“وقعنا وانسحبت إثيوبيا”.. قصة وصول مفاوضات سد النهضة لتوقيع مصر منفردة.. ومطالب باللجوء لمجلس الأمن
الدكتور نور فرحات يطالب ببدء إجراءات سحب توقيع مصر على اتفاقية الإطار واللجوء لمجلس الأمن على الفور
الدكتور هاني رسلان يطالب بالتحقق من موقف واشنطن: انسحاب أديس أبابا جاء بعد ضوء أخضر من الإدارة الأمريكية
كتب- حسين حسنين
بين مطالب واضحة باللجوء إلى مجلس الأمن، أو التحقق مع نوايا واشنطن باعتبارها راعي المفاوضات، جاءت التعليقات المختلفة حول انسحاب إثيوبيا من جلسات واشنطن حول أزمة ملء وتشغيل السد، وموقف السودان أيضا الذي امتنع عن التصويت.
وفي صباح 28 فبراير في العاصمة الأمريكية واشنطن، وقعت مصر منفردة على مسودة اتفاق بحضور وزيري الخزانة والخارجية الأمريكيين، حول سد النهضة. قالت إثيوبيا قبلها يومين أنها لم تحضر هذه الجولة وستعود للمناقشة الداخلية، فيما رفضت السودان التوقيع لغياب أحد أطراف المفاوضات.
وقالت الخارجية في بيانها، إن مشاركتها في التفاوض “جاءت من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وتنفيذاً للالتزامات الواردة في اتفاق إعلان المبادئ المبرم بين مصر والسودان وأثيوبيا في ٢٣ مارس ٢٠١٥”.
وأضاف البيان، أن موقف مصر “اتسم خلال كافة مراحل التفاوض المضني على مدار الخمس سنوات الماضية، والتي لم تؤت ثمارها، بحسن النية وتوفر الإرادة السياسية الصادقة في التوصل إلى اتفاق يلبي مصالح الدول الثلاث. وقد أسهم الدور البناء الذي اضطلعت به الولايات المتحدة والبنك الدولي ورعايتهما لجولات المفاوضات المكثفة التي أجريت على مدار الأشهر الأربعة الماضية في بلورة الصيغة النهائية للاتفاق، والتي تشمل قواعد محددة لملء وتشغيل سد النهضة، وإجراءات لمجابهة حالات الجفاف والجفاف الممتد والسنوات الشحيحة، وآلية للتنسيق، وآلية ملزمة لفض النزاعات، وتناول أمان سد النهضة والانتهاء من الدراسات البيئية”.
ويضيف البيان: “على ضوء ما يحققه هذا الاتفاق من الحفاظ على مصالح مصر المائية وضمان عدم الإضرار الجسيم بها، فقد قامت مصر بالتوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق المطروح تأكيداً لجديتها في تحقيق أهدافه ومقاصده، ومن ثم فإن مصر تتطلع أن تحذو كل من السودان وأثيوبيا حذوها في الإعلان عن قبولهما بهذا الاتفاق والإقدام على التوقيع عليه في أقرب وقت باعتباره اتفاقاً عادلاً ومتوازناً ويحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث”.
من جانبه، ذكر الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان ودول حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ملاحظاته على مفاوضات واشنطن حول سد النهضة وموقف إثيوبيا منها.
وتساءل رسلان، صباح اليوم الأحد، عن طبيعة الدور الأمريكي الذي يعتبر مقاطعة الجانب الاثيوبي للاجتماعات جاءت بعد ضوء أخضر منه.
وطالب رسلان أيضا باستجلاء موقف الحكومة السودانية، الذي وصفه بأنه “مقارب للموقف الإثيوبي” بشكل غير مبرر، مطالبا بضرورة الجلوس مع الحكومة السودانية والتشاور حول هذا الأمر.
وكانت إثيوبيا قد انسحبت من مفاوضات واشنطن حول سد النهضة، فيما رفضت السودان التوقيع على الاتفاقية المنظمة لعمل السد، ووقعت مصر منفردة عليها.
