نوارة نجم لـ”درب”: أخطاء مهنية وتاريخية للباز في هجومه على نجم.. لا نتدخل في انتقاد والدي باعتباره شخصية عامة لكن نرفض التجني بافتراءات كاذبة
هذه مغالطات رحلتي سوريا وليبيا وكفالة السجن.. وأدعو أصدقاءه ومحبيه للكتابة عنه وتوضيح الحقائق
نوارة: الباز ادعى سفر والدي إلى سوريا هربا من السادات بينما لم يغادر مصر إلا بعد وفاة السادات نفسه
والدي لم يتلق أي أموال من القذافي وأمسياته في ليبيا كانت من دون مقابل.. وادعاء حصوله على مبلغ كفالته خلال سجنه “زائف” و”ساذج”
كتب- محمود هاشم
أكدت الكاتبة نوارة نجم استمرارها في بلاغها المقدم ضد رئيس مجلس إدارة صحيفة “الدستور” محمد الباز، والذي تتهمه فيه بالسب والقذف والتشهير بوالدها الشاعر الكبير الراحل أحمد فؤاد نجم، مؤكدة ثقتها في عدالة القضاء في الحصول على حق والدها مما لحق به من إساءات يعاقب عليها القانون.
وأشارت نوارة، في تصريحات لـ”درب”، اليوم الخميس 26 يناير 2023، إلى “أخطاء مهنية وتاريخية فادحة” وقع فيها الباز في حديثه عن الشاعر الراحل، حيث ذكر أنه انتقل إلى سوريا إبان فترة حكم الرئيس السابق حافظ الأسد، هربا من تنكيل الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وأنه سافر إلى ليبيا وتلقى أموالا من الرئيس السابق معمر القذافي، هو ما لم يحدث، حيث لم يغادر نجم مصر إلا بعد في عام 1984، أي بعد وفاة السادات نفسه، كما أنه لم يسافر إلى ليبيا إلا بعد وفاة السادات أيضا، ولم يحصل على مليم واحد مقابل الأمسيات الشعرية التي أقامها هناك.
“افتراء” آخر قاله الباز عن نجم بحسب ما تحكي نوارة، وهي قوله إن والدها طمع في مبلغ كفالة قدرها 300 جنيه، دفعها له الشاعر الراحل صلاح جاهين، حينما كان نجم محبوسا في إحدى المرات، ما دفع جاهين لدفع مبلغ الكفالة مجددا، وهو ما أشارت نوارة سذاجة روايته – وفقا لتعبيرها – لأن إجراءات دفع الكفالة ذاتها وفقا للقانون لا يتم تسليمها للسجين لدفعها من تلقاء نفسه، وإنما يتم دفعها للنيابة وحدها، وهو ما يؤكد زيف رواية الباز.
وتابعت: “الباز نقل هذه الرواية على لسان الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد، وهو ما نفاه فؤاد نفسه، كما أن مبلغ الكفالة ذاته كان 90 جنيها فقط وليس 300 جنيه كما ذكر في روايته، كما دفعتها والدتي صافيناز كاظم بمساعدة من الشاعر الكبير الراحل صلاح جاهين”.
واستكملت: “أنا لا أتدخل في فحوى أي انتقاد والدي، باعتباره شخصية عامة وأحد أعلام الأدب والفن في مصر، فمن حق أي شخص تناول منتجه الثقافي بالنقد أو التعليق، وهذا كان أيضا نهجه طوال حياته، لكن في الوقت ذاته لا يجب أن يتعدى الأمر ذلك ليصل إلى التجني عليه بافتراءات كاذبة والطعن في شرفه ونزاهته التي يعملها الجميع”.
ودعت نوارة أصدقاء والدها ومحبيه إلى الكتابة عن ذكرياتهم ومواقفهم معه، وتوضيح الحقائق بشأن روايات الباز “المغلوطة” عن حياته.
كان أسرة الشاعر الكبير الراحل أحمد فؤاد نجم، تقدمت ببلاغ أمام الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية المعروفة إعلاميا بـ”مباحث الإنترنت”، ضد رئيس مجلسي إدارة جريدة “الدستور” محمد الباز، لاتهامه بسب وقذف الشاعر الراحل، في مقطعي فيديو عبر صفحته الرسمية على موقع “فيسبوك”.
