وداعًا داود عبدالسيد.. الموت يُغيب المخرج الكبير بعد صراع مع المرض
كتب: عبدالرحمن بدر
غيب الموت المخرج والكاتب الكبير داود عبدالسيد، بعد صراع مع المرض، وقالت الكاتبة كريمة كمال، في تدوينة لها: “رحل اليوم أغلى ما عندي زوجي وحبيبي داود عبدالسيد”.
ولد داود في 23 نوفمبر 1946، بدأ مسيرته الفنية في نهاية الستينيات من القرن الماضي، وبالتحديد عام 1968، حين عمل مساعد مخرج في فيلم “الرجل الذي فقد ظله”، ليغير مسار حياته بعد ذلك.
درس داوود عبد السيد الإخراج السينمائي في المعهد العالي للسينما في القاهرة، وتخرج عام 1967. بدأ مسيرته المهنية كمساعد مخرج، حيث عمل مع كبار المخرجين مثل يوسف شاهين وكمال الشيخ، مما أتاح له فرصة اكتساب خبرة واسعة في صناعة السينما قبل أن يقرر الانطلاق في مشاريع مستقلة تعكس رؤيته الفنية الخاصة. في البداية، اتجه إلى صناعة الأفلام الوثائقية التي ركزت على الواقع الاجتماعي المصري، وهو ما ساهم في بناء أسلوبه الفريد الذي يدمج بين الواقعية الفنية والاهتمام بالإنسان العادي.
تميزت أفلام داوود عبد السيد بأسلوبه الواقعي والهادئ، إذ كانت غالبًا تبحث في الهوية والحداثة والتحولات الاجتماعية التي يعيشها المجتمع المصري. من بين أبرز أعماله فيلم «الكيت كات» عام 1991، الذي نال شهرة واسعة وجوائز عديدة في مهرجانات عربية ودولية، وفيلم «البحث عن سيد مرزوق» عام 1990 الذي يعكس اهتمامه بتصوير الشخصيات العادية والصراعات الإنسانية اليومية. كما قدم أفلامًا أخرى مهمة مثل «أرض الخوف» و«مواطن ومخبر وحرامي» و«رسائل البحر» و«قدرات غير عادية»، جميعها تميزت بالتأمل في النفس البشرية وبطرح الأسئلة الاجتماعية بأسلوب سردي متقن.
حاز داوود عبد السيد على تقدير واسع، وحصل على عدة جوائز دولية وجوائز محلية مرموقة، من بينها جائزة الدولة التقديرية في مصر عام 2013 تقديرًا لمسيرته السينمائية المتميزة. ومع مرور الوقت، أعلن داوود عبد السيد اعتزاله الإخراج، مشيرًا إلى اختلاف أذواق الجمهور الحالي وطبيعة الإنتاج السينمائي كأسباب دفعتاه لاتخاذ هذا القرار، لكنه يظل أحد أعمدة السينما المصرية الذين أثروا في صناعة السينما الواقعية والفكرية في المنطقة.

