم ومن واجبنا أن نصون جميعا هذا الحق وأن نطالب بالحرية لهم وان نلفت النظر أن ذلك فيه نجاة لنا جميعاً وهو ما انتصرت له المبادئ التي اقرتها محكمتي النقض والدستورية العليا . لقد اكدت المحكمة الدستورية في حكم مهم ضرورة صون حرية التعبير وقالت شارحة في أسبابها :- ” إن الطبيعة البناءة للنقد، لا تفيد لزوما رصد كل عبارة احتواها مطبوع، وتقييمها – منفصلة عن سياقها – بمقاييس صارمة. ذلك أن ما قد يراه إنسان صوابا في جزئية بذاتها، قد يكون هو الخطأ بعينه عند آخرين. ولا شبهة في أن المدافعين عن أرائهم ومعتقداتهم كثيرا ما يلجأون إلى المغالاة، وأنه إذا أريد لحرية التعبير أن تتنفس في المجال الذي لا يمكن أن تحيا بدونه، فإن قدرا من التجاوز يتعين التسامح فيه. ولا يسوغ بحال أن يكون الشطط في أبداء الآراء مستوجبا إعاقة تداولها “. نعم لقد خلصت تجارب كثير من دول العالم أن الأثمان التي تدفعها مقابل السماح بحرية التعبير لا تقارن علي اي نحو بالثمن الذي تدفعه مقابل المنع والتضييق.