هيومان رايتس: الحكومة المصرية قيّدت الجماعات البيئية عن العمل.. والسلطات أزالت مساحات من الحزام الأخضر بعدة مُدن دون تشاور
تقرير للمنظمة: الحكومة فرضت عقبات تعسفية على البحث والتسجيل أضعفت الجماعات البيئية المحلية.. وأجبرت بعض النشطاء على الهروب
المنظمة: يجب على أمانة “اتفاقية كوب 27” والحكومات المشاركة العمل مع حكومة مصر لتوفير مساحة لمشاركة متنوعة من جانب المجتمع المدني
كتب – أحمد سلامة
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن الحكومة المصرية قيّدت بشدة قدرة الجماعات البيئية عن العمل المستقل المتعلق بالسياسات والمناصرة والبحوث الميدانية، والضروري -كما وصفته- لحماية البيئة الطبيعية في البلاد، لافتة إلى أن السلطات المصرية أزالت مساحات خضراء بالعديد من المُدن لصالح مشاريع عمرانية بدون تشاور مع السكان أو جماعات المجتمع المدني.
وشددت المنظمة على أن “تنتهك هذه القيود الحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات وتهدد قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالعمل البيئي والمناخي، بينما تستضيف الدورة السابعة والعشرون لـ(مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ – كوب 27) في نوفمبر.
وقال ريتشارد بيرسهاوس، مدير قسم البيئة في هيومن رايتس ووتش: “فرضت الحكومة المصرية عقبات تعسفية على البحث والتسجيل أضعفت الجماعات البيئية المحلية، وأجبرت بعض النشطاء على الهروب إلى المنفى والبعض الآخر على الابتعاد عن العمل المهم. ينبغي للحكومة أن ترفع فورا قيودها الطاغية على المنظمات غير الحكومية المستقلة، بما فيها الجماعات البيئية”.
في يونيو الماضي، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 13 ناشطا وأكاديميا وعالما وصحفيا يعملون على قضايا بيئية في مصر، شاركوا جميعا بشكل أو بآخر في تعزيز التحرك والمناصرة والعمل من أجل المناخ، يعمل بعضهم حاليا لصالح مجموعات غير حكومية بينما توقف آخرون لأسباب تتعلق بالسلامة أو الأمن أو غادروا البلاد. تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لأسباب أمنية. رفض ستة أشخاص آخرين إجراء المقابلات، بسبب مخاوف أمنية مختلفة، أو لأن القيود الحكومية أجبرتهم على التوقف عن عملهم البيئي.
وصف من قابلتهم هيومن رايتس ووتش تراجعا حادا في مساحة العمل المستقل المعني بالبيئة والمناخ منذ تولي حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في 2014. وصفوا أساليب المضايقة والترهيب، بما يشمل إلقاء القبض وصعوبة السفر، التي خلقت جوا عاما من الخوف. تعكس هذه التجارب تكتيكات مماثلة اتبعتها السلطات المصرية ضد المنظمات المحلية والدولية المستقلة بشكل عام منذ 2014 كجزء من حملة قمع لا هوادة فيها على المجتمع المدني.
في الوقت نفسه، وصف بعض الأشخاص توسعا حصل مؤخرا في التسامح الرسمي مع الأنشطة البيئية التي تنسجم بسهولة مع أولويات الحكومة ولا يُنظر إليها على أنها تنتقد الحكومة. يعمل عدد ناشئ من هذه الجماعات البيئية في الغالب في مجالات تقنية مثل جمع القمامة وإعادة التدوير والطاقة المتجددة والأمن الغذائي وتمويل المناخ.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنها وجدت أن أكثر القضايا البيئية حساسية هي تلك التي تشير إلى تقاعس الحكومة عن حماية حقوق الناس من الأضرار التي تسببها مصالح الشركات، بما فيها القضايا المتعلقة بالأمن المائي، والتلوث الصناعي، والأضرار البيئية الناجمة عن أعمال في مجالات التطوير العمراني، والسياحة، والزراعة.
ونقلت عن العديد من الناشطين قولهم إن منظماتهم، التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها رائدة في مصر، ضعفت بشدة بسبب القيود الحكومية والشعور السائد بالخوف وعدم اليقين، ما جعلهم غير قادرين على أداء دور “المراقبة” لإساءة استخدام السلطة الحكومية.
وأجبر القمع الحكومي، حسب تقرير هيومان رايتس ووتش، عشرات نشطاء وجماعات المجتمع المدني الرائدة في مصر، بمن فيهم الذين يعملون على قضايا بيئية وحقوقية، على مغادرة البلاد أو تقليص نشاطهم أو تركه. أغلق عدد من المنظمات الحقوقية والبيئية الأجنبية مكاتبها في مصر منذ 2014.
وشددت المنظمة على أنه ينبغي لأمانة “اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ” والحكومات الأخرى المشاركة في كوب-27 أن تعمل مع الحكومة المصرية لتوفير مساحة لمشاركة متنوعة من جانب المجتمع المدني في محادثات المناخ. يشمل هذا ضمان أن تكون المواقع التي تجري فيها فعاليات المؤتمر شمولية ومتاحة للجميع، وأن المراقبين، بمن فيهم الجماعات التي تنتقد الحكومة، يمكنهم التسجيل والوصول إلى المفاوضات، وأن يكونوا قادرين على الاحتجاج والتعبير عن مواقفهم بحرية. على الأمانة أيضا وضع مجموعة من المعايير الحقوقية التي يتعين مستقبلا على الدول التي تستضيف مؤتمر الأطراف الالتزام بالوفاء بها كجزء من اتفاق الاستضافة.
ولفتت المنظمة إلى أنه في الأشهر والسنوات الأخيرة، أزالت السلطات المصرية بعض المساحات الأخيرة من الحزام الأخضر الداخلي في القاهرة والإسكندرية ومدن أخرى لصالح مشاريع عمرانية، والتي يبدو أنها شملت قدرا ضئيلا من المشاورات، أو لا مشاورات على الإطلاق، مع السكان أو جماعات المجتمع المدني. قال ناشط، فضل عدم ذكر اسمه كما قالت المنظمة، إنه كان من الصعب القيام بعمل منظم مستقل حول هذه القضية المهمة بسبب القمع، رغم أن القاهرة من أكثر مدن العالم تلوثا وأقلها خضرة.
كما لفتت إلى أن ذلك يأتي فضلا عن القيود الجديدة والعمليات المعقدة التي أدخلها قانون الجمعيات الأهلية لعام 2017 والقانون المحدث لعام 2019، والذي ضرب المنظمات المستقلة، بما في ذلك الجماعات البيئية، في مقتل، وجعل عملياتها صعبة للغاية.. حيث تفرض هذه القوانين مجموعة من القيود والمراقبة الشديدة الأخرى بما في ذلك منح الحكومة، بقيادة الأجهزة الأمنية، سلطة “تفتيش” عمل المنظمات في أي وقت دون تحديد الأسباب بالضرورة. وفقا لأحد الأشخاص، دعمت الحكومة الخطاب المسيء حول المنظمات غير الحكومية “في وسائل الإعلام والثقافة الشعبية على أنها متلقية للأموال الأجنبية وبالتالي فهي عميلة لأجندات أجنبية”.