منى مينا تكتب: قارب لنجاة الوطن ..
حاولت وحاول الكثيرون غيري من الغيورين على الصالح العام ببلادنا ، إطلاق التحذير تلو التحذير، كمحاولة منا للتنبيه لحجم الخطر المتوقع ، مع اجراءات مواجهة كورونا التي رأينا أنها غير حازمة بدرجة كافية و غير مواكبة للأرقام التي ترتفع بإطراد منذرة بمخاطر شديدة على الصحة.. وأرواح المواطنين.. والإقتصاد.. و كل شئ …
أما وأن هذه الصرخات لم تجد من يستمع لها، حتى أدركنا الطوفان بالفعل، فما ارجوه هو أن نحاول معا البحث عن “قارب نجاة للوطن” .. حتى لا نغرق جميعا في الطوفان ..
لم يعد عندنا جميعا “ترف” الخلاف .. ولا يوجد اي معنى لأي معارك جانبية … علينا أن جميعا أن نحاول النجاة ببلادنا و أهلنا ..و إلا فالقادم مرعب ..
لذلك أرجو
1- نفي أي فكرة عن تخفيف الحظر أو تخفيف الاجراءات الاحترازية ، بالعكس المطلوب تشديد الاجراءات الاحترازية ، إغلاق المولات و كل المحال التجارية فيما عدا محال الطعام و الصيدليات ، إغلاق الفنادق ، اغلاق كل المؤسسات الحكومية الغير ضرورية ، و إغلاق كل أنشطة القطاع الخاص الغير ضرورية ، مع تعويض حكومي للعمالة اليومية ..
يجب أن ينتبه السادة رجال الأعمال و القلقين على خسائر الاقتصاد و قطاع السياحة ، أن اي تراخي في اجراءات الحظر ، ستكون له على خسائر أقدرها بمئات الأضعاف للخسائر الفورية الناتجة عن تشديد الحظر ..و التي يحاولون تفاديها ..
2- ايقاف كل الاجراءات العلاجية الغير ضرورية ، ايقاف حملات صحة المرأة و فحص الثدي و ما شابه ، و ايقاف عمليات قوائم الانتظار إلا العاجل و الضروري الذي يسبب تأجيله خطورة على صحة و حياة المريض ، و ذلك لتخفيف العبء على المستشفيات ، و الاهم لعدم اعطاء الفرصة للمزيد من انتشار العدوى وسط تزاحم المرضى في المستشفيات في أي اجراء طبي غير ضروري.
3- عمل قيادة مركزية للأزمة ، تعبر الحواجز التي لا معنى لها حاليا بين مستشفيات الصحة او الجامعة او الجيش او البترول أو الكرباء أو …. لتوحيد خطة المواجهة و لتعبئة كل الموارد و الامكانيات في اتجاه واحد ، حتى لا تكون هناك جزر منعزلة وقت وجود ازمة بهذه الخطورة .
و طبعا من الهام و الضروري دخول مستشفيات كل القطاعات الحكومية (الجيش و الشرطة و البترول و الكهرباء و السكة الحديد و غيرها) في خطة الانقاذ ، مع تجنيب بعض المستشفيات في كل محافظة ، أو بعض الأقسام المعزولة بمداخل و مخارخ و فرق طبية مستقلة في المستشفيات العامة ، لعلاج الحالات المرضية الطارئة و الحرجة الاخرى التي لا يمكن تأجبلها ، مثل حالات الغسيل الكلوي ، و الأورام ، و حالات الطوارئ بكل أنواعها ( الولادات- الكسور – الحروق- الحوادث – الأزمات القلبية و الدماغية …..إلخ)
على أن تكون هذه الخطط معلنة بشكل واضح في كل وسائل الاعلام بعد ان توضع لها أليات تنفيذ تفصيلية ، حتى يتجنب المريض “التوهان” بين الكثير من المستشفيات بحثا عن الخدمة العلاجية التي يبحث عنها ، فالمزيد من التجول بين المستشفيات معناه المزيد من فرص نشر العدوى أو إلتقاطها .
يجب أن نلاحظ أن الخطط المعلنة الواضحة الجادة تهدئ بعض الشئ من قلق و فزع المرضى و أهاليهم ، بعكس حالة التخبط التي أخشى أن تقودنا إلى ما لا يحمد عقباه .
