وقفة لعمال “الحديد والصلب” احتجاجا على تصفيتها.. ومهلة للنقابة والإدارة حتى الأحد المقبل قبل بدء خطوات التصعيد
عامل: النقابة تسعى لتهدئة الأمور لحين التفاوض مع الحكومة.. ومطالبنا وقف التصفية والالتفات لتوصيات تطوير مصنع التبين
عامل آخر: التصفية مخطط لها منذ سنوات بوضعنا تحت رحمة سماسرة “فحم الكوك”.. والهدف التخسير والبيع لمستثمرين على جثث العمال
كتبت- إيمان عوف:
نظم العشرات من العمال بشركة الحديد والصلب، أمس، وقفة احتجاجية داخل الشركة، رفضا لقرار الجمعية العمومية غير العادية بتصفية وتقسيم الشركة، وطلبت النقابة من العمال التمهل في التصعيد لحين التفاوض مع الحكومة فيما يخص قرار التصفية وحقوق العمال.
وقال أحد العمال لـ”درب” إن هناك حالة غضب شديد بين العمال بسبب قرار التصفية، خاصة بين العمال الذين تم تعيينهم في الفترة ما بين عامي 2010 و2011، الذين يصل عددهم لـ3 آلاف عامل، وهم وفقًا للقانون لا يستحقون المعاش، في الوقت الذي تتضاءل فرص عملهم، بينما هم مسئولون عن أسر كاملة، وفي مقتبل حياتهم.
وأضاف أن النقابة تسعى إلى تهدئة الأمور لحين التفاوض، في الوقت الذي يتزايد غضب العاملين من جراء قرار التصفية، كاشفا عن اتفاقهم على بدء التصعيد بتنظيم وقفة احتجاجية حاشدة يوم الأحد المقبل داخل الشركة، إذا لم تثمر المفاوضات بين النقابة والإدارة والحكومة والمستثمرين عن نتائج مرضية، سواء فيما يتعلق بوقف قرار التصفية، أو بتعيين العمال الأصغر سنا في الشركة الجديدة، فضلا عن الالتفات الى توصيات العمال بشأن تطوير المصنع في التبين.
وقال عامل آخر لـ”درب” إن سيناريو تصفية الشركة كان مخطط له منذ سنوات، مدللا على ذلك بأن الأزمة الأساسية في الإنتاج تعود لغياب الفحم، الذي تنتجه شركة فحم الكوك التابعة أيضا للحكومة.
ولفت إلى أن الدولة رفعت يدها وتركت شراء الفحم للسماسرة بتخيفض 8% عن السعر الذي تشتري به الحديد والصلب، ليعيدوا بيعه لشركة الحديد والصلب بزيادة في السعر لا تقل عن 10%، دون حساب تكلفة النقل أو اللوجيستيات، وهو ما يحقق لهم أرباحا تتجاوز 20 مليون جنيه شهريا.
وتابع: “كان من الممكن أن تلعب الحكومة نفس الدور، إلا أن الهدف الأساسي هو تخسير شركات القطاع العام وقطاع العمال وبيعها، والاستفادة بالأراضي لصالح رجال أعمال ومستثمرين على جثث العمال وأسرهم”.
وتوقعت شركة الحديد والصلب الانتهاء من أعمال تصفيتها خلال عام ونصف العام إلى عامين من تاريخ التأشير بالتصفية، وأوضحت، في بيان للبورصة المصرية، عدم وجود نية لدى المساهم الرئيسي بتقديم عرض شراء إجباري أو شطب أسهم الشركة اختيارياً من جداول القيد.
ورجحت “الحديد والصلب” التأشير بالتصفية في السجل التجاري للشركة القاسمة خلال أسبوع إلى 10 أيام من تاريخ بدء تداول أسهم الشركة المنقسمة بالبورصة ـ المتخصصة في المناجم والمحاجر، متوقعة الحصول على موافقة هيئة الرقابة المالية على إصدار أسهم الشركة المنقسمة خلال أسبوعين إلى 3 أسابيع من اليوم التالي للموافقة على الانقسام.