نص ما كتبه دكتور هاني رسلان:
ملاحظات سريعة على اجتماعات واشنطن لسد النهضة بعد الغياب الاثيوبى :
١- الموقف المصرى بالتوقيع بالاحرف الاولى خطوة جيدة ، وتظهر للعالم كله مدى تعنت اثيوبيا وسوء نواياها
٢- البيان الأمريكى هام وإيجابي عموما ، ويؤكد.على عدم البدء فى الملء قبل توقيع الاتفاق ، وهذا مفهوم فى ضوء ما أعلنه آبى احمد فى وقت سابق ، أن توليد الطاقة لن يبدأ فى الفيضان القادم ( يونيو ٢٠٢٠ ) وانما فى الذى يليه ، وواضح أن الإنشاءات فى السد وإغلاق الممر الاوسط لم تكتمل بشكل نهائى
٣- اللافت أن الغياب الاثيوبى تم بضوء اخضر أمريكى ( تصريح بو مبيو ) ، والتعلل بالانتخابات والمشاورات المحلية ، كلام فاقد للمصداقية ويقع خارج السياق ، لان الوضع الداخلى الاثيوبى مضطرب ، والانتخابات فى الأرجح لن تمثل بداية لاستقرار جديد ، بل قد يحدث العكس
٤- بناء على ذلك ، يثور التساؤل عن حقيقة الموقف الأمريكى ، وما إذا كانت مسودة الاتفاق التى وقعتها مصر بالاحرف الاولى ، سيتم التمسك بها ، ام انه سيعاد فتحها للتفاوض ثانية فى وقت لاحق.. وهل سوف تستمر المراوغة الإثيوبية !! ام سيتم وضع حد لها .. كل الاحتمالات واردة ، ولا يمكن الاطمئنان إليها
٥- الموقف السودانى الممالئ لإثيوبيا ، وصل إلى ذروته وبشكل غير مبرر حتى فى ضوء ما يقال إنه مصالح للسودان، حيث امتنع السودان عن التوقيع على النقاط المتفق عليها بين الأطراف الثلاثة فى اجتماعات واشنطن فى منتصف فبراير ، ثم فى موقفه فى الاجتماع الأخير بأنه لا يمكن التفاوض الا فى حضور الأطراف الثلاثة .. (تطابق واضح مع الاثيوبى حتى فى ظل مقاطعته للتفاوض) .. وهذا أمر مثير للتساؤل ويحتاج إلى حوار صريح مع الحكومة السودانية لاستجلاء طبيعة هذا الموقف وإبعاده
فيما طالب الدكتور نور فرحات، أستاذ فلسفة القانون بجامعة الزقازيق، بوقف إجراءات تصديق مصر على اتفاقية الإطار حول سد النهضة.
وقال فرحات في تدوينة مقتضبة على حسابه: “بعد الإعلان الأثيوبي عن بدء ملء بحيرة السد ومقاطعة المفاوضات بقرار منفرد ليس أمامنا إلا وقف إجراءات التصديق على اتفاقية الإطار والتوجه إلى مجلس الأمن”.
وكانت إثيوبيا قد أعلنت انسحابها من جولة المفاوضات الأخيرة التي عقدت في واشنطن، ورفضها التوقيع على أي وثائق حول هذه المفاوضات. فيما وقعت مصر منفردة على الوثيقة التي لم يعلن عن تفاصيلها أو أي من بنودها حتى الآن.
من جانبه، قال وزير الخارجية الإثيوبي، جيدو أندرجاتشو، في تصريحات صحفية تناقلتها وسائل إعلام إثيوبية، إن اجتماع واشنطن “مُفيد وأزال التشويش وعكس موقف إثيوبيا البنّاء تجاه سد النهضة المُخطط أن يكون أكبر سد في أفريقيا لتوليد الطاقة الكهرومائية بمجرد الانتهاء منه”.
بينما عللت وزارة الطاقة والري الإثيوبية، مقاطعة أديس أبابا للاجتماعات في واشنطن بأن “المشاورات مع الجهات المعنية في الداخل لم تكتمل حتى الآن، لذلك جاء القرار بعدم المشاركة في الجولة النهائية للمفاوضات”.