من المطالبة بالإفراج للمطالبة بزيارة ولو من وراء زجاج.. عن أوجاع وقهر أهالي المحبوسين بسبب منع الزيارة: حقنا مكالمة وجواب
«نفسي أخد بنتي في حضني».. صرخة أم سولافة مجدي يوم فوز ابنتها بجائزة الشجاعة
زوجة هشام فؤاد: داخلين على الشهر الثالث بدون زيارة.. ليه العذاب النفسي ده
حليم حنيش : أطالب بمكالمة وخطاب دوري واستبدال الزيارات بمقابلات من خلف زجاج وبدلا من 3 زائرين للسجين زائر واحد
ثلاثة أعضاء بالمجلس القومي يطالبون بالافراج عمن اتموا عامين ووقف التدوير ومراجعة ملفات المحبوسين احتياطيا
كتب- حسن مصطفى
«حتى لو الزيارات مفتوحة من حقه يبعت جواب لأهله ويعمل مكالمة تليفون»، بتلك الكلمات بدأت الصحفية مديحة حسين، حديثها لـ«درب»، شاكية من عدم تمكنها من رؤية زوجها الكاتب الصحفي هشام فؤاد، والاطمئنان عليه منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، بسبب تعليق الزيارات بجميع السجون، الذي اتخذته وزارة الداخلية المصرية فى إطار الإجراءات الإحترازية التى تتخذها الحكومة لمواجهة فيروس كورونا المستجد.
القلق بين أربع حيطان
قالت مديحة حسين، الذي يقبع زوجها في السجن منذ يونيو من العام الماضي، على ذمة القضية 930 لسنة 2019، بدعوى مشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، إساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي: «داخلين على الشهر الثالث بدون زيارة، وهمه عندهم قلق واحنا عندنا قلق، لكن همه ما بين أربع حيطان، فالقلق بياكلهم أكتر.. احنا فيه حياة بنكلم ناس وعايشين حياتنا رغم الظروف الراهنة، لكن همه تفكيرهم كله منصب على حبايبهم، ياترى بخير ولا لأ».
وأضافت زوجة الصحفي هشام فؤاد مستنكرة: «ليه العذاب النفسي ده.. العالم كله بيطلع المساجين لتجنب مخاطر تفشي كورونا في السجون، وأحنا لأ، وبيقولوا إنهم بيوفروا سبل الأمان ليهم.. طيب من ضمن الأمان ده الأمان النفسي»، مشددة على أن «عدم الزيارة فارقه معاهم ومعانا»، مؤكدة أن الطرفين يتأذيان بسبب ذلك.
وأشارت مديحة حسين إلى تصريحات أدلت بها إحدى السجينات السابقات، وتحمل الجنسية الأمريكية ذكرت فيها أن السفارة الأمريكية كانت تتواصل معها هاتفيا وتطمئن عليها وهي في السجن. متسائلة: «إذا كان متاح ليها إن تتكلم وأنكم تسمحوا بده، ما تعملوش ده ليه مع باقي المساجين، ويكون ده تحت ملاحظاتكم والمكالمة مسجلة، خاصة إن زيارتنا بتكون في وجود ضابط بالأمن الوطني»، لافتة إلى أن تمكن السجين من التواصل مع ذويه هاتفيا ليس استثناء، وإنما أمر ينص عليه القانون. وقالت: «خليه يكلم أسرته.. إيه المشكلة.. مش هقول 5 دقائق، خليه يتكلم دقيقتين بس».
جوابين فقط
وفق مديحة حسين، بعد إلحاح شديد تم السماح لها بإدخال جوابين واستلام مثلهما من زوجها خلال الفترة الماضية، في حين بإمكان السجناء الجنائيين في «طرة تحقيق» إرسال واستقبال جوابات دون مشكلة.
وتتابع: «في الحقيقة الجواب طمني عليه»، لكنها تطالب بتمكينها وكل أهالي السجناء من زيارة ذويهم، حتى ولو كان ذلك خلف حاجز زجاجي، خلال الفترة الحالية حتى لا يتم كسر الاجراءات الاحترازية ودون المساس بالحقوق التي كفلها الدستور والقانون.
نفسي أخد بنتي في حضني
«نفسي أخد بنتي في حضني.. نفسي بنتي تطلع.. أنا ليه شهرين ونص مشوفتهاش ومعرفش عنها أي حاجه».. بتلك الكلمات لخصت تغريد زهران، والدة الصحفية سولافة مجدي، ما تريده، بينما كان صوت حفيدها خالد، نجل ابنتها سولافة والزميل الصحفي حسام الصياد، المحبوسين احتياطيا على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، متداخلا وهو يلهو فيما يبدو بالقرب منها.