وكان الباز نشر منذ أيام مقطعي فيديو، عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك”، موجها إساءات لنجم وواصفا إياه بـ”المرتزق” و”المزور” والممول من جهات داخل وخارج مصر، وغيرها من الاتهامات التي يعاقب عليها القانون.
وقال المحامي مالك عدلي، محامي الأسرة، إن نوارة نجم، ابنة الشاعر الراحل فوجئت في 18 يناير 2023 بانتشار فيديو للباز يسيء لوالدها بأوصاف يعاقب عليها القانون، وبناء عليه تم التوجه إلى الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية لاتخاذ الإجراءات القانونية ضده.
وأضاف عدلي لـ”درب”: “لاحظنا وجود شعار صحيفة “الدستور” في الفيديو الأول، وبناء على قانون تنظيم الصحافة والإعلام أرسلنا إليها إنذارا على يد محضر لممثلها القانوني توضيح موقفها من ظهور شعارها في الفيديو، الذي يشكل جريمة جنائية ويساءل عنه مرتكبه مدنيا، بعدها فوجئنا بالباز يحذف الفيديو من صفحته، لينشر فيديو آخر، أمس الثلاثاء 24 يناير 2023، يواصل فيه الإساءة لنجم، ويوجه له اتهامات كاذبة، فتوجهنا صباح اليوم الأربعاء، للتقدم بمحضر تكميلي، انتظارا لإحالة المحضر للنيابة العامة واتخاذ الإجراءات اللازمة بمعرفة الإدارة المختصة”.
كان الباز قد حذف مقطع الفيديو الأول له عن فؤاد نجم، بدعوى “تقديره لأسرته ومشاعر ابنته، وشعورهم بالأذى من نشره”، قبل أن يعلن عن نشر فيديو آخر، يواصل فيه الإساءة للشاعر الراحل.
واستكمل مالك: “نحن نتفهم الحق في نقد أحمد فؤاد نجم كشاعر أو نقد مواقفه السياسية، بحكم أنه شخصية عامة، لكننا في الوقت ذاته نرفض التطاول على أحد أبرز أعلام الشعر العربي بألفاظ واتهامات كاذبة يعاقب عليها القانون، وأنه لا يجب أن يستغل الباز موقعه كإعلامي في السب والقذف والتشهير، خاصة أنه لا أحد فوق القانون”.
كان الفاجومي رحل عن دنيانا في 3 ديسمبر 2013، عن عمر ياهز 84 عاما، بعد عودته من العاصمة الأردنية عمان، التي أحيى فيها آخر أمسياته الشعرية برفقة فرقة الحنونة بمناسبة ذكرى اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وقد تم تشيع الجثمان من مسجد الحسين بمدينة القاهرة.
وغيب الموت انجم بعدما غنى للأمل والثورة وعبر عن المهمشين والفقراء والمظلومين وكان صوتهم القوي في وجه كل الأنظمة التي هضمت حقوقهم، عاش نجم بين الناس وأحب الفقراء الذين انتمى لهم وعبر عن أحلامهم مثلما عبر عن آمال الوطن في لحظات فاصلة من تاريخه، وظل على العهد مخلصًا لفكرته ومدافعًا صلبًا عن كل ما آمن به.
كانت البداية في عام 1929 حين ولد أحمد فؤاد نجم في قرية كفر نجم وبعد وفاة والده عاش في الملجأ، وكان رفيقه في نفس الحجرة الفنان عبد الحليم حافظ، لكن العلاقة لم تدم بعد خروجهما من الملجأ، حفظ نجم القرآن الكريم، وساعد نفسه في تعلم القراءة والكتابة، وعمل في مهن متعددة ليكسب قوت يومه.
انتقل الفاجومي من محافظة الشرقية إلى القاهرة في وقت كانت تشهد فيه مصر تحولات كبيرة من انتقالها من النظام الملكي للجمهور، عمل في مهن كثيرة، ودخل السجن في قضية سرقة، وتعرفت على أنماط جديدة من البشر، وهو ما أنضج تجربته الشعرية وجعلها لصيقة بالناس وهمومهم.
وكون مع الشيخ إمام ثنائي متميز، وقدما عشرات الأغاني التي مازالت تتردد لصدقها وقربها من هموم الإنسان المصري وقضاياه، وعالجت المشكلات المجتمعية بطريقة ساخرة وناقدة.