4-تخصيص اماكن عزل غير علاجية ، مثل الفنادق و بيوت الشباب و المدن الجامعية ، لعزل الحالات الايجابية التي لا تعاني من اعراض أو تعاني من اعراض بسيطة ، على ان تتوافر في هذه الاماكن حد ادنى من ظروف الاقامة الأدمية المقبولة ، ذلك لتخفيف العبء عن المستشفيات بالنسبة للحالات البسيطة التي لا تحتاج لعلاج و لكن ظروف منازلهم لا تسمخ بالعزل المنزلي ، لا يجب أن ننسى ظروف الأغلبية من المواطنين ، حيث يصعب جدا أن نطالب المريض بإيجاد غرفة مستقلة بحمام أو حتى غرفة مستقلة ، و لذلك فهناك خطر عالي أن تتحول حالات العزل المنزلي لحالات نقل للعدوى لباقي أفراد الأسرة ، على أن تكون هذه المعازل تحت اشراف طبي بسيط ، هدفه المتابعة و التقيم لنقل أي حالة تتدهور للمستشفى و اخراج الحالات بعد الشفاء و عدم وجود خطر نقل العدوى.
و في حال عجز الفنادق و بيوت الشباب و المدن الجامعية عن الاستيعاب ، يمكن استخدام ساحات النوادي و الملاعب في عمل انواع من المعسكرات السريعة المؤقتة …
و لنتذكر ..استيعاب المرضى في الخطط الممكنة -حتى لو كانت متواضعة المستوى- أحسن بكثير من تركهم على ابواب المستشفيات في حالة الفزع من نقل العدوى لأهاليهم ..و الفزع من احتمال أن تتدهور حالتهم الصحية دون أن يجدوا من يعتني بهم .
5- توفير كميات إضافية من كواشف تحليل PCR عن طرق الشراء او التصنيع أو طلب الدعم ، المهم أن تتوافر إمكانية التوسع في التحليلات ، لأن عدم وجود امكانية للتحليل معناه إننا نحارب عدو غير مرئي في الظلام ..
6- يجب أن يكون واضحا أنه مع العجز الذي نعاني منه حاليا في العديد من الامكانيات ، فالعجز الأفدح و الاخطر هو العجز في الاطقم الطبية،التي تتهاوى حاليا بالفعل ، لذلك يجب أن نحاول الحفاظ على أطقمنا الطبية بكل السبل ، يجب توفير وسائل الحماية الشخصية بشكل حقيقي ، و يجب أن نتذكر ان توفير الكمامات و البدل الواقية و ما شابه ، مهما إن كان مكلفا ، فهو أقل كلفة بكثيرجدا من فقدنا لأطقمنا الطبية في هذا الوقت الحرج ، و يجب توفير فحوص PCR لكل من خالط حالة ايجابية بدون حماية كافية دون اشتراط ظهور أعراض مرضية ، و كل من تظهر عليه اي اعراض مرضية ، و يجب مراعاة أوضاع سكن الاطباء و التمريض (مراعاة المسافات بين الاسرة – تعقيم السكن بشكل منتظم -تعقيم فرش الأسرة) حتى لا يتحول السكن لبؤرة نقل عدوى بين الأطقم الطبية ، و يجب توفيرأماكن عزل و علاج لأي عضو فريق طبي مصاب ، و لاهاليهم أيضا ، حيث أن أحد اكبر مشاكل الفرق الطبية حايا هي نقلهم العدوى لأهاليهم .
7- يجب الاهتمام بحملات توعية مستمرة و متنوعة الطرق للمواطنين ، و لعل الرسالة الأقوى التي ستقنع المواطن بضرورة عدم التهاون ، هي اتخاذ الدولة لاجراءات احترازية جادة و حازمة ، كما يجب فرض لبس الكمامات في كل المصالح الحكومية التي سنحتاج لتركها تعمل ، و المحال وسائل المواصلات ، مع تركيز وسائل الاعلام على شرح ضرورتها ، و طرق صنع الكمامة القماشية من أي أقمشة قطنية في المنزل ، مع تدعيمها بمنديل ورقي لرفع نسبة الحماية ، و ذلك كحل غير مكلف حتى لا تكون الكمامة عبء مادي جديد على المواطن في الظروف الصعبة الحالية .
يلاحظ طبعا أن الكمامة القماشية صالحة للاستخدام العام و ليس لاستخدام الفريق الطبي داخل المستشفيات ، حتى المرضى داخل المستشفيات و في ساحات الانتظار يجب أن يلتزموا بلبس الكمامة الطبية العادية .
8- فتح مجال التطوع للشباب الراغب في تقديم دعم لدور المسنين و الأيتام ، طبعا مع تلقيهم تدريبات بسيطة على المطلوب ، و من الممكن أن تمدهم الجمعيات الأهلية بوسائل الحماية الشخصية .
ختاما …
هذا االوطن الذي نحاول انقاذه هو وطننا جميعا ..
مئات المرضى اللذين يترددون جزعين فزعين على المستشفيات هم أهالينا ..
لا يوجد أي معني لأي إخلافات أو مزايدات أو معارك جانبية الآن …
اتمنى ان تجد هذه الصرخة و غيرها من اجتهادات المخلصين العددين الغيورين على وطنهم أذانا صاغية ….
لعلنا ننجو…