آخر مرة رأت فيها زهران ابنتها سولافة كان في يوم 8 مارس الماضي، أي قبل واحد من أول قرار أصدرته وزارة الداخلية المصرية بتعليق الزيارات بجميع السجون، فى ضوء ما تقرر بشأن تعليق جميع الفعاليات التى تتضمن أى تجمعات كبيرة من المواطنين فى إطار الإجراءات الإحترازية التى تتخذها الحكومة لمواجهة فيروس كورونا المستجد.
حاولت زهران ثلاثة مرات إدخال زيارة (طعام) وأمانات (فلوس)، إلى سولافة، لكنها لم تتمكن من ذلك لأن إدارة سجن النساء بالقناطر الخيرية «مانعين يدخلها حاجه»، حسبما تقول لـ«درب»، لافتة إلى أنه في يوم الخميس الماضي فقط، أخذت موظفة الأمانات منها أموالا لابنتها، وكان ذلك عن طريق الخطأ، إذ وبخ أحد الضباط الموظفة عندما علم بذلك، ولولا تحرير إيصال لها بالمبلغ الذي أودعته كان سيعيد لها الأموال.
في يوم الخميس الماضي، كانت والدة سولافة، تقف منذ الصباح الباكر أمام سجن النساء بالقناطر الخيرية، وحينما رأت أحد الضباط توجهت له مسرعة لتسأله عما إن كان هناك رسالة من ابنتها فكان الرد «مفيش رسالة». تقول زهران: «أنا عارفه أنها بتبعت رسالة لكن همه مش بيوصولوها، ومتأكده أن رسايلي مش بتوصلها، لو بتوصلها هتبعتلي».
تقدمت والدة الصحفية سولافة مجدي، وفق ما تقول لـ«درب» ببلاغين إلى النائب العام بسبب رفض إدخال أي زيارات لابنتها منذ أكثر من شهرين، لكن الوضع لم يتغير حتى كتابة هذه السطور، حسب تأكيدها، وفيما تم الاعلان اليوم عن فوز سولافة مجدي وهي في حبسها بجائزة الشجاعة الصحفية بقي كل أمل والدتها أن تراها لتاخذها في حضنها .
أنا بنتي بتحب البلد
«أنا نفسيتي متدمرة عشان بنتي لأني معرفش عنها حاجه، ومتدمرة أكتر لأن فيه ناس بتطلع رسائل لولادها وبشوف ده وأنا لأ.. أنا ليه شهرين معرفش حاجه عن بنتي حاجه»، تقول والدة الصحفية سولافة مجدي.
وطالبت زهران بتمكينها من رؤية ابنتها حتى ولو من خلف زجاج.. «أنا خايفه على بنتي أنا بخرج وبقابل ناس وهكون خايفه عليها». كما طالبت بتمكين سولافة من إجراء مكالمة هاتفية بها بشكل دوري، مشددة على أن هذا الأمر ينص عليه القانون.
واختتمت والدة الصحفية سولافة مجدي، تصريحاتها لموقع «درب»، قائلة: «أنا نفسي أخد بنتي في حضني.. نفسي بنتي تطلع عشان بنتي معملتش حاجه.. أنا بنتي بتحب البلد.. نفسي بنتي تطلع تعيش حياتها الطبيعية مع جوزها وابنها».
موصلنيش منه جواب
آخر مرة رأت فيها منال سعيد (اسم مستعار)، زوجها المحبوس على ذمة إحدى القضايا التي تستهدف السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، كانت قبل نحو أسبوع من قرار وزارة الداخلية بتعليق الزيارات بجميع السجون فى إطار الإجراءات الإحترازية التى تتخذها الحكومة لمواجهة فيروس كورونا المستجد، وهو قرار يجدد بشكل دوري.
تقول سعيد لـ«درب»: «طول الفترة اللي فاتت موصلنيش منه جواب ولا قدرت ادخل له جواب»، لافتة إلى أن هناك بعض الأشياء التي تتمكن من إدخالها لها مثل الأمانات (الفلوس) والأدوية وغير ذلك من أشياء يتوقف على القرارات السارية لفترة معينة وعلى الشخص الذي يفتش.. «بمعنى أنهم منعوا دخول الأكل والهدوم، ثم سمحوا بالاكل المطبوخ فقط بعد فترة».
