نقاد يتهمون السعودية بـ«تبييض صفحتها» على حساب مهرجان الأفلام: لن تكون الرياضة والفن أبدا بديلا عن الإصلاح
انطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، الأسبوع الماضي، في مدينة جدة السعودية، وسط اتهامات للمملكة “باستخدام الثقافة لتبييض سجلها في مجال حقوق الإنسان”، وذلك بعد أيام فقط من “الجدل المماثل” الذي ألقى بظلاله على استضافتها لسباق الفورمولا 1 للمرة الأولى، وفقا لصحيفة “الجارديان” البريطانية.
واستقطب مهرجان البحر الأحمر نجوما عالميين، من بينهم هيلاري سوانك، وكليف أوين، وفينسنت كاسيل. وقدمته المملكة على أنه “محطة فارقة” بالنسبة لدولة لم ترفع الحظر المفروض على دور السينما إلا قبل أربع سنوات.
وتعرض المهرجان، منذ شهور، لدعوات المقاطعة من قبل بعض النقاد، الذين حذروا من أن “بريق الأعمال الاستعراضية، من قبل السلطات السعودية، يصرف الانتباه الدولي عن انتهاكات الحقوق داخل المملكة وخارجها”.
وقالت مضاوي الرشيد، الأستاذة في كلية لندن للاقتصاد، والناقدة البارزة للمملكة، إن “مهرجان الأفلام بدون حرية التعبير، يتحول إلى دعاية. ولن تكون الرياضة والفن أبدا بديلا عن الإصلاح الحقيقي، الذي يشمل الحقوق المدنية والسياسية”، بحسب ما نقل موقع قناة”الحرة”.
وعندما تم الإعلان عن المهرجان في وقت سابق من هذا العام، كان المخرج السينمائي، المرشح لجائزة الأوسكار، سامي خان، من بين الأصوات التي دعت الفنانين إلى مقاطعة المهرجان، احتجاجا على سجل المملكة “المزعج” في مجال حقوق الإنسان.
وقال خان “يجب ألا يسمح مجتمع السينما الدولي للمملكة العربية السعودية بأن تشتريه وتستخدمه لتبييض الفظائع المروعة”.
وأضاف “ربما سأدفع ثمنا لهذا (الموقف)، لكنني منزعج بشكل متزايد من الطريقة التي تستخدم بها الحكومات القمعية صناعة السينما العالمية لغسل سمعتها”.
وذكرت الصحيفة البريطانية مواقف أخرى مشابهة، ومعارضة للمهرجان، من قبل بعض النقاد، ومنهم المخرج السوري عروة نيربية، وهو المدير الفني لمهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية.
وبالإضافة إلى ذلك، أشارت الصحيفة إلى دعوة لمقاطعة سباق الفورمولا 1، من قبل منظمة “هيومن رايتس ووتش”، لأن “نية السعودية هي استخدام المشاهير لتبييض سجلها السيء في حقوق الإنسان”، وفقا للمنظمة.
وتعمل الرياض على تنويع الاقتصاد والانفتاح على الاستثمار الأجنبي والسياحة مع عوامل الجذب السياحي مثل الأحداث الرياضية الكبيرة.
وتقول السعودية إن ذلك من أجل توفير فرص عمل للجيل الجديد.
وبعد نحو أربع سنوات على إعادة فتح دور السينما، فرشت السعودية، الاثنين الماضي، السجادة الحمراء في مدينة جدة الساحلية لمشاهير صناعة السينما المشاركين في أول مهرجان سينمائي ضخم تدعمه حكومة المملكة.
وخطت عشرات الفنانات السعوديات والعربيات والأجنبيات على السجادة الحمراء بفساتين سهرة بعضها مكشوف، في بلد كان يفرض ارتداء العباءة على النساء حتى بضع سنوات، وفقا لفرانس برس.
وأكد مدير مهرجان البحر الأحمر السينمائي، محمد التركي، لوكالة فرانس برس “أنه يوم تاريخي في المملكة”.
وكانت السعودية أعادت فتح دور السينما في أبريل 2018 بعد إغلاق استمر عقودا، في إطار سلسلة من الإصلاحات بدأت مع تسلم ولي العهد الشاب محمد بن سلمان منصبه في 2017.
وتنظم الدورة الافتتاحية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي في مدينة جدة الساحلية في غرب المملكة، بين 6 و15 ديسمبر، وتشمل 138 فيلما طويلا وقصيرا من 67 بلدا بـ 34 لغة.
وانطلقت الدورة غداة تنظيم أول سباق فورمولا 1 في المملكة، وهي فاعلية أخرى تسعى لإظهار صورة مختلفة للبلد الخليجي الذي عرف لعقود أنه محافظ للغاية.
وتسعى الرياض لبناء صناعة ترفيهية جديدة وتعزيز أذرع “قوتها الناعمة” في خضم حملة الانفتاح الأخيرة، وفقا لفرانس برس.
ويأتي تنظيم المهرجان بعدما تضاعفت الأعمال السينمائية والتلفزيونية السعودية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وبينها إنتاجات بموازنات ضخمة غالبا ما تسعى إلى إبراز صورة الانفتاح الاجتماعي الذي تعيشه المملكة المحافظة.
وشملت الإصلاحات الاجتماعية في السعودية السماح للنساء بقيادة السيارات، وباتت الحفلات الغنائية مسموحة، فيما وضع حد لحظر الاختلاط بين الرجال والنساء، وتقلصت صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واختفى المطاوعون من الشوارع، لكن هذه التغيرات ترافقت كذلك مع حملة قمع للمنتقدين والصحفيين والمعارضين، وخصوصا الناشطات الحقوقيات.
وفي المملكة اليوم أكثر من 39 صالة سينما، بعدد شاشات تجاوز 385، تشغلها خمس شركات.