شكلت نكسة 1967 علامة فاصلة في نجم ككل جيله الذي عاش هذه اللحظة المؤلمة من عمر الوطن، فنزف أغنية بقرة حاحا، كما يقول الكاتب صلاح عيسي في كتابه «أحمد فؤاد نجم.. شاعر تكدير الأمن العام» في 8 يونيو 1967، وبعدها كتب: «الحمد لله خبطنا/تحت بطاطنا/ يا محلا رجعة ظباطنا من خط النار».
يقول نجم إنه «في جنازة عبد المنعم رياض، كنت قريبا من عبد الناصر وقلت له مفيس حل سلمي ياريس، وأنت في وسط الناس أهو»، لكن دخل السجن بعد النكسة ولم يخرج إلا في بدايات عصر السادات ضمن آخر 4 معتقلين، يقول نجم إن عبد الناصر قال: «إن الناس دي مش هتخرج من السجن طول ما أنا عايش»، فببساطة ذلك هو ما حدث بالفعل ولم يخرج إلا بعد وفاته أثناء تصفية أنور السادات للمعتقلين السياسيين في عهد عبدالناصر .
وبالفعل مات عبد الناصر ونجم سجين في المعتقل، لكن هذا لم يمنعه من البكاء عليه، وأن يرثيه بقصيدة ختمها بـ«عاش ومات وسطنا.. على طبعنا ثابت.. وإن كان جرح قلبنا كل الجراح طابت».
وفي عهد السادات لم تكن العلاقة أفضل حتى أنه وصفه بـ«الشاعر البذيء»، بعد انتصارات أكتوبر اختار نجم أن يغني للجندي، ابن الفلاحين الذي انتصر بعد هزيمة قاسية إيمانًا منه بأن النصر حققه الجنود من أبناء طبقات الشعب المختلفة، فكتب «هما مين وإحنا مين».
ومع اتجاه السادات للانفتاح الاقتصادي والسلام مع إسرائيل هاجمه السادات بقصائد «ريسنا يا أنور»، و«الفول واللحمة» و«على الربابة» و«بوتيكات» و«البتاع»، وبعد زيارة الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون كتب قصيدة نيكسون بابا، وهي القصيدة التى تسببت فى سجن أحمد نجم حتى رحيل السادات.
وفي عصر مبارك اختار نجم الوقوف ضد سياسات الخصخصة والتوريث وهاجم مبارك في أكثر من قصيدة أبرزها «الشكارة»، و«كانك مافيش».
اختار نجم الغناء للوطن لا لشخص حاكم أو مسؤول في أغنيته الشهيرة مصر يا أمة يا بهية، لذلك حين قامت ثورة 25 يناير 2011 كانت قصائد نجم حاضرة في الميدان وصوته مجلجلاً، ولم لا وهو الذي كتب قبل عشرات السنين: «كل ما تهل البشاير/ من يناير كل عام/ يدخل النور الزنازن/ يطرد الخوف الظلام»، وكأنه يتبنأ بالثورة وبموعدها.
حتى أن أشهر مانشيتات الثورة كان مقتبسًا من قصيدة لنجم يقول فيها: «صباح الخير علي الورد اللى فتح فى جناين مصر».
كان نجم أحد آباء الثورة، يستقبل النشطاء والثوار في بيته ينصحهم ويستمع لهم، ورغم ذلك لم يكتب عن ثورة يناير وهو ما فسره بأنه يحتاج إلى وقت كي يكتب عن حدث عظيم مثل 25 يناير، وهو نفس الأمر الذي جعله يعتذر للشهداء ويعدهم بالكتابة لكن القدر لم يمهله حتى يحقق أمنيته.
عارض نجم الرئيس المعزل محمد مرسي، وتوقع سقوطه سريعًا بسبب سياساته وهاجمه بقصيدة قال فيها: «ملعون جنابك، ملعون كمان اللى جابك، ملعون قطيعك، على اللى فكر فيوم يطيعك، على اللى سابـك تنشر كـلابك».
رحل نجم، لكنه سيعيش طويلاً بإبداعه وبسيرته الطيبة وشعره الذي سخره لقضايا أمته وأحلام وطنه فلم تكف الذاكرة الشعبية عن استدعاء كلماته في كل مناسبة تخص الوطن والبسطاء من أبناء الشعب.