هل تخطط إثيوبيا لبيع مياه النيل؟ تأكيد رسمي ثم تراجع.. وخبراء: إشارة لإدراج المسألة على أجندة أزمة سد النهضة
كتب- محمود هاشم:
أثار المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، الجدل مجددا بعد تصريحاته بشأن نية بلاده بيع المياه الفائضة عن حاجتها في نهر النيل بعد الملء الثاني لسد النهضة، قبل أن يعود لينفيها مؤكدا أن بلاده لا تملك فائضا، وهو ما فسره خبراء في ملف المياه وحوض النيل بأنه مناورة سياسية من أديس أبابا لإدراج المسألة في المفاوضات الجارية بشأن أزمة السد.
في رده على سؤال لبرنامج المسائية على شاشة الجزيرة مباشر”
وقال مفتي، في رده على مداخلة تليفزيونية، بخصوص بيع المياه بعد اكتمال السد: “ما الذي يمنع؟ كل شيءٍ وارد، الفائض من المياه، والكهرباء أيضًا”، ولتأكيد المعلومة سأله المذيع مجددا: “لقد فهمت منك أنكم ستبيعون المياه والكهرباء؛ فهل هذا صحيح؟”، ليجيب مفتي “بالتأكيد، ما المانع؟ إذا كانت هناك زيادة عن حاجتنا”.
وقبل مرور 15 دقيقة من الحلقة ذاتها، طلب مفتي المداخلة مرة أخرى، وقال “أنا لم أقل إننا سنبيع مياه السد، نحن ليس لدينا فائض -أصلًا- لبيعه، هذا للتوضيح”، متابعًا أن أديس أبابا ليست لديها النية في بيع المياه.
ولفت مقدم البرنامج نظر المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية إلى أن مداخلته الأخيرة تتناقض مع حديثه قبل دقائق عن النقطة ذاتها، وسأله عن بواعث تغيُّر الموقف ما بين المداخلتين؛ فنفى مفتي أن يكون قد قصد بيع مياه السد، مشيرًا إلى أنه ربما حدث سوء فهم في المسألة، على حد زعمه.
وفي سؤال مباشر بخصوص تقارير تشير إلى أن أديس أبابا ستبيع مياه السد إلى تل أبيب، امتنع مفتي عن التعليق قائلًا: “لا أود التعليق على هذه الجزئية”.
وعلق أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، والخبير في شؤون المياه الدكتور عباس شراقي، على تصريحات المسؤول الإثيوبي واصفا إياها بـ”التخبط بشأن حلم بيع المياه”.
وقال، عبر حسابه على “فيسبوك”: “المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية يتراجع عن نية إثيوبيا بيع مياه النيل فى تصريح لقناة الجزيرة، ثم يعاود الاتصال بالبرنامج خصيصاً ليتراجع عن تصريحه ويقول إن بلاده ليس لديها فائض أصلا من المياه”.
وأضاف: “قد تحلم إثيوبيا ببيع المياه ولكن هذا من سابع المستحيلات لسببين: الأول للطبيعة الجيولوجية لاثيوبيا الحبيسة والتى سوف تضطر إلى تفريغ جزء كبير من سدودها قبل موسم الأمطار، والثانى وجود السد العالى فى مصر حيث يمدنا بالمياه التى نحتاجها إلى أن تفرغ إثيوبيا المياه”.
وتابع: “كما أنه لايوجد أى طرف آخر يمكن أن يشترى المياه من إثيوبيا حتى اسرائيل، المفروض أننا الزبون الوحيد والذى لن يشترى المياه”.
وعلق مؤسس وحدة حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور هاني رسلان، على تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية قائلا: “قبل أن يكتمل الملء الثانى، إثيوبيا تفصح عن هدفها النهائى ببيع المياه .. المتحدث الرسمى يؤكد ذلك ثم يعود لينفيه في إشارة أولية خبيثة لإدراج المسألة على أجندة أزمة السد”.
كان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإثيوبي ديميكي ميكونين، قال في تصريحات سابقة إنه “لا أحد سيمنع إثيوبيا من استخدام نهر النيل لتنميتها، لأنها تساهم بنسبة 86% من المياه”.
