منظمة العفو الدولية: آلاف الأشخاص في مدينة طرابلس اللبنانية يعيشون في خطر وسط لامبالاة من الحكومة
كتب – أحمد سلامة
قالت منظمة العفو الدولية، الثلاثاء، إن آلاف الأشخاص في مدينة طرابلس بشمالي لبنان يعيشون في أبنية غير آمنة تشكل خطرًا على حقهم في سكن لائق وحقهم في الحياة وسط لامبالاة الحكومة، بعد مضي أكثر من سنة على وقوع الزلازل المدمرة التي هدّمت أجزاء واسعة من تركيا وسوريا وألحقت أضرارًا بأبنية في لبنان.
وفي تقرير بعنوان “لسنا بأمان هنا” تقول المنظمة إنه تبين أنه حتى قبل وقوع الزلازل، كان السكان في طرابلس قد دقوا ناقوس الخطر بشأن حالة مساكنهم المروّعة والناجمة عن عقود من الإهمال، وعدم تقيّد المقاولين بأنظمة السلامة. وقد تفاقمت أوضاع هذه المباني بفعل الأزمة الاقتصادية القاسية التي سلبت السكّان قدرة تحمُّل كلفة إجراء الإصلاحات أو الانتقال إلى مساكن بديلة.
وأتت زلازل 2023 لتفاقم المشاكل البنيوية القائمة، ما ضاعف المخاطر التي تحدّق بالسكان. بيد أن الحكومة تقاعست عن إجراء المسوح الميدانية الشاملة للأبنية المهددة بالانهيار، وعن تقديم الدعم للسكان، وبدلًا من ذلك، اقتصر تدخل السلطات على إرسال إنذارات بالإخلاء، وفي بعض الحالات، فرض غرامات، حسب العفو الدولية.
وقالت سحر مندور، الباحثة في الشؤون اللبنانية في منظمة العفو الدولية، إن “الحكومة اللبنانية لم تتحمل مسؤوليتها في حماية الحق بالسكن الآمن، فلم تعدّ خطة واضحة لإصلاح الأبنية المتضررة، ولم تُبدِ حرصاً جدياً على تقديم الدعم للسكان، ومن ضمن ذلك التعويض والسكن البديل حيثما ينطبق ذلك، على الرغم من أن المسوح الميدانية البلدية، الجزئية وغير المكتملة، أوضحت أن الأبنية غير آمنة بالفعل ويمكن أن تنهار في أي لحظة”.
وأضافت “إن السكن اللائق هو حقٌّ من حقوق الإنسان. ومن المعيب أن السكان في المدينة التي لديها أعلى معدل فقر في لبنان تُركوا ليتدبروا أمورهم بأنفسهم، وفي بعض الحالات، سُلّموا إنذارات بالإخلاء. ونتيجة لإهمال الحكومة لهذا الحق وعدم جهوزية الدولة لتحمّل مسؤوليتها، يضطر الآلاف، بعد مضي عام على الزلازل، إلى مواجهة خيار مستحيل كل يوم، بين ما إذا كانوا سيواصلون العيش في منزل غير آمن أو سيواجهون العوز في بيتٍ أكثر أماناً ومؤقت”.
وفي مسح ميداني أُجري عام 2022، خلصت بلدية طرابلس إلى أن هناك 236 مبنىً مهددًا بالانهيار. وفي أغسطس 2023، بعد مرور ستة أشهر على وقوع الزلزال، قالت البلدية إنها حددت 800-1000 مبنى مهدد، وهذا أعلى بأربعة أضعاف من عددها قبل وقوع الزلازل.
وقد قام باحثون من منظمة العفو الدولية بزيارات ميدانية إلى أحياء التل، والزاهرية، والسوق القديمة، والقبة، وضهر المغرّ في طرابلس في أبريل 2023، حيث أجرى الفريق مقابلات مع 13 عائلة تعيش في أبنية صنّفتها البلدية المحلية بأنها معرّضة لخطر الانهيار. وأجرى الباحثون مقابلات متابعة مع 12 من تلك العائلات في ديسمبر 2023 لتحديث المعلومات. كذلك قابلت المنظمة ممثلين عن الحكومتين الوطنية والمحلية، وتحدثت إلى ممثلين عن منظمات مجتمع مدني ناشطة في مجال الحق بالسكن.
وعقب وقوع الزلازل مباشرة، كلّفت الحكومة البلديات بإجراء مسوح ميدانية للأبنية غير الآمنة ورفع تقارير إلى وزارة الداخلية في غضون 72 ساعة. كذلك فوّض رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال الهيئة العليا للإغاثة – وهي هيئة حكومية أُسست في عام 1976 وتتولى مسؤولية تلقي تبرعات الإغاثة وتوزيعها على الأشخاص المحتاجين – بتوزيع 30 مليون ليرة لبنانية (حوالي 320 دولارًا أمريكيًا) “كبدل إيواء” للأشخاص الذين يعيشون في أبنية غير آمنة لتغطية بدل الإيجار لمدة ثلاثة أشهر، يُتوقع منهم خلالها إصلاح منازلهم أو إيجاد حل أكثر استدامة، على نفقتهم الخاصة.
وبعد مرور سنة، قال جميع السكان الذين أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات معهم إنهم واصلوا العيش في منازل تعرّضت لأضرار جسيمة لأنهم غير قادرين على تحمُّل تكلفة إصلاحها أو إيجاد مساكن بديلة. ولم تُكمل الحكومة المسح الميداني للمباني غير الآمنة، وكان شخص واحد فقط أجرت منظمة العفو الدولية مقابلة معه على علم ببدل الإيواء البالغ 320 دولارًا أمريكيًا.