وتوقعت الانتهاء من الجدول الزمني المتوقع للتقدم للبورصة بطلب قيد أسهم الشركة المنقسمة، والبدء في تداول أسهم الشركة، وبدء تداول أسهم الشركة خلال أسبوعين إلى 3 أسابيع اعتباراً من يوم العمل التالي لتاريخ التأشير في السجل التجاري للشركة المنقسمة، لافتة إلى أن التوقيتات الزمنية المعلنة تقريبية قابلة للزيادة أو النقصان، حسب الأحوال ومتطلبات الجهات الإدارية المعنية.
واقتربت خسائر سهم الشركة من تحقيق 10% عند 3.36 جنيهات، بعد إعادة السهم للتداول، حيث أوقفت البورصة التعاملات عليه في بداية تعاملات جلسة اليوم لمدة 10 دقائق، بسبب تراجع السعر بنسبة 5%، على خلفية قرار تصفية الشركة.
وأعلنت اللجنة النقابية للعاملين بشركة الحديد والصلب المصرية، اعتراضها واستنكارها لقرار الجمعية العمومية للشركة بالتصفية، معتبرة أن القرار يأتي “في الوقت الذي تحقق فيه الشركة أعلى معدل بيع عن سنة 2020 في شهري نوفمبر وديسمبر”.
وأكدت اللجنة النقابية، في بيان اليوم الأربعاء، أنها ستتخذ الإجراءات القانونية ضد القرار، مشددة على سعيها للحفاظ على حقوق العمال والشركة في أسرع وقت.
كما أعلنت دار الخدمات النقابية والعمالية رفض قرار تصفية مصانع الحديد والصلب، ووصفته بالقرار الصادم، وأكدت أن شركة الحديد والصلب رمز وطني له مكانته في وجدان الشعب المصري، قائلة: “معاً لإنقاذ شركة الحديد والصلب المصرية”.
وذكرت، في بيان اليوم الأربعاء، أنها تدعم المبادرات التي تطلقها مختلف الأطراف بدءاً من إقامة دعوى قضائية ببطلان انعقاد الجمعية العامة وقرارها، إلى الدعوة لاكتتاب شعبي لإنقاذ الشركة، وغير ذلك من المبادرات.
استيقظ المصريون، صباح أمس الثلاثاء، على خبر “كارثي” بتصفية شركة الحديد والصلب المصرية صاحبة الـ70 عاما من العمل والإنتاج، قرار يحمل معه نهاية حلم بوجود شركة وطنية تقدم صناعات ثقيلة، ولكن جاء القرار قاتلا لهذا الحلم.
وخلال الساعات القليلة الماضية عقب القرار، انطلقت العديد من المبادرات المجتمعية والعمالية لحل الأزمة ومحاولة إصلاح ما أفسده قرار التصفية، سواء بسلك المسار القانوني ضد القرار أو بشراء أسهم الشركة وإعادتها للعمل، ما استقبله الناس بدعم وتأييد.
وطرح كمال عباس، المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية، مبادرة عبر “درب”، لإنقاذ الشركة، تتضمن الدعوة إلى دائرة حوار ومناقشة علمية بحضور مهندسي وخبراء الحديد والصلب وخبراء اقتصاديين، لوضع خطة للإنقاذ خلال فترة زمنية معينة، مع التعهد بتمويلها شعبيا بالتبرعات والاكتتابات دون تحميل خزينة الدولة أي أعباء مالية، على أن يكون عمال الحديد والصلب الموجودين على قيد الحياة على رأس المكتتبين.
كما طرح الكاتب الصحفي أحمد الخميسي، مبادرته لوقف تصفية الشركة، تشمل طرح اكتتاب عام على مستوى الجمهورية لشراء أسهم الشركة، بواقع 100 جنيه للسهم، في سبيل إنقاذها من التصفية.