في مطلع العام الماضي، قال وزير الري الأسبق، محمد نصر علام، في تصريحات تليفزيونية، إن الهدف المعلن لإثيوبيا في المفاوضات حول سد النهضة يختلف عن هدفها الحقيقي، لافتا إلى أن سلطات البلد تتعمد التسويف والتأجيل.
وأضاف علام أنه توقع غياب الطرف الإثيوبي المشارك في مفاوضات سد النهضة بواشنطن، مؤكدا أن “هدف إثيوبيا الخفي والحقيقي هو التحكم الكامل في مياه النيل الأزرق وبيعها”، داعيا إلى ضرورة “تدويل قضية النيل وسد النهضة حتى يشعر العالم كله بخطورة الموقف”.
كما كشف الدكتور أحمد المفتي، عضو لجنة المفاوضات السودانية السابق في اجتماعات سد النهضةيكشف عن وجود خطة إثيوبية لبيع المياه، مضيفًا أن مصر والسودان ارتكبتا خطأً كبيرًا في بداية مفاوضات سد النهضة، ما سمح لإثيوبيا بالتهرب والبدء في تنفيذ خطتها في بيع المياه.
وأضاف المفتي، في تصريحات صحفية، أن سد النهضة لم يُشيد من أجل توليد الكهرباء، لكن لإعادة توزيع الحصص المائية بين البلدان الثلاث، مشيرًا إلى أن القانون الدولي نص في بنوده على عدم السماح بإنشاء أي إنشاءات هندسية على مياه الأنهار العابرة للحدود إلا بعد إعطاء الدول المشاطئة “إخطارًا مسبقًا”، لكن عام 2011 تخلى السودان ومصر عن ذلك الحق، وسمحا لإثيوبيا استكمال بناء السد.
وأوضح أنه على هذا الأساس، استكملت إثيوبيا بناء السد، وما دعم موقفها أيضًا إعلان المبادئ الذي وقعته البلدان الثلاث عام 2015، موضحًا أن سبب تهرب إثيوبيا من مفاوضات سد النهضة هو نيتها في التسويف لأجل الانتهاء من سد النهضة.
وحذر الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال جولته بالمجرى الملاحى لقناة السويس، الثلاثاء الماضي، من المساس بحصة مصر من مياه النيل.
وقال السيسي في تعليق على تطورات مفاوضات سد النهضة الإثيوبي “نحن لا نهدد أحدا ولكن لا يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر، وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد”.
وجاء في مدونة تزعم أنها تابعة لوزارة الخارجية الإثيوبية، الجمعة الماضية، أنه “إذا كان السيسي يشير إلى حصص المياه التي قسمتها مصر والسودان في عام 1959، فإنه ينبغي نصح فخامة الرئيس السيسي بأن ينساها بسهولة”.
وتابعت القول إن “إثيوبيا ليست ملزمة بها، فهي ترفض نصيبها من المياه، وتريد التأكيد على أنه إذا كانت مصر صادقة بشأن حل يربح فيه الجميع، فيجب عليها أولا وقبل كل شيء، التخلي عن اتفاقية 1959 مع السودان”.
وأشارت المدونة إلى أنه بالرغم من أنها المرة الأولى التي يهدد فيها الرئيس السيسي باستخدام القوة، فإن الرئيس السابق محمد مرسي هدد إثيوبيا أيضا، وقبله ومن قبله حسني مبارك، وأضافت أن الرئيس الأسبق، محمد أنور السادات، هدد إثيوبيا في عام 1979 بعد معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل.
وتابعت المدونة التي نشرتها الخارجية الإثيوبية في حسابها الرسمي على تويتر “نحن معتادون على استخدام القوة من مصر، وأكثر من ذلك التهديدات باستخدام القوة، لذلك ما قاله الرئيس السيسي ليس جديدا، وإثيوبيا ستنتظر بينما تستعد لكل شيء ولأي احتمال، نريد من الجميع ألا يستبعدوا، أن جميع الخيارات مطروحة على طاولة إثيوبيا أيضا”.