وأضافت سعيد التي يواجه زوجها المهتم بالدفاع عن القضايا العمالية والحقوقية تهم الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة: «غالبا الأدوية بتدخل، لكن أحيانا اللي بيفتش ممكن يرجع حاجات بدون سبب واضح، زي المراهم أو قطرات العين. وهكذا الحال مع أدوات النظافة الشخصية وغيرها من الأشياء».
لم تتقدم سعيد بأي شكوى ضد الإجراءات التي تمس حق زوجها السجين وتحول دون رؤيتها له والاطمئنان عليه، حيث تقول: «في الحقيقة متقدمتش بأي بلاغ، لاحساسي بعدم الجدوى من العدد الهائل من الشكاوى اللي بتتقدم بلا رد عليها أو أي تغيير بيحصل على الأرض».
واستطردت: «لكن بأنضم لكل المطالبات اللي بتدعو لإيجاد وسيلة للتواصل بين المعتقلين والأهالي» لافتة في ختام تصريحاتها إلى أنها تتمنى «إيجاد وسيلة تتم بها الزيارة حتى لو لمدة قصيرة جدا بشكل تدريجي بحيث ميكونش في تجمع كبير ومخاطر عدوى».
مطالب حقوقية بعدم المساس بحقوق السجناء
طالب المحامي الحقوقي، حليم حنيش، السلطات المصرية باتخاذ إجراءات تحافظ على حياة السجناء دون المساس بالحقوق التي كفلها الدستور لهم، في ظل عدم اتخاها قرارا بإطلاق سراح سجناء الرأي والمحبوسين احتياطيا وكبار السن من غير المتهمين في قضايا تتعلق بالإرهاب، لحمايتهم من خطر تفشي فيروس كورونا داخل السجون.
وقال حليم في تصريحات لموقع «درب» إن قرار تعليق الزيارات بجميع السجون، الذي اتخذته وزارة الداخلية المصرية يُرى للوهلة الأولى أنه «خيار جيد» لكنه في الحقيقة جاء على «المسجون وأهله» حيث مس بحق الزيارة، مطالبا السلطات المصرية باستبدال المقابلات السابقة بمقابلات تجرى من خلف زجاج، وبدلا من 3 زائرين للسجين، يكون زائر واحد.
كما اقترح بأن تمكن السلطات المصرية السجناء بإجراء مكالمات هاتفية بذويهم بشكل دوري، وكذلك السماح لجميع السجناء بإرسال وستقبال خطابات من ذويهم، في ظل الظروف الراهنة التي فرضها فيروس كورونا، لافتا إلى أن اللائحة الداخلية للسجون تنص على أن حق المحكوم عليهم في إرسال خطابات بمقدار خطابين شهريًّا.
وتابع حليم قائلا «شوفنا الفترة اللي فاتت آلية الجوابات، ولكن حتى هذه الآلية مش موحدة.. يعني مفيش سيستم واحد»، موضحا أن في مجموعة سجون طرة على سبيل المثال «هتلاقي طرة تحقيق خد جوابات من ناس وطرة مزرعة محدش خد جوابات»، مستطردا: «في نفس السجن مفيش آلية واحدة».
وأعرب المحامي الحقوقي حليم حنيش عن أمله في أن تبدأ النيابة في مراجعة قضايا المحبوسين التي تنظرها، وتخلي سبيل «الناس اللي مش متورطة في عنف» ومن تجاوزا الحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطي، لافتا إلى أنه «زمان كان بيتقلنا كمحامين حقوقين من أعضاء النيابة إن فيه ضغط قضايا كتير عليهم، ولو في وقت هنفرز القضايا»، مشددا على أن الوقت الحالي عدد القضايا قليل فلما لا يبدأون بفرز القضايا والإفراج عن غير المتورطين في أحداث عنف وإرهاب ولديهم محل إقامة معروف.
وكانت وزارة الداخلية المصرية قد أعلنت في 9 مارس الماضي تعليق الزيارات بجميع السجون لمدة عشرة أيام اعتباراً من باكر الثلاثاء الموافق العاشر من مارس، لافتة إلى أن «ذلك حرصاً على الصحة العامة وسلامة النزلاء»، فى ضوء ما تقرر بشأن تعليق جميع الفعاليات التى تتضمن أى تجمعات كبيرة من المواطنين فى إطار الإجراءات الإحترازية التى تتخذها الحكومة لمواجهة فيروس كورونا المستجد.
وفي 19 مارس، قررت الداخلية استمرار تعليق الزيارات بجميع السجون حتى آخر شهر مارس لذات الأسباب سالفة الذكر.
