“هيومن رايتس ووتش”: استمرار القمع بالسعودية رغم إطلاق سراح نشطاء بارزين (تعذيب محتجزين وإجبار على اعترافات كاذبة)
هيومن رايتس ووتش
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن ما وصفته بقمع السلطات السعودية للمعارضين، ونشطاء حقوق الإنسان، والمنتقدين المستقلين ما يزال مستمرا بنفس الشدة رغم إطلاق سراح بعض النشطاء البارزين في أوائل 2021.
وأوضحت المنظمة، في بيان أمس، أن الحكم على 3 رجال في مارس وأبريل بالسجن لفترات طويلة بتهم تتعلق بمعارضتهم وتعبيرهم السلميين، يبين استمرار حملة القمع التي تشنّها السلطات.
وفي 5 أبريل، حكمت محكمة قضايا الإرهاب السعودية على عبد الرحمن السدحان (37 عاما)، عامل إغاثة، بالسجن 20 عاما، يليها منع سفر لمدة 20 عاما، بتهم تتعلق بتعبيره السلمي. في 20 أبريل، حكمت المحكمة نفسها على محمد الربيعة، ناشط حقوقي، بالسجن ست سنوات بتهم غامضة وزائفة تتعلق بنشاطه، تقول مصادر قريبة من القضيتَيْن إن السلطات السعودية عذبتهما أثناء احتجازهما، وأجبرتهما على توقيع اعترافات كاذبة.
وقال مايكل بَيْج، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “إفراج السعودية عن عدد من النشطاء البارزين لا يُشير إلى تخفيف القمع عندما تنطق محكمة قضايا الإرهاب في البلاد بأحكام بالسجن لمدة 20 عاما بسبب انتقادات سلمية. قد تكون السلطات السعودية أفرجت عن بضعة أشخاص لتخفيف الضغط الدولي، لكن موقفها تجاه المعارضين لا يزال على حاله”.
واعتُقل السدحان، وهو موظف سابق في “الهلال الأحمر السعودي”، في مارس 2018 بعد اختراق السلطات السعودية المزعوم لحسابه مجهول الهوية على “تويتر”. احتجزته السلطات سرا دون أي اتصال بالعالم الخارجي لمدة عامين تقريبا قبل السماح له في فبراير 2020 بمكالمة هاتفية قصيرة واحدة مع عائلته.
وفي أوائل مارس، وجهت له السلطات أخيرا اتهامات، وفي 5 أبريل، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة الحكم بسجن السدحان 20 عاما، وفي أوائل مايو استأنف السدحان الحكم.
وذكرت شقيقة السدحان في “واشنطن بوست” أن السلطات أساءت معاملته أثناء احتجازه، بما في ذلك بالصدمات الكهربائية، والضرب العنيف، والإساءة اللفظية. قالت أيضا إنه أُجبِر على التوقيع على وثائق استُخدمت كدليل في محاكمته، دون أن تسنح له فرصة قراءتها.
واعتقلت السلطات السعودية الربيعة، كاتب معروف، في مايو 2018 مع أكثر من 12 ناشطا بارزا في مجال حقوق المرأة، واحتجزته السلطات تعسفا لـ3 سنوات تقريبا قبل توجيه اتهامات إليه في مارس.
وتضمنت الاتهامات تُهما غامضة لا تشبه الجرائم الفعلية، مثل “التوقيع على ما يحث على السعي إلى زعزعة النسيج الاجتماعي وإضعاف اللحمة الوطنية وتماسك المجتمع”، و”التواصل والاجتماع مع الغير بقصد الإخلال بأمن الوطن واستقراره”، وعدم الإبلاغ عن “المؤيدين والمتعاطفين” مع “الإخوان المسلمين”، و”تأليف ونشر كتاب يحوي توجيهات مشبوهة”، وانتهاك قانون الجرائم الإلكترونية المسيء في البلاد. جاء الحكم الصادر بحقه بعد محاكمة دامت شهرا واحدا في المحكمة الجنائية المتخصصة، وكان الادعاء قد طالب بإنزال عقوبة السجن لمدة أقصاها 25 عاما بحق الربيعة.
وقال مصدر مطلع لـ”هيومن رايتس ووتش” إن سلطات السجن عذّبت الربيعة لشهور، بما في ذلك عبر الصدمات الكهربائية، والإيهام بالغرق، والضرب.
وقال المصدر إنه كان في كل مرة يُحتجَز في أماكن صغيرة دون نوم أو راحة لأيام، ويُعلّق رأسا على عقب، ويُحرم في كثير من الأحيان من وجبات الطعام خلال السنة الأولى من احتجازه.
في مارس، شددت محكمة استئناف سعودية الحكم الصادر بحق الناشط الحقوقي محمد العتيبي، بثلاث سنوات إضافية بسبب سفره إلى قطر في 2017 هربا من محاكمة جائرة، وبعد ترحيله قسرا من السلطات القطرية إلى السعودية في 2017، احتجزته السلطات، وحكمت عليه محكمة سعودية في يناير 2018 بالسجن 14 عاما بتهمة “تأسيس جمعية دون ترخيص” واتهامات غامضة أخرى تتعلق بجمعية حقوقية لم تُعمّر طويلا، كان قد أنشأها مع آخرين عام 2013.
