هيثم الشيخ يكتب: برعاية حراس الفضيلة ..سوق الدخان فى مصر بين صمت الحكومة وحيتان السوق
في خضم الأزمات الاقتصادية وتداعياتها المؤلمة التي أثقلت كاهل المواطن وحاصرته وضيقت عليه سبل المعيشة من كافة الجوانب بما فيها أصناف السجائر التي أعتادها المصريون من الشرائح الدنيا والمتوسطة نظراً لتناسب سعرها مع دخولهم البسيطة وتآلف أمزجتهم مع نكهتها المفضلة لديهم .
تصاعدت أزمة السجائر فى مصر منذ مارس الماضى تصاعداً ملحوظاً ، حيث سجلت بعض الأنواع إرتفاعات فى السعر تصل إلى أكثر من١٠٠% آخر أربع شهور ، على الرغم من وجود باركود السعر على الباكيت منها على سبيل المثال لا الحصر : ارتفع سعر الكليو باترا من ١٩ ج إلى ٥٢ ج ، البوكس من ٢٢ج إلى ٥٥ ج ، المارلبورو من ٥٠ ج إلى ٧٥ ج الlm من ٣٧ ج إلى ٦٧ ج للباكيت الواحد داخل محلات البقالة (قبل يومين من كتابة السطور ) !
السيجارة سلعة إستراتيجية ،،،
تمثل السيجارة سلعة إستراتيجية داخل الموازنة العامة للدولة إذا علمت أن صافى الضريبة الخاصة بالسجاير فى موازنة ٢٠٢٣/٢٠٢٤ حوالى ٨٨ مليار جنيه حسبما صرح ” إبراهيم إمبابى ” رئيس شعبة الدخان والسجاير بإتحاد الصناعات المصرية لبعض القنوات الإعلامية المحسوبة على السلطة ، موضحاً فى معرض حديثه أنه متوفر من المبلغ المدرج فى الميزانية ٨١ مليار ج فيما يعنى فارق ما يزيد عن ال٦ مليار ج وأن هذا الفارق ( الزيادة) التى طلبتها الحكومة تستلزم تعديل ضريبى اتفق على إجرائه مارس الماضى بزيادات لا تزيد فى الأنواع المحلية عن ٥٠ قرش وفى الأجنبي لا تزيد عن ٢ ج للعلبة الواحدة مبدياً إندهاشه من عدم خروج القرار إلى الآن !
مما إستدعاه لتوصيف إدارة الأزمة بتشبيهها بتعامل مجلس إدارة الزمالك مع جماهيره !
غياب البرلمان ،،،
وسط إستغاثات المواطن من جشع التجار وخضوعه لقوانين السوق السودا غاب البرلمان كعادته عن مسائلة صاحب القرار وترك المواطن لرواية واحدة روجها الإعلام المحلى بأن الأزمة بسبب نقص المكون الدولارى لإستيراد الدخان إلى أن خرج رئيس شعبة الدخان سابق الذكر وأوضح أن الحكومة هى السبب وأن المشكلة كانت بسبب تعديل ضريبى اتفق عليه مسبقا ولم يخرج القرار طيلة أربع شهور مما ترك المواطن فريسة لمافيا تجار الجملة والتجزئة الأمر الذى أضاع على الدولة مليارات الجنيهات وأنعش كروش المحتكرين الكبار وسط غياب تام لدور السلطة التشريعية .
سلاح الحكومة فى مواجهة الأزمة ،،،
الحكومة فى بلادنا تعى جيداً الثقافة العامة التى تغلف المجال العام حيال أزمات كهذه ، فلما لا وهى بنتها وصاحبة اليد العليا فى ترسيخ تلك الثقافة عبر سنوات الصحوة لإرهاب المتمردين !
فعلى أساس من أخلاق مزعومة ومزايدات رخيصة شن التيار المحافظ عبر لجانه حملات ظاهرها النصح والإرشاد واللوم والتقريع أحياناً ، وباطنها مواراة عورات صاحب القرار ، سردية لها معقوليتها وسحرها أيضاً تتراقص كالأفعى تغازل خيال المُتلقى ..السجاير حرام ، المدخن يستاهل هى ليست من الأساسيات ، مش عاجبك بطلها ، إرتفاع أسعار السجائر ليس ذنب الحكومة !
مع إن الفقهاء إختلفوا فى حرمانيتها فمنهم من أفتى بحرمانيتها ومنهم من أجازها كالفقيه “كجمال البنا “فضلاً عن أن الشيخ ” الشعراوى ” كان مدخناً شرهاً لفترات طويلة لكن ليس الأمر هكذا ، فلا ضير من مناصرة حملات الإقلاع عن التدخين ، ودعمها من باب واقع الضرر ولكن عند إستقرار السوق وفى ظروف ليست كهذه أما وأن السوق فى قبضة المحتكرين الكبار فتجييش مثل تلك الحملات فى مواجهة إرتفاع جنوني غير مبرر لسلعة ليست ممنوعة وتخضع للضريبة فهو نفاق إجتماعى يشيطن المدخن ويستنزفه فى مقابل مغازلة السلطة وتبرئة ساحتها وسحب مسئوليتها من مراقبة الأسواق ، تلك الطهرانية الكاذبة هى السلاح الذى تستخدمه السلطة فى تعكير مزاج المصريين .