وفي أبريل، أعلنت وزارة الداخلية، إتاحة استقبال متعلقات نزلاء السجون وتبادل الرسائل بينهم وأسرهم عقب تعقيمها، وكذا أخذ المسحات الطبية من النزلاء لإجراء التحاليل اللازمة للكشف عن أى إصابات بفيروس كورونا المستجد. لكن بحسب ذوي عدد من السجناء السياسيين تواصل معهم «درب» يواجهون تعنت في إدخال الزيارات لذويهم وتبادل الرسائل.
وكانت أسرة الناشط علاء عبدالفتاح قد قامت بـ22 محاولة لاستلام خطاب منه، وإدخال الأدوية ومحلول معالجة الجفاف له، حيث كان مضربا عن الطعام، فيما كانت إدارة سجن طرة ترفض السماح لهم بذلك؛ وفي المحاولة الـ23 استلمت الأسرة جواب من علاء يعلن فيه فك إضرابه عن الطعام.
وحول قرار علاء بفك الاضراب قالت منى سيف، شقيقة علاء، عبر حسابها على فيسبوك: «استلمنا جواب من علاء بيطمنا انه قرر يفك الاضراب بعد ما عرف أنه اتعملت جلسات تجديد بالفعل قدام قضاة غرفة مشورة وادوهم ٤٥ يوما، ورجع الموضوع في إيد القضاة وفي إيد المحامين يتخذوا الخطوات القانونية اللي يشوفوها».
وأضافت: «علاء أخد القرار دلوقتي بالذات عشان مش عايزنا نعيد وإحنا قلقانين عليه».
وتابعت: «إحنا ماشيين من عند طرة بعد ما استلمنا الجواب واتبلغنا نيجي الخميس ونسيب له أكل وطبلية».
ويشار إلى عدة منظمات، من بينها مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، قد طالبت الحكومة المصرية بالإفراج عن المدانين بجرائم غير عنيفة والمحبوسين احتياطيا كإجراء وقائي ضد كورونا. وتقدِّر جمعيات حقوقية أعداد سجناء الرأي في البلاد بعشرات الآلاف. بينما تنفي الدولة نفيا قطعيا احتجاز أي شخص لأسباب سياسية.
وبحسب تقرير للمجلس القومي المصري لحقوق الإنسان (حكومي) نُشر عام 2016 فإن «نسبة التكدس في السجون تصل إلى 150 بالمائة وتتجاوز 300 بالمائة في أماكن الاحتجاز الأولية (أقسام شرطة ومديريات أمن). وذكر المجلس في تقريره السنوي 2015/ 2016 عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، أن تقارير وفود المجلس التي زارت السجون أجمعت على ضعف الخدمات المتاحة في السجون نظرًا لحالة التكدس وضغطها الشديد على الخدمات»، وفقا لما ذكر موقع دويتشه فيلله.
من جانبهم طالب كل من راجية عمران وكمال عباس وجورج إسحق، أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، بمراجعة شاملة لملف المحبوسين احتياطيا والإفراج عن كل من تجاوز المدد القصوى للحبس الاحتياطي التي لا يجوز في جميع الأحوال أن تتجاوز سنتين.
وقال العضاء الثلاثة في بيان لهم الثلاثاء الماضي: “في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العالم وانتشار الخوف من خطر انتشار فيروس كورونا المستجد نحتاج أكثر من أي وقت مضى التمسك بقيم العدالة والإنصاف لنؤكد على مطالبنا بمراجعة شاملة لملف المحبوسين احتياطيا الذي يبدأ حتما بالإفراج عن كل من تجاوز المدد القصوى للحبس الاحتياطي التي لا يجوز في جميع الأحوال أن تتجاوز سنتين وفقا لنص المادة ١٤٣ من قانون الاجراءات الجنائية وهو ما كان يجب تنفيذه في حق المرحوم شادي حبش قبل واقعة وفاته بالسجن”.
وشدد الاعضاء الثلاثة على ضرورة الإفراج الفعلي عن من تجاوزوا مدة الحبس الاحتياطي، ودون إعادة حبسهم على ذمة قضايا جديدة، (في إشارة للتدوير وإعادة حبس المفرج عنهم على ذمة قضايا جديدة)”.
وطالب بيان أعضاء قومي حقوق الإنسان، بـ”ضمان تمتع المحبوسين في السجون من حقوقهم في دخول الأغذية والاتصال التليفوني وتبادل الخطابات وهي الحقوق المكفولة بموجب قانون تنظيم السجون رقم ٣٩٦ لسنة ١٩٥٦ ولائحة السجون”.