حتى الآن، تخطى عدد العروض التي ابدت استعدادها للشراء ضمن المبادرة 15 ألف سهم خلال ساعات منذ إطلاق المبادرة أمس، بما يزيد عن 1.5 مليون جنيه، بحسب الخميسي، الذي يأمل في طرح أوسع للفكرة إعلاميا وفي أوساط القوى الاجتماعية الحية من الأحزاب والمؤسسات والقوى المدنية.
أما المحامي الحقوقي محسن البهنسي، فكانت مبادرته بشأن المسلك القانوني في مواجهة قرار مجلس إدارة الشركة بتصفيتها، وناشد أبناء حلوان والعاملين بشركة الحديد والصلب ومنظمات المجتمع المدني ودار الخدمات النقابية وكل المحامين الشرفاء، الطعن على قرار تصفية شركة الحديد والصلب والدفع ببطلان القرار.
كما قدم الدكتور أحمد السيد النجار، الخبير الاقتصادي البارز ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام سابقا، عدة حلول اقتصادية حتى يتم التراجع عن تصفية الشركة.
وقال النجار “كان من الممكن إعادة هيكلة واستغلال أصول الشركة في الغرض الذي تأسست من أجله وفي أغراض أخرى، كان من الممكن استخدام جزء من الأرض في بناء مشروع إسكان متوسط وشعبي ومدرسة محترمة ومتعددة المراحل ومتنوعة ومركز للتدريب المهني ومستشفى خاص ومركز تجاري لعرض منتجات القطاع العام، التي يقتلها التجاهل الإعلامي، وعرض منتجات القطاع الخاص أيضا ومدينة ترفيهية ومطاعم. وكان هذا الاستغلال الجزئي للأرض سيدر دخلا هائلا على الشركة من مقدمات حجز الوحدات السكنية وحدها”.
وأضاف: “من عائد كل تلك المشروعات يتم تحديث الشركة على أعلى مستوى في جزء من الأرض في نفس الموقع أو في أرض عامة مجانية في موقع أبعد قليلا. وهذا الخيار كان سيؤدي إلى الحفاظ على العمالة الماهرة وأسس حياتها، ويضيف طاقة جديدة للاقتصاد المصري عامة وللقطاع العام الذي دمرته قوانين ألزمته باعتبارات اجتماعية في التسعير لسنوات طويلة وبدفع ضرائب هائلة أعفت منها القطاعين الخاص والأجنبي وشركات جهاز الخدمة الوطنية فكان وحده الملزم بما لا يلتزم به الآخرون”.
وحصل “درب” على نص قرارات الجمعية العمومية غير العادية لشركة الحديد والصلب بحلوان، الذي جاء فيه قرار المساهمين الحاضرين الذين يمتلكون 82.48% من رأس مال الشركة، الموافقة على فصل نشاط المناجم في شركة مستقلة تحمل اسم الحديد والصلب للمناجم والمحاجر، وتصفية نشاط مصنع الشركة في التبين.
وطبقا للقرار فإن الجمعية العمومية غير العادية قررت أيضا تصفية شركة الحديد والصلب بحلوان، متعللة بأن الشركة تعاني من الخسائر المستمرة والتي وصلت وفقًا لقرار الجمعية العمومية الى 8.2 مليار جنيه في 30 يونيو 2020، وهي القيمة التي تمثل 547% من حقوق المساهمين.
وأضافت الجمعية العمومية في تبريرها للقرار أن الشركة لم تستطع على مدار الفترة الماضية الإيفاء بمستحقات العمال من أجور، كما أنها غير قادرة على التطوير، لكن ممثلو العمال في مجلس الإدارة رفضوا قرار التقسيم والتصفية، مؤكدين أنهم سبق وأن تقدموا بمقترحات عديدة لمجلس الادارة والشركة القابضة للصناعات المعدنية من أجل تطوير الشركة ووقف عملية التخسير الممنهج التي كانت تهدف من البداية إلى تقسيم الشركة وتصفيتها.
ويصل عدد عمال الشركة المصرية للحديد والصلب بالتبين إلى 7300 عامل، لم يتطرق قرار الجمعية العمومية إلى مصيرهم بعد قرار التقسيم والتصفية.