في الأشهر الأخيرة، أفرجت سلطات السجون السعودية عن عدد من النشطاء البارزين، ومن ضمنهم نشطاء يحملون جنسية مزدوجة من دول حليفة، وإن كان ذلك في ظل ظروف تخنق فعليا قدرة النشطاء على التعبير عن آرائهم أو مواصلة عملهم الحقوقي. مع ذلك، منذ مارس، عادت السلطات السعودية إلى الحكم على النشطاء بالسجن لفترات طويلة.
في مارس، لم تُعاقب إدارة بايدن ولي العهد السعودي، رغم أن تقريرا للمخابرات الأمريكية ذكر أنه وافق على قتل الصحفي جمال خاشقجي على يد أعوان للدولة السعودية في أكتوبرتشرين الأول 2018.
حُكِم على لجنين الهذلول، ناشطة حقوق المرأة التي أُفرج عنها في فبرايرشباط، بالسجن نحو ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ بتهم تسمح للسلطات السعودية بإعادتها إلى السجن في أي وقت بسبب أي “نشاط إجرامي” مُتصوّر، مما يحرمها فعليا من الانتقاد علنا أو استئناف نشاطها. أيّدت محكمة سعودية الحكم الصادر بحقها في الاستئناف في مارس.
أفرجت السلطات عن صلاح الحيدر، كاتب ومفكّر، وعن بدر الإبراهيم، صحفي وطبيب، في فبرايرشباط، بكفالة في انتظار المحاكمة. كلاهما يحمل الجنسية الأمريكية. في مايوأيار 2018، اعتُقلت عزيزة اليوسف، والدة الحيدر وناشطة بارزة في مجال حقوق المرأة، وأفرِج عنها بشروط في أوائل 2019. الحيدر والإبراهيم مُحتجزان منذ أبريلنيسان 2019.
في نوفمبرتشرين الثاني 2020، حُكم على نسيمة السادة، ناشطة في مجال حقوق المرأة، بالسجن خمس سنوات، نصفها مع وقف التنفيذ، بتهم مرتبطة بنشاطها السلمي. أيدت محكمة استئناف الحكم الصادر بحقها في مارس. من المتوقع مبدئيا إطلاق سراحها في يونيوحزيران، رغم أن السلطات يمكن أن تُعيدها إلى السجن في أي لحظة بسبب الجزء الموقوف التنفيذ من عقوبتها.
تواصل السلطات السعودية أيضا استهداف ومضايقة المعارضين وأسرهم باستخدام أساليب متنوعة، بما في ذلك فرض وتجديد منع السفر التعسفي، والاحتجاز التعسفي لأفراد أسرهم بطرق ترقى إلى العقاب الجماعي.
بالإضافة إلى منع السفر المفروض على السدحان والربيعة والعتيبي، فرضت السلطات السعودية منع سفر على نشطاء آخرين، هم خلف القضبان حاليا، وكذلك على السادة. رغم الإفراج عن الهذلول، إلا أنها لا تزال ممنوعة من السفر لمدة خمس سنوات.
في مارس 2020، احتجزت السلطات السعودية عمر الجبري (22 عاما) وسارة الجبري (20 عاما)، من أبناء المسؤول السعودي السابق سعد الجبري، واحتجزتهما بمعزل عن العالم الخارجي في محاولة واضحة لإجبار الجبري على العودة إلى السعودية. في نوفمبرتشرين الثاني، حكمت محكمة سعودية عليهما في محاكمة جائرة بالسجن تسع سنوات وست سنوات ونصف على التوالي، بتهمة غسل الأموال ومحاولة “الفرار” من السعودية بشكل غير قانوني، وهو ما تنفيه الأسرة. أيّدت محكمة استئناف الحكم بالسجن هذا الشهر بدون إخبار الأسرة، بحسب تقارير.
لا يزال الدكتور وليد فتيحي، طبيب سعودي يحمل الجنسية الأمريكية، ممنوعا من السفر منذ نوفمبرتشرين الثاني 2017 مع سبعة من أفراد أسرته. في ديسمبركانون الأول 2020، حكمت محكمة سعودية على الدكتور فتيحي بالسجن ست سنوات بتهم غامضة ترتبط في معظمها بآرائه ونشاطه السياسي السلميَيْن. في ينايركانون الثاني 2021، خفضت محكمة الاستئناف الحكم الصادر بحقه إلى النصف تقريبا، لكنها لم ترفع منع السفر المفروض عليه وعلى أسرته، ولا تجميد أصوله المالية. لا يزال رهن الاحتجاز.
ومُنع سلمان العودة، رجل دين سعودي محتجز، مع 18 من أفراد عائلته من السفر منذ 2017. اعتقلت السلطات العودة في 2017 بتهم تتعلق أساسا بعلاقاته المزعومة مع الإخوان المسلمين ودعمه العلني للمعارضين المسجونين. تسعى النيابة العامة إلى فرض عقوبة الإعدام عليه.
وقال بَيْج: “لا يمكن للسعودية تحسين صورتها الدولية طالما أنها تُضايق منتقديها، وتعتقلهم، وتعذبهم حتى يُذعنوا أو تجعلهم يفرون إلى الخارج”.